استشهاد 4 فلسطينين وإصابة آخرين في هجوم على مخيم للنازحين بغزة    ناقد رياضي: لا بد من مشاركة شحاتة أساسيا مع الزمالك.. وأخشى من تسجيل نهضة بركان لهدف    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    الأرصاد: اليوم طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 35    بسبب زيادة حوادث الطرق.. الأبرياء يدفعون ثمن جرائم جنون السرعة    كندا تفرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين بسبب انتهاكات    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الجمعة 17 مايو 2024    صلاح: هذا هو تشكيل الزمالك المثالي أمام نهضة بركان    بركات: الأهلي أفضل فنيا من الترجي.. والخطيب أسطورة    وقوع زلازل عنيفة بدءا من اليوم: تستمر حتى 23 مايو    الاستخبارات العسكرية الروسية: الناتو قدم لأوكرانيا 800 دبابة وأكثر من 30 ألف مسيرة    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    لبلبة: عادل إمام أحلى إنسان في حياتي (فيديو)    كيفية معالجة الشجار بين الاطفال بحكمة    أضرار السكريات،على الأطفال    شبانة يهاجم اتحاد الكرة: «بيستغفلنا وعايز يدي الدوري ل بيراميدز»    الذكاء الاصطناعى.. ثورة تكنولوجية في أيدى المجرمين الجدد    بعد قفزة مفاجئة.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم (فيديو)    من أجل بطاقة السوبر.. ماذا يحتاج برشلونة لضمان وصافة الدوري الإسباني؟    «مش هيقدر يعمل أكتر من كدة».. كيف علّقت إلهام شاهين على اعتزال عادل إمام ؟    يوسف زيدان يفجر مفاجأة بشأن "تكوين": هناك خلافات بين الأعضاء    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر السياسى مصطفى الفقى ل «الأهرام»:
أدعوالمصريين إلى الخروج من دائرة الإحباط لأن ذلك هوالطريق الوحيد لمستقبل أفضل
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 03 - 2017

الدكتور مصطفى الفقى، الدبلوماسى المرموق، والمفكر السياسى الوطنى،صاحب تاريخ طويل فى المدرسة الدبلوماسية المصرية، وصاحب الثقافة الموسوعية ، لديه قدرة خاصة على إدارة الأزمات بنجاح وحنكة، يتمتع بموهبة خاصة وهى مد جسور التفاهم وبناء أرض مشتركة وإذابة الجليد بحكمة وعلم ولباقة، مشهود له داخل مصر وعربيا وإقليميا ودوليا بوطنيته وعروبته ، لم تمنعه دبلوماسيته من قول الحق والانحياز الى ضميره ووطنيته، وقد دفع ثمن ذلك كثيرا، تحدث الفقى ل «الاهرام» فى ملفات عديدة ودقيقة:
أكد أن مصر ستظل منارة ثقافية فى العالمين العربى والاسلامى، مهما تعرضت لازمات وظروف صعبة، وان الرئيس يحترم الأزهر ويقدر الامام الأكبر، ونبه الى أن الطبقة المتوسطة تآكلت بنسبة 80%، وهى وعاء القيم، وأنتقد المشهد الاعلامى ونبه الى ضرورة علاجه، وعلق على ان الحوار بين الشرق والغرب هو حوار الطرشان، وثمن الموقف المصرى فى الأزمة السورية الذى ، وصفه بأنه يتسم بالشرف الكامل، ودعاالمصريين من خلال «الأهرام» الى الخروج من دائرة الاحباط لأن ذلك هو الطريق الوحيد لمستقبل أفضل واليكم الحوار:
هناك مقولة لجمال حمدان عن مصر قال (إن مصر كانت «توكة» فى حزام العالم) الآن أين تقع مصر؟
أنا منبهر بهذا التشبيه الذكى والعميق .. فمصر هى رابطة العقد التى تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب، بمعنى أننا لو وضعنا البرجل فى بورسعيد، فإنه يرسم محيطه فى قارات العالم الخمس:نحن على البوابة الشمالية الشرقية لإفريقيا ونطل على البحر المتوسط ،نحن موجودون فى كل الجهات، موجودون فى قلب العالم الإسلامى وقلب العالم العربى، نحن أكبردولة جنوب أوروبا والبحر المتوسط،كل هذه الأمور تجعل منها شيئا فريدا، موقعها عبقرى ..
وطبعا جمال حمدان هو «مؤرخ الجغرافيا»، فهو مزج علمى التاريخ والجغرافيا بشكل سلس وجذاب ،وما قاله يؤكد هذه الحقائق ،ولذلك فإن جمال حمدان ظاهرة لن تتكرر، ويكفى أن يعلم الجميع أنه كان ضحية التخطى فى الترقية وتفضل البعض عليه،لأسباب لا تتصل بالعلم فاعتزل الناس، وجاء اعتزاله بالمنفعة لمصر والعالم.
هل مصر مازالت باقية ك «توكة» فى حزام العالم فى ظل الظروف الراهنة؟
مصر مازالت هى مركز التواصل الحضاري، فعندما تُسأل عن مكان قناة السويس أو نهر النيل أو السواحل الممتدة من البحر المتوسط و البحر الأحمر أو أبوالهول والأهرامات ومعبد الكرنك ستكون الإجابة هى مصر،مصر متعددة الجوانب ومتعددة الأعمدة، ولذلك لا يضيع وضعها لأن التكوين الذى يعطى لأى دولة مكانة ليس منحة من أحد، ولكنه تراكم لثقافات وحضارات صنعت شخصية مصر التى نراها الآن،ولذلك قد تتعرض مصر لأزمات وظروف صعبة، ولكنها قادرة فى النهاية على أن تتواصل وأن تعيش .. مثال على ذلك ما حدث بعد عام 1967 عندما حاولت بعض الدول العربية أن ترث الدور السياسى المصري، ولكن هذا لم يحدث ،لا يمكن لأحد أن يرث هذا الدور الذى له توليفة وتسبيكة خاصة لا يمكن تكرارها.
مصر كانت تصدر لأشقائها العرب الثقافة والتعليم والإعلام، ولكن هذا الأمر تراجع بشدة .. كيف تعودمصر الى الريادة الثقافية؟
تراجع الدور المصرى بتراجع النظام التعليمى المصري، لأن هذا ما كانت تتميز به مصر،وكانت تمتلكه لانه منذ أيام رفاعة الطهطاوى وعلى مبارك وطه حسين ،أتذكرعندما ذهبت إلى لندن للدراسة، كان الطبيب المصرى لا يتم امتحانه فى المادة العلمية، كان يمتحن فى اللغة فقط ،وكان الطبيب الهندى يمتحن فى المادة وليس فى اللغة، وكانوا يقولون إن الطبيب المصرى على نفس مستوى الطبيب الإنجليزى ،فيمكنك تخيل قيمة التعليم وقتها ،الريادة فى المنطقة اعتمدت على التعليم والثقافة، والاعلام يعد جزءا من الثقافة، فنحن كنا نصدر الصحيفة والدورية والكتاب والمجلة والأغنية والمسرحية والقصيدة ،لا احد ينكر دور مصر، ولكن المشكلة هى أن الأجيال الجديدة فى بعض الدول العربية ليست بالضرورة على معرفة بتاريخ مصر.
أتذكر زميلى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أحمد زكى السويدى الذى تعد الإمارات مدينة له، أنه قدم الصورة الحقيقية لمصر أمام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، وجعل الشيخ زايد يرتبط ارتباطاً أبوياً وعميقاً بمصر، قس على هذا ملوك السعودية عبدالعزيز وأبناؤه، كانوا جميعاً شديدى الارتباط بمصر، عندما قابلت الملك سلمان وهوكان ولياً للعهد قال لى إن أبى لم يخرج خارج الجزيرة العربية إلا لمصر ،مصر ستعود كما كانت منارة للثقافة، لأن النواة موجودة.
هناك رأى يقول إن احتكار مصر لقوة الثقافة الآن وهم لا يصدقه العرب؟
هذا ليس كلاماً دقيقاً على الإطلاق لأنه رغم كل المسلسلات التركية والهندية التى تذاع بالإضافة لاستخدام الدبلجة الشامية، فمازال هناك حضور قوى للفن المصرى ،الظروف تتغير ولكن العناصر الأساسية لتكوين شخصية مصر مازالت قائمة.
هل نحن فى احتياج لاستغلال هذه المميزات بشكل أكبر؟
نعم ولكن لا يجب علينا التحدث عنها بكثرة لأنها تعطى نوعاً من الحساسية عند الأطراف الأخرى، كأنها نوع من المن والاستعلاء، ولكن فى نفس الوقت علينا أن نجدد هذه الأدوات، ثورة 25 يناير تمثل تجديدا لشخصية مصر برغم كل ما لها وما عليها،شعب مصر له خصوصية ،يهدأ ثم يثور كالبركان ،وبالتالى التكوين المصرى تكوين أساسى ،السيدة زينب الميلى زوجة سفير الجزائر السابق محمد الميلى كانت قد قالت للكاتب الكبيرالراحل محمد حسنين هيكل إننا نأتى إلى مصر لنرى مستقبل بلادنا..
هل العولمة خطر على الثقافة؟
لا لسبب بسيط ،العولمة تحدثت عن سيولة الأفكار وحركة انتقال رؤوس الأموال وانتقال المهن والأفكار ،لذلك لا توجد خطورة فى ذلك ،مشكلة الهجرة بين إفريقيا وأوروبا كان سببها الرئيسى الإحساس بوجود حاجز لانتقال البشر، اما صراع الحضارات فإنه يتضمن فى داخله مفهوم الإرهاب ومحاربة الإرهاب فكل فترة تخلق عدوا جديدا يحول دون انتقال الأفراد ،المسلمون والعرب الآن هم المضطهدون أمام طوابير التأشيرات والممنوعون من دخول المطارات والمراقبون فى معظم الدول.
هل مازلت ترى أن مصر تمر بمحاولة لحصارتقدمها لتعويق مسيرتها،،«هم يريدون لمصر الا تسقط وألا تتقدم »؟
هذه هى المعادلة التاريخية، اذا أتينا للسياسة البريطانية فى المنطقة، تجد أن تألق الدور المصرى غير مريح لهم من أيام محمد على ،لديهم إحساس أن سقوط مصر يعنى سقوط المنطقة بأكملها، وأيضاً تحليق مصر يعد ضربة قوية بالنسبة لهم، ويضربون المثل بمحمد على وجمال عبد الناصر، وهذا ظلم بين، بريطانيا كانت تقول إذا عطست مصر أصيب الشرق الأوسط بالانفلونزا.. فهولا يريد سقوطى وفى نفس الوقت لا يريد تقدمى لأن تقدمى سيؤثر عليهم بشكل سلبي،مصر لديها مقومات الدولة القادرة على أن تكون متسعة التأثير فى كل مكان.
كيف الخروج من هذا الحصار؟
يجب أن يظهر الوجه الجديد لمصر،بناء العاصمة الإدارية ليس مجرد تغيير عمراني، يمكن للرئيس أن يكون قد رأى ومن معه أن ذلك يغير الانطباعات التاريخية لبعض السلبيات المصرية،عاصمة نظيفة منظمة مع وجود القاهرة كمتحف كبير ،مثل دلهى التاريخية القديمة ونيو دلهى فى الهند ،وكراتشى وإسلام آباد فى باكستان، وريو دى جانيرو وبرازيليا فى البرازيل ،يجب تحسين الأوضاع الاقتصادية وتحويل المواطن المصرى لانسان منتج اقتصادي، مصر ليست عاجزة ولا قعيدة ،مصر تستطيع أن تواجه التحديات بقوة.
أين ترى الدبلوماسية المصرية فى كل من: الأزمة السورية، الوضع فى ليبيا المشكلة فى اليمن؟
فى الأزمة السورية: الموقف المصرى يتسم بالشرف الكامل لأنه يطالب بالحفاظ على الدولة السورية،لا يعنيه بشار ولا غيره،ليس لديه عداوات ولا استهدافات، ولكن هدفه هو أن ذلك الشعب العربى الأبى الذى يكاد يكون تاريخيا جزءاً من الشعب المصرى يجب أن يتم إنقاذه بعد أن تحول إلى جثث وأشلاء ولاجئين، والمحافظة على وحدة الأراضى السورية..
فى ليبيا: أستطيع أن أزعم أن الدبلوماسية المصرية نشطت فى هذا بالتنسيق مع الجزائر وتونس، وحققت إنجازات ملموسة فى الفترة الأخيرة من أجل رأب الصدع ولم الشمل للاتجاهات المختلفة داخل ليبيا..
اليمن: نحن كنا نتمنى أن يكون حل المشكلة فى اليمن بغير التدخل العسكري.. لأنه بلد أثبتت احداث التاريخ انه لايمكن الوصول لنتيجة معه بالحل العسكري.. جغرافيته وتركيبته لا تسمح بهذا.. الحل الوحيد هو تنمية اليمن وتقدم اليمن ونهوضه اقتصاديا وثقافيا.. عبد الناصر لم يكن واهماً عندما حاول أن يشد اليمن للقرن العشرين.. علينا الآن أن نتعامل معه باعتباره جزءا من القرن الحادى والعشرين..
وماذا عن الجرح الدامى والدائم فلسطين؟
ما نحن فيه الآن ليس حلاً للقضية الفلسطينية، هو إدارة للمشكلة الفلسطينية،أصبحت قضية مزمنة ،وهناك قوى كبيرة مستفيدة من وجودها فى الغرب والشرق والكل يحاول أن ينال جزءا مما يحدث،الفلسطينيون انفسهم منقسمون ،حتى داخل منظمة فتح ليسوا على قلب رجل واحد، منظمة حماس لديها مشكلات معروفة معنا،وبالتالى لا نستطيع القول بأن الجو الفلسطينى يسمح بالتفاؤل،على العكس ،صحيح هناك بعض المكاسب سواء فى الجمعية العامة للأمم المتحدة أو فى منظمة اليونسكو، ولكن على الجانب الآخر، الإدارة الأمريكية الجديدة تسبق نظيرتها الإسرائيلية فى تحقيق مطالب تل أبيب وهى القدس..
قلت: نعيش نهاية مرحلة كبيرة من التاريخ العربى الحديث،كيف ترى المرحلة الجديدة التى يقبل عليها العالم العربي؟
نحن فى مرحلة مفصلية، العالم يتحول بالتأكيد، والدليل هو السياسة الأمريكية الجديدة، رئيس بلا كتالوج معروف وله شطحات، كذلك الحال فى أوروبا حالياً، تحولات كبيرة فى فرنسا، وهناك دول ستفقد شخصيتها قريباً، كالنموذج الفرنسى والبلجيكى فى ظل قلقهم من الجاليات العربية والإسلامية المستقرة بهما، فأصبح هناك ما يشبه الورم السرطانى الخفيف داخل المجتمع، ولابد من حله،لابد من تغيير نظرة الغرب للإسلام، وكنا ننتظر هذا من أوباما ،ولكنه أتى بمفهوم غريب وهو الإتيان بجماعات إسلامية معتدلة لمحاربة التطرف، هو غير معقول ،الاسلام السياسى له منبع واحد ،ولنا فيما قاله محمد البلتاجى بإيقاف الهجمات مقابل عودة محمد مرسى للحكم مثال .
هل حظر الإخوان فى أمريكا ينهى تزاوج الدين والسياسة فى الشرق الأوسط؟
يساعد على تجفيف منابع الإسلام السياسى حيث سيهدد مواردهم الاقتصادية بشدة ،ولكن أمريكا لن تقبل على حظر الإخوان فى الوقت القريب، لأن هناك ضغوطا أوروبية وبريطانية بالدرجة الأولى حيث إنها راعية الإسلام السياسي.
هل المرحلة الجديدة للعالم العربى تشبه الى حد كبير مرحلة سايكس بيكو 1916؟
اتفاقية سايكس بيكو كانت لتقسيم نفوذ ،كان العرش العلوى على مشارف وراثة الخلافة الإسلامية بعد الحرب العالمية الأولى، لكن ظهرت الدول المدنية، فتم تحديد لبنان كجزء من سوريا الكبرى، ووضع الأردن كحد بين الجزيرة العربية والشام، ربما نقبل على خطوات مثل هذه فى الوقت الحالي، فهناك محاولات لتقسيم سوريا، والعراق مقسم فعليا ،العبث بالخرائط غيرمقدس، لكن هناك خرائط مقدسة مثل مصر،مصر عصية على التقسيم والانهيار.
الكاتب الكبير بهاء طاهر كان يقول إن القدماء المصريين صنعوا تميمة للحفاظ على مصر من التقسيم؟
قد يكون كلاما غيبيا، لكن مصر محروسة ولها وضع خاص ،والرسائل الإلهية تحرس مصر.
لماذا لايوجد حوار واضح بين العرب والغرب؟
الحوار بين العرب والغرب هو حوار طرشان، نحن مقبلون على مرحلة صعبة ،الغرب يحاول صناعة تركيبة عربية إسرائيلية ضد إيران.، مازال غياب مصر هو المشكلة الحقيقية فى المنطقة .. وهو ما بدأ منذ اتفاقية كامب ديفيد، والتراجع سياسى وثقافى ،وأنا أطالب مصر بأن تقود تيار الإسلام المعتدل فى العالم ،خصوصاً أن الرئيس تحدث عن ضرورةتجديد الخطاب الدينى ،وكان هذا الكلام بمثابة خطاب اعتماد لترامب وللنظم المحاربة للإرهاب، الإسلام مختطف من الجماعات الإرهابية والمتطرفة، أتمنى ان تعتمد مصر دبلوماسية إسلامية معتدلة..
كان الأزهر الشريف منارة الإسلام الوسطى منذ ألف عام على خلاف بين الدولة والكثير من المثقفين،كيف يتوقف هذا الخلاف؟
الأزهر مؤسسة عظيمة ولها كل الاحترام، ولكن لاحظت وجود بعض الدوائر السلفية متسللة لمراكز الأزهر ،الامام الأكبر الشيخ أحمد الطيب يحاول احداث التوازنات ،وثائق الأزهر التى أصدرت بعد 25 يناير ستظل نقطة مضيئة فى تاريخ شيخ الأزهر، أتمنى ان يعيد روح البعث والحياة لهذه الوثائق والعمل بها تأكيداً لتجديد الخطاب الدينى الذى طالب به الرئيس.
أصحاب النيات السيئة يحولون تعميق الصراع والخلاف؟
-لا توجد أزمة على الإطلاق،الرئيس يحترم الأزهر لأنه متدين جداً ،الأزهر هو ترمومتر الإسلام فى العالم أجمع.
هل تشعر بأن فئات المجتمع وشرائحه الاجتماعية والتعليمية مترابطة أم نعيش كالجزر المعزولة؟
هناك تعددية قاتلة فى النظام التعليمى ،حكومى وخاص ،مصرى وأجنبى ،دينى ومدني،لا يصهر شخصية المجتمع ويجعله فى بوتقة واحدة إلا أمران: الجندية والتعليم ،لم تكن فوبيا التعليم الخاص قد انتشرت فى الزمن الماضى ،الآن لا توجد وحدة فكرية بين أطياف المجتمع ،التعددية التعليمية جعلت هناك أكثر من مصر داخل مصر، ونشرت التطرف الفكرى والتشنج فى الرأى بين الناس..
الطبقة المتوسطة حاملة راية تقدم المجتمع وتماسكه، تعانى معاناة شديدة وقاربت على الانهيار،الاقتصاد المصرى يحاول الصمود،الأزمات متلاحقة،محاولات التنمية مستمرة،البعض يرى الصورة قاتمة والبعض يرى الأمل قادم،بدون دبلوماسية كيف تقيم الوضع؟
الطبقة المتوسطة لم تنته ولم تنهر، بل تراجعت وتآكلت بنسبة 80%، الطبقة المتوسطة هى وعاء القيم، وتعرضت لضغوط اقتصادية شديدة بحكم مواردها الثابتة ،مثلما كان هناك أغنياء حرب، هناك مستفيدون من التحول الاقتصادي، لا يوجد توزيع عادل لتكلفة هذا التغيير والإصلاح ،تراجع الطبقة المتوسطة تسبب فى وضوح أزمة الأخلاق التى نعانى منها حالياً .. الوعاء التاريخى للأخلاق المصرية لم يعد كما كان ..
كيف للدولة أن تساند هذه الطبقة؟
من خلال التحكم فى النظام التعليمى والضريبي، وإنفاذ القانون على الكل بلا استثناء ،لا يستطيع أحد وضع سياج لحماية الطبقة المتوسطة، لكن يمكن للدولة تعزيز التعليم العام ولو على حساب التعليم الخاص،يجب التحكم فى جوهر العملية التعليمية ،للأسف نحن نستغرق فى الشكل على حساب الجوهر، فتكون النتيجة سلبية للغاية.
المشهد الإعلامى غير مرض، الرئيس انتقده أكثر من مرة، والمواطن بدأ فى الابتعاد عن الصحف المقروءة وينتقد الفضائيات ودورها السلبى، الاعلام لا يقوم بالدور المنوط به بشكل صحيح،متى يتوقف هذا التراجع وتعود المهنة لأهل العلم والخبرة،ويبتعد عن المشهد أهل الثقة والمحسوبية والشللية؟
الإعلام هو إحدى الأدوات الخطيرة والمؤثرة في العالم ،قطر استعانت بالحماية العسكرية بامتلاكها اكبر قاعدة أمريكية فى العالم، وبالحماية الإعلامية عن طريق قناة الجزيرة، عبد الناصر كان يوصل رسالته عبر صوت العرب لتصل لكل انسان عربى وقتها،أشعر بالتضامن مع الرئيس فى أزمة الاعلام، اقتصاديات الاعلام طغت على مبادئه ،أصبح اعلاما تجاريا، الإعلاميون لا يوصلون الرسالة بشكل جيد ،اعلام التهييج والإثارة أصبح مثار شكوى من الدول الأخرى.
ما هى كيفية الخروج من أزمة المشهد الإعلامي
مصر ليست عقيمة من الإعلاميين ،هناك بعض شباب الصحفيين لوتم تمكينهم، سيصبحون أدوات مفيدة جداً لخدمة البلاد.
ما أخطر عيوب الشخصية المصرية الآن؟وهل تغيرت الملامح الرئيسة لها؟
الشخصية المصرية هى تراكم ثقافات وحضارات وديانات ولها صفات معينة كالذكاء والقدرة على التقاط المواقف والمرح وتصدير النكتة ،وعيوبها التواكل واللامبالاة والفهلوة ،عندما قامت الثورة فى 25 يناير،ال18 يوما الأوائل ظننا أن مصر تولد من جديد ولك من خلال ردود الأفعال العالمية الرسمية، ظهر فى المصريين أفضل ما فى الشخصية المصرية، وبعد ذلك وللأسف، انقبلت الأوضاع تماماً،ومن أخطر عيوب الشخصية المصرية الآن:لا أحد يحب أحدا، الكل يرفض اختيارات الآخرين، الكل يسحب المحيطين لأسفل ،المصريون لا يتمنون التوفيق والنجاح لبعضهم البعض.
هل مشكلتنا فى التخطيط أم فى التنفيذ؟
فى التنفيذ،المشكلة تكمن فى نقطتين:أولا: انى أبدأ جيدا ولا أكمل، لا نمتلك فكرة الاستمرارية، مثال على ذلك وجود فكرة الدولة النووية أيام عبد الناصر ،ودولة ثورة إدارية لنسف الروتين ودولة ثورة خضراء لنشر الزراعة ،كل هذه تظل شعارات إلى أن تخبو وتنام.. الاستمرارية تتطلب التطبيق فى كل المجالات.
هناك فيلم سينمائى قديم اسمه عالم مجنون مجنون مجنون، هل العنوان هو الأقرب لما نعيشه حالياً؟
العالم فيه تغيرات كثيرة جداً وتحولات ضخمة فى كل المجالات،بعضها للأفضل والعكس.. الثورة التكنولوجية جعلت الحياة مكشوفة ،يستحيل فيها أن نفرض سياجا حول حقائق معينة ،كل شيء أصبح مباحا ومتاحا، لاتوجد خصوصية ،هذ التحول جعلنا نرى ونسمع أشياء كثيرة لم تكن تخطر على البال فى كل المجالات ،الأمر أصبح شديد التعقيد..
على من تراهن فى مصر؟
أراهن على التعليم ،فى فبراير 2011 جاءنى السفير البريطاني، وقال لى انهم مبهورون بالثورة فماذا يمكننا ان نقدم لكم، فقلت له التعليم ثم التعليم ثم التعليم، والاحتكاك بالغرب والخروج من دائرة المحلية، وفهم العالم حولنا والبحث عن المصالح المصرية الخالصة.
هناك مشروع تقدم لوزير الثقافة الأسبق د. جابر عصفور بعد الثورة اسمه «إعادة وصف مصر»، كان قد قدمه الفنان إيهاب اللبان، والمشروع توقف ،هل نحن فى حاجة لإعادة وصف مصر؟
أحيانا، بعد لحظة التأمل يكتشف الإنسان أشياء جديدة، أزعم اننا لم نكتشف مصر جيداً حتى الآن، تفكيرنا ماضوى جداً ،لدينا موارد طبيعية غير مكتشفة ،الصحراء تمتلك موارد واسعة وهى أغلى ما يمتلك الانسان على الأرض ،اغلى من البحار والأراضى الخضراء ،لكننا لم نوفر الخدمات التى تساعد على الاكتشاف.
وماذا أيضا نحتاجه للعبور الجديد؟
النقطة المهمة الأخرى هى الوحدة الوطنية واعمال مبدأ المواطنة ،الناس متساوون مهماً كان، كلنا أبناء وطن واحد،أيضا يجب التركيز على أدوات التوصل الحضارى بين مصر والعالم لأن مصر هى صانعة الحضارات ،د سليمان حزين رائد الجغرافيين ومؤسس جامعة أسيوط كان يقول إن المصرى يتمتع بشىء لا يعرفه أحد، هو ذكاء اليدين وهو دليل على إتقان الحرفة، وهو ما كان جلياً أيام محمد علي، وهو ما يدل على قدرة المصرى على التشييد والتغيير..
نفس الأمر يدعونا لتقديم أنفسنا للعالم بالطريقة الجديدة.. قادرون على التواصل الحضاري..نحن كأفراد نتفوق جداً عندما نخرج للعالم الخارجي،بينما لا نحقق ذلك ونحن فى مصر، لا نمتلك قدرة العمل الجماعى بشكل سليم بالداخل، مزيد من تنظيم الحياة واحترام الآخر مطلوب أن يتم تطبيقه من أجل تقديم صورة للحداثة المصرية للعالم، مصر ليست حضارة مقابر فقط لكنها تمتلك ما تستطيع أن تقدمه.
وانا أدعو المصريين من خلال «الاهرام»: إلى الخروج من دائرة الإحباط،لان ذلك هو الطريق الوحيد لمستقبل أفضل،فهناك دول كثيرة سبقتنا تعرضت لأزمات اقتصادية كبيرة ونجحت فى تجاوزها ،وأقول لهم بمنطق التفاؤل (تفاءلوا بالخير تجدوه) علينا ان نروج لموجة من التفاؤل وإحياء الأمل خصوصاً لدى الشباب والأجيال الجديدة ،لأن هذا هو الطريق الوحيد لبناء المستقبل ،قد يكون الطريق صعبا وقد يكون الدواء مرا، ولكن لا بديل عنه، ولذلك أنا سعيد بأن الرئيس السيسى يقتحم المشكلات بغض النظر عن الخسائر التى يتعرض لها شخصيا نتيجة لذلك، وضحى بجزء من شعبيته من أجل الوصول لهذه الأهداف ،يجب أن نعى ان مصر لديها مقومات للقيام والنهوض أكبر بكثير من أى مقومات أخرى ،مصر لديها مكونات لصناعة الشخص الأمثل للريادة ليس فى مصر وحدها ولكن فى المنطقة ككل ،مصر هى التى خاضت الحروب وهى التى صنعت السلام..
أدعو إلى الاهتمام بأمرين: التعليم والشباب.. الهجرة الداخلية يمكن لها أن تصنع معجزات.. مصر بها موارد بلا حدود..يجب على الشباب اللجوء للفكر غير التقليدي،وعمل مشروعات وصناعات صغيرة وأن يخرج للصحراء، فإن الأمر سيختلف تماماً..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.