خلال زيارته.. محافظ الإسماعيلية يستقبل الأمين العام المساعد للبحوث الإسلامية    نقيب الأشراف يلتقي رئيس مجلس القضاء الأعلى لتقديم التهنئة بتوليه منصبه    محافظة الجيزة: كسر مفاجئ بخط طرد محطة الطالبية يتسبب فى انقطاع المياه عن كفر طهرمس    محافظ الجيزة: حريصون على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص ودعم الابتكار في قطاع النقل والخدمات    مرسيدس: "حظر سيارات الوقود سيدخل الصناعة الأوروبية في الحائط"    الوجود العسكري الألماني في أوكرانيا يواجه "تحديًات سياسية هائلًة "    بالأرقام.. الخارجية تكشف جهود مصر في دعم غزة    14 ضحية وقعت في الفخ.. البطاقات الحمراء تشعل الدوري المصري مبكرًا    وسام أبو علي: مقتنع بخطوة اللعب في كولومبوس.. والأمر كان صعبًا بسبب الأهلي    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    رقص بملابس خادشة.. الداخلية تعلن تفاصيل القبض على الراقصة "نورا دانيال"    ارتفاع ضحايا حادث انهيار عقار بالشرقية إلى 4 وفيات و7 مصابين    غدر الذكاء الاصطناعى    جولة لوزير الآثار بالمتحف اليوناني الروماني وقلعة قايتباي    لإحياء مواهب الشباب..انطلاق الأسبوع الثقافي بالإسماعيلية    تعرف على آخر مستجدات الحالة الصحية للفنانة أنغام    وفاة ابن شقيقة المطرب السعودي رابح صقر    صورة- عمرو دياب مع منة القيعي وزوجها على البحر    ما ثواب صلاة الجنازة على أكثر من متوفى مرة واحدة؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    النائبة آمال عبدالحميد بعد جدل تعديل مواعيد العمل: الناس فهمت غلط    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    جامعة قناة السويس تطلق قافلة شاملة لقرية التقدم بالقنطرة شرق    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    النائب محمد أبو النصر: رفض إسرائيل مبادرة وقف إطلاق النار يكشف نواياها الخبيثة    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    خالد الجندى يوضح الفرق بين التبديل والتزوير فى القرآن الكريم.. فيديو    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    صلاح: التتويج بالبطولات الأهم.. وسنقاتل لتكراره هذا الموسم    جوارديولا يوضح موقف مانشستر سيتي من التعاقد مع دوناروما ويكشف عن خططه لحراسة المرمى    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    الرئيس الفرنسي: يجب تثبيت وقف إطلاق نار دائم في غزة    طب قصر العيني يطلق برنامجًا صيفيًا لتدريب 1200 طالب بالسنوات الإكلينيكية    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    النائب علاء عابد: المقترح «المصري–القطري» يتضمن بنود إنسانية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    خلال تفقده لأعمال صيانة وتطوير المدينة الجامعية.. رئيس جامعة القاهرة يؤكد الالتزام بأعلى معايير الجودة    بيع 11 محلًا تجاريًا ومخبز بلدي في مزاد علني بمدينة بدر    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    تعرف على حالة الطقس اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    أحمد ياسر: كهربا يمر بظروف صعبة في ليبيا... ولا يصلح للعب في الأهلي والزمالك    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    إيزاك: النادي يعرف موقفي منذ فترة.. وعندما تكسر الوعود لا يمكن للعلاقة أن تستمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأكيداً لانفراد «الوطن»: «تميم» الأمير القادم لقطر قبل نهاية الصيف
الكتاب الفرنسى: "الأمير الهادئ" يطيح ب "حمد بن جاسم" برغبة الأب
نشر في الوطن يوم 12 - 06 - 2013

كانت واحدة من أكبر المفاجآت التى كشف عنها الكتاب، أن حمد بن خليفة، أمير قطر، قرر أن يترك السلطة نهائياً قبل عام 2016، على الرغم من الاعتراضات العنيفة لزوجته الشيخة موزة على هذا القرار.
يقول الكتاب الفرنسى: «لم يعلن الأمير قراره هذا بعد، لكن الأمر لم يعد سراً بالنسبة لكل المقربين منه. لم يعد الأمير يخفى رغبته، ولا قراره بتمرير السلطة إلى ابنه وولى عهده الأمير تميم، وهو على قيد الحياة».
ونقل الكتاب حواراً دار بين الأمير حمد وأحد أصدقائه فى ربيع 2012، قال فيه حمد لصديقه: «لقد قررت أن أترك الساحة خلال أربع سنوات، لا بد من إفساح المجال أمام الشباب»، فسأله الصديق: «أتظن أن حمد بن جاسم سيوافق على قرارك هذا، أو حتى أنه ينوى ترك السلطة بدوره؟. فرد الأمير: «حمد سيفعل كما آمره». استمر اعتراض الصديق: «لكن حمد يصغركم بتسعة أعوام»، فرد الأمير: «طالما أنا موجود فسيظل حمد موجوداً، أما لو ذهبت، فسيذهب معى».
وواصل الأمير حديثه لصديقه القديم قائلا: «أتعلم، أنا أود الرحيل منذ فترة طويلة، لكن (الشيخة) موزة هى التى تعارض ذلك. إنها تحاول دفعى لأن أفعل مثلها، أن أستمر فى أعمالى فى قيادة قطر. وحتى عندما فكرت فى نقل 80% من سلطاتى إلى تميم، رفضت موزة. إننا جميعاً أسرى لزوجاتنا، لكننى قلت لها أخيراً بوضوح: أربعة أعوام وبعدها «خلاص» (أوردها الكتاب بنطقها العربى). سوف أترك السلطة».
وعلى الرغم من أنه لم يتجاوز الحادية والثلاثين من العمر، فإن الأمير تميم، ولى العهد، والابن الثانى للأمير حمد من الشيخة موزة، قد بدأ بالفعل فى تدعيم سلطته فى البلاد.
يقول الكتاب: «منذ أن صار ولياً للعهد، راح الأمير تميم يضع الرجال الذين يتمتعون بثقته فى المواقع المؤثرة والحيوية فى قطر، وإن ظل يحيا هو نفسه فى ظل أبيه فى كل شىء على الساحة الدولية، إلا فى الرياضة».
«لقد كان بالفعل، هو المحرك الأساسى فى كل الأحداث الرياضية التى قررت قطر تنظيمها، ورث عن أبيه القامة الفارعة، ورئاسة اللجنة الأولمبية. وكان فوز قطر بتنظيم كأس العالم فى 2022 دفعة قوية لتدعيم سلطته داخلياً، ومنح القطريين مشروعاً يلتفون به حوله. كل ما تبقى هو معرفة اللحظة التى سيتسلم فيها فعلياً الحكم من والده، والأخطر: ما إذا كان سيتمتع بالدعم الكامل من باقى مجلس العائلة المالكة القطرية، ومن رئيس الوزراء حمد بن جاسم على وجه التحديد».
ويصف الكتاب الفرنسى ولى العهد القطرى بأنه: «إصلاحى، درس فى الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية مثل أبيه. يجيد الإنجليزية والفرنسية بطلاقة شديدة، خاصة أنه تربى على يد مربية بلجيكية، ودرس فى جامعة «لوفان» البلجيكية. وكان هو صاحب فكرة قيام قطر بشراء نادى الدورى الفرنسى «باريس سان جيرمان»، والذى ترك إدارته لصديقه ناصر الخليفى، مدير عام قنوات الجزيرة الرياضية.
«ومثل أبيه أيضاً، تزوج الأمير تميم من واحدة من بنات عائلة «آل ثانى»، لكى يضمن ولياً مستقبلياً للعهد من زواج بين اثنين من أفراد العائلة المالكة. لكنه تزوج بعدها من واحدة من عامة الشعب، العنود الهاجرى. وهو يعشق كرة القدم، والتنس، والصيد. ويقولون عنه إنه يتمتع بمزايا عديدة، فهو راجح العقل، شديد الاتزان، ولديه حس سياسى جيد يمنحه قدراً معقولاً من السلطة، ومن المعروف اليوم أنه فى حالات غياب الأمير حمد، يتولى الأمير تميم رئاسة مجلس الوزراء، وتوقيع المراسيم».
وتبدو العلاقة بين الأب وابنه من وجهة نظر الكتاب، علاقة وثيقة لا يعكر صفوها شىء، يقول وزير الخارجية الإسبانى السابق ميجيل موراتينوس الذى يعمل الآن مع العائلة المالكة فى قطر: «إن الأمير حمد يحب ابنه حباً جماً، ويحرص تميم من جانبه على أن ينصت باهتمام فى كل الاجتماعات التى يحضرها، ويهتم بتسجيل الملاحظات. إنه شخص شديد الاحترام، والأمير حمد عهد إليه بكل الملفات التى لها علاقة بالأمن، بما فى ذلك ملفات الأمن الغذائى، وقرر تميم أن يعين فهد العطية، وهو أحد أصدقائه الذين درسوا معه فى الأكاديمية البريطانية، رئيساً لبرنامج قطر الوطنى للأمن الغذائى. بمعنى آخر، فإن ولى العهد يثبّت أقدامه فى السلطة بالفعل».
ويضيف أحد الأجانب الذين تعاملوا عن قرب مع الأمير تميم: «إن تميم يمتلك رؤية خاصة به أيضاً، لكن هناك أمر واحد يصعب التكهن بوجوده فيه، هو ما إذا كان يمتلك نفس إرادة والديه فى الإسراع بعملية تطوير بلاده ونقلها بوثبات سريعة للأمام».
لا يبدو أن قطر، لو تولى الأمير تميم السلطة فيها، ستكون تلك الدولة التى تلفت إليها أنظار العالم بشكل مستفز، أو تغير ملامحها بذلك الإيقاع المتسارع الذى تميز به عهد الأمير حمد والشيخة موزة، ينقل الكتاب عن بعض المقربين من الأمير تميم أنه «على العكس، يرى أن قطر فى الأساس دولة إقطاعية، بالتالى لا بد من الأخذ فى الاعتبار أصول المجتمع البدوى وتقاليده. والواقع أن تميم يشعر بالقلق من التطورات المتسارعة والمهولة التى تشهدها قطر داخلياً، لذلك، فسيكون من أنصار أن تستريح قطر لبرهة من الوقت، ثم تتبنى فيما بعد مواقف دبلوماسية تثير ضجة أقل بكثير من التى تحدثها الآن».
ويرصد الكتاب واحداً من أهم ملامح تفكير الأمير تميم، وهى رؤيته لثورات الربيع العربى التى دعمها والده، ودعم صعود الإسلاميين للحكم فيها، فعلى العكس من والده، يضع الأمير تميم عينه على تأثير الأحداث الخارجية على الوضع الداخلى لقطر، وليس تحكم قطر فى مسار الأحداث خارجها. يقول: «يرى الأمير تميم أن أحداً لا ينتبه، وسط صخب أحداث الربيع العربى، إلى أن هناك مطالب بالإصلاح ستتشكل حتماً لدى القطريين، إن لم يكن اليوم، فغداً. هو يرى أن القطريين لن يقبلوا إلى الأبد الاكتفاء بوجود مجلس شورى تعين السلطة أعضاءه، وبعض الانتخابات الشكلية، كدليل على الانفتاح الديمقراطى فى قطر. ويرى حسن على بن على، أحد مستشارى الأمير تميم، أن «ولى العهد يرغب فى وجود برلمان مؤثر وحقيقى، إلا أن السلطة تريد أن تأخذ وقتها فى دراسة الأمر، خاصة أن تميم يضع نصب عينيه عدم رغبته فى خسارة البدو، السكان الأصليين لقطر الذين تجمعه بهم علاقات وثيقة».
إلا أن هناك صراعات أخرى، يضع الأمير تميم عينه عليها غالباً، هى الصراعات بين أجيال عائلة آل ثانى، وبين أبناء أمير قطر أنفسهم. يقول الكتاب: «إن هناك من بين أبناء الأمير حمد أنفسهم، من يعارضون سياسته الخارجية المغامرة فى ليبيا، والآن فى سوريا. ويقول أحد الخبراء الأجانب الذين تعاملوا عن قرب مع عائلة أمير قطر: «لو وصلت موجة الربيع العربى يوما ما إلى قطر، فإنها ستكون فى قلب العائلة المالكة القطرية نفسها، بين الجناح المحافظ، والجناح المنفتح على العالم فيها. هناك مساحة شاسعة تفصل بين الشيخة مياسة مثلاً، ابنة الشيخة موزة والشيخ حمد، التى تسبق زوجها فى الظهور، وبين أى أمير آخر لا يظهر زوجته أبداً إلى النور!. هناك أيضاً صراع أجيال فى قلب العائلة، الأمراء الشباب مثل الشيخة مياسة، تلقوا دراستهم فى الخارج، واكتسبوا أساليب العالم فى التفكير والتحرك. وهم بالطبع أكثر انفتاحاً بكثير من الآخرين. باختصار، فإنه لا يمكن استبعاد حدوث مواجهة فى المستقبل القريب بين جيل الأمير تميم، هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم بين 28 و35 عاماً، ونجحوا فى انتزاع حق تنظيم كأس العالم، وبين من يطلق عليهم جناح المسنين فى العائلة».
ويواصل الكتاب: «كل هذا سيكون على عاتق الأمير تميم بعد أن قرر والده تمرير السلطة إليه خلال بضعة أعوام. ويدرك الأمير تميم، جيداً، تلك التحديات التى تنتظر حكمه، والآثار التى ستترتب على نشاط والده ورئيس وزرائه. وإن كان أحد السفراء الأوروبيين فى قطر يلخص اختلاف شخصية الأمير تميم عن أبيه بقوله: «إن الأمير تميم يتمتع بمميزات عديدة، لكنه على العكس من أبيه، ليس قاتلاً اضطر لشن معركة لانتزاع السلطة، لذلك، فهو لن يبدى على الأرجح، تلك الرغبة الحارقة فى الحكم، أو السيطرة على كل شىء».
لكن، سيظل التحدى الأكبر أمام الأمير تميم، هو رئيس الوزراء حمد بن جاسم.
لقد رصد الكتاب الفرنسى بداية الصراع الذى بدأ مبكراً، ومكتوماً، بين ولى العهد القطرى، ورئيس الوزراء الطموح الذى لا يمكنه التخلى بسهولة عن مكاسبه. هذا الصراع الذى ربما أثارته حظوة تميم لدى أبيه، وتلك السمعة الطيبة التى يتمتع بها لدى الأجانب المتعاملين مع قطر، وطبيعته المتزنة التى لا تثير الاستفزاز أو تجذب إليه انتباهاً غير ضرورى، على العكس من تصرفات رئيس الوزراء الصاخبة، التى جلبت على قطر من الانتقادات أكثر مما جلبت من المنافع.
أو ربما كان سببه الخفى، هو ذلك الصراع الذى يدور بين حمد بن جاسم والشيخة موزة، وامتد بالتالى إلى ابنها تميم، ليرثه من ضمن ما سيرث من تركة والديه.
يصف الكتاب الفرنسى الصراع بين حمد بن جاسم رئيس الوزراء، وولى العهد الأمير تميم بن حمد، بأنه الصراع الأكثر تعقيداً فى قلب العائلة المالكة القطرية. صراع الحاضر والمستقبل، بين حمد بن جاسم، رفيق كفاح الأمير وذراعه اليمنى، وولى العهد، الذى يحمل اسم وصلب أبيه، وحبه لأمه الشيخة موزة فى نفس الوقت، يقول: «الصراع بين حمد بن جاسم والأمير تميم، هو الصراع الأكثر تعقيداً بالطبع، لأنه صراع سلطة، خاصة أن الأمير تميم أعطى لرجاله الضوء الأخضر لتجاوز رئيس الوزراء، والتفاهم مباشرة مع الوزراء لو أرادوا. ولم يقدر حمد بن جاسم على منع هذا. وإن بدا الأمر وكأن الأمير تميم يكرر مع حمد بن جاسم، نفس ما فعله أبوه الأمير حمد فى عهد جده الأمير خليفة، عندما سعى لتقليل نفوذ كل خصومه بمن فيهم أبوه، قبل أن ينجح فى الإطاحة به».
ويرصد الكتاب بداية استعداد الأمير تميم لدعم وتكوين سلطته فى قلب سلطة حمد بن جاسم، داخل مجلس الوزراء نفسه، يقول: «عام 2011، تم تعيين نائبين جديدين لرئيس الوزراء، كلاهما من المقربين للأمير تميم بشكل بدا معه ولى العهد وكأنه يدعم سلطته فى مجلس الوزراء. أو كأنه يسعى لتشكيل «حكومة ظل»، أو مجلس وزراء تابع له فى مواجهة خصمه حمد بن جاسم رئيس الوزراء، كما فعل أبوه الأمير حمد عندما كان فى مثل عمره تقريباً».
