أين سؤال المستقبل؟ط إذا كنا جادين فى تمكين ثورة 25 يناير من بلوغ أهدافها فإن المسئولية الوطنية والقومية تحتم على الجميع أن يجتمعوا على قلب رجل واحد من أجل الوصول إلى تصور مشترك حول آفاق المستقبل ومتطلباته. وعندما نفتح الباب لحوار وطنى بشأن المستقبل فإننا مطالبون جميعا بأن نضع خطوطا فاصلة بين ما نتمناه وما نتوقعه وأن نفرق تماما بين ما نستطيع إنجازه وما يستحيل أن نقفز إليه دفعة واحدة! إن من واجبنا أن نجتهد جميعا فى طرح ما ينتظرنا فى المستقبل من تحديات ومصاعب قد تصل إلى حد الكوارث، ولكن هناك فرق بين الطرح الأمين بهدف التنبيه ودق أجراس الخطر مبكرا، وبين الرغبة فى التخويف وإطفاء الأنوار وفتح أبواب اليأس والقنوط على مصاريعها! وأتذكر أننى قرأت منذ سنوات بعيدة تعبيرا للفيلسوف العالمى برتراند راسل يقول فيه: إن من يتصدى للحديث عن المستقبل يجب أن يتجنب الطرح بأسلوب «اليقين» وأن يلتزم بحدود «الاعتقاد» فقط! والمعنى واضح فعندما أتحدث عن المستقبل فإن من الصواب أن أقول: إننى أعتقد أن بإمكاننا أن نتخطى معظم مصاعب الغد إذا بدأنا مبكرا فى الاستعداد لها.. وأقول «أعتقد » لأن ذلك ليس أمرا مؤكدا فلا ما اجتهد فى طرحه من مصاعب وتحديات أمر مؤكد ولا القدرة على تخطى هذه المصاعب والتحديات أمر مؤكد.. وإنما هو مجرد اعتقاد! ومن جملة الاعتقادات والتصورات والاجتهادات التى يدور بشأنها حوار وطنى بشأن المستقبل يمكن أن تتحدد الملامح المؤكدة لبرنامج العمل الوطنى الذى يقدر على مواجهة ما ينتظرنا من مصاعب وتحديات. ونحن نحسن صنعا إذا حرصنا فى مثل هذا الحوار على عدم التوقف طويلا وتركيز الاهتمام على عمق المصاعب وشدة التحديات التى تنتظرنا لأن مثل هذا التوقف يوجد أجواء اليأس والتراخى ، ومن ثم يستحسن أن يتركز الاجتهاد حول السبل والوسائل التى تيسر لنا قهر هذه المصاعب والتحديات . إننا بحاجة إلى أطباء يعرفون جيدا كيف يصفون الدواء السليم بأكثر من حاجتنا إلى أطباء مهرة فى « التشخيص ».. ودائما فإن الفرق بين طبيب وآخر يكمن فى مدى الخبرة التى تؤهله لكتابة أسهل وأرخص روشتة للمريض . وفى اعتقادى أن القدرة على سرعة استعادة أجواء الأمن والاستقرار هى نقطة الانطلاق نحو الغد ، مهما اختلفت المجالات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية . فهل آن الأوان لكى نطرح سؤال المستقبل على أنفسنا بدلا من الاستغراق فى صراعات الماضى التى أرهقتنا وشغلتنا بأكثر مما يجب ؟ أعتقد أنه قد آن الأوان... وأكرر كلمة «أعتقد » !! خير الكلام :
قمة الصدق فى شجاعة نقد الذات وأنت فى القمة ! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله