ثروة قومية، وتراث ثقافي، وقيمة مادية ضخمة.. تلك هى الصفات التى تمثلها مزرعة الزهراء للخيول العربية التابعة لوزارة الزراعة. لها أصول عريقة تتمثل فى أفراس وخيول تمتد سلالاتها لمئات، وربما لآلاف السنين والتى سجلت بدقة فى دفاترها منذ عهد محمد علي. تتربع «المحطة» على عرش مزارع الخيول بالعالم وتعد «خيل الحكومة المصرية» الصادرة من «الزهراء» هى الأجمل والأعرق على مستوى العالم. ولكن اخيرا عانت «الزهراء» من عدة مشكلات جاءت على لسان بعض العاملين بها ومحبى المزرعة من مربى الخيول وعدد من ملاك المزارع الخاصة الذين رأوا فى الزهراء كيانا مهما يمثل الحفاظ عليه ودعمه حفاظا ودعما لمزارعهم الخاصة التى تأسست عبر شرائهم لفائض انتاج محطة «الزهراء». بحسب احد العاملين بالمحطة والذى فضل عدم ذكر اسمه فإن المزرعة تضم عددا من «الكنوز» اولها بالطبع «الأفراس» و»الطلايق» التى تمتد جذورها لمئات السنين والتى تم تسجيل أصولها فى مكتب التسجيل الملحق بالمزرعة وهو ما يضمن ندرتها وتفرد المزرعة بهذه الأحصنة هذا المكتب يعد بمثابة «السجل المدني» لجميع الخيول العربية الأصيلة فى مصر والذى يعد واحدا من كنوز المزرعة، وخلال السنوات الأخيرة أصاب المزرعة الكثير من السلبيات التى أثرت على إنتاج المزرعة وأهمها نقص الأغذية والأدوية وغياب أعمال النظافة مما تسبب فى نسبة نفوق بين الأحصنة الصغيرة (المهور) خلال العام الأخير. موظف آخر بالمزرعة أوضح أن أعمال النظافة فى المزرعة فى حالة سيئة للغاية، فكثيرا ما تظل «السبلة» فى مواقعها لعدة أيام بما يسبب روائح كريهة جدا وتتفاعل بشكل يسبب أدخنة واشتعالا ذاتيا لها، وكل هذا يؤثر على الخيول وكذلك على سكان العقارات المحيطة. غذاء ودواء وعنابر »قلة الطعام والعلاج للخيول» واحدة من الشكاوى التى تكررت على لسان أكثر من عامل فى المحطة ويقول أحد الموظفين :»الخيول التى تباع فى المزاد هى فائض إنتاج المحطة وتكون بالطبع حالتها جيدة ولكن بعد البيع ومع التغذية السليمة تتحسن حالة الحصان جدا واذا حصل على تلك الاغذية فى المزرعة بالتأكيد سيرتفع سعره فى المزاد!» أما ضيق العنابر وعدم صيانتها فهو من السلبيات التى يطالب العاملون بتداركها فى المزرعة لما لها من تأثير سلبى على المهور الصغيرة التى أصيب بعضها بجروح خطيرة نتيجة «رفس» مهور أخرى لها والسبب.. ضيق العنابر، كما أن غياب الصيانة يسبب اعوجاجا وتعرجا لأرضية العنبر وهو ما قد يؤدى فى النهاية لمشاكل فى سيقان الخيول وحوافرها فلابد أن يكون للمنشآت صيانة. محبو «الزهراء» الحديث عن حالة محطة الزهراء وأهميتها كتراث وطنى وثروة قومية لم يصدر من العاملين فى المزرعة وحدهم، ولكنه امتد للمتعاملين معها من مربى الخيول ومحبيها ومنهم عماد الدين زغلول، فارس وحكم دولى فروسية وبطل دولى فى ترويض الخيول فى محطة الزهراء والذى عاصرها منذ عام 1967 حينما تولى والده الدكتور ابراهيم زغلول وكيل وزارة الزراعة والمسئول عن الخيول والذى كان عضو مجلس حكماء الزهراء. يرى زغلول أن تدهور المزرعة بدأ منذ نهاية التسعينيات ووصف الوضع الحالى للمزرعة ب»الاحتضار» لغياب أساسيات منها الغذاء والدواء للخيول وهو ما يتطلب وقفة جادة من المسئولين للحفاظ عليها ويقول:» الزهراء ليست مجرد مزرعة خيول انها تراث انسانى لا يوجد لها مثيل خارج مصر، حيث تضم مجموعة من الخيول النادرة ذات الاصول المعروفة من مئات السنين فالمحطة تضم أجمل مجموعة أفراس فى العالم كله، لذلك يتميز إنتاجها عن انتاج مزارع العالم اجمع، وهى جهه منتجة وتحقق دخلا كبيرا لوزارة الزراعة. وبحسب الحكم الدولى فإن الأمر يتعدى بعض السلبيات فهناك دول أخرى تريد تدمير تلك المزرعة بغرض السيطرة على الخيول العربية الأصيلة، ويرى أن الاهتمام بالأساسيات سوف يضمن على الأقل وضعا أفضل للخيول ويوضح: على سبيل المثال «السياس» يحصلون على رواتب ضعيفة جدا وحالتهم الصحية والاجتماعية سيئة فإذا لم يحصل العامل على كفايته فلن يعطى الخيول الاهتمام الكافي. ويشاركه فى الرأى احد موظفى المزرعة الذى فضل ايضا عدم ذكر اسمه قائلا:» قبل المزادات السنوية يتم فصل الخيول المشاركة فى عنابر منفصلة فتلقى رعاية أفضل وهو ما يظهرها بشكل مقبول اثناء المزاد ولكن اذا لقيت تلك الخيول العناية نفسها طوال العام سوف يتضاعف جمالها وبالتالى ثمنها». مكتب التسجيل ويوضح فيصل أبو العلا صاحب مزرعة خيول فى أسيوط أن الحصان العربى الأصيل هو «قيمة» خاصة جدا، ومصر هى أول دولة فى العالم حافظت على الحصان العربى منذ القرن الثالث عشر ويقول: الاجنبى الذى يملك حصانا من مصر يفتخر بذلك ويقول «هذا حصان خط مصري»» ولذلك كتاب انساب الخيول المصرى هو الكتاب الوحيد الذى اعترفت المنظمة الدولية للخيول العربية «واهو» بجميع اجزائه فالمزرعة لم يدخلها حصان غريب منذ عام 1818. أما هدى الجندى صاحبة مزرعة خيول فتعترض على قرار خروج مكتب تسجيل الخيول من مزرعة الزهراء وترى أن القرار يوحى بفشل المزرعة فى إدارة هذا السجل وتقول :»مصر هى البلد الوحيدة التى مازالت تحافظ على 25 سلالة معروف نسبها بالكامل والفضل فى ذلك لهذا السجل. وتوضح الجندى أن نقاء الحصان يرجع دائما إلى «الفرسة» أو «الأم» لذلك لا يتم تزويج فرسة الزهراء من خارج المزرعة إطلاقاً بينما يمكن للخيول الذكور الزواج من خارجها لتحسين النسل فى مزارع أخري، ولا يتم بيع الأمهات لأنها «أصول» التفريط فيها يمثل إهدارا للمال العام. خطة تطوير توجهنا بالمشكلات السابقة للدكتور محمود أمين المصيلحى رئيس مجلس إدارة الهيئة الزراعية المصرية الذى اوضح أن هناك عددا من المشروعات المطروحة لتطوير» الزهراء» وتم بالفعل إعداد خطة قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى لتطوير البنية التحية بالمحطة وتجهيز المستشفى البيطرى والمعمل وشراء الاجهزة الطبية له، وفيما يتعلق بالأغذية والنظافة وصحة الخيول فكل المناقصات التى تقوم بها الهيئة تكون بناءً على الطلبات المقدمة من رئيس الإدارة المركزية لتربية الخيول أما الادوية فتقوم الادارة العامة للرعاية بارسال المخاطبات بالادوية، والمستلزمات، والكيماويات اللازمة ويتم شراء كل ما سبق بنظام الممارسة العامة وطرح المناقصات وبعض الاصناف يتم طلبها بالامر المباشر . وعن قرارات مجلس الادارة السابق أوضح أنه تم الإعداد والتحضير لعرضها على مجلس الادارة القادم لمناقشة القرار الخاص بشأن فصل الإدارة العامة للتسجيل (مكتب التسجيل) عن الادارة المركزية لتربية الخيول وتكون تبعيتها تحت اشراف مدير عام الهيئة. وعن مشكلة النظافة بالمزرعة أوضح أنه تم اتخاذ قرارات للتخلص من «السبلة» بأى طريقة ممكنة بقيمة نقدية أو بالمجان وبالرغم من ذلك لم تتمكن الهيئة التخلص منها لعدم التزام الشركات وعزوفها عن استكمال التعاقد حيث ان السبلة تحتوى على نسبة كبيرة من القش.