قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً، إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) "الحج 63". وحول معنى هذا الاسم العظيم يحدثنا العلامة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله فيقول: لطيف لها معنى خاص فالشىء اللطيف يستعمل في دقيق التكوين. إذن كلما دق الشىء يلطف ولا يمكن أن نراه، وإذا لطف شرف وعلا فالحق سبحانه لطيف في ذاته ويلطف بعباده. ويقول الإمام: إن الإمام القرطبي له معان وعبارات كثيرة جمعها في اثنين وعشرين قولا وهي ان الله سبحانه بار بعباده أي لطيف بهم فهو لطيف بالبر والفاجر حيث لم يقتلهم جوعا لمعاصيهم، رفيق بهم، لطيف بهم في العرض والمحاسبة، كذلك لطيف بهم في الرزق من وجهين احدهما أنه جعل رزقك من الطيبات والثاني أنه لم يدفعه إليك مرة واحدة، كذلك لطف بأوليائه حتى عرفوه، ولطف بأعدائه لما جحدوه، فهو سبحانه ينشر من عباده المناقب ويستر عليهم المثالب، وهو الذي لا يقصي أحدا في الدنيا من رزقه ولا ييأس أحد في الآخرة من رحمته، وهو سبحانه يقبل القليل يضاعفه، وهو الذي لا يرد سائله ولا ييئس آمله، وهو سبحانه الذي يختص بدقائق الأفعال كخلق الجنين في بطن أمه وإخراج اللبن من الضرع من بين فرث ودم، وهو اللطيف الميسر لكل عسير الجابر لكل كسير، وهو الذي يبذل لعبده فوق الهمة ويكلفه من الطاعة ما دون الطاقة، وأول مظهر من مظاهر اللطف هو تدبير أمور الخلق الدقيقة تدبيرا يحقق مصالحهم في وجودهم، فتدبر يا ابن آدم خلق الله في الكون كيف لطف بالسموات والأرض بدقة متناهية لتيسير أمور الدنيا.