تفاقمت أزمة اللاجئين خلال الفترة الماضية على جميع المستويات بسبب الصراعات الدائرة فى بعض الدول، وتتزايد حدة الأزمة بسب قلة الموارد المخصصة للدعم الإنسانى خلال العام الماضى والفترة الحالية، بالإضافة إلى محاولة بعض الدول استغلال مأساة اللاجئين كورقة ضغط لتحقيق بعض المكاسب السياسية. ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، يشهد العالم الآن أعلى مستويات النزوح على الاطلاق، حيث بلغ من اضطروا إلى النزوح حوالى 65.3 مليون شخص، من بينهم 21.3 مليون لاجئ لا يتعدى نصفهم عمر ال 18 عاما، بالإضافة إلى 40.8 مليون شخص من النازحين داخليا فى بلادهم. كما تأتى الأوضاع الاقتصادية التى تمر بها بعض الدول المستضيفة للاجئين مثل مصر والأردن ولبنان لتضيف عبئا إضافيا يمثل تحديا كبيرا لهذه الدول للوفاء بالتزاماتها الدولية. كما عانت المنظمات المعنية بالتعامل مع اللاجئين فى كل أنحاء العالم من انخفاض موارد التمويل والتى أثرت على اللاجئين من كل الجنسيات. وتفاقمت الأزمة مع وقوع عدد من الحوادث الإرهابية فى بعض الدول الأوروبية مما أدى إلى فرض اجراءات ومعايير جديدة لاستقبال اللاجئين كما رفضت بعض الدول استقبالهم. وأصبحنا نعلم جميعا المعاناة اليومية للاجئين سواء فى البحث عن مكان او داخل الدول المضيفة، مما دفع البعض الى تعريض حياته لخطر الهجرة غير الشرعية مما ادى إلى انتشار ظاهرة عصابات الاتجار بالبشر. وبسبب كل هذه الأوضاع قام المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فيليبو غراندى بجولة لتفقد أحوال اللاجئين بعدد من الدول المضيفة من بينها العراق ومصر، ثم الأردن بعد انتهاء زيارته لمصر. وخلال زيارته لمصر التقى غراندى بالرئيس عبدالفتاح السيسى ووزير الخارجية سامح شكرى ووزير التعليم، ومستشارى الأمن القومي، كما وقع على مذكرة تفاهم مع وزير الصحة والتى ستوفر مفوضية اللاجئين بموجبها معدات طبية عالية المستوى من شأنها أن تعود بالفائدة على كل من المجتمع المضيف واللاجئين المقيمين فى مصر، ومذكرة تفاهم مع أمين عام جامعة الدول العربية،تركز على تعزيز برنامج أعمال المفوضيةالمختصة بالحماية فيما يتعلق بالنزوح القسرى وتفعيل استراتيجيات لمعالجة قضايا الهجرة المختلطة والاتجار بالبشر وحماية الأطفال والنساء فى سياق طلب اللجوء. وقال غراندى فى مؤتمر صحفى عقده قبل مغادرته القاهرة، ان مصر لها وضع خاص عندما نتحدث عن أزمة اللاجئين لأنها فى قلب الحدث واذا كانت أعداد المسجلين رسميا لدى المفوضية حوالى 190 ألف لاجئ من بينهم 116 الف سورى الا ان اعداد غير المسجلين تفوق ذلك وهذا كرم من مصر ان تستمر فى استضافة اللاجئين مع أزمتها الاقتصادية الحالية. وقال إنه اخبر الرئيس السيسى ان مصر تلقت القليل من الموارد لمساعدة اللاجئين وانه حان الوقت لكى تطلب المزيد من الموارد لمساعدتها فى مجال التعليم والصحة وتأمين الحدود. وأكد أن الرئيس السيسى وعد بأن مصر ستظل تستضيف اللاجئين وتوفر لهم الحماية والملجأ. وعبر المفوض السامى عن سعادته بردود أفعال المسئولين المصريين وأن القيادة السياسية متفقة معه تماما على ضرورة العمل من أجل القضاء على جذور المشكلة، وهو فى الأساس تحقيق السلام وأن مصر بما لها من مكانة فى المنطقة اقدر طرف على لعب دور ايجابى من أجل اقرار السلام فى المنطقة. فالدول الأوروبية تغلق ببساطة حدودها أمام اللاجئين وهذا لا يحل الموضوع ، ولكن بلدا مثل مصر يأتى اليه اللاجئون للاستقرار أو للعبور يجب مساعدتها فى القضاء على جذور المشكلة وزيادة الموارد، وناشد الدول الغنية بفتح الحدود ومساعدة الدول الفقيرة. ولتحقيق السلام والقضاء على جذور المشكلة يجب ان يتحد مجلس الأمن لأن انقسامه لن يصب فى مصلحة السلام. وقال ان نسبة اللاجئين فى الشرق الأوسط بلغت 42% من العدد الكلى للاجئين فى العالم الذى يصل الى 65 مليون لاجئ وهو أكبر رقم للنزوح منذ الحرب العالمية الثانية وذلك بسبب وجود صراعات دائرة فى أربع دول هى اليمن وسوريا والعراق وليبيا، ومن المتوقع زيادة العدد بعد بدء العملية العسكرية فى الموصل. كما أكد غراندى أن مسألة اللاجئين لم تصبح مجرد انشاء معسكرات وتوزيع مساعدات كما كان يحدث فى الماضي، بل يجب ايجاد حلول على المدى الطويل لذلك هو سعيد بما يحدث فى مصر وما تم من اتفاقيات مع وزارة الصحة والتعليم لحل مشاكل التعليم الخاصة بأبناء اللاجئين والعلاج، وأن سياسة المفوضية الآن هى اقامة المشاريع وتقديم المساعدات بحيث يستفيد الطرفان اللاجئون والمصريون. وأن التعليم ضرورة لأطفال اللاجئين لأنه يمنعهم من التطرف مستقبلا. وبما أن معدلات البطالة مرتفعة فى مصر فبالتالى لا يجب أن يكون أى مشروع مركزا على اللاجئين فقط ولكن مقدم للمجتمع كله. وحول الأوضاع فى الموصل قال المفوض السامى إنه أمضى 4 أيام فى العراق زار خلالها بغداد وأربيل وكان قريبا من موقع الهجمات التى بدأت منذ أيام ، وأنه ذهب لعدة أسباب منها الاستعداد لنزوح عدد كبير من السكان بعد بدء العمليات العسكرية، وكشف غراندى انه تلقى تطمينات من الحكومة العراقية بحماية المدنيين فى الموصل وان كان عددهم غير معروف لأنه لم يتم احصائهم منذ فترة طويلة، والسماح لهم بالخروج اذا ارادوا ذلك. ويعتقد المفوض السامى أن العملية العسكرية فى الموصل سوف تحدد مستقبل العراق وما اذا كان لدى أهله القدرة على العيش رغم اختلافهم. وأكد أن المفوضية فى حاجة إلى 100 مليون دولار إضافية لدعم اللاجئين خاصة مع اقتراب فصل الشتاء. وحول الأوضاع فى حلب عقب الهدنة، قال ان وقف اطلاق النار يعتبر نجاحا كبيرا، لأن هدفنا دائما هو ضرورة وقف الحرب كى نتمكن من المساعدة ولكن هذا شأن سياسى ويتجاوز سلطاته. وفيما يخص اليمن، اكد ان المفوضية موجودة فى اليمن وليست متحيزة لطرف ضد آخر وانه يحب عدم استهداف المدنيين. وفى النهاية قال غراندى ان اللاجئين يهربون من ويلات فظيعة فى بلادهم ويجب ان لا يقرن العقل العام صورة اللاجئ بالارهابي، وأن يتم حل جذور المشكلة بإقرار السلام وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون : «لا أستطيع أن أقوم بأكثر من ذلك لأن دور الدول ان تتوقف عن الصراعات وتحل مشاكلها».