أزعجني ما نشرته الصحف عن ملامح قانون الإيجار القديمة تمهيدا لمناقشته في مجلس الشعب، ولاحظت أن معظم التعديلات تصب في مصلحة المالك المخدوع وتعتبر المستأجر جيش احتلال. وبحسبة بسيطة جدا نستطيع أن نعرف من الذي خدع الآخر فى العقارات القديمة المالك أم المستأجر ؟ .. فمتوسط إيجار الشقة القديمة حوالي عشرة جنيهات، أي أن إيجارها السنوي 120 جنيه مصري وليس دولار أو يورو، وهذا الإيجار يتم دفعه منذ خمسينيات القرن الماضي، أو قبل ذلك، وهو تاريخ بناء وسكن هذه العمارات القديمة فبالتالي يكون المدفوع خلال هذه الفترة والتي تبلغ أكثر من سبعين سنة حوالي ثمانية الآف جنيه. يعني سعر الشقة الذي تم دفعه لشقة إيجار وليست تمليك هو ثمانية الآف جنيه .. والسؤال الذي يطرح نفسه كم كانت تكلفة العمارة في ذلك الوقت ستجد أن هذا الرقم يساوي تكلفة العمارة بسعر الأرض البناء والتشطيبات ، بمعني أن صاحب كل عمارة قديمة أخذ قيمة ما أنفقه علي بناء العمارة وتجهيزها من كل شقة في عمارته أي قبض ثمنها حوالي عشرين أو ثلاثين مرة وذلك حسب عدد الشقق في كل عمارة . ويجب الا نغفل أن هناك شقق في عمارات قديمة تركها أصحابها للوفاة أو الهجرة أو غيرها من الأسباب وبالتالي قام أصحاب العمارة ببيعها بثمن باهظ أو تأجيرها بمبالغ خيالية تضاف لرصيده في تحصيل ثمن العمارة. أيضا يجب ألا نغفل أن هناك شقق أيجار قديم ولكن تم دفع لها خلو أو مقدم بالآف الجنيهات مع دفع إيجار شهري قيمته عالية تصل لمئات الجنيهات أيضا . طرفي المعادلة هي المالك والذي قام بتحصيل ما دفعه في بناء عمارته علي مدي السنوات الطويلة مع العلم أن مبلغ خمسة جنيهات كان كبيرا جدا في الأربعينيات أو خمسينيات القرن الماضي مع استثمار بقية الشقق بقوانين جديدة عن طريق الخلو والمقدم والإيجار الجديد، أما الطرف الثاني فهو المستأجر الذي التزم بدفع الإيجار طوال حياته، وكان عبئا عليه زمان ولكن سعرها أصبح رخيصا بمرور الزمن، والذي لا يعرف أين سيذهب بعد مرور السنوات العشر المقترحة، وهل سيقبل شخص عاش طوال حياته في حي مثل الزمالك أو جاردن سيتي أو وسط البلد ليبحث عن شقة في الإسكان الاجتماعي في زمن أصبحت فيه الشقة تتجاوز المليون جنيه. أتركوا هذا الملف واجعلوا حله في زيادة الإيجار بالتراضي بين المالك والمستأجر أو أطرحوا حلولا معقولة ومنطقية فيكفي ما يعانيه المواطن المصري من غلاء وارتفاع أسعار الغذاء والدواء والعلاج والتعليم وكل شيء ولكن كل بيت يحاول أن يتدبر أمره حسب استطاعته ولكن لن يقبل أن تقول له بكل بساطة وعلي يد محضر سيتم طردك من شقتك خلال عام أو أثنين أو حتى عشر سنوات فالبيت هو بمثابة وطن خاص، لكل مواطن ويصعب التفريط فيه مهما كان الثمن فشقة غرفة وصالة في عقار قديم قد تكون أفضل للمستأجرين من ثلاث غرف وصالة في عقار جديد..