حالة اللانصر واللاهزيمة واللانهاية هي التعبير الأقرب لوصف الحرب الدائرة بين قوات الجيش الباكستاني من جهة وبين حركة طالبان الباكستانية وفلول تنظيم القاعدةمن جهة أخرى. من جهة أخري حيث يحاول كل طرف إثبات وجوده من خلال تنفيذ عمليات نوعية ضد الطرف الآخر تتسم بأكبر قدر من الدموية تهدف في الأساس إلي جذب انتباه وسائل الإعلام العالمية. فبعد سنوات من اجتياح قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكيةلأفغانستان والدعم الكبير الذي قدمته تلك الدول لباكستان للقضاء علي خط الإمداد لحركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة في منطقة القبائل اكتشفت واشنطن أن كل الأموال التي أنفقتها لم تحقق الهدف منها نظرا لإصرار سكان هذه المناطق علي موقفهم من مساندة ودعم حركة طالبان وتنظيم القاعدة. هذه الحقيقة اضطرت واشنطن إلي توجيه ضربات مباشرة بالطائرات بدون طيار لمنطقة وزيرستان القبلية بشكل مكثف في الفترة الأخيرة, وهي الضربات التي اعتبر مصدر عسكري أمريكي أنها شلت حركة تنظيم القاعدة وقواعده الباكستانية في المنطقة, وقال في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز أن الضربات أرخت بظلال من الخوف علي إقليم كان في السابق منطقة حرة للقاعدة وطالبان, الأمر الذي أجبر المقاتلين علي نبذ الهواتف النقالة التي تعمل بالأقمار الصناعية والتخلي عن التجمعات الكبيرة والتواصل عن طريق مراسل أو التحرك خفية في جماعات صغيرة. وقد زادت هذه الضربات الأمريكية من إصرار مقاتلي طالبان والقاعدة علي الرد عمليا وإثبات الوجود حيث كانت البداية في الهجوم الانتحاري المشترك لطالبان والقاعدة علي قاعدة المخابرات المركزية الأمريكية في خوست جنوبأفغانستان في ديسمبرالماضي وتوالت الضربات, ولم تتوقف عند تفجير ناقلات الوقود التي تمد الجيش الأمريكي في أفغانستان, لكنها وصلت إلي حد الهجوم علي القنصلية الأمريكية في بيشاور وتنفيذ خمسة انفجارات متتالية لاستهادفها بعد ساعات قليلة علي انفجار أوقع41 قتيلا وأكثر من80 جريحا خلال تجمع نظمه حزب أوامي الوطني وهو حزب سياسي علماني يسيطر علي الحكومة والبرلمان في الولاية الشمالية الغربية الحدودية, ما يعني أن حركة طالبان الأفغانية قررت فتح النار في جميع الاتجاهات. ونجحت حركة طالبان باكستان بهذه السلسلة من الهجمات التي أوقعت في مجملها54 قتيلا وأصابت أكثر من120 آخرين في جذب أنظار العالم إلي ما يحدث في باكستان, وتوالت ردود الفعل, وأعلنت الأممالمتحدة إغلاق مكاتبها في شمال غرب باكستان لمدة يومين. وبهذه الأخبار الكثيرة التي تناقلتها وسائل الإعلام عادت حركة طالبان إلي الواجهة من جديد وأثبتت أن جميع الضربات الأمريكية وهجمات الجيش الباكستاني علي مناطق سيطرتها لم تقض عليها وأنها ما زالت تتمتع بحيوية في التخطيط والتنفيذ. وتحمل هذه العمليات الكبيرة لحركات طالبان باكستان وفلول القاعدة رسائل كثيرة موجهة إلي إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما,, خصوصا بعد قراره زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان مفادها أن الحرب التي أطلقتها أمريكا وحلفاؤها علي ما يسمي الإرهاب لن تنتهي قريبا, فهذه الدول امتلكت لحظة بداية هذه الحرب لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بكلمة النهاية. والرسالة الأهم أن حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة في أفغانستان سيظلان قادرين علي مواجهة القوات الغربية طالما ظلت المناطق الحدودية مع باكستان علي حالها من سيطرة الحركة والتنظيم, لتظل مناطق مناورات تستعصي علي القوات الأمريكية وحتي الباكستانية نظرا لطبيعتها الوعرة التي جعلت من الهجمات الجوية للطائرات بدون طيار خيارا أوحد, لكنه أثبت فشله في القضاء علي الحركة والتنظيم بل زادهم تصميما علي الانتقام من كل ما هو أجنبي وزاد من مساندة سكان تلك المناطق لطالبان والقاعدة بعدما سقط مئات المدنيين ضحايا للقصف الأمريكي لمناطقهم ليتحول الأمر إلي ثأر شخصي بينهم وبين القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان ليظل الوضع علي ما هو عليه من حالة اللانصر واللاهزيمة لأي طرف واللانهاية لهذه الحرب. [email protected]