يجب أن نتوقف كثيرا أمام دلالات الغارة المكثفة التى تشنها الآن روسيا على حمص وإدلب فى الجمهورية العربية السورية، إذ أنها المرة الأولى التى تستخدم فيها طائرات السوخوى 33 فى الحرب من فوق حاملة الطائرات «الأدميرال كوزنتسوف» وهى تشارك فى العمليات للمرة الأولى بالترافق مع مشاركة الفرقاطة. «الأدميرال جوريجوفيتش» بضمان صواريخ «كاليبر» المجنحة للمرة الثانية فى عمليات سوريا بعد أن انطلقت للمرة الأولى من قواعدها فى بحر قزوين قبل شهور، كما أنها المرة الأولى التى نشهد فيها ذلك الاتساع البادى عبر نشر صواريخ إس 400 وإس 300 فى سبعة مواقع تمتد فى البحر المتوسط حتى جزيرة قبرص، بالإضافة لطرازات أخرى من الدفاعات الجوية تؤمن القاعدتين الروسيتين فى طرسوس وحميميم وبإيعاز من الرئيس الروسى بوتين شخصيا، يضاف إلى كل ذلك مشاركة القاذفات الروسية الاستراتيجية للمرة الثانية من شهور فى ضربة وجهتها بصواريخ مجنحة من فوق البحر المتوسط. كل ذلك الاحتشاد العسكرى والقتالى يعنى فى قول واحد أن روسيا تواجه النزوح المستمر لقوات داعش من العراق والموصل إلى سوريا وإلى ما يسمى بالذات خزان الإرهاب الواقع فى مدينتين حمص وإدلب، كما تعنى مزيدا من حصار الإرهابيين فى حلب وتركهم ليواجهوا أحد مصيرين إما القتل وإما الاستسلام، ومع ذلك فهناك إنذار روسى ترافق مع الغارة الروسية على حمس وإدلب بإمكان اتساع نطاق العمليات لتشمل حلب أيضا. الأمر المؤكد أن موسكو تنظر بجدية إلى ما يجرى منذ أسابيع فى معركة الموصل وهى متيقظة إلى محاولات واشنطن المتكررة فى الابقاء على جبهة فتح الشام «النصرة سابقا» لكى تستخدمها ضد الرئيس الأسد ونظامه، وهى بغاراتها المكثفة على حمص وإدلب تعمد إلى منع تنفيذ المخطط الأمريكى وإلى اختبار أفكار وتوجهات الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب الذى يتنازعه جذب متبادل بين روسيا وبين الغرب على النحو الذى راح الرئيس أوباما يتزعمه ويدعو ترامب إلى الوقوف فى وجه بوتين فيما يجتذبه الرئيس بوتين ويدعوه إلى الالتزام بتصريحاته السابقة. لو نجحت الغارة الروسية فى تحقيق أهدافها ستكون الحرب السورية بلغت مراحلها الأخيرة، واستغلت فيها روسيا ببراعة مرحلة الانتقال الداخلى الأمريكي. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع