ما دام أن هنالك من يطالبون هذه الأيام بإلغاء كامب ديفيد فورا، ويطرحونها على أنها أولوية أولى كحل وحيد حاسم لكل مشكلاتنا، وأنها تسبق السعى لعلاج مشكلات الحريات والطعام والمياه والتنمية ومواجهة الإرهاب..إلخ، ويوحون بأنهم بهذا الإصرار والعجلة أكثر وطنية وإدراكاً لمصالح مصر وفلسطين والأمة العربية جمعاء، ولا يأبهون لمحاذير ومخاطر تجعل الجماهير العريضة والقطاعات الكبيرة المؤمنة بالفكرة تتريث وتحسب حسابات معقدة لأمر معقد، فلماذا يعتبرون أن واجب الإلغاء على عاتق السيسى وحده ويعفون أنفسهم من المسئولية؟ ولماذا يكتفون بالصراخ قولاً وكتابةً ولا يتخذون الخطوات العملية الضرورية لتوفير الأداة، التى توفر لهم إمكانية تحقيق ما ينادون به، والتى يتيحها لهم الدستور والقانون؟ ولماذا لا يفعلون ما يفعله غيرهم فى العالم الديمقراطى أو الساعى لتحقيق الديمقراطية، بأن يفرضوا شروط الانتخابات النزيهة، ويسعوا لكسب البرلمان، ولاختيار من يحسن التعبير عن أفكارهم وأن يدفعوا به فى المنافسة على الكرسى الرئاسى وأن يطوفوا به البلاد ليحثوا الناخبين على التصويت له، وأن يقنعوهم بوجاهة الاستعجال بإلغاء الكامب وبالقدرة على فرض القرار على الجميع، وخاصة إسرائيل وحلفها، وأن يطمئنوهم إلى عدم تكرار مثل ما حدث عندما أغلق عبد الناصر مضيق تيران؟ أم أنهم يظنون أن شجبهم لغياب الديمقراطية كافٍ لإقناع الجماهير بصحة رأيهم وبإحجامهم عن الفعل؟ للأسف، فإنه لا يزال ضمن مشكلاتنا الكبرى أن هناك من يتوهم أنه كلما رفض أكثر كان أكثر صواباً وعلا قدره أكثر، وأنه كلما تشدَّد فى الرفض أكثر نال احتراماً أكبر، وأنه يكتفى بانتظار ما سوف يفعله الآخرون ليعلن مواقفه الرافضة والمتشددة! وأن يقترن كل هذا بضعف الذاكرة التى كان يجب أن تحفظ دائماً عواقب التهور فى قرارات توفر الأجواء التى ينتظرها الأعداء المستيقظون الجاهزون بجيوش وعدة وعتاد وخطط وتدريب، المتحالفون فى جبهة عريضة تشكل ظهيرا وتوفر مدداً وتضمن الغوث، وأنهم بخبطة واحدة يدمرون كل شىء لأجيال قادمة ترث خراباً لم يشاركوا فى أسبابه ويصير عليهم عبء إصلاحه! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب