أكد الدكتور محمد سكران أستاذ التربية بجامعة الفيوم ورئيس رابطة التربية الحديثة فى تعليقه على مانشر بالصفحة حول أزمة الكتب المدرسية والخارجية قائلا: لقد تابعت وباهتمام شديد التحقيق الصحفى الذى يحمل عنوان «صراع الكتب المدرسية والخارجية على نظام التعليم والامتحان» والمنشور فى الصفحة المتميزة «شباب وتعليم». وتابعت باهتمام شديد ما تم طرحه فى التحقيق الصحفى من آراء عملية وموضوعية من قبل أساتذة التربية المحترمين، الذين شاركوا فى هذا التحقيق. ويسعدنى المشاركة فى هذا المجال ولكن من منظور آخر، وهو علاقة الكتب الخارجية بالدروس الخصوصية، واللذين باتا يشكلان «وجهين لعملة واحدة» وهى العلاقة التى تكرسها وتعمل على تعميقها لدى التلاميذ والطلاب ولدى المعلمين «الامتحانات المدرسية» والتى تعتمد على الحفظ والاستظهار، وتسهيل عمليات «الغش وتسريب الامتحانات». ونطرح ما قد يلقى الضوء على هذه العلاقة والترابط المثير بين الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والأسباب والأثار الخطيرة الناجمة عن هذه العلاقة. ويتلخص ما نود طرحه فى الاتى:- إن هذه العلاقة أخذت فى الانتشار فى العقود الأخيرة على وجه الخصوص، وحتى يومنا هذا، حيث باتت تشمل مختلف المراحل التعليمية، ومختلف السنوات والمقررات الدراسية، والمواد الحكومية والخاصة، ولجميع الأسر المصرية فى مختلف البيئات والطبقات. وإن هناك عشرات العوامل والأسباب وراء انتشار هذه الظاهرة، وفى القلب منها:-فقدان ثقة أولياء الأمور فى المدرسة وفى كل المنظومة التعليمية، فاتجهوا للمدرس الخصوصى بعد شعورهم بإخفاق المعلم والمدرسة فى تعليم أبنائهم، واتجهوا أيضا للكتب الخارجية، بعد شكوى أبنائهم من صعوبة ورداءة الكتاب المدرسى. وتشجيع المعلمين للتلاميذ والطلاب بالاعتماد على الكتب الخارجية لسهولة حفظ ما بها من معلومات، وفى الوقت نفسه سهولة تدريسها من جانب المعلمين. وتشجيع المعلم الخصوصى لمن يتعاطى لديه الدروس الخصوصية من التلاميذ والطلاب على اقتناء الكتب الخارجية، لما تحتويه من معلومات موجزة يسهل حفظها ونماذج من أسئلة الامتحانات المتوقعة فضلا عن اعتماد المدرس الخصوصى على هذه الكتب فى وضع ملخصاته ومذكراته التى يبيعها للتلاميذ والطلاب، وهكذا نجد أن الدروس الخصوصية تشجع على انتشار الكتب الخارجية، وأن هذه الكتب من أهم عوامل رواج الدروس الخصوصية، فالعلاقة هنا علاقة جدلية، علاقة تفاعل وتأثير متبادل. ونأتى لأهم أسباب انتشار الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، بل وأفة التعليم المصرى كله، وهى وليس غيرها «الامتحانات» التى تعتمد فى الإجابة عنها على الحفظ والاستظهار، ويجد الطلاب وأولياء الأمور فى الدروس الخصوصية والكتب الخارجية ما يساعدهم على اجتياز هذا الامتحان، والحصول على أعلى الدرجات، ويراه أمراً مشروعاً فى ظل الصراع على نصف الدرجة، التى بات الحصول عليها محدد لمستقبل أبنائهم. أما بخصوص الآثار الخطيرة والمدمرة لتعاطى الدروس الخصوصية والكتب الخارجية، فيكفى أن نشير إلى :- الخسائر الاقتصادية، فمن الثابت، وفى أقل تقدير، تلتهم الدروس الخصوصية والكتب الخارجية ما يزيد على 25% من دخل الأسرة المصرية، أى ما يقارب من نصف ما هو مخصص للتعليم. ونصل إلى ما هو أخطر من الخسائر الاقتصادية وهى الخسائر التعليمية والتربوية والثقافية، فالدروس الخصوصية والكتب الخارجية لا تستهدف سوى تلقين التلاميذ والطلاب للمعلومات وحفظها والاستظهار استعداداً للامتحان وليس غيره، إنها تعمل على تكوين ثقافة الذاكرة، ويشكلان مدرسة موازية تفقد الطالب وولى الأمر الثقة فى المدرسة، بل وانتقال فقدان الثقة إلى باقى مؤسسات الدولة. عشرات الأثار الخطيرة والمدمرة للدروس الخصوصية والكتب الخارجية، ولا خلاص لنا من كل هذا الوباء المدمر إلا بتطوير التعليم المصرى بكل منظوماته، وإعادة الثقة به، ومن قبل ومن بعد المواجهة الحاسمة لهذا الوباء الخطير والكارثى حماية لتلاميذنا وطلابنا مستقبل الأمة ومخزونها البشرى، فهم فى المحصلة معقد الأمال فى نهضة الأمة وتقدمها.