وإن كان حمد بن جاسم يظهر قوته فى الملفات الدبلوماسية والعلاقات بين الدول، فإن الأمير تميم يملك ما هو أخطر، صفقات السلاح وعلاقات قطر العسكرية مع باقى الدول، يواصل الكتاب: «إنه تحت رعاية الأمير حمد، شهد الناس صعود نجم ولى العهد، الذى نجح فى أن يصنع لنفسه تدريجياً مناطق نفوذ لا ينازعه فيها أحد، خاصة فى مجالات الدفاع وصفقات التسليح. وقال أحد المسئولين العسكريين الفرنسيين: إن تميم هو صاحب اليد العليا فى هذا الأمر، مستعيناً فى ذلك بمنصبه كنائب رئيس الأركان فى الجيش القطرى، وهو المنصب الذى يمنحه أفضلية وشرعية للتفاوض مع العالم فى صفقات التسليح، على حساب رئيس الوزراء القطرى الذى لم يعد يملك الحق فى الحديث باسم قطر فى هذه الأمور».
ويقول الكتاب الفرنسى: «إن أمير قطر صار يعتمد على ابنه أكثر فأكثر لإدارة الملفات الدبلوماسية المهمة التى كانت فى الأساس مهمة رئيس الوزراء، وخلال الحرب ضد نظام القذافى فى ليبيا، كان الأمير تميم هو المسئول عن الاتصالات بالقبائل الليبية، التى لعبت دوراً شديد الأهمية والحسم فى الإطاحة بالقذافى».
وكان نجاح تميم فى إدارة الملف الليبى سبباً فى أن يعتمد عليه والده من جديد كلاعب رئيسى فى تعامل قطر مع ملف آخر، أكثر تعقيداً، هو ملف الأزمة السورية. وهو الملف الذى أشعل الصراع بين حمد بن جاسم، وعزمى بشارة، رجل تميم فى الملف السورى، على حد وصف الكتاب.
تقول إحدى البرقيات الدبلوماسية السرية التى أرسلتها السفارة الفرنسية فى الدوحة وفقاً للكتاب، إنه: «فى أزمة سوريا، سعت قطر لحشد التأييد الدولى لدعم المعارضة السورية بكل الوسائل والسبل: وكان هناك رجل واحد لعب دوراً محورياً فى هذا التحرك، هذا الرجل هو عزمى بشارة، نائب الكنيست الإسرائيلى السابق من عرب إسرائيل، والرجل الذى تم نفيه من إسرائيل بسبب صلاته بحزب الله، واستضافته الدوحة بعدها لكى يدير أحد مراكز الأبحاث فيها. إن عزمى بشارة، المقرب من الأمير تميم، منخرط مع المعارضة السورية منذ بداية الأزمة، لكنه اضطر لاحقاً أن يتراجع أمام رئيس الوزراء حمد بن جاسم، الذى انتزع ملف الأزمة السورية وأحكم قبضته عليه».
ووفقاً للكتاب، فإن الصراع الذى يجرى على أرض سوريا ستنعكس آثاره حتماً على الصراع الدائر فى قلب العائلة المالكة القطرية بين حمد بن جاسم، والأمير تميم بن حمد، خاصة فى حالة فشل بن جاسم فى وضع حد للأزمة، يقول المؤلفان: «إن الوضع فى سوريا شديد التعقيد بالنسبة لقطر، خاصة فى ظل وجود دول أخرى لها مصلحة فى الانتقام. فالعراقيون مثلاً يقولون إنهم يملكون دلائل على أن القطريين يقومون بتمويل الإرهابيين فى جماعة جبهة النصرة، وهى الامتداد السورى لتنظيم القاعدة فى العراق، ووضعتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية فى ديسمبر 2012. مثل هذا الكلام هو أساس الانتقادات المبطنة التى يوجهها الأمير تميم، الأكثر حذراً، لطريقة التعامل مع الملف السورى، إلا أنه فى نهاية الأمر، لا يملك ذلك الملف تحت يده».
ويقول أحد الدبلوماسيين الأوروبيين العاملين فى الدوحة: «إن التوازنات الداخلية فى قطر ستهتز لو ازداد تعقد الأزمة السورية، وتعذر الوصول لحل الصراع فيها. وستزداد حتماً حدة المعركة المكتومة الدائرة بين حمد بن جاسم، الذى يتحرك فى الملف السورى، وبين ولى العهد، الذى يملك وجهة نظر مختلفة فى إدارة هذا الملف».
انتصار الأمير تميم على حمد بن جاسم لا يعنى أن الصراعات ستنتهى من حوله، هناك مثلاً تلك العلاقة المتوترة التى تكونت بين والدته الشيخة موزة، وزوجته الثانية «العنود الهاجرى»، يقول الكتاب: «إن علاقة الشيخة موزة بابنها تميم علاقة طيبة، لكنها لا تطيق العنود الهاجرى، زوجة تميم شديدة الجاذبية، التى أنجبت لولى العهد صبياً فى أكتوبر الماضى. والغريب أن العنود أنجبت ابنها فى غياب الشيخة موزة التى اختارت أن تكون إلى جوار ابنتها الكبرى مياسة، التى كانت تلد أيضاً فى نيويورك. إن العنود، برشاقتها وقامتها الطويلة، تحمل بالفعل شبهاً ما من الشيخة موزة، إلا أن تلك الأخيرة لا تحب أبداً أن يذكرها الناس بهذا، ولا أن يقارنها أحد بزوجة ابنها».
وبعيداً عن الصراعات العائلية، تتهم الشعوب العربية أمير قطر بإشعال صراعاتها من خلال الدور المشبوه لقناة «الجزيرة» الإخبارية. لقد كان لقناة «الجزيرة» الإخبارية هدف محدد: الوصول بأنظمة الحكم التى تريدها قطر إلى السلطة. لكن هذا الهدف كان ثمنه فادحاً: فقدت «الجزيرة» مصداقيتها، وأدركت الشعوب التى تلاعبت بها «الجزيرة» أنها كانت أداة لمصالح قطر، فانصرفت عنها، وانخفضت نسبة مشاهدتها إلى درجة مفزعة.
لذلك، وبعقلية رجل الأعمال المحنك، تعاملت العائلة المالكة القطرية مع الجزيرة الإخبارية على أنها «أخذت الشر وراحت!». فليأت الخير إذن على يد وريثتها: «الجزيرة الرياضية». تلك القنوات التى يلتف حولها الناس، ويحبونها، ويتوحدون على متابعة «كل» مباريات كرة القدم العربية والعالمية عليها، كأن عشقهم للساحرة المستديرة، ينسيهم كراهيتهم للشعار الذى يعلو شاشاتها، شعار قناة «الجزيرة» الشريرة!.
«الجزيرة الشريرة»، السياسية، الكئيبة التى رأى الناس عليها مشاهد الدمار، والخراب، انتهت!.. تستعد للرحيل كما يستعد الأمير حمد بن خليفة أمير قطر، لترك الساحة لابنه الأمير تميم كى يدير الأمور من بعده، واختار ولى العهد «الساحرة المستديرة» لكى يدخل بها إلى قلوب الشعوب التى كرهت أباه. فلو كانت السياسة هى ساحة الحرب التى خاضها حمد بالجزيرة الإخبارية، ليفرض وجود قطر بدماء الناس، فإن الرياضة، هى الملعب الذى اختاره الأمير تميم ليصنع نفوذه بالجزيرة الرياضية على وقع تصفيق الشعوب.
كرهنا الجزيرة الإخبارية، لكننا نحب الجزيرة الرياضية. ربما غضب البعض من الأمير حمد، لكنهم حتماً سيحبون الأمير تميم، ولى العهد اللامع الذى أراد أن يجمع بالرياضة ما فرقته السياسة، وأن يقول للناس إنه رجل لا يؤمن بالصراعات كلغة للحوار، وإنما يؤمن «بالروح الجماعية» التى تغرسها الرياضة فى النفوس.
لكن بشرط: أن يحتكر الرياضة وحده! أن يكون بث كل مباريات الدورى والبطولات حصرياً من حقه، أن يكون بيزنس الرياضة كله، من اختيار اللاعبين، وشراء الأندية وبيع اللاعبين العالميين بمليارات الدولارات، كلها من حقه!. تلك هى سياسة الجزيرة الرياضية القادمة: أن تحتكر كل شىء فى العالم حتى لا تحدث أى صراعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.