الحصر العددي، المرشحون الأكثر حصولًا على الأصوات في انتخابات النواب بالمنيا    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    وزارة التموين ترجئ افتتاح سوق اليوم الواحد بمنطقة بالمرج إلى الأحد المقبل    وزير الاستثمار يطرح رؤية مصر لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية    بالبنك المركزي 47.46 جنيه.. سعر الدولار اليوم الجمعة 12-12-2025 أمام الجنيه    وزير الخارجية يلتقي نظيره الأنجولي    التموين تواصل صرف مقررات شهر ديسمبر على بطاقات التموين    حكومة الاحتلال تصادق على تنظيم 19 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية    طريق للجنسية أقوى من الجرين كارد.. ماذا قال ترامب عن البطاقة الذهبية؟    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة بيراميدز وفلامنجو    مواعيد مباريات الجمعة 12 ديسمبر 2025.. ربع نهائي كأس العرب والأهلي في عاصمة مصر    سبورت: الأهلي لن يسهل انتقال عبد الكريم إلى برشلونة    الدوري الأمريكي يفتح أبوابه أمام صلاح ويُغريه بميسي    حضور متوسط مع الساعة الأولى لانتخابات نادي محافظة الفيوم    مصر تحصد ميداليتين في منافسات الوثب العالي والقرص بدورة الألعاب الأفريقية    هطول أمطار على أحياء الإسكندرية والصرف الصحي يتدخل| صور    الصرف الصحي يهدد الأموات بالغرق والأحياء بالمرض في فاو قبلي بقنا    موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته ال37    وزير الثقافة: انطلاق مؤتمر أدباء مصر بدورته ال37 فى العريش 26 ديسمبر    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    أمريكا تغرق.. فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية بولاية واشنطن    حل البرلمان التايلاندي لإجراء انتخابات جديدة مطلع العام المقبل    مؤشرات أولية.. الإعادة بين 6 مرشحين في الدائرة الأولى بانتخابات النواب في المنيا    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    الصحة: إغلاق مركز Woman Health Clinic للعمل دون ترخيص وضبط منتحل صفة طبيب    صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ ينظم ورشة عمل تفاعلية للباحثين ضمن برنامج (R2E)    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    جوتيريش: عام 2025 شهد أكبر توسع للاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    اليابان ترفع التحذير من وقوع تسونامي بعد زلزال بقوة 6,7 درجات    ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 12-12-2025 في قنا    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    اللجنة العامة بأسيوط تستقبل محاضر الحصر العددي اللجان الفرعية استعدادا لإعلان النتيجة (فيديو)    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    جوتيريش: غارات إسرائيل المستمرة فى غزة ما زالت تتسبب بخسائر كبيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير الكلمة الدكتور زين عبدالهادى: الدولة تعتبر الثقافة من «الزوائد»
واللغة العربية يجرى قتلها يوميا فى الاعلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 02 - 2017

بمناسبة حصوله على لقب سفير للكلمة التقت الاهرام بالكاتب والأديب الدكتور زين عبدالهادى أستاذ المعلومات بجامعة حلوان لتتعرف على تلك الجائزة والحديث عن واقع الثقافة واللغة العربية فى مصر والوطن العربى.
لماذا لقبت بسفير الكلمة؟.
إنه أمر بسيط للغاية فهو لقب شرفى من أجل دعم الكلمة والحرف واللغة والحفاظ على جمالها والدعوة لاقامة متحف للكلمة فى بلدنا نسجل فيه تطور اللغة والادب والفن.. الكلمة المكتوبة والمصورة والمسموعة ودورها فى تقدم الانسانية، هذا اللقب يمنحه متحف الكلمة ومؤسسة أديجو سيرانو وهما مؤسستان داعمتان للثقافة والأدب والفن فى أسبانيا يرعاهما ملك وملكة اسبانيا، وهما يختاران كل عام مجموعة من المثقفين لتمثيلهما فيما يتعلق بالحفاظ على الكلمة وبأنها أجمل ما أنتجت الإنسانية، ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على لغتنا من خلال متاحف ونقاشات علمية تقام لهذا الغرض فكل وطن كانت به كلمات عملت على إعادة بنائه وتهيئة للمشاركة فى الحضارة الانسانية التى تظللنا جميعا، وهذا العام وتحديدا فى تاريخ 30 نوفمبر أرسلوا لى بأنى أحمل لقب سفير الكلمة، وها أنا أقوم بدورى من أجل دعوة مصر لإقامة متحف للكلمة، تسجل فيه كل الكلمات العظيمة المكتوبة والمسموعة والمرئية عبر كل العصور وكيف تم تطويرها منذ العصور الفرعونية حتى الآن.
صف لنا واقع الكلمة فى الوطن العربى بشكل عام وحاليا بشكل خاص؟.
الحديث عن واقع الكلمة فى العالم العربى يحتاج إلى الكثير، دعنى أضرب لك أمثلة لنتمكن جميعا من الحكم على الواقع الفعلى لها فالكلمة فى التاريخ الإنسانى ظهرت أولا فى الحضارة السومرية فى بلاد مابين النهرين بالعراق ثم فى العصر الفرعونى فى مصر ،وانتقلت بعد ذلك إلى بقية الحضارات الإنسانية فأين نحن الآن من واقع الكلمة وشرفها الثقافى والإنساني؟، هل العالم العربى معنى الآن بجمال الكلمة وإبراز روحها الإنسانية؟ أم نحن غارقون فى بيان من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار ؟ وأعد ذلك نوعا من التمييز بأشكال مختلفة، الأمر الآخر دعنى أضرب لك مثالا يحدث فى الولايات منذ قرن من الزمان، فاحتفاء وتبجيلا للغة الانجليزية يتم تسمية شاعر أمريكى كل عامين ليكون سفيرا لجمال اللغة فى مكتبة الكونجرس الأمريكية يكون مطلوبا منه كتابة قصيدة تبرز جمال اللغة الانجليزية لتنشر فى أكثر من مائتى صحيفة أمريكية، هل يمكننا أن نرى ذلك لدينا ؟، إنهم يقيمون متاحف للكلمة المكتوبة الإنسانية وتطوراتها من آن لآخر ويبرز أمامنا النموذج الإسبانى فى مؤسسته «متحف الكلمة»، فأين نحن من ذلك فى العالم العربى لا أعتقد أن جمال اللغة يشغلنا، ولا الاحتفاظ بسجل إنسانى للغة العربية ستجد ذلك عند أجدادنا فى القواميس والموسوعات التى تهتم باللغة والتى تركوها لنا، لكن ما الجديد فى العالم العربى فى مجال الاحتفاء بالكلمة وجمالها للأسف الشديد لن نجد!!
ماذا عن مصر؟.
فى مصر تبدو كل الأمور غائمة وضبابيه فهناك قتل للغة والحرف يتم يوميا على صفحات الجرائد والدوريات إلا من رحم ربي، وحتى فى الكتب والمطابع ودور النشر فى الإذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية والخاصة، فلم يعد الأمر يتعلق بجماليات اللغة ولا محتوى الكلمة ومعناها بقدر ما أصبحت كل الأمور تدار وفق الهوى والمصالح الخاصة والتربيطات افتقدنا المهنية والعلم فانهار كل شيء، يتبقى فقط الشعراء على المستوى الفردى من خلال قنوات ضعيفة للغاية لاتصل للإنسان فى مصر، مصر صاحبة الكلمة العليا فى التاريخ الإنسانى تقريبا لم تعد موجودة على الخرائط الثقافية العالمية، ولم يعد هناك من يهتم بذلك الثقافة التى هى مكون عضوى أساسى ، وأحد أبرز مكوناتها اللغة والحرف المكتوب وجمالياته أصبحنا لا نراها فى ظل العشوائية الضاربة فى كل شئ.. لكنى أرى بصيص الأمل فى بعض الأسر التى تنفق قوتها على تعليم أبنائها بشكل صحيح لكن تظل المناهج واللغة دون المستوى المأمول.
لماذا يشعر المثقف العربى بالفخر والعزة عند حصوله على جائزة غربية بينما يتلاشى هذا الإحساس مع مثيلاتها العربية؟ .
إن الأمر كله يتعلق بالإحساس بالوجود فى ظل العالم الإنسانى لذلك تكتسب الجوائز الغربية أهميتها وفى العالم العربى هناك مشكلات كبيرة تتعلق بالجوائز، ونحن نعلم جميعا أن الجائزة لا تذهب مطلقا لمن يستحقها سوى نادرا وانما تذهب لمن يملك علاقات وتأثيرا أكبر، لذلك تسقط سريعا من دائرة الاهتمام أما الجوائز الغربية فهى تعنى أنه تم التحقق والتمحيص من قدرات وإبداع صاحب الجائزة وأنه يستحقها عن جدارة وليس عن محسوبية وربما يعود السبب فى ذلك إلى تدنى الدخل المادى للمبدعين فيلجأون لذلك، والأمر يحتاج الكثير من العمل على المستويين العلمى والمهنى بحيث تأخذ هذه القضايا شكلها الاحترافى المأمول.
كيف تفسر ظهور جيل من المثقفين يعتمدون فى أعمالهم على إظهار وكشف عورات المجتمع دون حياء أو خجل؟.
يسأل عن ذلك مدارس مابعد الحداثة فى أوروبا والولايات المتحدة وبالمناسبة هذا هو الاتجاه منذ عشرين عاما تقريبا فى الكتابة فى المجتمعات الغربية، كما أننى لا أنظر للمسألة من هذا المنظور ككاتب، يمكنك أن تنظر مثلا للكاتب محمد الفخرانى فقد حصل على جائزة من مركز العالم العربى بباريس عن روايته «فاصل للدهشة» على الرغم من أنها كاشفة لعورات المجتمع المصري، علينا ان نعترف ان هناك مشاكل علينا مواجهتها، المشكلة الأكبر أنه يبدو أن الناس بعيدين عما يحدث فى العالم من تطورات فكرية وأدبية وجمالية، وهذا بالطبع نتيجة لاجابتى عن سؤالك الثاني، الفردية والاحساس بالاغتراب والبحث عن التفاصيل الدقيقة للحياة كلها سمات تمثل الكتابة الجديدة، ومابعد الحداثة تؤكد على أن الفن صاحبه الفنان وليس الذوق العام، فهو من يشكل الذوق العام، وبغض النظر عن أى ألفاظ سوقية قد أعترض عليها شخصيا، ولكن ليس الى درجة ان يجرمها القانون، لان الكتاب بعد خروجه من يد المؤلف هو مسئولية القارئ، لم يدفعه أحد لشرائه، وإن كنت أنادى الجميع بوقفة لمراجعة الذات الابداعية فى ظل الفوضى والعشوائية التى نعيشها وأقول للجميع صارخا» أعيدوا للكلمة جمالها وشرفها الانسانى العظيم»!
هل حقا لدينا مثقفون؟.
نعم لدينا مثقفون، ولكن أغلبهم ليسوا متابعين جيدين للتطورات الثقافية فى العالم، بسبب بطء حركة الترجمة فلا يكفى المركز القومى للترجمة وحده للقيام بذلك مع تراجع دور الأقسام العلمية فى الجامعات والمعنية بالثقافة والتنمية الثقافية فى المجتمع، وأغلبهم يسقط فى دائرة شظف العيش، ومابين الخبز والكلمة قد يسقط مثقف أو يعلو مثقف، إنه أمر بالغ التعقيد، لدينا آلاف المثقفين الصامتين، فالدائرة الحجرية التى يسقطون فيها تشبه الرحاية تعجنهم جميعا، بلا استثناء، بعضهم يستطيع القفز من العربة والبعض يستسلم، وليست هناك مؤسسات ثقافية يمكن أن تقول عنها إنها راقية بشكل كبير يمكنها احتضانهم والدخول بهم فى مشروعات تمهد للتنمية الثقافية الشاملة فى المجتمع، وهنا تقفز أمور تتعلق بالسياسات الثقافية واسترتيجياتها وهذا أصبح أمرا نادرا فى المجتمع والعربى كله.
هل تعتقد أن لدينا مناخا ثقافيا صحيا ؟.
أعتقد أن المناخ العام يفرض نفسه على المناخ الثقافي، المناخ العام غير مؤهل لأى شئ، وبالتالى فإن المناخ الثقافى لايختلف عنه كثيرا، من هنا فإن مرض المناخ العام بسبب تراجع معدلات التنمية وانخفاض الدخول بشكل كبير أسقط الطبقة المتوسطة المصرية كلها فى مستنقع الفقر المدقع، لذلك يصبح الحديث عن الثقافة أمرا مزعجا للجميع فى ظل عواء بطون الصغار، إنه أمر مربك، الوطن كله الآن فى حالة ارتباك، لايمكن الحكم فى تلك اللحظة على شيء، لكننا لانملك سوى أن نحاول تهيئة المناخ العام حتى يمكن شفاء المناخ الثقافى الذى تحكمه الشللية والمصالح والفساد كأى مناخ آخر داخل البلد.
هل لدينا مسئول مثقف قادر على صيانة الثقافة فى الدولة المصرية؟.
كان لدينا طه حسين وثروت عكاشة ، وكان لهما مشروعهما الخاص، الآن الثقافة تتبع من يملكها وليس من يملك الرؤي، الدولة فقط تملك الرؤية، ونحن لانعرف ما الرؤية التى تملكها الدولة ولا أعتقد أن أحدا يعرف فى مصر، لأن صيانة أى شئ يتطلب الإعتراف أولا بمرضه، ولكن من المريض وما المرض لاأحد يعرف، الدولة ليست فى مركب الثقافة مهما فعلت لأنها تعتبرها من الزوائد، الغريب أننا يجب أن نلاحظ جيدا أن الثقافة ساندت الدولة فى الخمسينيات والستينيات لذلك كانت دائما قادرة على النهوض من خلال مشروعها، الآن سقط البلد كله فريسه للتطرف والارهاب والهجمة الظلامية، والعلاج نصفه أمنى ونصفه ثقافى لكننا لم نبدأ فى العلاج الثقافى بعد لذلك سيتأخر المريض وسيستفحل المرض.
الأمر الآخر نعم الكثير من العلماء أصحاب الرؤية ولكن لادور الآن للعلماء ولا دور للعلم فى ظل العشوائية البالغة السوء التى تسيطر على الحجر وليس الانسان فقط، عودة مصر للثقافة العالمية بيد العلماء المجيدين وليس أحد آخر، وبالتالى فإن ترميم ماتهشم من الثقافة المصرية يحتاج ايضا لعمل جاد يتسم بالخيال والإلهام ومحبة هذا الوطن، وليس بشئ آخر.
هل الدولة تؤمن بالثقافة وما الدليل على ذلك؟.
إيمان الدولة وإن كنت تعنى هنا السلطات الرسمية، فإنى لا أشك فى إيمانها بها، لكن ماينقصنا هو القدرة على الفعل والتعامل مع عصر المعرفة بشكل جدى يلمسه الناس على أرض الواقع، سأعطيك مثالا كبيرا، تهتم الدولة بالصناعات الصغيرة بشكل جدي، لكنها عاجزة عن التعامل معها بشكل كبير كما فعلت الصين مثلا، هنا لابد من إعادة النظر فى علاقة الثقافة بالصناعات الصغيرة، عليها أن تتساءل، ماهى التقاليد والعادات والمنتجات الثقافية التى يمكن أن تعيد مصر لمكانتها اقتصاديا وثقافيا معا، هناك عمل كبير يجب أن يتم على أرض الواقع، هناك أكاديميات يجب أن تنشأ، وهناك تدريب يجب أن يتم وهناك مراكز للتحديث يجب أن تتواجد، وهناك مساحة كبيرة للخيال يجب أن تعمل، لكن مازال كل ذلك مجرد أفكار لاتجد طريقها للتنفيذ.
هل لدينا المعلم المثقف؟.
يجب أن نعترف بأن التعليم أصبح يمثل مأساة كاملة فى مصر، لايمكن أن ندير لها ظهورنا، وأسوأ ماحدث ويحدث هو تلك الفصول ذات الأعداد الكبيرة للغاية، واستمرار التعليم الحكومى الذى تآكل فكرا لكنه مازال موجودا فى هيئة فصول حجرية ومعلمين لاعلاقة لهم بالثقافة أو المهارات اللازمة للتدريس والتعليم، نعم أعرف بعض المعلمين على المستوى الفردى جيدين للغاية، ولكن ماذا يفعل الآحاد للملايين الزاحفة على الفصول، هنا تنقطع العلاقة بالثقافة والجمال، لايمكنك العمل ببطن خاوية وعقل كسول، تحتاج لنظام تعليمى قوى يراعى التقدم العالمى ويراعى ماحدث من أخطاء حتى الماضى القريب، تحتاج لمعلم بروح جديدة.
فى الماضى كانت الأرياف المصرية تنجب لنا الأدباء والمبدعين ثم تحتضنهم المدينة لتصنع منهم نجوم فى سماء العالم والأن الوضع تغير هل تعتقد أننا قد أصبنا بالعقم الثقافى والإبداعي؟.
ستظل مصر ولادة، وعليك أن تلقى نظرة على المصريين المهاجرين للخارج فى أمريكا وأوروبا، ستجدهم من أفضل المهاجرين العرب فيما يتعلق بالعلم والطاقة الايجابية فى العمل، وأغلبهم من الأرياف بالمناسبة، إن الأمر يتعلق بالجين نفسه الذى نحمله جميعا، ولايمكننى سوى اسقاط اللحظة الراهنة من حساباتى فهى ليست دليلا اطلاقا على امكانات ومهارات الانسان المصري، وانما المشكلة فى نظام العمل كله، الريف المصرى كذلك من ناحية أخرى ينقرض، لكن مازال أغلب المبدعين يخرجون منه.
بماذا تفسر جنوح الاعلام الى تقديم وجبات هشة وسطحية من الثقافة مع قدر لابأس به من الإبداع الترفيهي؟.
الاعلام المصرى هو ناتج مايحدث على أرض الواقع فى المجتمع، وأغلب مايحدث هو سحب بصر وعقل المصريين لألعاب أخرى لا علاقة لها بالواقع، ولا أعتقد أن مايقدم على الاعلام المصرى هى وجبات بأى شكل من الأشكال، فهو أمر الحقيقة أصبح مثيرا للغثيان، ولا علاقة له بالمجتمع، ومن هنا يفقد كل الاعلام مصداقيته وحضوره لكنه يقوم بدوره العشوائى فى ظل عشوائيتنا جميعا ولن يختلف بأى شكل من الاشكال عما يحدث فى التعليم والصحة والسياسة والاقتصاد ، لأنه لم يعد يعرف من يخاطب وفقد الهدف من وجوده.
هل يمكن القول بصراحة خالية من الخجل إن العديد من إعلاميينا مصابون بالتخلف الفكرى والثقافي؟.
نحن دولة من دول العالم الثالث، ونحن الآن فى قاع قوائم دول العالم فى كثير من القضايا التعليم أهمها، والسبب فى ذلك توقف موجات التنوير والعودة لسيطرة الفكر التراثي، والاتجاه نحو عبادة الماضي، والبحث عن البطل المنقذ، الاعلام بدوره سيسير فى نفس الركب لن يتخلف كثيرا، لم يعد يتم اختيار الاعلاميين بناء على التفوق الدراسى والتحصيل العلمى ولا اللياقة الذهنية ولا القدرات الفكرية واللغوية، وهو يتحدث باسم من يديره فى الحقيقة وليس باسم المالك الحقيقى المغيب وغير الموجود، كما أنهم لا يهتمون بقراءة مايرددونه ولا التمحص فيه، إنه العالم الجديد بالمناسبة لا حقيقه فى إعلام العالم كله، عليك دائما أن تبحث عنها بدقة.
بماذا تفسر طغيان الأدب والثقافة الغربية على عقول وأسواق المصريين والعرب؟.
ليس ذلك ذنب الأدباء، فالحرية فى الغرب تنتج أفكارا ونظريات رائعة، نحن لانملك الفرصة ولا الحرية ولا القدرة على ذلك لذلك نستهلك الفكر الغربى كما نستهلك البنطلون الجينز، إنها معادلة مجربة فى دول العالم الثالث كله وليس مصر وحدها، ونحن نتأثر بذلك، وهنا ربما يجب أن أقول لك ماذا ينبغى أن نفعل؟، إعادة بناء الجامعات بشكل جيد، الأستاذ الجامعى يحتاج لثقافة عريضة وموسوعية وهى مهمته وليست مهمة الدولة، وذلك لتطوير الفكر العربى كله ووضعه فى عصر المعرفة ، ناهيك عن أهمية البحث العلمى فى مجالات الفلسفة والفكر والثقافة والابداع والفن والأدب كل ذلك يجب أن يعود بقوة إذا أردنا أن تتوقف أفكار التطرف، ويجب أن تقود الجامعات ذلك وتدفع أساتذتها له بكل قوة، وأن توفر لهم كل الأدوات اللازمة لذلك.
كيف تقرأ جنوح كثير من شباب الأدباء الى الكتابة باللغة العامية والفرار من أساليب الكتابة الرصينة؟.
الكتابة بالعامية ليست مسألة جديدة على الفكر العربى والمصري، فألف ليلة وليلة منها طبعة بالعامية المصرية، وهناك كتاب الشيخ مصطفى المعنون «هز القحوف فى قصيد أبى شادوف» وهو مايعنى أننا يجب أن نحافظ على هوية العامية ، لكنى لاأعتقد أنها تجارب ناجحة حتى الآن لأن أصحابها يقعون فى مآزق مستمرة، فالعامية لغة جسد أكثر منها لغة خطاب، فالكلمة تفقد نصف معناها إن لم تر صاحبها وهو يقولها وإلا التبس عليك الأمر.
متى نعلن موت المثقف المصرى والعربي؟.
لا أعتقد أنه سيموت، بل سيعود من اغماءته، لأن هناك مثقف جديد قادم يرى العالم بمنظور آخر، لذلك أتوقع الكثير القادم.
لماذا لم تعد صفحات التاريخ المصري الحديث والمعاصر مصدر إلهام لشباب الادباء فى مصر؟.ببساطة لأن التاريخ ليس موثقا وليس واقعيا وليس حقيقيا، إنه تاريخ مكتوب من خيالات كتاب، وليس تاريخا منضبطا كما تعلمنا فى مدارس التاريخ فى العالم. لذلك يتوقف معه الخيال والإلهام، بل ستجد النقيض تماما.
كيف يمكن استخدام الثقافة كسلاح لمحاربة الجهل والضلال الذى تسرب إلى المناخ الفكرى فى مصر؟.
قل لى ماهى سياساتك الثقافية سأقول لك كيف تحارب الجهل والضلال!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.