بمجرد إطلاق الحكم الجابونى المتألق اريك اوتوجو صافرة النهاية معلنا فوز مصر على غانا بهدفين نظيفين فى الجولة الثانية من تصفيات المونديال , تحولت العيون والآراء لدراسة عرض الفراعنة وعاد الجميع بالوراء سنوات كثيرة وبالتحديد لنهاية حقبة الثمانينات من القرن الماضي، عندما كان يتولى الجنرال الراحل محمود الجوهرى المسئولية، فقد ظهر فى الافق شبح اسلوب الجنرال من خلال الارجنتينى هيكتور كوبر، والقائم على الدفاع البحت والاعتماد على المرتدات والتوفيق فى حسم اللقاءات، على الرغم من الظروف بين الفترتين مختلفة جملة وتفصيلا سواء من ناحية عدد المحترفين المتواجدين حاليا وايضا الامكانيات المتاحة لإعداد ابناء المحروسة. ودارت التساؤلات على مدار الايام القليلة الماضية حول الى أى مدى يمكن ان تصلح نسخة الجوهرى للفترة الحالية مع المنتخب مع كوبر، وهل يسير الاخير بمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» , اى ان المهم تحقيق الفوز بأى شكل من الاشكال بصرف النظر عن الاداء , بل وهل يمكن تسير سفينة الفراعنة وسط امواج المونديال المتلاطمة بهذه الصورة الى ان تصل لبر النهائيات للمرة الاولى منذ عام 1990 ؟ .. أسئلة كثيرة تبحث عن اجابات خلال السطور التالية . يقول فتحى مبروك المدرب العام الاسبق لمنتخب مصر تحت قيادة الجوهرى فى مشوار نهائيات 1990 انه يريد التأكيد على نقطة مهمة تتلخص فى أن العالم كله يدافع اولا من اجل تحقيق الفوز , لانه دون ذلك فإن مرماه سيكون مستباحا والخسارة ستصبح مؤكدة , على ان يرافق ذلك شق هجومى يتطور حسب مجريات اللقاء، بدليل ان اقوى فريق فى العالم وهو برشلونة ملتزم بالجانب الدفاعى وان كان يطبق الضعط من الامام بل ان نجمه الارجنتينى ليونيل ميسى ينزل للخلف دائما للقيادم بدوره فى هذا الجانب. واضاف مبروك وعلامات الانفعال تبدو فى نبرات صوته تدريجيا ان الجهاز الفنى بقيادة الراحل الجوهرى سبق الكثيرين فى تطبيق هذا الاسلوب , فقد درس المنافسين فى نهائيات ايطاليا ولعب بشكل يتناسب مع كل منهم , فمثلا خلال مباراة هولندا التى كانت وقتها بطل اوروبا وتضم نخبة من افضل نجوم العالم وعلى رأسهم مثلث الرعب خوليت وريكارد وباستن تعامل بواقعية طبقا لمجريات اللقاء , وعندما تقدم المنافس بهدف جرى تكثيف الضغط الى ان تم ادراك التعادل , واختلف الامر بالطبع امام ايرلندا لاسلوبها القائم على القوة البدنية , بينما تخلى الحظ عن المنتخب امام انجلترا التى حققت الفوز بهدف من خطأ دفاعي. ويرى عادل طعيمة رئيس قطاع الناشئين بالنادى الاهلى أن كوبر لن يكون مثل الجوهري، فالفارق بينهما مثل السماء والارض .. لان الجنرال كان بيلعب كرة قوية وجميلة تقوم على التوازن وبيعالج الاخطاء اولا بأول، والجميع شاهد مباراة هولندا فى المونديال وكيف كان هناك توازن بين الجانبين الدفاعى والهجومى مع الاحترام الكامل لعدم المقارنة بين الطاحونة الهولندية والمنتخب الغانى . ويضيف طعيمة أن الفترة المقبلة تحتاج الى عمل كثير من الجهاز الفنى من اجل تطوير الاداء بشكل افضل , خاصة ان هناك حوالى عشرة أشهر قبل انطلاق الجولة المقبلة لتصفيات كأس العالم والتى ستكون امام اوغندا المنافس الرئيسى للفراعنة حاليا , وانه يحذر من اى نتائج سلبية امامها لان ذلك سيمهد الطريق لعودة غانا الى دائرة المنافسة من جديد. ويقول محمد حلمى المدير الفنى السابق للزمالك إن المدرب الارجنيتنى حريص فى ادائه ويميل الى الجانب الدفاعى , خاصة ان المنافس وهو المنتخب الغانى قوى واجبره على ذلك, ويجب عدم نسيان عنصر التوفيق الذى صاحب المنتخب سواء فى ركلة الجزاء او هدف عبد الله السعيد الذى اعترف بنفسه انه جاء من عند ربنا، وان كان ذلك لا ينفى ان كوبر بيأخذ بكل الاسباب، وإلا ما كان حقق هذه الانتصارات سواء بالصعود الى نهائيات كأس الامم او صدارة مجموعته فى تصفيات كأس العالم. ويضيف حلمى ان الضغط النفسى والعصبى سواء من المسئولين او الجماهير او حتى الاعلام على اللاعبين كان كبيرا قبل لقاء غانا , وشعر الجميع بأنها مباراة حياة او موت وهو بالطبع ما انعكس عليهم، وقال كوبر والجوهرى متقاربان كثيرا فى الاداء والفكر، مع اختلاف كل منهما فى المدة التى سيستغرقها لتنفيذ ما يراه، فالاول يحصل على اسبوع او اكثر قليلا فى الاستعداد، بينما الجنرال الراحل كان دائما يميل الى الفترات الطويلة التى تصل الى شهر وان ذاكرة التاريخ لا تنسى الغاء الدورى خلال عام مونديال 1990 من اجل الاستعداد له مما ادى الى ضياع جيل كامل من اللاعبين. ويقول ربيع ياسين المدير الفنى السابق لمنتخب الشباب وأحد عناصر جيل 90 الرائع إنه يجب احترام تفكير المدير الفنى الارجنتينى ونحييه لانه حقق النتائج المطلوبة على الاقل حتى الآن، فهو يدافع ويهاجم بشكل ممنهج مع مساندة التوفيق له , وان المهم فى هذه المرحلة تحقيق النتائج التي تؤدى الى الهدف المنشود. واضاف ياسين بنبرة هادئة ان هناك تقاربا بالتأكيد بين فكر كوبر والراحل الجوهرى , وأنه يرى ان الجيل الحالى قادر على تحقيق حلم المصريين فى الوصول الى كاس العالم , مشيرا الى انها المرة الاولى منذ ولادته يجد صفوف المنتخب تضم تسعة لاعبين محترفين وفى اندية على اعلى مستوى , وانه يطالب بعدم النقد خلال هذه المرحلة وان نستعد للمرحلة المقبلة الصعبة بكل قوة حتى تتواصل المسيرة بالسفر الى روسيا وايضا المنافسة بقوة على لقب الامم الافريقية الغائب عن مصر منذ 2010.