مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، محمد زهران مرشح الغلابة يقترب من خسارة الانتخابات    اللجنة العامة رقم 2 بمركز كفر الزيات تكشف الحصر العددي لنتائج فرز اللجان الفرعية    إعلان الحصر العددي بدائرة المنصورة.. رضا عبد السلام ونبيل أبو وردة الأعلى أصواتًا    بالأرقام، الحصر العددي لجولة الإعادة بالدائرة الأولى بالمنصورة    وكيل فرجاني ساسي يصدم الزمالك: سداد المستحقات أو استمرار إيقاف القيد    كأس عاصمة مصر - إبراهيم محمد حكم مباراة الزمالك ضد حرس الحدود    أمم إفريقيا - منتخب مصر يخوض مرانه الأول في المغرب    قرار جديد بشأن دعوى نفقة مصاريف الدراسة لبنات إبراهيم سعيد    (اشتباكات الإسماعيلية) إهانات بين الكعب الأعلى: جيش أم شرطة؟.. وناشطون: طرفان في المحسوبية سواء    تركي آل الشيخ ينفي مشاركة موسم الرياض في إنتاج فيلم «الست»    فلسطين.. قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف جباليا شمال قطاع غزة    الفريق أول عبد الفتاح البرهان: شكراً مصر.. شكراً فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى    تعرف على الجوائز المالية لبطولة كأس العرب بعد تتويج المغرب    الحريديم يصعدون احتجاجاتهم ضد محاولات تجنيدهم في إسرائيل    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا مصغرا لبحث تطورات المرحلة الثانية بغزة    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    اللجنة العامة بالخانكة والخصوص والعبور تعلن الحصر العددي لجولة الإعادة بانتخابات مجلس النواب بالقليوبية    رئيس الوزراء يرد على أسئلة الشارع حول الدين العام (إنفوجراف)    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    الزمالك يهنئ بنتايج والشعب المغربى بالتتويج ببطولة كأس العرب    غدا.. انطلاق ماراثون انتخابات نادي الرواد الرياضي بالعاشر    تحرش وتدافع وسقوط سيدات| محمد موسى يفتح النار على صاحب محلات بِخّة بالمنوفية    محافظ القليوبية يستجيب ل محمد موسى ويأمر بترميم طريق بهادة – القناطر الخيرية    اللجنة العامة ببنها وكفر شكر تعلن الحصر العددى لجولة الإعادة بانتخابات النواب    محمد موسى عن واقعة نبش قبر فتاة: جريمة تهز الضمير قبل القانون    «لم يصلوا أبداً».. حكاية 7 أشخاص احترقت بهم السيارة قبل أن تكتمل الرحلة بالفيوم    رحلة التزوير تنتهي خلف القضبان.. المشدد 10 سنوات ل معلم صناعي بشبرا الخيمة    أكسيوس: تيك توك توقع اتفاقية لبيع عملياتها فى أمريكا إلى تحالف استثمارى أمريكى    الأمن يوضح حقيقة فيديوهين لتبادل اتهامات بين مرشحي دائرة أول المحلة    جوتيريش يدعو إلى توظيف الهجرة لدعم التنمية المستدامة وتعزيز التضامن الإنساني    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    أزهر اللغة العربية    وائل كفورى ينجو من الموت بعد عطل مفاجئ بالطائرة.. فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    أمريكا تفرض عقوبات على 29 سفينة تابعة ل"أسطول الظل" الإيراني    رئيس غرفة البترول: مصر تستهدف تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين    ترامب يوقع أمرا باعتبار الماريجوانا مخدرا أقل خطورة    هشام إدريس: تنوع المنتج كلمة السر في قوة السياحة المصرية    جمال رائف: صفقة الغاز مع إسرائيل رابحة لمصر ولا تمثل أي ورقة ضغط سياسية    الحصر العددى فى دائرة حدائق القبة يكشف تقدم المرشح سعيد الوسيمى ب7192 صوتًا    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل عليَّ إثم لو لم أتزوج؟.. أمين الفتوى يجيب أحد ذوي الهمم    وفاة الفنان التشكيلي محمد عمر سليمان    سنن يوم الجمعة: آداب وأعمال مستحبة في خير أيام الأسبوع    اللجنة العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتفقد مطار الأقصر (صور)    7 أصناف من الأطعمة مفيدة لمرضى الأنيميا والدوخة المستمرة    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تنظم زيارة للمعرض الدولي السابع للأقمشة    تكريم مسؤول ملف السيارات ب«البوابة» في قمة EVs Electrify Egypt تقديرًا لدوره الإعلامي    طرح البوستر الرسمي لفيلم «كولونيا» بطولة أحمد مالك    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    قبل صافرة البداية بساعات.. بث مباشر مباراة السعودية والإمارات في كأس العرب 2025 وكل ما تريد معرفته عن القنوات والتوقيت وطرق المشاهدة    الأردن يواجه المغرب في نهائي كأس العرب 2025.. كل ما تحتاج لمعرفته عن البث المباشر والقنوات وطرق المشاهدة أونلاين    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان والاحتجاجات‏..‏ بين ضرورة التغيير وقسوة القمع
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 07 - 2012

بنفس أساليبه العتيقة‏,‏ يعود النظام السوداني المرة تلو الأخري لمواجهة مشكلاته‏,‏ وكعادته قام بالتهوين من حجم وقدرة الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات التي تدخل أسبوعها الرابع في السودان‏.‏ وعاد الرئيس السوداني عمر البشير ليصف المتظاهرين ب'الشماسة' أي أولاد الشوارع, ويبشر في خطاب ألقاه أخيرا بأن الدستور القادم سيكون' إسلاميا',ونموذجا لدول الجوار التي تصعد فيها قوي إسلامية, رغم أن مشاكل عموم الشعب السوداني الآن لم تزل تنحصر في لقمة العيش وحبة الدواء وكوب الحليب وثمن المواصلات وغير ذلك من ضرورات الحياة, وتزداد حدة الجوع والعطش والمرض والمعاناة في مناطق النزوح والتشرد والحروب المفتوحة في أنحاء السودان, حتي أن منظمة أطباء بلا حدود حذرت من أن تسعة أطفال يموتون يوميا في مخيمات النازحين من الشمال إلي جنوب السودان.
ورغم الإستهانة الحكومية بموجة الإحتجاجات فإنها قد أحدثت كثيرا من التغييرات في الموقف السوداني بكل أبعاده, حيث أصبح التغيير الآن هدفا وشعارا ليس فقط للشباب والجماهير المشاركة في الاحتجاجات شبه اليومية,أو لأحزاب المعارضة التي اتفقت أخيرا علي إسقاط النظام وإيجاد البديل الديمقراطي له, أو من قبل الحركات المسلحة التي تسعي لإسقاط النظام بالقوة, بل أصبحت قطاعات كبيرة من الشعب تتحدث عن ضرورة التغيير, ومالبثت أن تحولت المظاهرات ضد الغلاء وارتفاع الأسعار إلي التنديد بمجمل سياسات النظام والدعوة إلي إسقاطه, وعلي غرار الثورات العربية بدأ السودانيون تسمية أيام الجمعة, من الكتاحة أي العاصفة الترابية, إلي لحس الكوع وهي العبارة التي كان يقولها المسئولون السودانيون لتحدي المعارضة والشعب السوداني أن تكون لديهم القدرة علي