تعد السياحة التراثية الشيوعية أوكما يطلق عليها «السياحة الحمراء» مصدرا مربحا لجنى ملايين الدولارات فى بعض الدول التى بها أماكن وتراث ذو رمزية تاريخية خلال حقبة المد الشيوعى خاصة فى دول أوروبا الشرقية والوسطى وما كان يعرف بالاتحاد السوفيتى، وكذلك بعض مدن ألمانياوالصين. ومع حلول أى ذكرى ترتبط بشخوص بارزة أو أحداث تاريخية مهمة خلال تلك الحقبة تتحول هذه المواقع التراثية إلى مناطق سياحية رئيسية تجتذب ملايين السياح من حول العالم، لذا لم يكن من الغريب أن تستغل بعض الدول «السياحة الحمراء» من أجل جنى الأرباح لتصبح موردا رئيسيا من موارد اقتصاد تلك الدول وتتعاون فيما بينها من أجل التبادل السياحى والثقافى لإبراز هذا التراث. فمثلا أعلنت مدينة ترير، التى تعد من أقدم المدن الألمانية عن اعتزامها تنظيم سلسلة من الفعاليات والمعارض العام المقبل، احتفالاً بمرور مائتى عام على ميلاد الفيلسوف السياسى كارل ماركس، الذى ولد بأحد منازل المدينة وتحول المنزل إلى متحف يحمل اسم ماركس يجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، لاسيما من الدول الشيوعية مثل الصين. وفى إطار التعاون المتبادل بين الصينوالمدينة، استقبلت ترير أخيرا تمثالا من البرونز هدية من الحكومة الصينية. ومن المقرر نصب التمثال فى ميدان زيمونشتيفت بلاتس أمام المتحف الرئيسى فى مدينة ترير. وسيتم إزاحة الستار عن التمثال فى الخامس من مايو المقبل، وهى الذكرى المائتين على ميلاد الفيلسوف والمنظرالسياسى البارز. تستضيف ترير نحو 150 ألف سائح صينى سنوياً- أى أكثر من سكانها البالغ تعدادهم 115 ألف نسمة - والكثير منهم يأتى بهدف زيارة الأب المؤسس للشيوعية. وتشهد مواقع «السياحة الحمراء» فى الصين إقبالا كبيرا من مختلف الزوار المحليين والسائحين لرؤية المعالم والمناطق ذات الطبيعة الثورية، كمدينة يانآن التى كانت ذات يوم مقرا للجيش الأحمر وقيادة الحزب الشيوعى الصيني، ومدينة شاوشان فى مقاطعة هونان وهى مسقط رأس ماو تسى تونغ، وجينغ قانغ شان فى مقاطعة جيانغشى حيث تشكل الجيش الأحمر، وغيرهم . وكانت بيانات رسمية قد أظهرت سابقا أن مواقع السياحة الحمراء بالصين استقبلت ما يزيد على 4 مليارات سائح خلال العقد الماضي، ويتزايد العدد بمتوسط 16 % سنويا. وانطلقت فعاليات السياحة الحمراء فى الصين عام 2004 عندما تأسست هيئة وطنية خاصة بها وضعت خطة لتنمية موارد هذا النوع من السياحة التاريخية والثقافية عبر تنظيم فعاليات تستهدف التعلم، ومشاهدة المعالم السياحية، ووزرع الحنين إلى المواقع التراثية الشيوعية التى شهدت الأحداث الثورية الشيوعية الماضية، ورفع الوعى بسيرة وإنجازات الأبطال، والقادة الشيوعيين الذين برزوا خلال تلك الأحداث بهدف تعزيز تاريخ الحزب الشيوعى منذ عام 1921 وما بعد إعلان تأسيس جمهورية الصين الشعبية. وفى يونيو 2015، اتفقت روسياوالصين على فتح عشرة خطوط جديدة بينهما ل»السياحة الحمراء».بعد أن كانت قد نظرت فى إمكانية تطبيقها فى أوليانوفسك، قبل حوالى أربع سنوات، ثم انضمت لها فيما بعد العديد من المدن الروسية مثل : موسكو، وسانت بطرسبورغ، وقازان، وسمارة، ويكاتيرينبورغ، وبيرم، وذلك فى إطار التبادل السياحى والثقافى بينهما.