ليست القضية في القول باستمرار الثورة أو بالدعوة إلي ترشيد مسارها وإنما القضية هي كيف ننتقل وبسرعة من خنادق الشكوي والصراخ والرفض والغضب إلي آفاق الفعل والتأثير التي تغلق الأبواب أمام أية احتمالات تدفع الأغلبية الصامتة إلي الشعور- علي عكس الحقيقة- بأن كل المصاعب والأزمات سببها هذا الهيجان الأهوج لربيع الثورات العربية. إن المطلوب علي وجه السرعة توجيه دفة الاهتمام للشأن العام الاقتصادي والشأن الاجتماعي فالشعوب العربية لن تشعر بالرضا من تدبيج المقالات وإصدار المؤلفات وإلقاء القصائد الشعرية حبا في الثورة وإنما سوف تشعر بانتمائها الكامل للربيع العربي عندما تدور عجلة الإنتاج ويعود الانتعاش إلي سوق السياحة وتبدأ مؤشرات البورصات في الارتفاع وترتفع قيمة الأسهم والسندات وتعود الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية للتنافس تحت مظلة الاطمئنان بوجود استقرار أمني واطمئنان اقتصادي. وبصرف النظر عن اختلاف كل حالة عربية عن غيرها من دول الربيع العربي فإن القاسم المشترك هو بروز الحاجة إلي سرعة استعادة الثقة بالنفس والثقة لدي الغير وتلك أمور لن تتحقق بمهرجانات التبشير أو بالمبالغة في دق نواقيس الخطر وإنما المطلوب هو برنامج زمني عاجل ومتدرج باتجاه استعادة العملات الوطنية لقيمتها من خلال تشجيع المستثمرين علي إعادة المليارات التي هربت باتجاه الخارج وأدت إلي هبوط حاد في الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية خصوصا في كل من مصر وتونس اللتين تأثرتا بدرجة مزعجة من انخفاض الدخل السياحي خلال عام.2011 إن الاحتفال الحقيقي بربيع الثورات العربية أو المطالبة باستمرار هذا الربيع لا يمكن ترجمته إلي عمل ملموس يحظي بالقبول الشعبي ما لم نجعل من عام2012 عاما للربيع الاقتصادي والاجتماعي لأن ذلك فقط هو الذي يمكن أن يعطي المعني والقيمة لإنجازات الربيع السياسي في عام2011 حيث جري الاحتكام لصناديق الانتخابات بكل نزاهة وشفافية وبما يؤكد أن هذه الملايين التي خرجت لإنجاح الربيع السياسي عام2011 تستحق أن تجني ثمار الربيع الاقتصادي والاجتماعي في عام.2012 وغدا نواصل الحديث..
خير الكلام: مصاعب الحياة تحتاج إلي عقل كبير ولسان قصير! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله