لا يوجد في العالم بأسره مثل ما يحدث عندنا , حيث نستطيع وبقدرة قادر وبسرعة خارقة أن نحول أي مشكلة بسيطة , إلي أزمة كبيرة ومعقدة للدرجة التي يستعصي علي أي خبير حلها ! ولو ذكرنا أمثلة علي ذلك فهي عديدة وحدث ولا حرج , وربما يحضرنا منها الآن مشكلة المايوه الشرعي أو وبحسب تسميته المستحدثة " البوركيني " , والغريب أن هذا الموضوع تحديدا لم يكن يحتاج إلي كل هذه الضجة المفتعلة حوله , مما جعله يأخذ أكثر من حجمه الطبيعي , لكن لا بأس طالما أن هذا هو العادي بالنسبة لمجريات أمور عديدة عندنا وتتلخص مشكلة المايوه الشرعي مع عدم اقتناعنا بتلك المسميات الدخيلة علينا , فالمايوه بالنسبة لي ولعدد كبير من الناس , لا يخرج عن الشكل التقليدي المتعارف عليه منذ نعومة أظافرنا , وبالذات عندما كنا نشاهده في أفلام الأبيض وأسود ومع كامل احترامنا لهذا الزى الجديد الذي لا يمثل الشرع بأي حال من الأحوال كما يدعي أصحابه , وهذا حسب رأي وشهادة غالبية كبيرة من علماء الدين , لذلك لابد أن نتعامل مع الأشياء بمسمياتها الأصلية وليس التقليد حتى لو " فرست كوبي " ! وهنا تكون القضية بعيدة تماما عن شرعيته من عدمها , وإنما فقط يجب ونحن نتناولها أن يتم ذلك من منظور اجتماعي بحت , بمعني أنه وطالما نسمح دائما بارتداء البكيني في الفنادق أو في شواطئها أو ما شابه ذلك , فبالتالي يجب أن تكون المعاملة بالمثل , وأن تحصل كل من ترتدي الزى الأخر علي حقها الطبيعي في اختيار ما ترتديه وأن كانت علي اللوائح أو القواعد المدرجة سلفا من قبل وزارة السياحة , والتي لا تسمح بارتداء أي أقمشة غير التي يصنع منها المايوهات بحجة أنها تفسد ماء حمام السباحة " البيسين " , واعتقد أنها حجة واهية لأنه من المعروف أن البوركيني مصنوع هو أيضا من نفس نوع المايوهات الأخرى وبصرف النظر عن تلك الجزئية وإذا كنا نريد فعلا أن نحل المشكلة ولا نعقدها بزيادة , فحتي لو كانت هناك قوانين سابقة تشترط زى معين وهو المايوه لنزول البحر , فأنه ينبغي أن نتكيف مع الواقع الجديد الذي نعيشه الآن , والذي أصبح يعتمد بصفة أساسية علي السياحة الداخلية , بعد أن تم ضرب السياحة الخارجية في مقتل. فمن غير المعقول أن نظل نتعرض طول الوقت للاشتراطات خارجية لكي يعود لنا السياح الأجانب , بينما نحن وعلي جانب أخر نتعامل بمنتهي استهانة واستهتار وتعالي مع السائح المصري , رغم أنه لولا وجوده لكانت تلك الفنادق قد أغلقت أبوابها تماما ! إذن فمن أقل حقوق سياح الداخل أن يلقوا نفس احترام أصحاب الفنادق للسياح الأجانب , بل والعرب أيضا , فيتركوهم يفعلوا أو يرتدوا ما يشاءون , مع مراعاة تفهمنا طبعا لوجود تخوف من أن يتحول البوركيني بعد ذلك وبالتدريج , إلي عبايات أو جلاليب ! ثم نجد أنفسنا ونحن نستيقظ ذات يوم بأن مناطق مثل شرم الشيخ والغردقة ومرسي علم , وغيرها من الأماكن الساحلية التي كانت مفخرة لنا عند الغرب , وقد أصبحت مثل الإسكندرية أو رأس البر أو بلطيم , مع كامل احترامنا لهذه الأماكن التي كانت فيما مضي مصايف للأكابر والناس الذوات , ثم وبسبب سلوك البعض وصلت إلي ما هي عليه الآن ! لذلك فالحل الفوري يجب أن يبدأ بتخصيص حمامات سباحة أو شواطئ للمحجبات فقط , بشرط أن يلتزمن هن أيضا بهذه الأماكن تماما , أما لو حدث العكس فالعملية هنا تكون مجرد معركة أو مباراة بين البكيني والبوركيني , واعتقد أنه لن يخرج أحد منها " فائز " بل ستكون " السياحة " هي الخاسر الوحيد فيها , لأنها وبعد كل ما تعرضت له لم تعد تحتمل أي ضربة جديدة أخري لها ! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;