ومازلنا نتجرع بالغ الحزن والآسي من جراء الحادث المأساوي الأليم لغرق مركب رشيد الذي راح ضحيته ما يقرب من 200 شخص ومازال البحر يبتلع المزيد منهم ليستقروا داخل أعماقه! ومثلما نعلم جميعا أنها ليست المرة الأولي لوقوع مثل هذه الحوادث فأننا نعلم ويقينا أنها لن تكون هي الأخيرة طبعا وذلك لأن أصل المشكلة التى أدت وستؤدي دائما إلي تكرار الهجرة الغير شرعية مازالت لم تحل بعد ! والشيء الغريب أنه وإذا كانت كل أسباب تلك " العلة " متاحة ومباحة أمام الجميع إذن فلماذا نقف عاجزين حتى الآن عن إيجاد الحلول الجذرية لها؟ وطبيعي أنه لا يمكن أن ننكر أن العبء الأكبر في هذه الأزمة المستمرة تتحمله الدولة من الألف إلي الياء ليست فقط من منطلق إهمالها لرعاية شبابها وعدم توفير فرص عمل حقيقية لهم , بل وهذا هو الأهم أن الخطأ لا هو في الحقيقة ليس مجرد خطأ واحدا وإنما خطايا عديدة تكمن من وجهة نظري المتواضعة في ترك تجار الموت يسعون في الأرض فسادا دون ضابط ولا رابط من أحد وكأننا لا نعيش في دولة المفروض أن يتمتع مواطنيها بكل أنواع الأمن أو الأمان ! والمصيبة أن هؤلاء التجار الذين ينعمون بالملايين التى يكسبونها من قتل أطفالنا وأولادنا وشبابنا ثم يمشون بعد ذلك في جنازتهم هكذا جهارا نهارا دون خوف ولا حياء، ومعهم حق طبعا طالما أن الجميع يعلمهم " نفر نفر " ولكن لا أحد يعترضهم ولا يحاسبهم ولا يحاكمهم وهذا طبيعي فكيف سيحاكمونهم إذا كان لم يتم القبض عليهم حتى اللحظة ! لذلك طبيعي جدا أن يخرجوا علينا بعد كل ما حدث ليؤكدوا للجميع وبمنتهي الوقاحة أن مراكبهم جاهزة للرحيل من جديد ! فهل لنا أن نتوقع أن تحدث المعجزة ولو مرة واحدة لنستطيع أن نرفع البلاء دون أن ننتظر نزوله علينا ونري الداخلية وهي تقوم من اليوم وليس غدا بحملة موسعة للقبض علي هؤلاء، خصوصا وأن هناك مناقشات تجري في البرلمان لتجريم تلك العقوبة وتغليظها لتصل إلي درجة الإعدام . كما أنه ومن ناحية أخري يجب علي راغبي الهجرة والبحث عن الثراء السريع حتى لو كان بطريق غير مشروع أن يكفوا عن التمادي في اجرامهم في حق أنفسهم , لأنه ومهما كانت حجتهم بالفقر وغلاء الأسعار وسوء الأحوال المعيشية عموما , إلا أنها في النهاية ستظل مجرد حجج واهية لا تبرر بأي حال من الأحوال أن يرموا بأنفسهم إلي التهلكة ! فليس سواء أبدا أن نشبه موت البحر بالبقاء في مصر علي اعتبار أن النهاية واحدة في كلتا الحالتين كما يتشدق أصحاب هذا الكلام , وطبعا ذلك غير حقيقي فالفرق كبير جدا بأننا لو صبرنا علي قدر ربنا وإرادته فعلي الأقل نكون قد فزنا بثواب صبرنا دنيا وآخره , أما أن نذهب إلي الموت بأيدينا فهذا في حد ذاته انتحار وبالتالي لا نكون قد خسرنا دنيتنا فقط بل وديننا أيضا بعد أن متنا ونحن كفار ! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى