ثار جدل فى الفترة الاخيرة حول ظاهرة ما يسمى ب «التماثيل المشوهة « و التى اثارت موجه من الغضب بين مختلف اطياف الشعب لما تشكله هذه التماثيل من قيمة للشعب المصرى فى فترات تاريخها المتعاقبة، و يعد «الجهاز القومى للتنسيق الحضاري» و الذى لا يعرفه الكثيرون المعنى بتلك الامور وبعد تعرض بعض الاماكن التراثيه للهدم و التشويه تردد اسم الجهاز باعتباره مسئولا عن الحفاظ على هذه الاماكن و الارتقاء بالذوق العام بالميادين لذا كان لنا حوار مع المهندس محمد ابوسعدة رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى بداية... حدثنا عن نشأه الجهاز وماهو المقصود بالمبانى التراثيه ؟ هو جهاز قومى يخدم جميع محافظات الجمهوريه يتبع وزارة الثقافة وأنشئ بقرار جمهورى عام 2004 و الغرض منه رسم السياسات العامه الجمالية بالميادين والحدائق العامه و الأرصفة و الشوارع, كما يقوم بأعداد قاعدة بيانات بالمبانى التراثيه داخل كل المحافظات تخضع لقانون تسجيل المبانى وفقا لأسس ومعايير محددة مثل ان يكون المبنى ذات طبيعه معماريه و طراز معمارى خاص يمثل حقبة زمنية أو أحداث تاريخيه فى الدولة كحال مبنى قيادة الثوره على سبيل المثال حيث انه مسجل كمبنى تراثى لأنه يمثل حقبه زمنيه محددة وأحداثا يشهد عليها التاريخ , ويتم تسجيل هذه المبانى من قبل لجنه متخصصه تتبع المحافظه,ثم يتم رفعها لرئيس الوزراء الذى يصدر قرارا بتسجيلها ثم يأتى دور الجهاز فى تطبيق شروط المبنى التراثى عليه. كيف يمكن الحفاظ على المناطق التاريخية واضافة لمسة جمالية لها؟ لا بد من الاستفادة من المناطق التاريخية بشكل أفضل مما هى عليه للحفاظ على قيمتها التاريخية وذلك بأعادة استخدام واستغلال المبانى التراثية بوجود أنشطة للأنفاق عليها واحيائها كمبنى اثرى وسياحى ويخدمنا فى ذلك بشكل كبير مشروع «العاصمة الادارية» الجديد لان كثيرا من مبانى الوزارات والهيئات الحكومية ذات طابع آثرى هام وسوف يتم نقلها للعاصمة الجديدة وقمنا بأعداد خطة لإعادة استغلال هذه المبانى بطريقة استثمارية تضمن لنا استمرارية الحفاظ وصيانة هذه المبانى حتى لا نفقد ثروة معمارية هامة بسبب الأهمال والتدهور. ما هى اهم المشروعات التطويرية التى قام بها الجهاز ؟ هناك بعض الأماكن التى أحدثت جدل فى كونها تراثية كمسرح السلام بالأسكندريه وعندما بحثنا عنه فى سجلاتنا لم يكن مدرج ضمن المبانى التراثيه لذلك فهو لا يخضع لسلطة الجهاز ، كما اعتبر اسدين قصر النيل من التماثيل الاثرية التى تخضع فى الترميم لوزارة الاثار انتشرت فى الاونة الاخيرة ظاهرة مايسمى «التماثيل المشوهة «بالميادين و فى مختلف المحافظات ماهى خطة الجهاز لمواجهة تلك الظاهرة ؟ هناك تماثيل كثيرة مشوهة قد انتشرت بشكل كبير فى الميادين و ساهم فى انتشارها مواقع التواصل الاجتماعى فثارت موجة من الغضب فى المجتمع لتشوه الذوق العام فى البلاد و لدينا مثل حى على تشوه النسب الفنية كتمثال نفرتيتى المشوة بالمنيا و الذى يعد اشهرها ، مما جعل الجهاز يسعى لاصلاح او لتجميل تلك التشوهات فشكلت لجنة من خبراء النحت و الفن التشكيلى و مهندسين معماريين للنظر فى وضع خطة محكمة لاصلاح ما تم افساده و تكون هى المسئولة فى المقام الاول عن تجميل « الفراغ العام » بالميادين و الشوارع ، و تم الان اتخاذ خطوات جادة لعدم وضع اى تماثيل بالميادين بشكل عشوائى و بقرار من رئيس الوزراء طبقا للقانون الجديد ، كما تم وضع معايير جديدة لاختيار الفنانين و النحاتين لعمل تماثيل ضخمة بالميادين . هل يمكن وضع التماثيل الاثرية المخزنة بالمتاحف لتجميل الميادين ؟ ليس بالضرورة عند تجميل الميادين أن يتم وضع تماثيل سواء اثرية او غير اثرية ، فالهدف من وجود الميدان هو سهولة تسيير حركة المرور و حركة المشاة لاعتباره محور مرورى ، و عندما نقوم بتجميل الميدان ممكن ان يكون قمة الجمال فى لوحة جدارية او حديقة ، و ليس الغرض هو وضع تمثال اثرى لاضافة قيمة و جمال للمكان ، وايضا نجد منطقة وسط البلد ذات الطابع المعمارى الفرنسى و الايطالى والتى تمثل حقبة تاريخية معينة و نرى ان جميع الميادين والعمارات بها يغلب عليها طابع معمارى فريد كميدان مصطفى كامل وبه تمثاله ، و ميدان ابراهيم باشا بالاوبرا و فيه تمثاله ايضا . هل هناك حدود للأماكن التراثيه وأشتراطات يتم وضعها للهدم أو التعديل ؟ اتخذ الجهاز مجموعة من الاجراءات والأشتراطات لتحديد الأماكن التراثيه المعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط و التنميه العمرانية كمنطقه القاهرة الخديوية ومنطقه القاهرة التاريخية و منطقة المعادى و هذه مناطق ذات طابع معمارى مميز يعبر عن حقبة تاريخية هامة , ولا يجوز القيام بأى تعديل أو ترميم أو هدم بها كما لا يمكن تحريك أو نقل عناصر معماريه أو تماثيل فى الفراغات العامه لتلك المناطق بالأضافه إلى عدم وضع لافتات أعلانيه تقطع الشوارع والميادين إلا بموافقه المجلس الأعلى للتخطيط والتنميه العمرانية و الجهاز القومى للتنسيق الحضاري, كما قام الجهاز بوضع أدله أرشاديه لأسس ومعايير التنسيق الحضارى للمبانى والمناطق الأثرية, وتم أبلاغ المحافظات بها. ماذا عن الضبطية القضائية وكيفية حصول الجهاز عليها وهل تم تحرير محاضر بالفعل ؟ وجدنا بعض الاماكن التى تم التعدى عليها وتغيير طابعها التراثى بالاضافة الى اللافتات والأعلانات على المبانى التراثيه مخالفة للقانون الذى يحظر وضع اى أعلانات على تلك المبانى فكان لابد من أتخاذ الأجراءات والضوابط للتعامل مع المخالفات فطالبت بأحقيه حصول الجهازعلى صفة الضبطية القضائيه حتى يكون لنا دور فى الحد من المخالفات بدأنا تنفيذ العديد من المحاضر والمخالفات الصارخة سواء بالازالة او الهدم او التخريب وحررنا أكثر من 50 محضرا. ماذا تهدف مبادرة مشروع « عاش هنا» ؟ هذا المشروع يهدف إلى توثيق المبانى والاماكن التى عاش بها المشاهير من فنانين وموسيقيين وكتاب وشخصيات تاريخيه حيث يتم وضع لافتات مسجل عليها رقم محدد والمدرسه المعماريه التابع لها هذا المبنى ولماذا تم تسجيله , ويتم الأن وضع قاعده بيانات بالاشتراك مع مركز معلومات مجلس الوزراء وتم الحصول على بعض الأسماء والبيانات من النقابات المختلفه والتى سيتم تنفيذها على الواقع ولكن المشروع لا ينحصر فقط فى وضع لافته على المبنى ولكن هذه اللافته محمله على تطبيق «QRl» الذى يتم ادخال كود خاص عليه عبر الأنترنت يربط البناء بذاكرة الوطن، و التعريف بالشخصيات الهامة المرتبطة به وهذا المشروع يحقق شقين أحدهما أحساس الفرد بالأنتماء من خلال معرفه المكان والشق الثانى المساهمة فى بناء ذاكرة الوطن بربطها بالمكان. ماذا عن مبادرة « معا لأعلاء قيم الجمال فى مصر « ؟ هى أولى المبادرات التى قام بها الجهاز وهدفها ترسيخ أهميه الحفاظ على المبانى التراثية والتاريخية ذات القيمة فى محافظات الجمهورية لما تتضمنه من المعمار التراثى الفريد والمتميز للحقب الزمنية السابقة والمدارس الفنية المختلفة وكان ضمن هذه المبادرة مسابقة مفتوحة للتصوير الفوتوغرافى و تقدم لها الكثيرون وهى تهدف للتعريف بالمبانى التراثيه والتاريخيه ذات القيمه وتم تسليم جوائز المسابقه فى قصر «الأمير طاز» . ما هى بعض المشروعات التطويرية التى قام بها الجهاز ؟ قام الجهاز بإعادة تطوير وتصميم ميدان الكيت كات بما يحافظ على الطبيعة المعمارية للميدان وإيجاد حلول للباعه الجائلين وممرات للمشاه فى ظل بدء مشروع مترو الأنفاق وقد تم تسليم مشروع تطوير الميدان لمحافظه القاهرة على أن تبدأ العمل به بعد الأنتهاء من مشروع المترو, وهناك مشروع القاهرة الخديويه الذى يتم تطويره الان بالتعاون مع محافظه القاهرة وأتحاد البنوك وشركات مصر للأصول العقارية وشركات الأستثمار التى قامت بتمويل هذا المشروع فى ضوء مجهودات الجهاز من وضع السياسات المتبعة والبعد الهندسى والفنى لتحقيق المعايير والأسس المتفق عليها ووضعها حيز التنفيذ وتم بالفعل تطوير أكثر من 80 عمارة وتم وضع ممرات للمشاه فى بعض الشوارع كالألفى والشواربى كما وضع تصور لأعادة تصميم وتطوير شارع عباس العقاد بالتعاون مع مجموعه شبابية تهتم بطرح افكار لتطوير الطرق وقاموا بوضع تصور مبدئى لحل مشاكل المشاة والتكدس المرورى وقد تم الاتفاق معهم على تبنى الجهاز لهذه الافكار وتقديم الدعم الفنى من خبراء ومتخصصين لهم فى سبيل محاوله حل مشكله التكدس المرورى بالشوارع تمهيدا لتطبيق المشروع . ماهى خطط الجهاز المستقبليه .. وما المشكلات التى تواجهكم للتنفيذ ؟ يقوم الجهاز بتطوير 3 مشروعات تم طرحها على محافظه القاهرة و هى مشروع تطوير « كفر غطاطي» و هى المنطقة الملاصقة للمتحف المصرى الكبير , ومشروع «ممشى المانسترلى » ولنا رؤيه فى جعله منطقه سياحية بها البازارات والمحال التجارية الاستثمارية مما يحقق مردودا أقتصاديا للدوله , و تطوير منطقه « سوق السلاح « لأنه يعتبر من الأماكن التراثيه الهامه كشارع المعز الذى تم تطويرة وأصبح أهم المناطق السياحية فى مصر وتوجهنا للمحافظات ذات الطابع التراثى مثل رشيد وبورسعيد وتعد بورسعيد مدينة كاملة ذات طابع معمارى مميز وبدأنا بالفعل فى مشروع تطويرها بما تضم من مبانى تراثية فريدة من نوعها ذات طابع خشبى للمبانى بالاضافة الى الطراز المعمارى الفرنسى و الانجليزى و الايطالى , فتعد بورسعيد مدينة ذات ثروة هائلة من المبانى الاثرية ,ولكن يواجه هذه الثروة جانب كبير من الاهمال فدائما ما تظهر مشاكل التمويل لتنفيذ هذه المشروعات حيث انها مكلفه جدا بالاضافه الى أن المبانى ملك أفراد وليست ملكا للدوله فهناك صعوبه فى جعل الأفراد يقومون بتجديد أو ترميم المبنى فنقع فى مشكله كيف نحقق مصلحه الدوله فى المحافظةعلى تراثها المعمارى وفى نفس الوقت مصلحه الأفراد وهذه مشكله كبيرة, ونضرب كثل على ذلك بما حدث بالاسكندرية من هدم للقصور و الفيلات الاثرية . ولدينا 6400 مبنى على مستوى الجمهوريه مسجلة كمبانى أثريه ,ومن أجل تطوير هذا العدد نحتاج للمليارات وبالتالى هناك تعديلات تتم دراستها على القانون 144 لسنة 2006 عن كيفيه وجود أمكانيات فى الدوله تدعم عمليه الحفاظ على هذه المبانى التراثيه ووجود كيان يدعم ترميم وتوظيف هذه المبانى بأعتبارها أستثمارا ولها مردودها الأقتصادى .