أعجب ما أسفرت عنه الأزمة الحالية، التى تسبَّبت فيها سياسة أمير قطر ضد عدد من أهم الدول العربية، يتجلَّى فى دهشة وارتباك الأمير ومستشاريه ومعاونيه، بما يعنى أنهم، وللغرابة، كانوا يظنون وكأن هذه الدول جثث لا حراك لها، فاطمأنوا إلى عبقرية وعمق أفكارهم، وتوهموا أن الحال دائم، ويبدو حتى الآن أنهم لم يتوقعوا قط أن تكون هناك ردود أفعال قوية يوماً ما لسياستهم العدوانية التخريبية المخططة غير المبرَّرة ضد هذه الدول، بدليل أنه لا يبدو حتى الآن أنهم وضعوا السيناريوهات المختلفة لردود الأفعال المحتملة! وها هم يتخطبون ويتركون صلب الأزمة، التى تعرِّضهم لموقف خطير غير مسبوق، ويثرثرون، بدلاً من هذا، فى تفريعات لا يُرجَى منها أثر سياسى إيجابى فى تحسين أوضاعهم، مثل المسكنة من آثار المقاطعة، التى يُفضلِّون تسميتها حصاراً، ليكون له أثر فى التعاطف الخارجى معهم باعتباره قهراً للشعب القطرى بتعريضه لقطع روابط الأسرة..إلخ! إضافة إلى نفخهم فى طلب إغلاق قناة الجزيرة والترويج لأنه ينطوى على انتهاك جسيم لحريات الصحافة والرأى والتعبير..إلخ! ولم يحاول نظام تميم، بكلمة واحدة منذ بداية الأزمة، أن يسعى إلى إقناع أحد بنبل الرسالة التى تنطوى عليها سياساته، بل إن خبراءه راحوا يتنصّلون من أى تدخل فى أى بلد! على عكس ما كانوا هم أنفسهم يتفاخرون به حتى ما قبل الأزمة بساعات قليلة! بل إنهم راحوا يوغلون فى المزيد مما أشعل أصل الأزمة، باقتراب أكثر من إيران، وبفتح قطر لقاعدة تركية فى فناء الدول التى تقاوم منذ سنوات مطامع أردوغان. طيب، هذه اجتهادات تميم، وقد صار واضحاً أن العالم أجمع تأكد أن لها معارضة يمكن أن تعلو وأن تشتد، وأن تؤثر سلبيا على استقرار قطر وعلى مصالح القطريين، فهل تدرك العائلة الحاكمة القطرية أن صمتها يعنى الموافقة على هذه السياسة بكل تبعاتها؟ وهل تحسب حساب هذه الصفحة من تاريخ قطر عندما لا يتبقى إلا ماجرى تسجيله عن هبَّة عربية انتفضت ضد قطر، وأنهم صمتوا؟ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;