الأديب جمال الغيطاني قال: إن صحافتنا محلية فقط ولكنها أيضاً قاهرية بأمتياز، ولو دققنا في الجرائد فإن الصعيد غير متواجد علي صفحات الجرائد المصرية، وأن أخبار المحافظات لها صفحة، خاصة بها، وكأنها دول شقيقة . خلال أزمة المباراة الأخيرة أعجبني مقال لكاتب تواجد في الجزائر في فترة الأزمة ونقل بصدق حجم الدمار المادي والمعنوي الذي لحق بالعلاقات المصرية الجزائرية.. ولفت نظري أنه ليس لدينا مراسلون في الجزائر لنقل الصورة ورصد الأحداث . يضيف الغيطاني أنه كان بفرنسا الأسبوع الماضي والصورة المتصدرة للمشهد هناك الطوبة التي قذفها المصريون علي أتوبيس لاعبي الجزائر، لأن لديهم إعلاما وكاميرات تهتم بنقل الصورة للغرب.. بينما ما تصدر المشهد لدينا الندب والشكوي والنواح من الهجوم علينا، وتم ذلك من خلال أداة خطيرة تتم رؤيتها هناك، وهي الفضائيات فكانت النتيجة كارثية. وأنا أدعو الدول العربية وأولها مصر لتشجيع الجزائر في كأس العالم، فمصر بلد كبير، وهذا يلزمها أن تحتوي أخطاء الآخرين وتتعامل بالعقل ولا تواجه الخطأ بالخطأ، ولابد أن يكون هناك مكتب ومراسل مقيم لكل جريدة في كل دولة عربية، ولابد أن تتحول قناة النيل الثقافية إلي قناة للعرب، والمشكلة أن مصر ليست في أفضل حالاتها وليس صحيحا أنه يمكن الكفر بالقومية العربية، فالعربية لا تلغي الفرعونية، ولا تلغي القبطية فكلها مراحل تطورت في الشخصية المصرية لا يمكن نكرانها . - الكاتب الكبير محمد عبد المنعم يقول: لا أعتقد أن الجرائد المصرية شديدة المحلية، والدليل أن الجرائد القومية بها صفحة للشئون العربية .. وهناك سفريات وتبادل إعلاميين وما تفجر ضمن تداعيات الأزمة ليس لأن الإعلام المصري شديد المحلية، لكن لأن هناك رواسب من الماضي في العلاقات العربية - العربية وهذه الرواسب تطفو فوق السطح بين حين وآخر .. فمن الواضح أن هناك أنوية من بعض الدول العربية وهي فكرة أساسية في توتر العلاقات نتيجة رغبة بعض الدول العربية في الريادة والسيطرة معتمدة علي اختلاف المعايير بالنسبة لمصر الآن فمثلا مصر كانت أغني دولة عربية وكانت تساعد وتعلم وتعالج العرب وبسبب الحروب والمعارك لم تصبح كذلك.. فالدول العربية تلعب علي ذلك المنطق ونحن بيننا وبينهم وحدة في التاريخ والدين واللغة. وليس من الصحيح من وجهة نظر الكاتب الكبير محمد عبد المنعم الكفر بالقومية لأن العالم كله يتجه الآن إلي التكتل.. تحدثنا كثيرا عن السوق العربية التي لم تخرج للواقع.. وهم لم يتحدثوا وأقاموا السوق الأوروبية المشتركة.. ونحن في زمن أمراض اجتماعية ونفسية تتعلق بالحقد والغيرة والرغبة في الزعامة فلابد لكي تحدث وحدة عربية من تنقية تلك الشوائب والرواسب. - الأديب المعروف يوسف القعيد يشير إلي إهمال متبادل في الصحافة العربية والمصرية بالشئون العربية.. فنحن لا نهتم كثيرا بالأخبار العربية.. وهم لا يهتمون بأخبارنا بما يتناسب مع قدرنا، فهناك أجيال كثيرة حديثة من الدول العربية تعلمت في مدارس أجنبية وسافرت أوروبا وأمريكا واليابان وماعادوا يأتون للقاهرة والأزهر مثل آبائهم وأجدادهم.. مثلا وزير الصحة في سلطنة عمان تخرج في طب أسيوط وكان مقيما بمنطقة البداري بجانب أسيوط فنحن تقوقعنا واكتفينا بأنفسنا وهم أيضا بدأت تظهر عليهم مشاكل العلاقة بالشقيق الأكبر التي عبر عنها ديستوفسكي قائلا: من منا لم يرغب في قتل أبيه!! فالأشقاء الصغار نهضوا وتعلموا من فكر وثقافة مصر وهم الآن يرغبون في قتل الشقيقة الكبري أو هذا ما يسمي نهوض التابع والإيجابية الوحيدة فيما حدث هي أن نفكر بعمق في صورتنا لنري العقل العربي وصورة العرب في عقولنا نحن المصريين وإن نقوم بعمل عقد جديد يتخلص من عقدة الشقيقة الكبري مصر أيضا أصابتها أمراض الشقيقة الكبري، ويضيف: في مصر نحن نتصور أنهم لابد أن يعرفوا كل شيء عنا في حين لا نعرف عنهم شيئا ولابد أن يجلونا ويحترمونا ونحن لا نقدم شيئا. يضرب القعيد مثلا أنه في ملتقي القصة القصيرة لهذا العام حصل الأديب زكريا تامر علي جائزة القصة القصيرة وهو أديب عربي كبير وقد سأله القعيد: هل جاء صحفي مصري ليجري معك جوارا فقال: إطلاقا!! ويعترف القعيد أنه ارتكب خطأ رهيبا عندما كتب متسائلا لماذا لا يحصل علي الجائزة المصرية أديب مصري مثل يوسف الشاروني أو إبراهيم أصلان-! فإنه ندم علي هذا الخطأ لأنه يعني أننا مازلنا لم نتخلص من تلك العقدة. ويري القعيد أن الرئيس مبارك كان أحكم الشخصيات في إدارة الأزمة الأخيرة، فهو قال كرامتنا لا تمس مع ضبط النفس، فمشاكل الدول لا تعالج بالعنتريات وخلق الأزمات ومصالح الدول خط أحمر لايجب تجاوزه. مصر بلد قدر لها أن تكون دولة دور وقيادة وريادة وقد قاد عبدالناصر هذا الدور بالكتاب والقلم ولوحة الفن التشكيلي والمسرحية والأغنية، والجزائريون عندما أرادوا عمل النشيد الوطني لحنه محمد فوزي، وهو مصري وكل الفنانين لم يصبحوا فنانين إلا إذا كانوا صناعة مصرية: صباح ووردة وفايزة أحمد ولابد لمصر أن تلعب هذا الدور من جديد.. فلا يمكن مع الظروف القاسية جدا التي تعيشها السودان أن تقوم بالهجوم عليها فهذا تصرف لايحتمل من أخت شقيقة. - الكاتب الكبير صلاح عيسي قال إن إهمال الشئون العربية لايقتصر علي الصحافة المصرية فكل الصحف العربية أصبحت تركز علي القضايا التي تتعلق بشئونها المحلية، فهناك صحف أنشئت لأسباب قومية اختفي دورها القومي مثل السفير، اللبنانية والوطن والقبس الكويتيتين. وقد تراجع دورها بسبب تراجع المشاعر القومية وأصبحت فكرة القطرية هي الغالبة وهناك 4 محطات رئيسية كانت السبب في تلك المشاعر أولها الخلاف حول كامب ديفيد وكان ذلك خطأ من السادات فكان من المفترض مادام هو قرر أن الوقت لم يعد مناسبا لمواجهة إسرائيل بالحرب، كان عليه إقناع الدول العربية بذلك قبل أن يقدم علي تلك الخطوة.. وقد واجهت الدول العربية موقفه بخطأ أفدح، حيث حاولت إفشال مبادرة السلام، فأدي ذلك إلي إضعاف الموقف العربي بشكل عام. أما المحطة الثانية فهي الحرب الأهلية اللبنانية لأن كل دولة عربية تبنت فصيلا في الصراع اللبناني، ثم جاء الغزو العراقي للكويت.. الكويت كانت دولة ضحية لديها حماس كبير لفكرة القومية، وغزو العراق لها أنهي هذا الأمل، أما المحطة الرابعة فهي اتفاقيات أوسلو، لأن قضية العرب المركزية في ذلك الوقت كانت القضية الفلسطينية، فعندما قام الفلسطينيون بمفاوضات سرية بدا وكأن أصحاب القضية الأصلية لا يريدون مساندة العرب وتراجع الإحساس القومي. يضيف عيسي: بالنسبة للمغرب العربي فهو دائماً كان معزولاً وأنه حضر ندوات عديدة اشتكي فيها أدباء المغرب العربي من إحساسهم بأن المشرق العربي يعتبر نفسه هو العرب فقط، وليس لديه أدني اهتمام بالمغرب العربي، وهي مشاكل سببها الجغرافيا. كما أن القومية العربية قدرنا وليست اختراعا لعبدالناصر ولكنه تبناها وفشل، وكذلك تبنتها أطراف كثيرة وفشلت، وهذا ما جعل الإحساس بها يقل، والصحافة المصرية لا تهتم بالشئون العربية ليس سهواً ولكن لأنها تدرك أن الأنباء التي ستنشر عن الدول العربية لم تعد مادة جاذبة بما يكفي للقراء لأن مشاعر القطرية هي الغالبة. مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين قال: بالفعل الصحافة المصرية شديدة المحلية وليست صحافة مصر التي تريد أن يكون لها دور ريادي ولكنها لا تعالج إلا مشاكل متكررة أصبحت تجلب السأم للقارئ.. ولكن عندما تكون هناك قضية عربية هامة لا يلقي الضوء عليها، فمسألة الحوثيين تؤخذ في 3 سطور في الصفحة الداخلية ولو حدثت أزمة في العالم العربي يتم تناولها في عمودين، بينما تفتح الصفحات للقضايا الداخلية المكررة، والتي لا تقدم جديدا بالإضافة إلي أن الصحافة المصرية تخطئ في الأماكن والتاريخ والجغرافيا، بالنسبة للتناول العربي، فإنه في قسم الديسك بالأهرام، كانت الشئون العربية أخبارها تراجع عشرات المرات للتأكد من الأخطاء وهذا يغضب العرب، والمشكلة أن الوضع اختلف، ومصر لا تريد أن تدرك ذلك، فمصر أصبحت ندا بين أنداد، والثورة تم استبدالها بالثروة وموازين القوي تغيرت ونحن لم نتغير ولم نغير أدواتنا ووسائلنا للتعامل مع الخريطة الجديدة، والمشكلة الأكبر أننا نعتقد أن مصر لها الريادة بجامعاتها، والحقيقة أن جامعاتنا في تدهور وأن لها الريادة في الفن والسينما ونحن الفن لدينا والسينما التي نقدمها هبطت، وكذلك الأزهر لا يتمتع بقدر من الاستقلال ولا يوجد نظام ديمقراطي يخاف منه العرب، وما يحدث هو خطأ سياسات وخطأ ثقافة وعدم إدراك. ويضيف: إذا كانت القومية المصرية ستعوض غياب القومية العربية فلا مانع، ولكن يجب أن نفطن أن الحل الوحيد للمشكلة هو أن تستعيد مصر ريادتها وهذا من مصلحتنا. المسألة ليست مراسلين للدول العربية، ولكن دراية ووعي بما يحدث حولنا ووجود تحقيقات حقيقية، ففي الصحافة المصرية قليلة هي التحقيقات التي تقدم جديداً، فلابد من إدراك أن الأوضاع الاقتصادية غيرت موازين القوي ونحن ليس أمامنا غير مواصلة الإصلاح والانفتاح علي إيران وتركيا حتي يخشانا العرب ويعرفوا ويتأكدوا أن لدينا خيارات وبدائل عديدة، نستطيع أن نقدم بها الحماية والعون.