الخروج ضدهم, إلي' شذاذ الآفاق' أي الخارجين علي القانون أوالعصابات, وهو الإسم الذي وصف به الرئيس السوداني المحتجين. والنظام السوداني لايعترف بمسئوليته الحقيقية عن الأوضاع التي آل إليها السودان بعد23 عاما من حكمه, عن ذلك, بل يواصل ذات أساليبه القديمة, في التهوين من حجم المشكلات, والتقليل من شأن المعارضين, فالمظاهرات لاوجود لها في نظر بعض القيادات, أوهي مجرد عمليات تخريب, ومن يقومون بها أشخاص تم تحريضهم, أوهي مؤامرات تقف وراءها جهات صهيونية وغربية ودولة جنوب السودان. وقد لجأ النظام إلي تشويه صورة المتظاهرين السلميين, ونسب إليهم تهمة القيام بعمليات تخريب, ولم يكن حديث القيادات السودانية عن هذه الأوصاف المهينة والإتهامات بالعمالة والخيانة والمؤمرات الخارجية جديد تماما, فسبق أن رددها مرارا وتكرارا بحق كل معارضيه سابقا في الشمال والجنوب, مضيعا بذلك إيجاد فرص حقيقية لحل المشكلات. واليوم تجذب هذه المظاهرات والإحتجاجات أنظار العالم, وتجلب للنظام مزيدا من السخط والإدانات الدولية, رغم كل الصعوبات التي يواجهها المحتجون, والقبضة الحديدية للأجهزة الأمنية السودانية التي تكاد تعصف بهم. والمنافسة حامية الآن بين فريقين في السودان, كل منهما يريد أن تكون له الغلبة, فريق يريد إستمرار شعلة الإحتجاج ليحرق بها النظام كله ويطيح به, بعد أن مزق وحدة البلد, ويهددها بمزيد من التمزق في حال استمرار سياساته الحالية, وفريق آخر يضم الحكومة وأنصارها الذين ترددت أنباء أنهم سيخرجون أيضا في مظاهرات للدفاع عن الوطن والعقيدة,في رد علي تظاهرات المعارضة. ومن المؤكد أن الرد علي المظاهرات بمظاهرات أخري, وعلي الحشود بحشود مماثلة, وعلي التهم بتهم غيرها لن يحل المشكلات الآن في السودان, وهناك الآن حاجة ملحة إلي تجنيب السودان دفع مزيد من الأثمان التي دفعها علي مدي العقود الماضية بشكل باهظ من وحدته شعبا وأرضا ومن سمعته وكرامة أبنائه الذي توزعوا في أنحائه, وعلي أرجاء الدنيا نازحين ولاجئين. واليوم هناك حاجة ماسة لحقن الدماء في حروبه المفتوحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق, وإلي جمع مواطنيه علي صعيد واحد, ولن يتحقق ذلك إلا بحلول جادة, يقدم فيها النظام الحاكم تنازلات حقيقية من أجل حلول عادلة ودائمة تحقن الدماء في الداخل ومع دولة الجنوب, والطريق الصحيح هو دائما أقصر الطرق للحل, خلافا للطرق التي انتهجها النظام في السابق, ولم تؤد سوي لإهدار فرص السودان في الإستقرار والتنمية والتقدم, وإلي بث الفرقة والشقاق والحروب بين أبنائه, وبالتالي فإن البحث عن حل سياسي اليوم هو الحل الأمثل والأقل تكلفة, لكن هذا الخيار, ترفضه الحكومة التي تأمل في قمع المظاهرات التي تراها محدودة, وتراهن علي أنها يمكنها حل مشكلتها الإقتصادية رغم سوداوية المعطيات الحالية, وبدورها المعارضة بشقيها السياسي والمسلح تريد إستغلال الإحتجاجات الحالية وتصعيدها, وعدم التوقف حتي إسقاط النظام, غير مبالية بالصعوبات والتحديات الكبيرة من أجل تحقيق هذا الهدف. ولكن مايعوق الحل السياسي المنشود هو فقدان الثقة السائد بين كل الأطراف, ولاسيما الحكومة التي ينظر لها معارضوها علي أنها لاتفي بالعهود والوعود.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.