الغريب أن قناة «الجزيرة» لم تُزَوِّر مقال المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى منظمة هيومان رايتس ووتش، بل إن الجملة الوحيدة التى استشهدت بها القناة ووضعتها على شاشتها تلفّ طوال أمس الأول (السبت) كانت تعبيراً دقيقاً مختصراً عن روح المقال. وهى العبارة التى تقول: «إن قطر، إذا عدَّلت قانون الجنسية وصدَّقت على ميثاق اللاجئين، يمكنها أن تكون دولة نموذجاً فى المنطقة». نعم! تقول الكاتبة إن قطر إذا استكملت هاتين النقطتين فقط يمكن أن تكون «نموذجا»! فكيف لنظام أن يكون نموذجاً فى القرن الحادى والعشرين، وهو لا يزال يعيش القرون الوسطى لأمير يملك ويحكم، بكل معانى المِلْكية وبكل سطوة الحكم، وبلا أى انتخابات ولا أى برلمان ولا أى تمثيل شعبى لأى مهمة..إلخ؟ طبعاً، لا يمكن إلا أن يكون هذا المقال فى سياق دعاية النظام القطرى لنفسه فى أزمته مع عدد من أهم الدول العربية، وهو النزاع الأكبر فى تاريخ قطر القديم والحديث. وفيما يبحث نظام قطر عن أى سند يُعزِّز موقفه فى هذه المواجهة، جاءه هذا المقال بأكثر مما كان يتمناه، من مثل هذه الكاتبة بمثل هذه الصفة الوظيفية. ما كل هذه المجاملة لنظام قطر فى وقت تقصف فيه المنظمة عدداً آخر من الدول بتقارير فورية حادة تنتقد وتُحذِّر وتُدين، وفق قواعد صارمة تستهدف نموذج الدولة الحديثة التى تلتزم بأعلى المعايير؟ ألا يرى مسئولو المنظمة أن هذا ينال من سمعتها ومن صدقيتها عن تقاريرها السابقة وعن نشاطها المستقبلي؟ من المفترض أن ينتبه مسئولو المنظمة لهذه الآراء المنسوبة لمنظمتهم، ما دام أن الكاتبة ذكرت صفتها الرسمية ملحقة باسمها على رأس المقال الذى نشرته فى موقع »ميدل إيست آي«. لأن من مصلحة المنظمة، ومسئوليها الكبار، أن يثبتوا للرأى العام فى الإقليم وفى العالم أنهم متمسكون بهدفهم القديم المعلن بأنهم معنيون برصد ما تقترفه الحكومات من أفعال فى مجال حقوق الإنسان بغض النظر عن توجهاتها السياسية وتكتلاتها الجغرافية السياسية ومذاهبها الدينية..إلخ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;