فيما يعد أكبر موجة نزوح في الشرق الأوسط منذ نكبة 1948، التي شردت أكثر من 8 ملايين فلسطيني، يشهد العراق نكبة جديدة بنزوح نحو 4 ملايين شخص إلى داخل وخارج البلاد، بسبب أعمال العنف الدائرة هناك. وناشدت المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دول العالم تقديم مساعدات تقدر ب60 مليون دولار لمساعدة العراقيين الذين اضطروا إلى الفرار من ديارهم، وقالت المفوضية: إن نحو مليوني عراقي لجئوا حاليا إلى بلدان أخرى، في حين نزح 1.7 مليون داخل العراق، حيث يفر ما بين 40 و50 ألف شخص من منازلهم شهريا. ومن بين النازحين للخارج ما يتراوح بين نصف مليون ومليون في سوريا، ونحو 700 ألف في الأردن، وما يتراوح بين 20 و80 ألفا في مصر، وقرابة 40 ألفا في لبنان. وفر كثير من هؤلاء من العراق قبل عام 2003، أي قبل غزو القوات الأنجلو أمريكية للبلاد في مارس من العام ذاته. يشار إلى أن الغالبية العظمى من العراقيين الذين يهربون إلى سوريا والأردن لم يسجلوا أسماءهم لدى مفوضية اللاجئين، ولذلك تصف المفوضية النزوح العراقي بالنزوح الصامت. ويتوقع أن يبلغ عدد النازحين العراقيين بحلول نهاية العام 4.3 ملايين شخص إما يعيشون خارج العراق، وأغلبهم في بلدان عربية مجاورة، أو يعيشون كنازحين داخل بلدهم. وتبين المفوضية أن النزوح الجماعي من العراق، والذي يعود إلى ما قبل الغزو، هو أكبر حركة طويلة الأمد للسكان في منطقة الشرق الأوسط منذ نزوح أكثر من 8 ملايين فلسطيني داخل وخارج الأراضي الفلسطينية في أعقاب نكبة 1948. وتعليقا على إحصائيات المفوضية بشأن العراق، قال رون ريدموند المتحدث باسم المفوضية: إن اللاجئين الذين غادروا البلاد في البداية إلى دول مجاورة كانوا ينتمون للقطاعات السكانية الأكثر ثراء عادة إلا أن المزيد من أبناء الطبقات الأكثر فقرا يحاولون حاليا مغادرة البلاد. وأضاف: إن العاملين في مفوضية اللاجئين المكلفين بمراقبة الحدود العراقية- السورية يقولون: إن ألفي شخص يجتازونها من العراق يوميا أو بمعدل 40 ألف شهريا. كما يتصاعد باستمرار عدد العراقيين الذين ينزحون عن مناطق سكناهم قاصدين أماكن أكثر أمانا داخل العراق التي يبلغ عدد سكانها 26 مليون نسمة. ويقول ريدموند: إن عدد هؤلاء يزداد بواقع 50 ألفا في الشهر تقريبا. مفوض الأممالمتحدة السامي لشئون اللاجئين أنطونيو جوتيريز حذر من أنه: "كلما طال أمد هذا الصراع زاد الأمر صعوبة بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين والمجتمعات التي تسعى إلى مساعدتهم داخل العراق وخارجه على حد سواء". وأضاف جوتيريز أن "العبء هائل على المجتمعات والحكومات المضيفة في المنطقة. من الضروري أن يدعم المجتمع الدولي المساعي الإنسانية لمساعدة أكثر الناس عرضة للخطر". الأموال التي تسعى لجمعها المفوضية يوضح المفوض أنها ستستخدم في أغراض من بينها ضمان الحماية والمساعدة الفعالة لما يصل إلى 200 ألف شخص من أكثر اللاجئين عرضة للمخاطر، جميعهم تقريبا يعيشون في مناطق حضرية مثل عمان ودمشق. أما داخل العراق فسيقدم العون لنحو 250 ألفا من أكثر النازحين عرضة للخطر وللمجتمعات التي تستضيفهم رغم أن أغلب هذا العمل سيتعين تنفيذه على أيدي جماعات محلية بسبب خطورة الأوضاع الأمنية. وتشير الإحصاءات الخاصة بالأشهر الستة الأولى من العام المنصرم (2006) إلى أن العراقيين شكلوا أكبر مجموعة من طالبي اللجوء في أوروبا، بينما ارتفع عدد العراقيين الذين يطلبون حق اللجوء في الدول الصناعية المتقدمة بنسبة 50% عما كان عليه في العام الماضي.