بعد أن قالت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية كلمتها وأعلنت الدكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية أعتقد أننا نحتاج إلي إستراتيجية التبشير بأكثر مما نحتاج إلي استراتيجيات الجدل والتخويف سواء كانت بأغطية سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو اجتماعية لأنه لا قيمة ولا جدوي من كل هذه الاستراتيجيات في ظل مناخ مسموم لا يفرق بين الحق المشروع في المراجعة والتصحيح بكل أدوات النقد وبين الخطأ المدمر بالمبالغة في جلد النفس والذات ونشر رياح التيئيس والإحباط. والحقيقة أن ما يدفعني إلي القول بذلك صراحة هو أن بعض ما يكتب في الصحف وبعض ما تبثه الفضائيات منذ احتدام معركة الرئاسة- وحتي بعد إعلان النتيجة رسميا- يبدو في ظاهره كأنه تعبير عن طفرة هائلة في حرية الصحافة وحرية الإعلام ولكنه في جوهره يعكس ارتدادا مخيفا عن ثوابت الوطن ودفعا باتجاه المزيد من فقدان الثقة بالنفس إلي حد الشعور بالعجز! إن هذا الذي طالعناه علي صفحات بعض الصحف ومازالت تبثه معظم الفضائيات يصب- للأسف الشديد- في خانة التأكيد علي أننا دولة عاجزة وأننا أضعنا سنوات طويلة من عمرنا نلهث وراء سراب اسمه التنمية المستدامة وأننا كنا ننتقل من فشل إلي فشل في كل المحاولات والتجارب التنموية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية. والحقيقة إن هذا الذي يكتب في بعض الصحف ويقال علي شاشات معظم الفضائيات يمثل وجها واحدا من وجوه عديدة للحقيقة فواقع المشاكل المتراكمة لا يختلف عليه أحد ولكن الخطر أن يتم توظيف هذا التوصيف الصحيح لواقع العجز والقصور في ترسيخ الانطباع بأن الفكرة من أساسها فكرة باطلة! أن من يقولون أو يكتبون باتجاه تيئيس المجتمع يتجاهلون أن مشروعات التنمية والاستثمار لم تخفق- اجتماعيا- لأنها مشروعات غير واقعية وإنما سبب الفشل يرجع إلي أن الذهاب إليها لم يبدأ من النقطة الصحيحة بالاعتماد علي إسهامات الجماهير واحتياجاتها المصلحية حيث جري القفز نحو هذه المشروعات بقرارات علوية ومن ثم ارتبط مصير هذه المشروعات بعلاقات التزواج بين السلطة والمال التي تفتقر إلي أي نظرة اجتماعية وترتكز فقط إلي الأرقام الصماء لمعدلات النمو التي ترصدها المؤسسات المصرفية الدولية وتصفق لها! رفقا بمصر أيها السادة! خير الكلام: من الصعب أن يجتمع المال والشرف في كيس واحد! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله