لتقصيرها في حق أسرتها.. ليلى علوي تبكي أمام الجمهور في مهرجان الإسكندرية السينيمائي الدولي    من أصل 18 ألف شاحنة ..الاحتلال أدخل إلى غزة 10% فقط من الشاحنات خلال سبتمبر    حقيقة رحيل محمد عواد عن الزمالك في الانتقالات الشتوية    العريش بين الإدارة الدولية والسيادة الوطنية.. هل تُباع سيناء بالتقسيط في صفقة ترامب؟    خطوات إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025    تعرف على موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    أسعار اللحوم في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    أسعار الفاكهة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    24 تريليون دولار قيمة اقتصاد المحيطات.. وارتفاع حموضة المحيط سابع اختراق في حدود الطبيعة وتهدد الأنواع البحرية    وزارة البيئة: عقوبات رادعة تصل إلى مليون جنيه لحرق المخلفات    بسبب وقائع شغب.. محافظ القليوبية يستبعد قيادات تعليمية بمدارس قليوب وميت حلفا    محمود كامل يعلن انضمامه لاعتصام صحفيي "الوفد" السبت المقبل: دعم الزملاء واجب نقابي وأخلاقي    بوتين: دول الناتو فى حالة حرب مع روسيا ولم تعد تخفى ذلك    شرطة مانشستر: المهاجم مواطن بريطاني من أصل سوري    رقم سلبي يلاحق مدرب نوتنجهام فورست بعد الخسارة الأوروبية    موهبة مانشستر يونايتد تثير اهتمام ريال مدريد    وزارة العدل السورية تنفي صدور أحكام إعدام بحق مفتي سابق ومسؤولين في عهد الأسد    تركيا.. احتجاجات واسعة تندد باقتحام الاحتلال الصهيوني سفن "أسطول الصمود"    الإصلاح والنهضة يدشّن حملته الانتخابية للنواب 2025 باستعراض استراتيجيته الدعائية والتنظيمية    أستون فيلا يقهر فينورد على ملعبه في الدوري الأوروبي    شقيق عمرو زكي: اللاعب بخير وصحة جيدة.. ولا أعرف لماذا يرتبط اسمه بالمرض    رحلة تحولت إلى مأتم.. وفاة نجل طبيب وإصابة أسرته فى حادث بالطريق الإقليمى    جرعة مخدرات وراء مصرع سيدة داخل مسكنها فى العمرانية    منافسة ساخنة على لوحة سيارة مميزة "ص أ ص - 666" والسعر يصل 1.4 مليون جنيه    ضبط عاطل وشقيقه بتهمة حيازة مواد مخدرة للاتجار بالهرم    انفصال 4 عربات من قطار بضائع بسوهاج    تموين مطروح تضبط 6.5 طن سولار وسلع غذائية قبل بيعها في السوق السوداء    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: الدولة تدعم المحروقات ب75 مليار جنيه رغم الزيادات المقررة    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    خسيت 60 كيلو.. أبرز تصريحات عبد الله نجل غادة عادل ومجدي الهوارى (إنفوجراف)    أسامة كمال: الإخوان "عايزينها تولع" ويرغبون فى رفض حماس لخطة ترامب لوقف حرب غزة    ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة في دورته الثالثة..صور    الشاعر مصطفى حدوتة بعد ترشح أغنيته للجرامي: حققت أهم وأحلى حاجة مع محمد رمضان    الفنانة شيرين تكشف تفاصيل إصابة قدمها وتجربة الألم أثناء تكريمها في مهرجان الإسكندرية السينمائي    مواقيت الصلاة في أسيوط اليوم الجمعة 3102025    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد يفوز بلقب شخصية العالم القرآنية بجائزة ليبيا الدولية    عالم بالأوقاف: الوطنية الصادقة لا تنفصل عن الدين.. وعبارة الغزالي تصلح شعاراً لعصرنا    الكويت تدخل موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بأطول جراحة روبوتية عابرة للقارات    السوشيال ميديا بكفر الشيخ تتحول لساحة نزال شرسة قبيل انتخابات النواب    موقف زيزو من مباراة الأهلي وكهرباء الإسماعيلية في الدوري المصري    رئيس جامعة الإسكندرية يسلم 4 نواب وعمداء جدد القرارات الجمهورية بتعيينهم (صور)    تفاصيل مسلسل «درش» ل مصطفى شعبان.. رمضان 2026    قائد عسكري إيراني: نحن أقوى هجوميًا الآن 12 مرة مُقارنة بحرب ال 12 يوما مع إسرائيل    وضع حجر أساس مستشفى «الخليقة الجديدة» بأسيوط بيد البابا تواضروس    السفير التركي يفتتح الدورة 78 من "كايرو فاشون آند تكس" بمشاركة 650 شركة مصرية وأجنبية    تحقيق عاجل بعد اتهام مدير مدرسة بالاعتداء على طالب في شبين القناطر    استشاري مخ يكشف مدى خطورة إصابة الأطفال ب"متلازمة ريت"    هدف الشحات ينافس على الأفضل في الجولة التاسعة للدوري    تعرف على نتائج الجولة السابعة من دورى المحترفين    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    قائمة ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا الشمالية.. تواجد فيرتز وجنابري    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رفع كفاءة وحدة الحضانات وعناية الأطفال بمستشفى شبين الكوم التعليمي    وكيل تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة في دمنهور    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا جناه أبي‏!‏

جاءتني علي غير موعد‏..‏ تقول ملامحها وسمرتها التي أخذتها من سمرة نهر النيل وقت فيضانه وقوته وفتوته واندفاعه‏..‏ إنها مصرية صميمة‏..‏ قالت‏:‏ أنا بنت الناس الغلابة‏..‏ المطحونين دنيا وآخرة‏.. قلت لها‏:‏ تفضلي يابنت الناس الغلابة‏..‏ وإن كنا كلنا من الناس الغلابة‏..‏ مافيش فرق يعني‏! قالت‏:‏ إنت تكتب عن أولاد البهوات والكبار الذين يملكون كل شئ‏..‏ ويتركون أولادهم وبناتهم يفعلون مايشاءون حتي لو كان في ذلك إيذاء للغير كما يفعل أولاد الايه في مارينا وكل قري الساحل الشمالي صيفا وشتاء‏..‏ سهر ودلع وتدليل ومصروف بالهبل‏.‏
الأب في ناحية والأم في ناحية‏..‏ ولا رقابة ولا أحد يقول لهم‏:‏ كفاية صرمحة وقلة أدب وأذية في خلق الله‏!‏
قلت‏:‏ هذه قضية الآباء والأمهات الذين تركوا لأولادهم وبناتهم الحبل علي الغارب‏..‏ فجلبوا علي أنفسهم وعلي أولادهم المصائب والنوائب‏..‏ وأصبح لدينا جيل فاسد‏..‏ بلا قيم‏..‏ بلا مبادئ‏..‏ بلا دين‏..‏ لسوف يتحولون مع الأيام من متوحشين صغار إلي متوحشين كبار‏..‏
قالت‏:‏ ونحن أبناء الناس الغلابة الذين ليس لهم سند من مال أو سلطان أو منصب أو جاه‏..‏ علي النقيض تماما‏..‏ نعيش داخل سجن كبير اسمه البيت‏..‏ وسجانه الأب والأم‏!‏
قلت‏:‏ سجن مرة واحدة؟‏!‏
قالت‏:‏ تسمح لي أقعد‏..‏
تنبهت انني لم أدعها للجلوس‏..‏
قلت لها‏:‏ آسف‏..‏ تفضلي وخذي راحتك
جلست وأنا أكاد من فرط انفعالها أسمع تردد أنفاسها في صدرها‏..‏ قالت‏:‏ انت مستمع جيد للكبار‏..‏ للآباء والأمهات‏..‏ ولكنك لم تستمع إلينا‏..‏ لم تعرف ماذا نعاني وماذا نكابد في حياتنا تحت سقف بيت ظالم‏..‏؟
الأب ظالم والأم ظالمة وحياتنا كلها ظلم في ظلم‏.‏
ونحن أولاد وبنات لاحول لنا ولا قوة‏..‏ انهم يدفعوننا دفعا إلي الهرب‏..‏ والخروج من هذا الجحيم الذي نعيش فيه‏..‏
قلت‏:‏ للدرجة دي؟‏!‏
قالت‏:‏ وأكثر‏..‏ لقد أغلقوا علينا الأبواب‏..‏ ومنعوا علينا الاقتراب من الشبابيك والبلكونات باعتبارها منطقة عسكرية محظورا الاقتراب منها أو التصوير‏..‏ رايحة فين؟‏..‏ جاية منين؟‏..‏ وحتي التليفون والموبايل أصبح من الممنوعات‏..‏ وإذا جاءتني مكالمة من احدي صديقاتي‏..‏ اسمها ايه‏..‏ وعرفتها متي‏..‏ وهات ياسين وجيم‏..‏ بنت مين‏..‏ ساكنة فين‏..‏ أصلها وفصلها وأبوها وأمها‏..‏ هل لها أخوات صبيان‏..‏ بتروحي عندها‏..‏ أمال بتشوفيها فين؟‏!‏
لكي تهدأ قليلا‏..‏ ولكي يبرد مافي صدرها من انفعالات مشتعلة‏..‏ طلبت لها ليمونا‏..‏ ورحت أتأملها‏..‏ لم تكن تضع مساحيق أو أحمر خدود أو شفاه‏..‏
وجه مغسول بالماء والصابون‏..‏ ولكنه وجه صبوح مريح تضئ فيه عينان تفيضان ببريق آسر‏..‏
ذات قوام ممتلئ‏..‏ وشعرها يختفي خلف إيشارب أبيض ليس محكم الغلاق‏..‏ وفستانها أزرق بأكمام طويلة وذيل جرار علي الأرض‏..‏
نظرت إلي بمكر البنات وقالت‏:‏ شفتني كويس‏..‏ أنا بنت الحارة المصرية المطحونة المظلومة‏!‏
قلت بمكر الصحفيين‏:‏ انت أم الحارة‏..‏ من المظلوم ومن المطحون؟
قالت‏:‏ نحن الاثنان في الهم والغم سواء‏..‏ الحارة مظلومة باهمال المسئولين لها‏..‏ وتعاني من الحفر والمطبات وانفجار المجاري التي أصبحت بحورا وجيوش الناموس‏..‏ وتلال القمامة‏..‏ وانعدام الاضاءة ليلا‏..‏ حتي تنخمد وتنام بدري‏..‏ وانقطاع الماء الحلو ساعات طويلة ورزالة الباعة الجائلين الذين احتلوا الأرصفة ونصف الشارع‏..‏ وغلاسة وسخافة سائقي سيارات السرفيس‏..‏ وشبابها الذي يجلس طول النهار والليل علي المقاهي‏..‏ بلا عمل وليس أمامهم إلا البلطجة والكسب الحرام وشرب البانجو‏..‏ عاوز كمان؟‏!‏
قلت‏:‏ طيب والأب والأم؟
قالت‏:‏ شرحه‏..‏ اهمال وقسوة من أهالينا‏..‏ ومحبوسون ليل نهار بين أربعة حيطان‏..‏ حتي التليفزيون‏..‏ بنشوف فيه بس الحاجات اللي عاوزينا نشوفها‏..‏ أما المسلسلات والأفلام والسهرات والأغاني‏..‏ فممنوع‏!‏
قلت‏:‏ في دي عندهم حق‏..‏
تسألني‏:‏ ازاي؟
قلت‏:‏ علشان ماتتفرجوش علي البلاوي السوداء التي يعرضها التليفزيون‏..‏ أفلام فاضحة‏..‏ ومسلسلات نكد في نكد‏..‏ وحلقات
اجنبية تحض صراحة علي الفساد وقلة الأدب‏..‏
قالت‏:‏ طيب بلاش التليفزيون‏..‏ الخروج من البيت‏..‏ اصبح من رابع المستحيلات‏!‏
قلت‏:‏ خايفين عليك من ذئاب السكك‏..‏
قالت‏:‏ هما حياكلوني؟‏!‏
قلت‏:‏ إنتي ساكنة فين؟
قالت‏:‏ في باب الشعرية‏..‏
قلت‏:‏ ياه‏..‏ دول ياكلوك وياكلوا مائة زيك كمام‏..‏
قالت‏:‏ طيب ما أنا كنت بأروح المدرسة وأرجع مافيش حاجة حصلت‏!‏
سألتها‏:‏ مدرسة ايه؟
قالت‏:‏ التجارة‏..‏
قلت‏:‏ يعني عندك دلوقت دبلوم تجارة‏..‏
قالت‏:‏ أيوه‏..‏ وعمري اثنان وعشرون عاما‏..‏
قلت‏:‏ لسة مااشتغلتيش طبعا‏!‏
قالت‏:‏ في الحكومة لا‏..‏
قلت‏:‏ الحكومة زفعت ايدها‏..‏ مافيش شغل‏!‏
قالت‏:‏ لكني أنا اشتغلت في شركة قطاع خاص‏..‏
قلت‏:‏ كويس‏..‏
قالت‏:‏ لاموش كويس‏..‏ اتعرفت علي شاب كان جاي يقضي مصلحة في الشركة‏..‏ يعني باختصار شديد حبينا بعض‏..‏ واتقابلنا أكثر من مرة‏..‏
قلت‏:‏ فين ؟
قالت‏:‏ بلهجة بنات البلد‏:‏ حايكون فين يعني‏..‏ في كازينو علي النيل طبعا‏..‏
قلت‏:‏ وبعدين ؟
قالت‏:‏ ولاقبلين‏..‏ اهلي خدوا خبر ما أعرفش ازاي‏..‏ منعوني من الشغل‏..‏ وحبسوني في البيت سنة بحالها‏..‏
قلت‏:‏ وحبيب القلب‏..‏ طبعا فص ملح وداب‏..‏
قالت أيوه‏..‏ اللي حتي ما سأل‏!‏
قلت‏:‏ ويسأل ليه‏..‏ تلاقيه لسه عيل تلميذ بيدرس في الجامعة بيأخذ مصروفه من أمه‏!‏
قالت‏:‏ بالضبط‏..‏
تسرح بعينيها ربما في الحبيب الهارب وتقول‏:‏ أتعرف‏..‏ انني لم اضحك منذ اكثر من‏5‏ سنوات‏!‏
قلت‏:‏ أبوك‏..‏ ماذا يعمل؟
قالت‏:‏ عنده ورشة نجارة‏..‏
قلت‏:‏ يعني معلم قد الدنيا
قالت‏:‏ وصعيدي كمان من قنا‏..‏ الفساتين لازم تكون بتجر علي الأرض‏..‏ والأكمام طويلة والشعر كله متغطي بإيشارب وغير مسموح لنا أنا واخواتي بالكلام أو حتي ابداء الرأي‏..‏ الرأي رأي أبينا والشوري شورته والكلمة كلمته‏..‏
أسألها‏:‏ وأمك؟
قالت‏:‏ ست بيت لا تعرف القراءة والكتابة ولا حول لها ولا قوة‏..‏ تسمع الكلام وتنفذ الأوامر‏.‏
قلت‏:‏ لماذا لا تجعلينها صديقتك تقولين لها كل أسرارك وتحكي لها مشاعرك حتي تساعدك؟
قالت‏:‏ تجري تقول لأبويا علي كل حاجة‏..‏ وأبويا آخر قسوة وآخر ظلم‏.‏
اسألها‏:‏ واخواتك؟
قالت‏:‏ أنا أكبر واحدة‏..‏ ولي اختان اثنتان واحدة أصغر مني تركت الدراسة من ثانية اعدادي والثانية لسة في ابتدائي‏..‏ ولي ثلاثة اخوة واحد صغير في الاعدادية‏..‏ واثنان واحد دبلوم يشتغل مع ابويا في الورشة‏,‏ يوم يشتغل وعشرة لا‏,‏ يقعد علي المقاهي يشرب بانجو‏..‏ يعاكس طوب الأرض‏..‏ أبوه طرده في الشارع أكثر من مرة‏..‏ اتلم علي شوية عيال صيع وش أذية‏..‏
قلت‏:‏ علشان كده عرف شلة أصدقاء السوء وبقي واحدا منهم‏!‏
قالت‏:‏ واخوه الثاني الأصغر مثله برضه ماكملش تعليمه عنده خمس عشرة سنة بيشرب سجاير‏,‏ ليس له شعلة ولا مشغلة‏..‏ ممكن يأخذ حاجة من البيت يبيعها زي راديو‏,‏ ساعة‏,‏ جهاز تسجيل‏,‏ ويصرف علي نفسه‏..‏ أما أخي الثالث فيساعد أبوه في الورشة‏..‏ لكن برضه ماكملش تعليمه‏..‏ وبيشرب سجاير من وراء ابيه والثلاثة بيأكلوا ضرب واهانة من ابي‏..‏ وماحدش يرفع عينه فيه ولا يعارضه‏..‏ لحسن تبقي ليلته اسود من شعر رأسه‏!‏
قلت‏:‏ يعني لما الأب يؤدي دوره تقولوا ده سجن كبير‏..‏ ولما يبقي زي القط السيامي لايهش ولاينش‏..‏ تقولوا ضاعت الهيبة وراحت القدوة‏..‏ وضاعت الزوجة‏..‏ وضاع الأولاد‏!‏
قالت‏:‏ كثرة القسوة والظلم والكبت تولد الانفجار‏!‏
قلت‏:‏ والانفجار حصل واللا لسه ؟
قالت‏:‏ حصل‏..‏ أنزل من بيتنا اروح لصاحبتي لابسة لبس آخر حشمة‏..‏ وعندها اخلع الايشارب وأسرح شعري وأقصر الجونلة وانزل انا وهي نتفسح ونشم هواء‏.‏
قلت‏:‏ بس؟
قالت‏:‏ وعرفت ولد عن طريق الموبايل‏..‏ شبكنا مع بعض‏..‏ ولسة بنتكلم لحد دلوقت‏..‏
قلت‏:‏ كلام بس؟‏!‏
قالت‏:‏ ايوه عاوزني اخرج عشان أشوفه‏,‏ وأنا موش موافقة‏..‏
قلت‏:‏ وهو لسة برضه تلميذ؟
قالت‏:‏ لا‏..‏ ده موظف في شركة ولسة عازب‏.‏
قلت‏:‏ ده بيتسلي بك‏..‏ وبيعمل كده مع بنات كثير زيك عرفهم عن طريق الموبايل اللعين‏!‏
قالت ما هو قاللي‏..‏ وبيخرج معاهم كمان‏..‏ والبنات مبسوطين بكده‏..‏ والغريب ان البنات دول ولاد ناس كويسين وطالبات في الجامعة‏!‏
قلت لها‏:‏ وما خفي كان أعظم‏..‏ يا بنتي ابعدي عن سكته‏..‏ ده بيلعب بك‏..‏ وأهلك موش وحوش‏..‏ دول عاوزين مصلحتك‏..‏ بكره تتوظفي وتشتغلي وتتزوجي وتعرفين ان كل اللي كان بيحصل هبل في هبل‏..‏ واللا ايه يا‏..‏ انت اسمك ايه؟
قالت‏:‏ ممكن تناديني ياسمينة
قلت‏:‏ واللا ايه يا ياسمينة؟
قالت‏:‏ وهي تلم شتات أفكارها المضطربة ربنا يستر علينا ويحنن قلب أهالينا علينا‏..‏ وتنصفوا أولاد الناس الغلابة وتنظروا لهم شوية‏!‏
‏............‏
‏............‏
وإذا كان الدارسون والباحثون في الجامعات ومراكز البحوث لم يتحركو ا بعد
وإذا كان الأعضاء الموقرون المحترمون في مجلس الشعب وزملاؤهم في مجلس الشوري لم يتحركوا هم الاخرون‏.‏
فإن الناس‏..‏ الخلق‏..‏ المواطن البسيط ترمومتر الأخداث والذي يتحمل وحده كل تبعات الإصلاح الاقتصادي والميراث الرذيل لضريبة العقارات‏..‏ كل من له ولد أو بنت ويخاف عليها‏...‏ كل من أكله قلبه علي الجيل الذي سيتسلم مقاليد البلد في الغد القريب ارسل الينا بطوق نجاة في صورة رسالة أو مكالمة تليفونية أو لقاء يتكلم فيه هو ونسمع نحن ونسجل‏.‏
‏**‏ بحماس وحمية الصعايدة جاء صوته عبر سلك التليفون‏:‏ أنا علي زيدان من اسنا‏..‏ ياسيدي ليس الذنب ذنب أولادنا وبناتنا إذا انحرفوا عن الطريق‏...‏ لقد اختفت القدوة الحسنة من حياتنا‏..‏ المدرس يدخن أمام التلاميذ في الفصل‏..‏ فلماذا لا يدخن التلاميذ هم الآخرون‏..‏ المعلمة تتبرج أمام التلميذات وكأنها ممثلة سينما أو مذيعة تليفزيون وليس معلمة ومربية للأجيال‏..‏ فلماذا لاتقلدها البنات‏..‏ والجامع يعتلي منبره خطباء من العصور الوسطي لا هم لهم إلا الويل والثبور وعظائم الامور‏..‏ وجهنم وبئس المصير‏..‏ لا يتحدثون لغة عصرنا ولا يعيشون مشاكلنا ومتاعبنا‏..‏ واولاد ليس امامهم غير الشوارع واخلاق الشوارع أو افلام ومسلسلات الخلاعة والفجور في التليفزيون وللفضائيات‏!‏
‏**‏ وقالت لي فتاة صغيرة اسمها شادية‏:‏ ياسيدي لقد ضاع الايمان من قلوبنا وانحرفت بوصلة حياتنا عن دائرة الدين‏!‏
‏**‏ وكتب الي اللواء متقاعد محمد محمود صبري يقول‏:‏
نحن نعيش عصر آباء وأمهات آخر الزمن‏..‏ اختلط الحابل بالنابل‏..‏ الصبيان مع البنات والشيطان ثالثهم‏.‏
والبنت تسهر مع صاحبها في الديسكو لإنصاف الليالي ومعاها اخوها وصاحبته وشلة السوء‏..‏
والأب يسأل الأم‏:‏ البنت فين ؟
ترد عليه الأم‏:‏ بتتفسح مع أخيها‏!‏
بسلامته الأب يطمئن مادام اخوها معها‏.!‏
هل هذا هو التحضر والانفتاح علي المدنية في اعين الشباب‏,‏ والشاب المؤدب يقال عنه انه مقفول او قفل‏!‏
‏**‏ وكتبت إلي السيدة سلوي أحمد شوقي‏..‏ مدرسة العلوم في مدرسة عباس العقاد التجريبية للغات تقول‏:‏
أحدثك عن آباء آخر الزمن‏..‏ من واقع عملي في مدرسة لغات تجريبية تضم المستوي الابتدائي والاعدادي‏..‏ اطفال صغار محتاجون الي القوة والتربية الحسنة والتنشئة الدينية الصحيحة فقد رأينا العجب من الآباء والأمهات وهناك ثلاث حالات أري فيها من الغرابة ما ستندهش له‏..‏
الحالة الأولي‏:‏ اب مسافر الي الخارج وزوجته لاهية عن أولادها وابنهم ضعيف جدا في جميع المواد‏..‏ ويرجع الأب من السفر فيجد ابنه راسبا في جميع المواد ويحتاج الي اعادة في الدور الثاني‏,‏ بدلا من الاهتمام به ومراعاته يهملونه مرة ثانية ويرسب رسوبا نهائيا‏..‏ ولابد ان يعيد العام الدراسي ونفاجأ بحضور الأب مهددا متوعدا بمنتهي الوقاحة بأنه لابد أن ينجح ابنه بأي طريقة‏!‏
الحالة الثانية‏:‏ تلميذ في الصف الأول الاعدادي يشرب السجائر في جامع المدرسة وعندما استدعينا أمه وأباه فوجئنا بامه تقول انها تدخن‏..‏ وكذلك ابوه وسنسمح له بالتدخين وخطؤه الوحيد أنه يشرب من ورائنا وسنشتري له السجائر وهو حر‏!‏
الحالة الثالثة‏:‏ ابن ناس كويسين يسرق من خلف والده زجاجة خمر فاخره ويبيع كأس خمر لكل تلميذ راغب في الحصة الاخيرة‏,‏ والغريب أن التلاميذ اشتروا الكأس منه بجنيه واحد‏..‏ وعندما نستدعي ولي أمره يحضر ليقول‏:‏ أنا مستعد لعمل أي شئ للمدرسة حتي تعتذروا له في طابور المدرسة‏,‏ وعندما ترفض المدرسة يقول لنا‏:‏ الخمر لايحاسب عليها القانون‏,‏ وأنا لا أري أنه أخطأ إلا في أخذه الخمر بدون علمي وسأسمح له بشربها في المنزل‏!‏
هذه هي بعض النماذج لآباء وأمهات ليسوا قدوة أخلاقية أو دينية لأولادهم ولايرون أي خطأ في تصرفاتهم بل يتسترون عليهم ويشجعونهم وسوف يدفعون ثمن أخطاء ابنائهم أولا غاليا حيث لاينفع الندم أو الدموع‏.‏
‏...........................‏
‏..........................‏
في صبانا كنا نتفرج علي فيلم مصري اسمه هذا جناه أبي قام ببطولته حسب ما أتذكر أنور وجدي وراقية ابراهيم وزكي رستم‏..‏ كان يقول لنا إن كل الشرور والآثام التي يرتكبها الأبناء هي من صنع الأبوين‏.‏
ورغم مرور نحو نصف قرن علي خروج هذا الفيلم إلي النور‏..‏ فإن الآباء مازالوا يرتكبون نفس الخطأ ويكررون نفس الإثم ونفس الذنب‏..‏ فهل نحن الآباء حقا السبب في كل مايجري من أخطاء الأبناء وخطاياهم؟
أم أن هناك إلي جانب ذنوب الآباء وضياع دورهم وغلق ملف هيبتهم‏..‏ سلسلة متراكمة من الاخطاء والخطايا‏..‏ نعرفها كلنا‏,‏ ولكننا كعادتنا دائما نغمض أعيننا عنها أو نتناساها ونتحاشاها‏..‏ لأننا لانريد أن نحل وأن نربط حتي ولو كان الأمر يتعلق بطوق نجاة نلقيه لأولادنا‏..‏ أعز مالدينا في الحياة‏!{‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.