مثلما لا يمكن للمواجهة الأمنية وحدها أن تقضى على جذور ظاهرة الإرهاب، حيث تظلّ الظروف الموضوعية تُفرِّخ الإرهابيين جيلاً بعد جيل. كذلك، فإن أشدّ جدية فى محاربة هذه الجذور، فى مناهج التعليم وإصلاح الخطاب الدينى ومحاربة بثّ الكراهية ومواجهة الحضّ على رفع السلاح..إلخ، لا يمكن أن تؤتى ثمارها إلا بعد أجيال، مع إدراك أن أقصى نتائج لن تكون كافية لوأد الإرهاب، ما دام أنه يجد مثل هذا العون الهائل من قوى داخلية وخارجية تستفيد من انتعاشه وتخطط لاستمراره، وتوفر له الدعم المالى وتمدّه بالسلاح وتدافع عنه بتجميله وبالتمويه عليه، مثلما يحدث الآن! الأدلة المُفحِمة على هذا الدعم المتنوع الهائل تتوافر بكثرة هذه الأيام، ما دام أنه لا يزال لدى زعماء الإرهاب هذه الأموال الطائلة التى تسمح لهم بتجنيد إرهابييهم الصغار وتسليحهم بالمعدات المتطورة التى تعجز كثير من الدول عن اقتنائها، ثم تدريبهم على أعلى مستوي..إلخ! وكل هذا لا تقدر على الالتزام بأعبائه إلا دول شديدة الثراء، وأن تكون بالقوة التى تسمح لها بفرض هذه السياسة، أو أن تحظى برعاية دول عظمى هى وحدها القادرة على حمايتها فى ظل هذا النظام الذى لا يزال يخضع عالمنا لقوانينه! بما يعني، عملياً، أن سياسة دعم الإرهاب لا تزال قائمة، وأن ما يحدث فى مصر هذه الأيام هو بعض الأدلة على ذلك! بما يجب أن نستخلص منه أن كل العروض المذاعة عن محاربة الإرهاب وتوقيع الاتفاقيات التى توحى للعالم أن هناك اتفاقاً من أطراف قوية فى العالم على استئصال الإرهاب من جذوره، هى كلها مجرد استعراضات تليفزيونية هزلية لا ينوى لها أطرافها الكبار أن تتحول إلى إجراءات حقيقية. هذا هو الواقع الذى علينا أن نعمل فى إطاره، وأن ندرك أن التصدى المطلوب والواجب بكل قوة متاحة للإرهاب، لا يُغنِى عن مواجهة من يدعمونه داخلياً وإقليمياً، بمثل الموقف الجاد ضد نظام قطر، مع إظهار الخسائر التى تعود على الكبار الذين يزجّون بأنفسهم فى الكارثة! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب;