عاشت الأسر والمرأة السعودية يوما تاريخيا الثلاثاء الماضى 26 سبتمبر، عقب صدور أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بالسماح بقيادة المرأة السعودية السيارة واستخراج رخص القيادة بدءا من يونيو 2018، وهو القرار القوى الذى يعد نقلة نوعية وطال انتظاره باعتبار أن المملكة انفردت بكونها الدولة الوحيدة فى العالم التى كانت تمنع النساء من قيادة السيارات. كان عدم السماح بالقيادة للنساء قائما بحكم الأمر الواقع، من خلال عدم إصدار رخص قيادة لهن (سدا للذرائع والفتن) حسب ما كان ينادى به بعض رجال الدين فى السعودية، رغم عدم وجود نصوص أو آيات قرآنية تمنع ذلك، مما يعد انتصارا على المتشددين والمتطرفين. ولى العهد الأمير محمد بن سلمان وضع مسألة قيادة المرأة السعودية السيارة فى خطته الإصلاحية 2030، فى محاولة للتطوير مع الحفاظ على الثوابت الشرعية وأيضا الاستغناء عن السائقين الأجانب الذين وصل عددهم، وفقا للإحصائيات الرسمية إلى نحو مليون و376 ألف سائق أجنبي. ويوفر هذا القرار، الذى قوبل بارتياح كبير من النساء والأسر السعودية، مئات الملايين من الريالات أجور العاملين من الذكور فى مجال القيادة الذين يوصلون النساء والطالبات لأعمالهن ومدارسهن وجامعاتهن، وأيضا يرفع الطلب على شراء السيارات التى ستشهد رواجا كبيرا فى الفترة المقبلة. المعروف أنه فى اليوم نفسه، أى 26 سبتمبر عام 2011، صدر أمر الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بإدخال المرأة السعودية مجلس الشورى، ولذلك يمكن القول إن 26 سبتمبر يعد يوم المرأة السعودية، لأنه نقطة تحول فى تاريخها المعاصر، لتبنى عقلية جديدة فى مسيرة التطور. وكان للملك فيصل بن عبد العزيز، رحمه الله، الذى كان له دور بارز فى حرب أكتوبر 1973 بمنع تصدير البترول للغرب وأمريكا، دور آخر فى دعم ومساندة المرأة السعودية، حيث سمح لها بالتعليم ودخول المدارس، وأنشأ مدارس خاصة لتعليم البنات. هذه الخطوة الكبيرة بالسماح بقيادة المرأة سبقتها مطالبات من النساء قوبلت بالرفض فى الفترات السابقة، بدأت عام 1990 بتجمهر 47 سيدة استقللن 17 سيارة، للمطالبة بالسماح لهن بالقيادة، وتم تفريقهن من رجال الأمن، ثم جرت محاولات أخرى فى الأعوام 2011 و2013 و2014 من النساء، للمطالبة بالقيادة، إلا أنها قوبلت بالرفض. لقد بذلت المرأة السعودية جهودا كبيرة فى الحصول على حقوقها فى مجال القيادة، وكانت دائما تصطدم بالتشدد، حتى حق الطالبات فى ممارسة الرياضة داخل المدارس كان ممنوعا. وتردد أن هناك واقعة اندلاع حريق بمدرسة للبنات فى مكةالمكرمة، حيث تم منع الطالبات من الخروج، كما تم منع دخول رجال الإسعاف لنجدتهن، بحجة عدم اختلاط الرجال مع الطالبات، ومات منهن ضحايا خنقا نتيجة بعض العقليات من المتشددين الذين لا يؤمنون بأن الضرورات تبيح المحظورات، ولكن الأمور الآن أصبحت تتطور إلى الأفضل فى كثير من نواحى الحياة الاجتماعية فى المملكة، مع التزام الدولة بالقيم الشرعية، واعتبارها فى قمة أولوياتها. أخيرا هذه الخطوة الكبيرة، التى وافق عليها أغلب هيئة كبار العلماء، تؤكد أن المجتمع السعودى أصبح قادرا على تقبل خطوات التنمية الإصلاحية والابتعاد عن ثقافة الاعتراض.