شيخ الأزهر يستقبل رئيس هيئة الأركان البريَّة الباكستانيَّة لبحث تعزيز التعاون المشترك    حكم نهائي.. استبعاد هيثم الحريري من انتخابات مجلس النواب بسبب موقفه التجنيدي    25 فرقة مصرية وأجنبية تشارك في اليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية    محافظ الإسكندرية يتفقد اصطفاف معدات مجابهة الأزمات استعدادًا لموسم الشتاء    الحكومة تدرس إعفاء حملة وثائق صناديق الاستثمار بأنواعها من الضرائب على الأرباح    الرقابة المالية تلزم الشركات والجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية بتعزيز بنيتها التكنولوجية والأمن السيبراني لديها    «إكسترا نيوز»: ما يدخل غزة لا يزال نقطة في محيط الاحتياج الإنساني| فيديو    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الزمالك وديكيداها الصومالي    الزمالك يتقدم بشكوى ضد أسامة حسني للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام    تحويلات مرورية جديدة شرق الإسكندرية من غد الجمعة ولمدة 15 يوما    حنان مطاوع تكشف شعورها بعد ترشح فيلمها «هابي بيرث داي» ل الأوسكار    «في الحركة حياة» ندوة وورشة عمل بمكتبة الإسكندرية    «أنتم جزء من الحكاية»| يسرا تحتفل بنصف قرن من الفن والإبداع    نائب وزير الصحة يوجّه بإنشاء عيادات جديدة لخدمة أهالي وسط سيناء    تمارين مثبتة علميا تساعد على زيادة طول الأطفال وتحفيز نموهم    معجنات الجبن والخضار.. وصفة مثالية لوجبة خفيفة تجمع بين الطعم وسهولة التحضير    الأنبا إبرهام: الوحدة المسيحية تحتاج إلى تواضع وحوار ومحبة حقيقية    وزارة التضامن تحدد آخر موعد للتقديم في حج الجمعيات الأهلية 2026    نائب ترامب: الرئيس سيعارض ضم إسرائيل للضفة.. وذلك لن يحدث    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة " أنت الحياة " بقرية نيدة بأخميم    محافظ كفر الشيخ: تسهيلات غير مسبوقة للجادين وإزالة معوقات التقنين لتسهيل الإجراءات    العاصمة الإيطالية روما تستقبل معرض "كنوز الفراعنة"    مساعد وزير الخارجية المصري: الاتحاد الأوروبي أصبح شريكًا اقتصاديًا بمعنى الكلمة لمصر    أندية وادي دجلة تحصل على التصنيف الفضي في تقييم الاتحاد المصري للتنس    التشكيل الرسمي لمنتخب مصر للسيدات أمام غانا في تصفيات أمم إفريقيا    محافظ بني سويف يتفقد مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال المرحلة الثانية من تطوير نادي سيتي كلوب    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    باعتراف صحيفة صهيونية..جيش الاحتلال فشل فى تحرير الأسرى بالقوة العسكرية    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 238 ألفا و600 شهيد وجريح    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب 2025    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    الجيش الثالث الميداني يفتتح مزار النقطة الحصينة بعيون موسى بعد انتهاء أعمال تطويره    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ أسوان يشيدان بمستوى التجهيزات التعليمية والخدمات المقدمة للطلاب    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    تموين قنا يضبط محطة وقود تصرفت فى 11 ألف لتر بنزين للبيع فى السوق السوداء    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    محمد بن سلمان يعزى ولى عهد الكويت فى وفاة الشيخ على الأحمد الجابر الصباح    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خارج دائرة الضؤ
لأنه من آلاف السنين كل واحد منا داخله حاكم فرد لا يري إلا نفسه‏الأمر لك يا صاحب الأمر‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 06 - 2012

‏‏نستغيث بك يا رب لتعيننا علي نفوسنا المتخاصمة المتمردة الغاضبة الرافضة الكارهة الحانقة الحاقدة الشامتة‏. في كل الدنيا يا رب فرقاء سياسة ومعتقدات وعقائد.. ربما يختلفون في كل شيء لكنهم يتلاقون ويتفقون علي أن الوطن فوق الجميع ومصالحه فوق كل الأحزاب وكل المعتقدات وكل العقائد...
منافذ الرحمة التي يسرتها لعبادك علي كل أرض.. أغلقناها بأنفسنا علي أنفسنا وألقينا مفاتيحها في بحر بلا قرار...
نحن من صنع ويصنع كل أزماتنا.. نحن من نستدرج بكامل إرادتنا للفتنة.. نحن لم نعد نري الوطن لأننا لا نري إلا مصالحنا...
نحن من يسير علي طريق لا تبدو له نهاية ويخترق حقل ألغام بلا حدود...
نحن من عاندنا أنفسنا وحرقنا الخرائط ودمرنا البوصلات ونرفض النظر إلي السماء للاهتداء بالنجوم لمعرفة الاتجاهات علي طريق بلا ملامح محفوف بالمخاطر كل واحد منا عليه متربص بالآخر وكل فريق أو فصيل يحاول أن يسبق ليحول دون تقدم الآخر...
هل انكتب علينا التيه؟.
يقيني لا.. لأن مصر الآمنة بأمر ربها لم ولن تكون مثل بني إسرائيل في خطاياهم!.
مؤكد لا لأن البلد المبشر بالأمان في كل الكتب السماوية مستحيل أن يكون التيه عقابا له..
التيه غضب من السماء اختصت به وحددت له بني إسرائيل بالاسم وبالسبب...
والسماء نفسها في كل الكتب السماوية اختارت الأمان لمصر وبشرت مصر بالأمان.. والسماء التي تبشر بلدا بالأمان أبدا لا تعاقبه بمثل ما عاقبت من لا أمان لهم...
طيب.. إن لم يكن ما نحن فيه تيها.. فماذا يكون؟.
الذي نحن فيه حالة غير مسبوقة في تاريخ مصر إحدي أقدم دول العالم.. تاريخ عريق لكنه لم يشهد خلال آلاف السنين ثورة شعب علي نظام حكم الفرد.. الشعب المصري لم يثر مطلقا علي فرعون أو وال أو ملك أو رئيس جمهورية سلطاته مطلقة...
ثورة25 يناير هي الحدث الأوحد علي مدي التاريخ وعندما يثور شعب من خلال شبابه بعد صمت آلاف السنين.. طبيعي ومنطقي أن تجمعه الثورة وتفرقه السياسة.. ولكن!.
السياسة ليست وحدها المسئولة.. لأن هناك تراكمات قديمة لا سقف لها وضغوطا رهيبة لا وصف لها ومستحيل التحكم في مسارات ردود فعلها...
خلافات السياسة وانتهازية السياسة تلاقت مع ردود الفعل الكثيرة الهائلة وفي الوقت نفسه اختفت وتراجعت الأصوات الهادئة الداعية للحوار والتفاهم والهدوء والاستقرار.. اختفت أمام الجدال والصدام والتخوين والتهييج وكل ما يفرق ولا يوحد...
وليت الأمر وقف عند هذا الحد إنما زاد وكبر وتضاعف مع التدخلات الخارجية التي يعنيها ألا تهدأ مصر الآمنة لحظة.. وللأسف ابتلعنا الطعم فارتفع السقف.. سقف الانقسام وسقف الخلاف وسقف الكراهية وبات صعبا للغاية وسط هذا المناخ المكفهر المنزوع منه الحب والطمأنينة والتسامح.. صعب أن نري شعاع الأمل الذي يطل علينا من ثقب صغير بعيد بعيد...
بصيص الأمل يتباعد وفي أوقات يتلاشي ولا نراه.. وأي خير ننتظر وسط مناخ فيه الآتي...
1 كلما اقتربنا خطوة.. نتراجع فجأة عشرات الخطوات...
ملايين الشعب الأغلبية الكاسحة الصامتة.. تصورت أو اعتقدت أن الانتخابات التشريعية بداية استقرار واكتشفت أنها بداية مرحلة صراع بين أطراف لعبة السياسة المختلفين...
