لا أظن أنه يغيب عن فطنة أحد من أعضاء حكومة الجنزوري أن المسئولية الوزارية ليست امتيازا وإنما هي أمانة ومسئولية من أجل توجيه دفة العمل الوطني نحو الاتجاه الصحيح وإرشاد العاملين تحت قيادته إلي طريق الشرف والطهارة والعمل المخلص لوجه الله والوطن فقط مع تجنب السعي لتسجيل مواقف وافتعال بطولات! بل لعلي أضيف إلي ذلك اعتقادي أن الوزير يخطيء الطريق إلي النجاح إذا تصور أن الأمر مجرد سلطة وأبهة وصولجان, وتجاهل الحقيقة الأساسية وراء استدعائه وتكليفه في أن يسعي لتحسين أحوال الناس في ظروف استثنائية استدعت تشكيل حكومة الإنقاذ.! والحقيقة أن هناك ثمة عوامل مشتركة تؤدي إلي فشل وتعثر الوزير في إنجاز مهامه علي الوجه الأكمل بصرف النظر عن نياته ومقاصده... فليس هناك ما يهدد نجاح الوزير أو المسئول سوي الغرور والنرجسية في الشعور بالذكاء والتفوق خصوصا تجاه أقرانه من الوزراء لأن ذلك يفرز أجواء مسمومة تتجاوز المنافسة وتهييء لصراعات مكتومة ومدمرة خصوصا أن أغلب هذه الصراعات تتمثل دائما في الضرب تحت الحزام وهو ما يؤدي إلي غياب الانسجام الحكومي! ولأن المرحلة الانتقالية بالغة الصعوبة وعمرها قصير فإن من غير المقبول أن تضيع الفترة الانتقالية في مجرد رسم الخطط والتبشير بالبرامج والمشروعات واقتراح نظم وآليات جديدة دون مراعاة لمدي اصطدام هذه الخطط, والبرامج, والنظم النظرية بأرض الواقع وبعنصر الزمن الأمر الذي يستنزف جهد الوزراء ووقتهم بعيدا عن مهمتهم الأساسية في الإنجاز والتطوير العاجل والملح بما يتطلبه من قيادة دفة العمل دون انتظار لما تسفر عنه الخطط المقترحة والنظم المستحدثة من نتائج ومردودات علي المدي البعيد. ولأن المسئولية الوزارية أحد أهم جوانب العمل السياسي تبقي إلي الأبد صحة المقولة بأن السياسة هي فن الممكن... ومعناها بوضوح أن الرجل السياسي هو الذي يستطيع أن يدرك- بحسه السياسي- ما هو في الإمكان فيسعي إلي تحقيقه وما هو غير ممكن فلا يتورط في البدء فيه قبل أن تتهيأ الظروف التي تجعل منه أمرا ممكنا وقابلا للتحقيق. وغدا نواصل الحديث. خير الكلام: سوء التدبير عنوان العجز وسبب التدمير! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله