توظيف الروح الجديدة! رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر في هذه المرحلة فإن روحا جديدة بدأت تسري في النفوس باتجاه الشعور بالقدرة علي قهر المصاعب وتخطي المستحيلات ليس بمنهج الانكفاء علي النفس والذات والتقوقع داخل الحدود وإنما بالانفتاح والتفاعل مع المحيط الواسع عربيا وإفريقيا وإسلاميا انطلاقا من أن الهوية المصرية تنتسب بالتاريخ والجغرافيا والعقيدة لهذه الدوائر الأساسية الثلاثة. وإذا كانت المصارحة بالحقائق والمكاشفة بالواقع تبدو في بعض الأحيان أمورا صادمة خصوصا عندما تتعلق بالأوضاع الاقتصادية من نوع ما كشف عنه وزير المالية في تصريحاته الأخيرة إلا أن روح الأمل الآخذة في التصاعد علي طول وعرض البلاد كفيلة بتوليد القدرة علي عبور عنق الزجاجة الراهن كما فعلت مصر علي طول تاريخها في مواجهة العديد من الأزمات والمشاكل من خلال مبادرات خلاقة تستند إلي أفكار إصلاحية توفر الحد الأدني من العدالة والمساواة بين كافة المواطنين. إن هذه الروح الجديدة مثل نبت صغير يحتاج إلي فائق العناية وكامل الرعاية المتمثلة في توسيع مساحة الاستنارة وتأكيد أهمية إحياء القيم الرفيعة والأخلاقيات النبيلة في المدارس والمساجد والكنائس حتي تنعكس علي سلوكيات المواطنين وتعاملاتهم المجتمعية مع بعضهم تحت رايات الأخوة والتسامح والاحترام المتبادل. أتحدث عن أدوار تكاملية بين المدرسين وأئمة المساجد وقساوسة الكنائس لتأكيد الانتصار للمواطنة كمدخل أساسي لتحديد خيارات الحاضر وتوجهات المستقبل الكفيلة بحماية الوحدة الوطنية وإجهاض كل أشكال الفتنة الطائفية الجهولة التي تطل علي مجتمعنا بفجاجة بين الحين والحين. أريد أن أقول بوضوح: إن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي نواجهها ليست أصعب ولا أعقد مما سبق أن واجهناه بعد هزيمة يونيو1967 ثم استطعنا بمعرفة الذات وتأصيل الهوية وتعميق الوحدة الوطنية أن نصنع العبور الكبير في أكتوبر...1973 ومن ثم فإن سبيلنا الوحيد لقهر المصاعب يبدأ بالوحدة الوطنية كعامل مشترك وأساسي قادر علي توظيف الروح الجديدة لجمع كل المصريين علي هدف واحد هو مصلحة مصر وأمنها واستقرارها الذي يعلو فوق أي نزعات طائفية أو لافتات دينية يستهدف القائلون بها جهلا أو عمدا تفتييت وحدة هذا الوطن. باختصار شديد أقول: إن هذه الروح الجديدة ينبغي توظيفها توظيفا صحيحا لتكون نقطة البدء الحقيقية للتحرك علي الطريق السليم لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتلبية كافة الطموحات السياسية المشروعة في الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. ومن حسن الحظ أن هناك شوقا عارما في الشارع المصري لترسيخ عودة الروح ليس فقط من أجل بناء القدرة علي مواجهة تحديات الداخل وإنما أيضا من أجل استعادة الدور المصري القادر علي بعث الروح القومية من جديد في العالم العربي كسبيل وحيد لتمكين الأمة العربية من أن تصبح رقما فاعلا في المعادلتين الإقليمية والدولية. خير الكلام: عارض من يغشك بالنصح... وكافيء من يقاطعك بالصلة! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله