شباب المصريين بالخارج مهنئا الأقباط: سنظل نسيجا واحدا في وجه أعداء الوطن    صوامع الشرقية تستقبل 423 ألف طن قمح    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة للإسماعيلية للعام المالي الحالي    الجيش الإسرائيلي يفرض حظر نشر على حادث كرم أبو سالم    أخبار الأهلي: موقف كولر من عودة محمد شريف    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية ... 66 هاتريك أغلبها بعد سن الثلاثين، رونالدو يواصل إحراج ليونيل ميسي    «قطار الموت» ينهي حياة فتاة داخل مدينة ملاهي بأكتوبر    الجد الأعظم للمصريين، رحلة رمسيس الثاني من اكتشافه إلى وصوله للمتحف الكبير (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    نتنياهو: إسرائيل لن توافق على مطالب حماس وسنواصل الحرب    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    زعيم المعارضة البريطانية يدعو سوناك لإجراء انتخابات عامة عقب خسارة حزبه في الانتخابات المحلية    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و683 شخصًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    حمدي فتحي: مستمر مع الوكرة.. وأتمنى التتويج بالمزيد من البطولات    وزير الرياضة يتفقد منتدى شباب الطور    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    «الداخلية» في خدمة «مُسِنّة» لاستخراج بطاقة الرقم القومي بمنزلها في الجيزة    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بعد انفصال شقيقه عن هنا الزاهد.. كريم فهمي: «أنا وزوجتي مش السبب»    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «الدفاع المدني الفلسطيني»: 120 شهيدا تحت الأنقاض في محيط مجمع الشفاء بغزة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير الكلمة الدكتور زين عبدالهادى: الدولة تعتبر الثقافة من «الزوائد»
واللغة العربية يجرى قتلها يوميا فى الاعلام
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 02 - 2017

بمناسبة حصوله على لقب سفير للكلمة التقت الاهرام بالكاتب والأديب الدكتور زين عبدالهادى أستاذ المعلومات بجامعة حلوان لتتعرف على تلك الجائزة والحديث عن واقع الثقافة واللغة العربية فى مصر والوطن العربى.
لماذا لقبت بسفير الكلمة؟.
إنه أمر بسيط للغاية فهو لقب شرفى من أجل دعم الكلمة والحرف واللغة والحفاظ على جمالها والدعوة لاقامة متحف للكلمة فى بلدنا نسجل فيه تطور اللغة والادب والفن.. الكلمة المكتوبة والمصورة والمسموعة ودورها فى تقدم الانسانية، هذا اللقب يمنحه متحف الكلمة ومؤسسة أديجو سيرانو وهما مؤسستان داعمتان للثقافة والأدب والفن فى أسبانيا يرعاهما ملك وملكة اسبانيا، وهما يختاران كل عام مجموعة من المثقفين لتمثيلهما فيما يتعلق بالحفاظ على الكلمة وبأنها أجمل ما أنتجت الإنسانية، ومن الأهمية بمكان أن نحافظ على لغتنا من خلال متاحف ونقاشات علمية تقام لهذا الغرض فكل وطن كانت به كلمات عملت على إعادة بنائه وتهيئة للمشاركة فى الحضارة الانسانية التى تظللنا جميعا، وهذا العام وتحديدا فى تاريخ 30 نوفمبر أرسلوا لى بأنى أحمل لقب سفير الكلمة، وها أنا أقوم بدورى من أجل دعوة مصر لإقامة متحف للكلمة، تسجل فيه كل الكلمات العظيمة المكتوبة والمسموعة والمرئية عبر كل العصور وكيف تم تطويرها منذ العصور الفرعونية حتى الآن.
صف لنا واقع الكلمة فى الوطن العربى بشكل عام وحاليا بشكل خاص؟.
الحديث عن واقع الكلمة فى العالم العربى يحتاج إلى الكثير، دعنى أضرب لك أمثلة لنتمكن جميعا من الحكم على الواقع الفعلى لها فالكلمة فى التاريخ الإنسانى ظهرت أولا فى الحضارة السومرية فى بلاد مابين النهرين بالعراق ثم فى العصر الفرعونى فى مصر ،وانتقلت بعد ذلك إلى بقية الحضارات الإنسانية فأين نحن الآن من واقع الكلمة وشرفها الثقافى والإنساني؟، هل العالم العربى معنى الآن بجمال الكلمة وإبراز روحها الإنسانية؟ أم نحن غارقون فى بيان من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار ؟ وأعد ذلك نوعا من التمييز بأشكال مختلفة، الأمر الآخر دعنى أضرب لك مثالا يحدث فى الولايات منذ قرن من الزمان، فاحتفاء وتبجيلا للغة الانجليزية يتم تسمية شاعر أمريكى كل عامين ليكون سفيرا لجمال اللغة فى مكتبة الكونجرس الأمريكية يكون مطلوبا منه كتابة قصيدة تبرز جمال اللغة الانجليزية لتنشر فى أكثر من مائتى صحيفة أمريكية، هل يمكننا أن نرى ذلك لدينا ؟، إنهم يقيمون متاحف للكلمة المكتوبة الإنسانية وتطوراتها من آن لآخر ويبرز أمامنا النموذج الإسبانى فى مؤسسته «متحف الكلمة»، فأين نحن من ذلك فى العالم العربى لا أعتقد أن جمال اللغة يشغلنا، ولا الاحتفاظ بسجل إنسانى للغة العربية ستجد ذلك عند أجدادنا فى القواميس والموسوعات التى تهتم باللغة والتى تركوها لنا، لكن ما الجديد فى العالم العربى فى مجال الاحتفاء بالكلمة وجمالها للأسف الشديد لن نجد!!
ماذا عن مصر؟.
فى مصر تبدو كل الأمور غائمة وضبابيه فهناك قتل للغة والحرف يتم يوميا على صفحات الجرائد والدوريات إلا من رحم ربي، وحتى فى الكتب والمطابع ودور النشر فى الإذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية والخاصة، فلم يعد الأمر يتعلق بجماليات اللغة ولا محتوى الكلمة ومعناها بقدر ما أصبحت كل الأمور تدار وفق الهوى والمصالح الخاصة والتربيطات افتقدنا المهنية والعلم فانهار كل شيء، يتبقى فقط الشعراء على المستوى الفردى من خلال قنوات ضعيفة للغاية لاتصل للإنسان فى مصر، مصر صاحبة الكلمة العليا فى التاريخ الإنسانى تقريبا لم تعد موجودة على الخرائط الثقافية العالمية، ولم يعد هناك من يهتم بذلك الثقافة التى هى مكون عضوى أساسى ، وأحد أبرز مكوناتها اللغة والحرف المكتوب وجمالياته أصبحنا لا نراها فى ظل العشوائية الضاربة فى كل شئ.. لكنى أرى بصيص الأمل فى بعض الأسر التى تنفق قوتها على تعليم أبنائها بشكل صحيح لكن تظل المناهج واللغة دون المستوى المأمول.
لماذا يشعر المثقف العربى بالفخر والعزة عند حصوله على جائزة غربية بينما يتلاشى هذا الإحساس مع مثيلاتها العربية؟ .
إن الأمر كله يتعلق بالإحساس بالوجود فى ظل العالم الإنسانى لذلك تكتسب الجوائز الغربية أهميتها وفى العالم العربى هناك مشكلات كبيرة تتعلق بالجوائز، ونحن نعلم جميعا أن الجائزة لا تذهب مطلقا لمن يستحقها سوى نادرا وانما تذهب لمن يملك علاقات وتأثيرا أكبر، لذلك تسقط سريعا من دائرة الاهتمام أما الجوائز الغربية فهى تعنى أنه تم التحقق والتمحيص من قدرات وإبداع صاحب الجائزة وأنه يستحقها عن جدارة وليس عن محسوبية وربما يعود السبب فى ذلك إلى تدنى الدخل المادى للمبدعين فيلجأون لذلك، والأمر يحتاج الكثير من العمل على المستويين العلمى والمهنى بحيث تأخذ هذه القضايا شكلها الاحترافى المأمول.
كيف تفسر ظهور جيل من المثقفين يعتمدون فى أعمالهم على إظهار وكشف عورات المجتمع دون حياء أو خجل؟.
يسأل عن ذلك مدارس مابعد الحداثة فى أوروبا والولايات المتحدة وبالمناسبة هذا هو الاتجاه منذ عشرين عاما تقريبا فى الكتابة فى المجتمعات الغربية، كما أننى لا أنظر للمسألة من هذا المنظور ككاتب، يمكنك أن تنظر مثلا للكاتب محمد الفخرانى فقد حصل على جائزة من مركز العالم العربى بباريس عن روايته «فاصل للدهشة» على الرغم من أنها كاشفة لعورات المجتمع المصري، علينا ان نعترف ان هناك مشاكل علينا مواجهتها، المشكلة الأكبر أنه يبدو أن الناس بعيدين عما يحدث فى العالم من تطورات فكرية وأدبية وجمالية، وهذا بالطبع نتيجة لاجابتى عن سؤالك الثاني، الفردية والاحساس بالاغتراب والبحث عن التفاصيل الدقيقة للحياة كلها سمات تمثل الكتابة الجديدة، ومابعد الحداثة تؤكد على أن الفن صاحبه الفنان وليس الذوق العام، فهو من يشكل الذوق العام، وبغض النظر عن أى ألفاظ سوقية قد أعترض عليها شخصيا، ولكن ليس الى درجة ان يجرمها القانون، لان الكتاب بعد خروجه من يد المؤلف هو مسئولية القارئ، لم يدفعه أحد لشرائه، وإن كنت أنادى الجميع بوقفة لمراجعة الذات الابداعية فى ظل الفوضى والعشوائية التى نعيشها وأقول للجميع صارخا» أعيدوا للكلمة جمالها وشرفها الانسانى العظيم»!
هل حقا لدينا مثقفون؟.
نعم لدينا مثقفون، ولكن أغلبهم ليسوا متابعين جيدين للتطورات الثقافية فى العالم، بسبب بطء حركة الترجمة فلا يكفى المركز القومى للترجمة وحده للقيام بذلك مع تراجع دور الأقسام العلمية فى الجامعات والمعنية بالثقافة والتنمية الثقافية فى المجتمع، وأغلبهم يسقط فى دائرة شظف العيش، ومابين الخبز والكلمة قد يسقط مثقف أو يعلو مثقف، إنه أمر بالغ التعقيد، لدينا آلاف المثقفين الصامتين، فالدائرة الحجرية التى يسقطون فيها تشبه الرحاية تعجنهم جميعا، بلا استثناء، بعضهم يستطيع القفز من العربة والبعض يستسلم، وليست هناك مؤسسات ثقافية يمكن أن تقول عنها إنها راقية بشكل كبير يمكنها احتضانهم والدخول بهم فى مشروعات تمهد للتنمية الثقافية الشاملة فى المجتمع، وهنا تقفز أمور تتعلق بالسياسات الثقافية واسترتيجياتها وهذا أصبح أمرا نادرا فى المجتمع والعربى كله.
هل تعتقد أن لدينا مناخا ثقافيا صحيا ؟.
أعتقد أن المناخ العام يفرض نفسه على المناخ الثقافي، المناخ العام غير مؤهل لأى شئ، وبالتالى فإن المناخ الثقافى لايختلف عنه كثيرا، من هنا فإن مرض المناخ العام بسبب تراجع معدلات التنمية وانخفاض الدخول بشكل كبير أسقط الطبقة المتوسطة المصرية كلها فى مستنقع الفقر المدقع، لذلك يصبح الحديث عن الثقافة أمرا مزعجا للجميع فى ظل عواء بطون الصغار، إنه أمر مربك، الوطن كله الآن فى حالة ارتباك، لايمكن الحكم فى تلك اللحظة على شيء، لكننا لانملك سوى أن نحاول تهيئة المناخ العام حتى يمكن شفاء المناخ الثقافى الذى تحكمه الشللية والمصالح والفساد كأى مناخ آخر داخل البلد.
هل لدينا مسئول مثقف قادر على صيانة الثقافة فى الدولة المصرية؟.
كان لدينا طه حسين وثروت عكاشة ، وكان لهما مشروعهما الخاص، الآن الثقافة تتبع من يملكها وليس من يملك الرؤي، الدولة فقط تملك الرؤية، ونحن لانعرف ما الرؤية التى تملكها الدولة ولا أعتقد أن أحدا يعرف فى مصر، لأن صيانة أى شئ يتطلب الإعتراف أولا بمرضه، ولكن من المريض وما المرض لاأحد يعرف، الدولة ليست فى مركب الثقافة مهما فعلت لأنها تعتبرها من الزوائد، الغريب أننا يجب أن نلاحظ جيدا أن الثقافة ساندت الدولة فى الخمسينيات والستينيات لذلك كانت دائما قادرة على النهوض من خلال مشروعها، الآن سقط البلد كله فريسه للتطرف والارهاب والهجمة الظلامية، والعلاج نصفه أمنى ونصفه ثقافى لكننا لم نبدأ فى العلاج الثقافى بعد لذلك سيتأخر المريض وسيستفحل المرض.
الأمر الآخر نعم الكثير من العلماء أصحاب الرؤية ولكن لادور الآن للعلماء ولا دور للعلم فى ظل العشوائية البالغة السوء التى تسيطر على الحجر وليس الانسان فقط، عودة مصر للثقافة العالمية بيد العلماء المجيدين وليس أحد آخر، وبالتالى فإن ترميم ماتهشم من الثقافة المصرية يحتاج ايضا لعمل جاد يتسم بالخيال والإلهام ومحبة هذا الوطن، وليس بشئ آخر.
هل الدولة تؤمن بالثقافة وما الدليل على ذلك؟.
إيمان الدولة وإن كنت تعنى هنا السلطات الرسمية، فإنى لا أشك فى إيمانها بها، لكن ماينقصنا هو القدرة على الفعل والتعامل مع عصر المعرفة بشكل جدى يلمسه الناس على أرض الواقع، سأعطيك مثالا كبيرا، تهتم الدولة بالصناعات الصغيرة بشكل جدي، لكنها عاجزة عن التعامل معها بشكل كبير كما فعلت الصين مثلا، هنا لابد من إعادة النظر فى علاقة الثقافة بالصناعات الصغيرة، عليها أن تتساءل، ماهى التقاليد والعادات والمنتجات الثقافية التى يمكن أن تعيد مصر لمكانتها اقتصاديا وثقافيا معا، هناك عمل كبير يجب أن يتم على أرض الواقع، هناك أكاديميات يجب أن تنشأ، وهناك تدريب يجب أن يتم وهناك مراكز للتحديث يجب أن تتواجد، وهناك مساحة كبيرة للخيال يجب أن تعمل، لكن مازال كل ذلك مجرد أفكار لاتجد طريقها للتنفيذ.
هل لدينا المعلم المثقف؟.
يجب أن نعترف بأن التعليم أصبح يمثل مأساة كاملة فى مصر، لايمكن أن ندير لها ظهورنا، وأسوأ ماحدث ويحدث هو تلك الفصول ذات الأعداد الكبيرة للغاية، واستمرار التعليم الحكومى الذى تآكل فكرا لكنه مازال موجودا فى هيئة فصول حجرية ومعلمين لاعلاقة لهم بالثقافة أو المهارات اللازمة للتدريس والتعليم، نعم أعرف بعض المعلمين على المستوى الفردى جيدين للغاية، ولكن ماذا يفعل الآحاد للملايين الزاحفة على الفصول، هنا تنقطع العلاقة بالثقافة والجمال، لايمكنك العمل ببطن خاوية وعقل كسول، تحتاج لنظام تعليمى قوى يراعى التقدم العالمى ويراعى ماحدث من أخطاء حتى الماضى القريب، تحتاج لمعلم بروح جديدة.
فى الماضى كانت الأرياف المصرية تنجب لنا الأدباء والمبدعين ثم تحتضنهم المدينة لتصنع منهم نجوم فى سماء العالم والأن الوضع تغير هل تعتقد أننا قد أصبنا بالعقم الثقافى والإبداعي؟.
ستظل مصر ولادة، وعليك أن تلقى نظرة على المصريين المهاجرين للخارج فى أمريكا وأوروبا، ستجدهم من أفضل المهاجرين العرب فيما يتعلق بالعلم والطاقة الايجابية فى العمل، وأغلبهم من الأرياف بالمناسبة، إن الأمر يتعلق بالجين نفسه الذى نحمله جميعا، ولايمكننى سوى اسقاط اللحظة الراهنة من حساباتى فهى ليست دليلا اطلاقا على امكانات ومهارات الانسان المصري، وانما المشكلة فى نظام العمل كله، الريف المصرى كذلك من ناحية أخرى ينقرض، لكن مازال أغلب المبدعين يخرجون منه.
بماذا تفسر جنوح الاعلام الى تقديم وجبات هشة وسطحية من الثقافة مع قدر لابأس به من الإبداع الترفيهي؟.
الاعلام المصرى هو ناتج مايحدث على أرض الواقع فى المجتمع، وأغلب مايحدث هو سحب بصر وعقل المصريين لألعاب أخرى لا علاقة لها بالواقع، ولا أعتقد أن مايقدم على الاعلام المصرى هى وجبات بأى شكل من الأشكال، فهو أمر الحقيقة أصبح مثيرا للغثيان، ولا علاقة له بالمجتمع، ومن هنا يفقد كل الاعلام مصداقيته وحضوره لكنه يقوم بدوره العشوائى فى ظل عشوائيتنا جميعا ولن يختلف بأى شكل من الاشكال عما يحدث فى التعليم والصحة والسياسة والاقتصاد ، لأنه لم يعد يعرف من يخاطب وفقد الهدف من وجوده.
هل يمكن القول بصراحة خالية من الخجل إن العديد من إعلاميينا مصابون بالتخلف الفكرى والثقافي؟.
نحن دولة من دول العالم الثالث، ونحن الآن فى قاع قوائم دول العالم فى كثير من القضايا التعليم أهمها، والسبب فى ذلك توقف موجات التنوير والعودة لسيطرة الفكر التراثي، والاتجاه نحو عبادة الماضي، والبحث عن البطل المنقذ، الاعلام بدوره سيسير فى نفس الركب لن يتخلف كثيرا، لم يعد يتم اختيار الاعلاميين بناء على التفوق الدراسى والتحصيل العلمى ولا اللياقة الذهنية ولا القدرات الفكرية واللغوية، وهو يتحدث باسم من يديره فى الحقيقة وليس باسم المالك الحقيقى المغيب وغير الموجود، كما أنهم لا يهتمون بقراءة مايرددونه ولا التمحص فيه، إنه العالم الجديد بالمناسبة لا حقيقه فى إعلام العالم كله، عليك دائما أن تبحث عنها بدقة.
بماذا تفسر طغيان الأدب والثقافة الغربية على عقول وأسواق المصريين والعرب؟.
ليس ذلك ذنب الأدباء، فالحرية فى الغرب تنتج أفكارا ونظريات رائعة، نحن لانملك الفرصة ولا الحرية ولا القدرة على ذلك لذلك نستهلك الفكر الغربى كما نستهلك البنطلون الجينز، إنها معادلة مجربة فى دول العالم الثالث كله وليس مصر وحدها، ونحن نتأثر بذلك، وهنا ربما يجب أن أقول لك ماذا ينبغى أن نفعل؟، إعادة بناء الجامعات بشكل جيد، الأستاذ الجامعى يحتاج لثقافة عريضة وموسوعية وهى مهمته وليست مهمة الدولة، وذلك لتطوير الفكر العربى كله ووضعه فى عصر المعرفة ، ناهيك عن أهمية البحث العلمى فى مجالات الفلسفة والفكر والثقافة والابداع والفن والأدب كل ذلك يجب أن يعود بقوة إذا أردنا أن تتوقف أفكار التطرف، ويجب أن تقود الجامعات ذلك وتدفع أساتذتها له بكل قوة، وأن توفر لهم كل الأدوات اللازمة لذلك.
كيف تقرأ جنوح كثير من شباب الأدباء الى الكتابة باللغة العامية والفرار من أساليب الكتابة الرصينة؟.
الكتابة بالعامية ليست مسألة جديدة على الفكر العربى والمصري، فألف ليلة وليلة منها طبعة بالعامية المصرية، وهناك كتاب الشيخ مصطفى المعنون «هز القحوف فى قصيد أبى شادوف» وهو مايعنى أننا يجب أن نحافظ على هوية العامية ، لكنى لاأعتقد أنها تجارب ناجحة حتى الآن لأن أصحابها يقعون فى مآزق مستمرة، فالعامية لغة جسد أكثر منها لغة خطاب، فالكلمة تفقد نصف معناها إن لم تر صاحبها وهو يقولها وإلا التبس عليك الأمر.
متى نعلن موت المثقف المصرى والعربي؟.
لا أعتقد أنه سيموت، بل سيعود من اغماءته، لأن هناك مثقف جديد قادم يرى العالم بمنظور آخر، لذلك أتوقع الكثير القادم.
لماذا لم تعد صفحات التاريخ المصري الحديث والمعاصر مصدر إلهام لشباب الادباء فى مصر؟.ببساطة لأن التاريخ ليس موثقا وليس واقعيا وليس حقيقيا، إنه تاريخ مكتوب من خيالات كتاب، وليس تاريخا منضبطا كما تعلمنا فى مدارس التاريخ فى العالم. لذلك يتوقف معه الخيال والإلهام، بل ستجد النقيض تماما.
كيف يمكن استخدام الثقافة كسلاح لمحاربة الجهل والضلال الذى تسرب إلى المناخ الفكرى فى مصر؟.
قل لى ماهى سياساتك الثقافية سأقول لك كيف تحارب الجهل والضلال!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.