ذهب بعض الآئمة والشيوخ إلى القول بأن عورة الإماء في الإسلام كانت من السرة إلى الركبة مثل الرجال وإنه كان يحق للإماء أن تصلي كذلك !! ... وردا على أقوال هؤلاء الآئمة والشيوخ ؛ نقول بداية أنه لا يخفى على احد أنّ المسلمين لا يعتقدون العصمة في قول أحدٍ من البشر إلا للرسول صلى الله عليه وسلم وذلك من خلال الأحاديث الصحيحة التي صحت عنه والتي لا تتعارض مع آيات الله ، ولذلك فما يورده أيّ معترض من فعلِ أو قولِ فلانٍ ، يمكن ردّه بسهولة أنّه ليس بحجةٍ . ومما لا شك به أنه لا توجد آيه من الله او حديث صحيح من الرسول صلى الله عليه وسلم يفرق بين عورة المرأة الحرة والأمة في الإسلام ... ويقول الله تعالى : "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ" ... يتضح من الآيه السابقة أن الله يوجه كلامه للمؤمنات سواء كن من الأحرار أو الإماء وجاء في تفسير القرطبي أنه قال أن سبب نزول الآيه التي تفرض على المؤمنات لبس الخمار أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رءوسهن بالأخمرة وهي المقانع سدلنها من وراء الظهر مما يظهر الفتحة التي توجد أعلى صدورهن ، ومعنى الخمار بالمعجم العربي العمامة عند الرجل وفي حديث صحيح عن ابن أثير : أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخف والخمار ، والخمار أراد به العمامة ؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه ، كما أن المرأة تغطيه بخمارها . أما تبرير البعض من هؤلاء الآئمة والشيوخ بإن عورة الأمة من السرة للركبة في الصلاة فقط عندما لا ينظر إليها أحد ولكن عليها الاحتشام وستر جسدها وشعرها الطويل اذا كانت جميلة في الأسواق ؛ فنقول له انك تخالف آيات الله بقولك ذلك لأن عورة الناظر هى على الناظر بغض بصره كما يأمره الله وليست على المنظور بإن يستر شيئا من بدنه ليس بعورة اذا كان له ان يصلي وهو كاشفها كما تدعي انت !! ... وهذا يتضح في قول الله تعالى : "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" ...ويقول ابن جرير الطبري ، في تفسير قول الله تعالى "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ" : أن أولى الأقوال بالصواب في تفسير قوله تعالى "إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا": قول من قال : الوجه والكفان ويدخل في ذلك الكحل ، والخاتم، والسوار، والخضاب وذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل لإجماع الجميع على أن على كل مصل أن يستر عورته في صلاته ، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها وأضاف الطبري ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبدي الوجه والكفين ومن ذراعها إلى قدر النصف فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعا ، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة كما ذلك للرجال ؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره. وإذا كان لها إظهار ذلك ، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله: { إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ }» ...كما اتفق الآئمة الأربعة أنفسهم على إباحة النظر بغير شهوة إلى وجه المرأة وكفيها لأنهما ليسوا عورة لأن المرأة لا تقم بتغطيتهما في الصلاة التي يفرض على المسلمين والمسلمات تغطية عوراتهم بها وأضاف الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه أباح كذلك النظر إلى قدمها لأنه يشق عليهن سترهما في الصلاة ؛ وأبا حنيفة ذهب إلى جواز كشف المرأة لقدميها في الصلاة بناء على حديث أم سلمة رضي الله عنها ، بالنظر إلى أن الدرع أي الثوب الذي يغطي ظاهر القدمين سينحسر عنهما في الركوع والسجود. وقال الزيلعي وابن حجر العسقلاني ان ما نقل عن قول عمر رضي الله عنه أنه قال ألقي عنك الخمار يا دفار أتشبهين بالحرائر انه قول ضعيف وغريب ولا يصح نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب. وروى النضر بن شميل عن سوار أبي حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة." فيدُل على أن المراد بالحديث نهي الأمة عن النظرِ إلى عورةِ سيِّدِها إذا زوجها وأن عورة سيِّدها الرجُل هو ما بين السرة إلى الركبة. أما قول الله تعالى "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا " ... سبب نزول هذه الآيه كان اضطرار النساء إلى الخروج في وقت متأخر من الليل لقضاء حاجتهن في الخلاء واختلفت آراء الفقهاء في تفسير معنى إدناء الجلباب والأرجح والأقرب إلى العقل والمنطق ما ذهب إليه أغلبهم من ضرورة إدناء الجلباب من الأرض وقت قضائهن لحاجتهن كي لا تتكشف عورات النساء ويتعرضن لإيذاء الرجال و معنى قوله تعالى " ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ " تعني أن ذلك أقرب إلى أن يعرفن بالصلاح ومعنى كلمة الجلباب في شرح ابن كثير وغيره من الشروح المعتبرة إنه بمنزلة وبمثابة الإزار اليوم وإن الإزار هو قطعة من القماش تلف على النصف الأسفل من الجسد ... وقوله تعالى في هذه الآيه "وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ " يشمل الحرائر والإِماء ، علما بإنه هناك إماء مؤمنات بالله الأحد ، وقوله تعالى : { ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ } ...لا يمكن ان يفهم منه قبول الإسلام بتعرض الفساق للإماء وهتك أعراضهن ابدا . اما قوله تعالى : ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ" ... فالآيه موجهة لزوجات الرسول وليست موجهة لا للأحرار ولا للإماء من المسلمات وسؤالهن من وراء حجاب يعني عدم رؤية زوجات الرسول لمن يخاطبها من الرجال وعدم رؤيتهم لها. ونختم حديثنا بقول الله تعالى : "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى" ويقول رسولُ اللهِ "صلى اللهُ عليهِ و سلم " : ( لا فرق بين عربي و لا أعجمي و لا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) [email protected] لمزيد من مقالات نهى الشرنوبي;