ذهب جمهور الفقهاء والمتكلمين إلي أن "اللطيف" صفة من صفات الله واسم من أسمائه تعالي. لقوله سبحانه: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" "الأنعام: 103". وقوله تعالي: "إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم" "يوسف: 100". وقال تعالي: "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة أن الله لطيف خبير" "الحج: 13". وقوله سبحانه: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" "الملك: 14". ومعني اللطيف: الرفيق بعباده. وقيل: اللطيف. أي الذي يوصل إليك حاجتك في رفق. واللطف من الله تعالي يكون بالتوفيق والعصمة. وقال ابن الأثير في تفسيره: اللطيف هو الذي اجتمع له الرفق في الفعل. والعلم بدقائق المصالح وإيصالها إلي من قدرها له من خلقه. والتلطف هو التكلف في اللطف. ومنه قوله تعالي: "فلينظر أيها أزكي طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف" "الكهف: 19". قال البيضاوي في تفسيره.. أي وليتكلف اللطف في المعاملة حتي لا يغبن. أو في التخفي حتي لا يعرف. ويقال: لطف الله لك. أي أوصل إليك ما تحب برفق. وقد أخرج البخاري عن عائشة أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". وأخرجه مسلم عن عائشة بلفظ: "إن الله رفيق يحب الرفق. ويعطي علي الرفق ما لا يعطي علي العنف. وما لا يعطي علي ما سواه". وأخرج مسلم عن عائشة أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه". قال الإمام الغزالي: إنما يستحق اسم اللطيف من يعلم وقائع المصالح وغوامضها وما دق منها وما لطف. ثم يسلك في إيصالها إلي المستصلح علي سبيل الرفق دون العنف. فإذا اجتمع الرفق في الفعل واللطف في الإدراك تم معني اللطف. ورفق الله بعباده يظهر في صور كثيرة. منها: يسر الدين. ورفع الحرج. ومنع التكليف بما لا يطاق. وتقدير الأقوات والأرزاق في الأرض. وغير ذلك مما لا يحصي. وصدق الله حيث يقول: "الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز" "الشوري: 19". ويقول تعالي: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" "النحل: 18". نسأل الله تعالي أن يجعلنا من أهل لطفه ورحمته.