محافظ سوهاج يقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    ترامب: عودة الرهائن من غزة لن تحدث إلا بتدمير «حماس» ( تحليل إخباري )    نيابة عن رئيس الجمهورية: رئيس الوزراء يتوجه إلى اليابان للمشاركة في قمة "تيكاد 9"    فيديو| اندلاع حريق في ترام الرمل بالإسكندرية نتيجة ماس كهربائي.. وإخلاء الركاب    بدءاً من شهر سبتمبر.. برنامج "باب الخلق" على قناة النهار والتليفزيون المصري    إيهاب توفيق وفرقة كنعان الفلسطينية يضيئون ليالي مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء    تعليم الوادي يعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل الوظائف القيادية    محافظ الوادي الجديد يتفقد تقدم أعمال إنشاء مدرسة المتفوقين STEM    الخارجية الفلسطينية تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي التعسفي بحق الدبلوماسيين الأستراليين    إبراهيم نور الدين عن التحكيم هذا الموسم: بلاش اقول احساسي عشان هيبقي " محبط "    برشلونة يرفض ضم نجم إنتر ميلان    تعديل موعد انطلاق بطولة أفريقيا لأندية كرة اليد بالمغرب    أسعار سبائك الذهب اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025.. بكام سبيكة 2.5 جرام؟    كيف بدأت مطاردة فتيات طريق الواحات؟.. أقوال ضابط المباحث تكشف التفاصيل| خاص    قرار جمهوري بمد فترة حسن عبد الله محافظًا للبنك المركزي لعام جديد    نص القرار الجمهورى بالتجديد ل"حسن عبد الله" محافظًا للبنك المركزى    يتضمن 20 أغنية.. التفاصيل الكاملة لألبوم هيفاء وهبي الجديد    أسامة السعيد: الموقف المصرى تجاه القضة الفلسطينية راسخ ورفض للتهجير    «أحمديات»: غياب ضمير العشرة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد دار إيواء المستقبل (صور)    كشف ملابسات قيام سائق "توك توك" بالسير عكس الإتجاه بالإسكندرية    إصلاحات شاملة لطريق مصر - أسوان الزراعي الشرقي في إسنا    تمكين الشباب.. رئيس جامعة بنها يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية «كن مستعدا»    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    الأعلى للإعلام: انطلاق الدورة التدريبية رقم 61 للصحفيين الأفارقة من 18 دولة    «بيطري قناة السويس» تُطلق برامج دراسات عليا جديدة وتفتح باب التسجيل    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    حبس المتهمين بالتخلص من جثة صديقهم أثناء التنقيب عن الآثار في الشرقية    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    هام وعاجل من التعليم قبل بدء الدراسة: توجيهات للمديريات    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "بعد أزمته الأخيرة مع الأهلي".. 10 معلومات عن الحكم محمد معروف (صور)    "كان واقف على الباب".. مصرع شاب سقط من قطار الصعيد بسوهاج    القوات الإسرائيلية تعتقل 33 عاملاً فلسطينيا جنوب القدس    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    موقع واللا الإسرائيلي: كاتس سينظر خطة لمشاركة 80 ألف جندي في احتلال غزة    الرئيس السيسي يوجه بتعزيز الموارد الدولارية وتمكين القطاع الخاص لجذب الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم الاثنين    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا من محافظة بيت لحم    وزارة التعليم: قبول تحويل الطلاب من المعاهد الأزهرية بشرط مناظرة السن    إصابة 14 شخصا فى تصادم ميكروباص وربع نقل على طريق أسوان الصحراوى    الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات    استقرار أسعار النفط مع انحسار المخاوف بشأن الإمدادات الروسية    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضؤ
لأنه من آلاف السنين كل واحد منا داخله حاكم فرد لا يري إلا نفسه‏الأمر لك يا صاحب الأمر‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 06 - 2012

‏‏نستغيث بك يا رب لتعيننا علي نفوسنا المتخاصمة المتمردة الغاضبة الرافضة الكارهة الحانقة الحاقدة الشامتة‏. في كل الدنيا يا رب فرقاء سياسة ومعتقدات وعقائد.. ربما يختلفون في كل شيء لكنهم يتلاقون ويتفقون علي أن الوطن فوق الجميع ومصالحه فوق كل الأحزاب وكل المعتقدات وكل العقائد...
منافذ الرحمة التي يسرتها لعبادك علي كل أرض.. أغلقناها بأنفسنا علي أنفسنا وألقينا مفاتيحها في بحر بلا قرار...
نحن من صنع ويصنع كل أزماتنا.. نحن من نستدرج بكامل إرادتنا للفتنة.. نحن لم نعد نري الوطن لأننا لا نري إلا مصالحنا...
نحن من يسير علي طريق لا تبدو له نهاية ويخترق حقل ألغام بلا حدود...
نحن من عاندنا أنفسنا وحرقنا الخرائط ودمرنا البوصلات ونرفض النظر إلي السماء للاهتداء بالنجوم لمعرفة الاتجاهات علي طريق بلا ملامح محفوف بالمخاطر كل واحد منا عليه متربص بالآخر وكل فريق أو فصيل يحاول أن يسبق ليحول دون تقدم الآخر...
هل انكتب علينا التيه؟.
يقيني لا.. لأن مصر الآمنة بأمر ربها لم ولن تكون مثل بني إسرائيل في خطاياهم!.
مؤكد لا لأن البلد المبشر بالأمان في كل الكتب السماوية مستحيل أن يكون التيه عقابا له..
التيه غضب من السماء اختصت به وحددت له بني إسرائيل بالاسم وبالسبب...
والسماء نفسها في كل الكتب السماوية اختارت الأمان لمصر وبشرت مصر بالأمان.. والسماء التي تبشر بلدا بالأمان أبدا لا تعاقبه بمثل ما عاقبت من لا أمان لهم...
طيب.. إن لم يكن ما نحن فيه تيها.. فماذا يكون؟.
الذي نحن فيه حالة غير مسبوقة في تاريخ مصر إحدي أقدم دول العالم.. تاريخ عريق لكنه لم يشهد خلال آلاف السنين ثورة شعب علي نظام حكم الفرد.. الشعب المصري لم يثر مطلقا علي فرعون أو وال أو ملك أو رئيس جمهورية سلطاته مطلقة...
ثورة25 يناير هي الحدث الأوحد علي مدي التاريخ وعندما يثور شعب من خلال شبابه بعد صمت آلاف السنين.. طبيعي ومنطقي أن تجمعه الثورة وتفرقه السياسة.. ولكن!.
السياسة ليست وحدها المسئولة.. لأن هناك تراكمات قديمة لا سقف لها وضغوطا رهيبة لا وصف لها ومستحيل التحكم في مسارات ردود فعلها...
خلافات السياسة وانتهازية السياسة تلاقت مع ردود الفعل الكثيرة الهائلة وفي الوقت نفسه اختفت وتراجعت الأصوات الهادئة الداعية للحوار والتفاهم والهدوء والاستقرار.. اختفت أمام الجدال والصدام والتخوين والتهييج وكل ما يفرق ولا يوحد...
وليت الأمر وقف عند هذا الحد إنما زاد وكبر وتضاعف مع التدخلات الخارجية التي يعنيها ألا تهدأ مصر الآمنة لحظة.. وللأسف ابتلعنا الطعم فارتفع السقف.. سقف الانقسام وسقف الخلاف وسقف الكراهية وبات صعبا للغاية وسط هذا المناخ المكفهر المنزوع منه الحب والطمأنينة والتسامح.. صعب أن نري شعاع الأمل الذي يطل علينا من ثقب صغير بعيد بعيد...
بصيص الأمل يتباعد وفي أوقات يتلاشي ولا نراه.. وأي خير ننتظر وسط مناخ فيه الآتي...
1 كلما اقتربنا خطوة.. نتراجع فجأة عشرات الخطوات...
ملايين الشعب الأغلبية الكاسحة الصامتة.. تصورت أو اعتقدت أن الانتخابات التشريعية بداية استقرار واكتشفت أنها بداية مرحلة صراع بين أطراف لعبة السياسة المختلفين...
أتوقف هنا لأوضح أن رأي ملايين الشعب الذي لا يسمعه أحد ولا يأخذ به مخلوق.. هذا الرأي يختلف جذريا عن وجهة نظر الأخوة الأعداء أطراف لعبة السياسة ومن يؤمنون بهم.. ومن هنا أصبحت الفضائيات ونخبتها ورجال السياسة المختلفون في واد وملايين الشعب في آخر مختلف تماما.. والإشكالية أن كل طرف أو فصيل يتكلم باسم ملايين الشعب ويري نفسه الوحيد الذي يعبر عن الشعب.. أخذوا توكيلا من الشعب بدون توقيع واحد من ملايين الشعب!.
2 ملايين الشعب راقبت خلافات القوي السياسية التي فجرتها نتاج انتخابات مجلسي الشعب والشوري وظنت أنها خلافات عابرة ستذهب إلي حال سبيلها وتختفي مع انتخابات الرياسة.. إلا أن!.
ملايين الشعب اعتقدت أن انتخابات الرياسة ستكون نهاية مرحلة وبداية أخري جديدة مختلفة تتناسب مع الجمهورية الثانية التي ظهورها يطوي صفحة عليها ستة عقود هي عمر الجمهورية الأولي...
ملايين الشعب التي تسربت ملامح الطمأنينة لها.. فوجئت بالبعض ينادي بمقاطعة هذه الانتخابات لأنه كان ومازال يري أن الدستور أولا والانتخابات ثانيا.. وهي وجهة نظر لها وجاهتها وعليها مآخذها.. لأن الدستور أولا معناه ألا تجري انتخابات الشعب والشوري والرياسة إلا بعد وضع الدستور وهذا طبيعي ومنطقي في الظروف العادية المستقرة لكنه مستحيل في أعقاب ثورة غير مسبوقة في تاريخ مصر زلزلت ونسفت أوضاعا مستقرة من آلاف السنين وطبيعي أن تظهر ردود فعل هائلة صعب السيطرة عليها ومستحيل السيطرة وسط حالة الفراق والجدال والكراهية التي مزعت بها السياسة كل ما وحدته الثورة.. وليس هذا استنتاجا أو افتراضا إنما واقع عشناه شهورا طويلة...
الذين مازالوا يتحدثون عن الدستور أولا.. لم يوضحوا لنا كيف كانوا سيتفقون علي قرار واحد...
كانوا يطالبون بتسليم الجيش السلطة إلي مجلس رياسي ولم يقولوا لنا الطريقة التي يختارون بها المجلس الرياسي في غياب تام للشرعية...
لم يوضحوا لنا كيف سنتفق علي الأسماء والصلاحيات والمهام والمناصب والنفوذ ونحن اتفقنا علي ألا نتفق!. وحياة اللجنة التأسيسية ما كنا سنتفق علي بند واحد!.
ألم يروا أننا في وجود الشرعية النيابية فشلنا علي مدي شهرين في الاتفاق علي طريقة نختار بها اللجنة التأسيسية للدستور...
شهران ولم نتفق علي الأسلوب الذي نختار به أسماء اللجنة...
الذين يتكلمون عن تشكيل مجلس رياسي وقت قمة الفوضي الناجمة عن قمة الاختلافات بين القوي السياسية.. هل كانوا حقا يؤمنون بإمكانية اتفاق القوي الوطنية علي تشكيل مجلس رياسي يتسلم مهمة إدارة البلاد بدلا من المجلس العسكري ويضع الدستور ويجري الانتخابات التشريعية والانتخابات الرياسية...
هل كانوا يؤمنون بإمكانية تنفيذ هذا.. وإن كانوا وقتها يؤمنون هل مازال الإيمان قائما بعد الذي عشناه ورأيناه علي مدي شهرين فشلنا فيهما في إيجاد مدخل توافق لأجل الاتفاق علي تصور يحدد أسلوب تشكيل لجنة...
هل بعد الذي حدث من القوي الثورية وفشلها التام في توحيد نفسها وراء مرشح واحد وهم فشلوا لأنهم لا يملكون إرادة الاتفاق والاتفاق معدوم لأن المصلحة العامة معدومة والموجود فقط مصالح شخصية لا تري إلا نفسها لذلك لم تتفق علي مرشح واحد للرياسة.
القوي الثورية فشلت في الاتفاق علي مرشح يمثلها في انتخابات الرياسة.. لم تتفق وهي نسيج واحد يجمعها فكر واحد.. فكيف كنا ننتظر أن تتفق كل القوي الوطنية علي مختلف معتقداتها علي مجلس رياسي واختصاص كل فرد فيه!. كيف ننتظر اتفاق فرقاء كل واحد منهم ينظر لنفسه ولا أحد ينظر لوطن!. لم نتفق ولن نتفق فيما هو قادم إن بقيت المصالح متعارضة وهي متعارضة!.
في اعتقادي أن مشروع تسليم السلطة لمجلس رياسي مدني الذي نادي به البعض قبل شهور.. ما كان سينجح لأنه أصلا لن يتم لأننا لم نعرف بعد كيف نضع الوطن فوق مصالحنا والدليل اللجنة التأسيسية للدستور التي جلسنا شهرين لنتفق علي أول بند فيها ولم نتفق.. والدليل انتخابات الرياسة ورفض مرشحي الثورة التنازل لبعضهم بعضا والاتفاق علي مرشح يجمع كل القوي.. فشلوا لأن كل مرشح يري نفسه الأفضل رغم أن الحياة علمتنا أن الأفضل هناك دائما من هو أفضل منه.. وعلمتنا أن المصلحة العامة فوق أي مصالح فردية...
3 ملايين الشعب مازالت تعيش وتعايش خلافات القوي السياسية بكل ما تحمله من تناقضات وكل ما تعكسه علي الملايين من حيرة...
ملايين الشعب وجدت البعض ينادي بمقاطعة هذه الانتخابات لأن الدستور كان يجب أن يكون أولا.. ملايين الشعب اندهشت لأنه بمرور الأيام وما حدث فيها وتجربة التأسيسية تؤكد استحالة اتفاق القوي السياسية علي اتفاق واستحالة تشكيل هذا المجلس الرياسي المقترح لأن القوي السياسية المختلفة وقتها مازالت مختلفة حتي الآن لأن أنا هي الأهم ونحن غير موجودة!. لأننا عشنا آلاف السنين كل منا داخله حاكم فرد.. سواء علي المستوي الفردي أو الكيان الحزبي.. كل منا يري نفسه ولا يري الآخر بل وقد يرفض من الأصل الآخر...
ملايين الشعب.. وجدت علي الجانب الآخر إقبالا علي المشاركة في الانتخابات من كل الاتجاهات السياسية والعدد انتهي إلي13 مرشحا...
ملايين الشعب تعلم وتدرك أن المشاركة في الانتخابات معناه قبول هذه الانتخابات والاعتراف بها وبكل قانون يحكمها لأن ممارسة أي لعبة لا تتم ولا تستقيم إلا بقبول كل الأطراف لقانونها...
ملايين الشعب الأغلبية الساحقة تصورت أو اعتقدت أن مشاركة كل القوي السياسية في الانتخابات ونزول مرشحين لها علي الرياسة.. تصورت أن المشاركة في الانتخابات التزام بالانتخابات.. وهذا لم يحدث وهذا ما أغضب ملايين الشعب...
4 ما إن انتهت الانتخابات حتي ظهر العجب العجاب بعد إعلان النتائج.. وما قبلته الأطراف المتنافسة خرجت عليه بعض القوي التي رفضت النتيجة واعتبرتها ضد الثورة.. رفضت ما قبلته عندما دخلت اللعبة الديمقراطية وكان عليها أن تلتزم بها لنهايتها طالما أنها قبلتها من بدايتها وطالما أن إرادة الشعب لم يتم تزويرها...
ملايين الشعب انصدمت من مناداة البعض بتشكيل مجلس رياسي والأمر ينسف كل ما بدأناه ووافق عليه الجميع وشاركوا فيه...
ملايين الشعب شعرت بأن الأمل في الاستقرار ابتعد وحلم الاتفاق تبدد وواقع الاختلاف عاد...
ملايين الشعب سألت نفسها ومازالت.. ولماذا احتكمنا للانتخابات وشاركنا في الانتخابات وأدلينا بأصواتنا في الانتخابات.. ولماذا أصلا نجري انتخابات إعادة تحت التهديد والوعيد بالصدام إذا ما انتهت إلي نتيجة معينة؟.
5 كثيرون جدا وأنا واحد منهم يتفهم حالة الإحباط التي عليها الشباب الذي فجر الثورة؟.
إحباط من قاموا بالثورة وخرجوا بكتف قانوني من ملعبها دون وجود حقيقي مؤثر في الشارع السياسي...
غضب الشباب مشروع لأن الوقت لم يمهلهم للانخراط في العملية السياسية المختلفة جذريا عن العملية الثورية...
في الثورة نجحوا بامتياز والشعب جمعوه حولهم في قضية عادلة الشعب المصري عاش يحلم بها ولم ير يوما إمكانية تحقيقها في الأحلام...
الشباب نجحوا فيما لم يقدر عليه الشعب عبر تاريخ مصر.. لكن الوقت من بعد25 يناير وحتي الآن لم يسعف الشباب في الوصول إلي الشعب من خلال أحزاب وجمعيات تحمل أفكارهم ومشروعاتهم ورؤيتهم...
وهذا طبيعي لأن الوقت ضيق والشرعية مطلوبة والساحة عليها من لهم خبرة طويلة للتواصل مع الناس في القري والنجوع والكفور والمدن...
والطبيعي أن تتوحد القوي الثورية في كيان له أهدافه وله كوادره وله قياداته وله برنامجه...
هذا الطبيعي لم يحدث منذ الثورة وحتي الآن.. والذي حدث أن الكيان الواحد من25 يناير وحتي11 فبراير تحول لأكثر من130 كيانا أو ائتلافا...
والمحصلة.. انقسامات ظهرت واضحة فضحت نفسها يوم فشلت كل الجهود لأجل اتفاق قوي الثورة علي مرشح واحد لها في انتخابات الرياسة...
6 السؤال المنطقي هنا: هل استوعب الشباب ما حدث؟. هل عرفوا ما فاتهم.. هل وضعوا أيديهم علي الخطأ؟. هل أدركوا الحقيقة.. حقيقة أن العمل الثوري يعقبه عمل سياسي والسياسة تختلف وتلك هي الحقيقة التي لم يفطنوا إليها وتركهم البعض يبتعدون عنها وينشغلون في التصريحات والفضائيات والاحتجاجات والمليونيات.. في الوقت الذي فيه غيرهم يعمل بكل طاقاته للانتخابات...
الحقيقة أن العمل السياسي يختلف جذريا, وأن الشرعية فيه يملكها الشعب وحده وأن هذه الشرعية تتحقق بالانتخابات ولا شيء سواها وأن غياب هذه الديمقراطية سنين طويلة طويلة ترك آثاره علي الشعب الذي سيأخذ وقته حتي يعطي صوته لمن يستحقه وأن علينا القبول بما جري ويجري طالما أنه في الإطار القانوني والشرعي وأن الوصول إلي ما نحلم به للانتخابات أهم مسئوليات الشباب فيما هو قادم بالتواصل والحوار والتوعية والقدوة...
الدرس الذي يجب أن يخرج به الشباب من الفترة الماضية.. الاعتراف بأنهم تفرقوا فتشتتوا واختلفوا فضعفوا...
الاعتراف بأنهم ليسوا وحدهم والوصول لمن سبقوهم يأتي بالترابط والاتفاق لا التشتت والخلاف.. يعرفون أنه ليس بالضرورة أن تتفق بقية الآراء مع رأيهم وأنه يمكن أن تختلف آراؤهم أنفسهم مع بعضهم مثلما حدث.. وأن يعرفوا أن الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلي اتفاق والدول تتحارب لكنها لن تعيش العمر تتقاتل ولابد من حوار ينتهي باتفاق...
7 البعض يري أن انتخابات الإعادة قنبلة موقوتة يمكن لا قدر الله أن تأخذنا إلي هلاك فيما لو انفجرت.. وعليه!.
لابد من قبول شرعية العملية الانتخابية والقبول بما يحكم به القانون.. سواء استبعد مرشحا أو قبل باستمراره وقبول نتيجة الانتخابات أيا كانت...
الدكتور البرادعي يري أن نزع فتيل القنبلة ممكن فيما لو اتفقت القوي المختلفة ومرشحا الرياسة أنفسهما أو فيما لو أن اللجنة التأسيسية للدستور أعلنت قبل إجراء الانتخابات غدا أن الدستور سوف ينص علي إجراء انتخابات تشريعية وانتخابات رياسية بعد سنة.. أي أن الرئيس القادم مدته سنة والمجلس التشريعي سينتهي عمره بعد سنة...
الدكتور البرادعي يري حتمية قبول ما ستسفر عنه العملية الانتخابية ويري أن شرط السنة سوف يخفف كثيرا من الاحتقان القائم...
الاقتراح ربما يمنع الصدام وربما يخففه لكن هل يمكن تنفيذه أو بمعني أصح يحظي بموافقة القوي الوطنية؟. يقيني لا الساعات القليلة المقبلة فيها الإجابة!.
8 ملايين الشعب الصامتة في دهشة من إغفال البعض للشرعية التي انتهت إليها الجولة الأولي للانتخابات وكأن تصويت خمسة ملايين مصري لمرشح أمر لم يحدث وحقيقة لم تتم وشرعية حددت طرفي الإعادة...
ملايين الشعب الصامتة في دهشة وصدمة ممن لا يعترفون بقانون أو شرعية ويعتبرون آراءهم في الفضائيات هي القانون وهي الشرعية وهي وحدها المعبرة عن الثورة حتي وإن خالفت الدستور والقانون...
9 ملايين الشعب الصامتة تتابع في حزن وخوف وقلق الفتنة التي أطلت برأسها وأوقعت قضاة مصر مع مجلس الشعب في صدام مروع...
ملايين الشعب قلقة خائفة بل مرعوبة.. لأنها تسمع كلاما تري نقيضه في الأفعال...
كلام عن دولة مدنية.. عن عدالة عن حرية عن ديمقراطية... الأفعال تنسف هذا الكلام وكلها تشير إلي حكم مستبد لا حرية ولا عدالة ولا ديمقراطية فيه...
أي ديمقراطية نتكلم عنها ونحن نرفض أحكام القضاء بل نتهم القضاء نفسه بالفساد ونهدم البيت علي رءوسنا جميعا...
أي دولة ديمقراطية ننتظرها ونحن نقبل الانتخابات إذا جاءت علي هوانا ونرفضها إن خالفت ما نريد.. تلك ليست ديمقراطية صناديق إنما ديمقراطية أهواء.. إما أن نحترم إرادة الشعب في الصناديق أو نفضها سيرة ونعود إلي ما كنا عليه...
بعد الإجهاز علي الأمن ومحاولات النيل من الجيش لا يبقي لنا إلا القضاء...
هذا وقت التهدئة بين القضاء والتشريع...
من عنده كلمة طيبة تلم الشمل وتبعد الفتنة يقولها..
إن لم نجد كلمة طيبة.. الصمت أعظم ما نقدمه للوطن وأيضا الدعاء...
عفوك ورضاك ورحمتك يا صاحب الأمر...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.