لم يعد غريبا إطلاق كثير من مقدمي برامج التوك شو الألقاب غير الحقيقية علي ضيوفهم تبعا لموضوع النقاش, فأحدهم من الممكن أن يصبح( فقيه دستوري) أو(مستشار) أو(خبير استراتيجي) أو(خبير إعلامي) أو(عالم) أوقد يزيد بعضهم من الكرم ويضيفون قبل أسماء ضيوفهم كلمة( دكتور) وغيرها من الألقاب التي يتم منحها لمن لا يستحقون ولا يعترضون عليها. بل يقبلونها في حالة من السعادة تأكيدا منهم علي صدقها في ظل الفوضي التي سادت الإعلام المرئي ونتج عنها ظاهرة منح وانتحال الألقاب( الكاذبة) فيما يشبه( فيروس غش) صار يغزو الفضائيات ويهدد مصداقيتها وثقة المشاهد فيما تقدمه له كما يقول د.عدلي رضا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة ويضيف: إن رغبة نسبة غير قليلة من مقدمي برامج التوك شو في الظهور أمام المشاهد أنهم يستضيفون شخصيات متميزة في مختلف المجالات تدفعهم إلي التجاوز العمدي ومنحهم ألقابا( كاذبة) لا يقابلها تصحيح من الطرف الآخر( الضيوف) فتتحقق عملية خداع كاملة للمشاهد الذي يتلقي منهم آراء( سطحية) بمزيد من التقدير لأصحابها ويقتنع بها ويرددها بعدهم علي أنها التفسير العميق الصحيح لموضوع المناقشة الذي تابعه, كما أنه من الممكن أن يكون الإعداد مسئولا أيضا في بعض الأوقات عندما لا يتحري المسئول عنه الدقة المطلوبة في تقديم صفة الضيف الحقيقية لمقدم البرنامج قبل التحاور معه أو عندما يتعمد إضافة لقب ما ابتكره للضيف حتي يبدو أمام مسئولي القناة أنه يمتلك القدرة علي استضافة شخصيات بارزة في كل المجالات, وهو خطأ مهني يفرض علي مسئولي الفضائيات محاسبة من يرتكبه لأنه يكذب علي المشاهد في معلومة مهمة عن الضيف تترتب عليها نتائج عديدة في مقدمتها ضياع مصداقية القناة نفسها, ولذلك وحرصا علي الإعلام المرئي فإنه لابد من وجود مجلس أعلي للفضائيات في القريب العاجل تكون من صلاحياته معاقبة نشر أي قناة لمعلومات خاطئة ومنها الألقاب غير الحقيقية لضيوف برامجها والتي تمثل حالة كذب صريحة هدفها غش وتضليل الرأي العام. ويقول الناقد طارق الشناوي: إن تلك الظاهرة تكشف عن أن الإعلام المرئي أصبحت أهم سماته التقليد لأنه من المؤكد أن أحد مقدمي التوك شو قد بدأها كنوع من المجاملة لضيفه ثم واصل غيره تكرارها وهي ليست جديدة جماهيريا وإنما لها تاريخ عندما كان يتم إطلاقها علي نجوم الفن فقد كانت أم كلثوم كوكب الشرق ومحمد عبدالوهاب موسيقار الأجيال وعبدالحليم حافظ العندليب الأسمر واستمرت حاليا وأصبح عمرو دياب الهضبة ومحمد منير الملك وغيرها من الألقاب التي ارتبطت بهم وبغيرهم, ومع انتشار الفضائيات اتسع نطاق إطلاقها علي ضيوف برامجها بسبب شدة المنافسة بينها لإغراق المشاهد في وهم امتلاك الضيوف لقدرات استثنائية في عرض خفايا الأحداث, وحتي لا يسقط مقدمو البرامج في فخ تزييف الحقائق فإنه يجب عليهم الانتباه سريعا والعودة إلي المنطق في الممارسة الإعلامية وإلا كانوا قاصدين لارتكاب جريمة( الغش الإعلامي) مع سبق الإصرار والترصد. ويري المستشار زكريا شلش رئيس محكمة جنايات الجيزة أن لجريمة انتحال الصفة ركنين الأول مادي تتجه فيه إرادة الفاعل لإقناع المجني عليه بها والمعنوي الذي يتوافر عندما يصفه انسان بصفة يوافقه عليها مثلما يحدث في كثير من برامج التوك شو علي الفضائيات التي أصبحت بلا ضوابط تحكم أداءها لرسالتها الرفيعة في كشف الحقائق مما أدي إلي انتشار الفوضي التي جعلت الطريق مفتوحا أمام شخصيات غير مؤهلة للتحدث في السياسة والقانون والاقتصاد وغيرها من المجالات بألقاب غير حقيقية تشعرهم بتضخم الذات بينما قدراتهم فقيرة فيتحقق تشويه للحقائق في عقول المشاهدين عند متابعتهم علي شاشاتها وهي جريمة يستحق من يرتكبها منهم في حالة توافر القصد العمدي عقوبة الحبس أو الغرامة أو الاثنتين معا تبعا لتقدير القاضي.