أتوقف هنا لأوضح أن رأي ملايين الشعب الذي لا يسمعه أحد ولا يأخذ به مخلوق.. هذا الرأي يختلف جذريا عن وجهة نظر الأخوة الأعداء أطراف لعبة السياسة ومن يؤمنون بهم.. ومن هنا أصبحت الفضائيات ونخبتها ورجال السياسة المختلفون في واد وملايين الشعب في آخر مختلف تماما.. والإشكالية أن كل طرف أو فصيل يتكلم باسم ملايين الشعب ويري نفسه الوحيد الذي يعبر عن الشعب.. أخذوا توكيلا من الشعب بدون توقيع واحد من ملايين الشعب!.
2 ملايين الشعب راقبت خلافات القوي السياسية التي فجرتها نتاج انتخابات مجلسي الشعب والشوري وظنت أنها خلافات عابرة ستذهب إلي حال سبيلها وتختفي مع انتخابات الرياسة.. إلا أن!.
ملايين الشعب اعتقدت أن انتخابات الرياسة ستكون نهاية مرحلة وبداية أخري جديدة مختلفة تتناسب مع الجمهورية الثانية التي ظهورها يطوي صفحة عليها ستة عقود هي عمر الجمهورية الأولي...
ملايين الشعب التي تسربت ملامح الطمأنينة لها.. فوجئت بالبعض ينادي بمقاطعة هذه الانتخابات لأنه كان ومازال يري أن الدستور أولا والانتخابات ثانيا.. وهي وجهة نظر لها وجاهتها وعليها مآخذها.. لأن الدستور أولا معناه ألا تجري انتخابات الشعب والشوري والرياسة إلا بعد وضع الدستور وهذا طبيعي ومنطقي في الظروف العادية المستقرة لكنه مستحيل في أعقاب ثورة غير مسبوقة في تاريخ مصر زلزلت ونسفت أوضاعا مستقرة من آلاف السنين وطبيعي أن تظهر ردود فعل هائلة صعب السيطرة عليها ومستحيل السيطرة وسط حالة الفراق والجدال والكراهية التي مزعت بها السياسة كل ما وحدته الثورة.. وليس هذا استنتاجا أو افتراضا إنما واقع عشناه شهورا طويلة...
الذين مازالوا يتحدثون عن الدستور أولا.. لم يوضحوا لنا كيف كانوا سيتفقون علي قرار واحد...
كانوا يطالبون بتسليم الجيش السلطة إلي مجلس رياسي ولم يقولوا لنا الطريقة التي يختارون بها المجلس الرياسي في غياب تام للشرعية...
لم يوضحوا لنا كيف سنتفق علي الأسماء والصلاحيات والمهام والمناصب والنفوذ ونحن اتفقنا علي ألا نتفق!. وحياة اللجنة التأسيسية ما كنا سنتفق علي بند واحد!.
ألم يروا أننا في وجود الشرعية النيابية فشلنا علي مدي شهرين في الاتفاق علي طريقة نختار بها اللجنة التأسيسية للدستور...
شهران ولم نتفق علي الأسلوب الذي نختار به أسماء اللجنة...
الذين يتكلمون عن تشكيل مجلس رياسي وقت قمة الفوضي الناجمة عن قمة الاختلافات بين القوي السياسية.. هل كانوا حقا يؤمنون بإمكانية اتفاق القوي الوطنية علي تشكيل مجلس رياسي يتسلم مهمة إدارة البلاد بدلا من المجلس العسكري ويضع الدستور ويجري الانتخابات التشريعية والانتخابات الرياسية...
هل كانوا يؤمنون بإمكانية تنفيذ هذا.. وإن كانوا وقتها يؤمنون هل مازال الإيمان قائما بعد الذي عشناه ورأيناه علي مدي شهرين فشلنا فيهما في إيجاد مدخل توافق لأجل الاتفاق علي تصور يحدد أسلوب تشكيل لجنة...
هل بعد الذي حدث من القوي الثورية وفشلها التام في توحيد نفسها وراء مرشح واحد وهم فشلوا لأنهم لا يملكون إرادة الاتفاق والاتفاق معدوم لأن المصلحة العامة معدومة والموجود فقط مصالح شخصية لا تري إلا نفسها لذلك لم تتفق علي مرشح واحد للرياسة.
القوي الثورية فشلت في الاتفاق علي مرشح يمثلها في انتخابات الرياسة.. لم تتفق وهي نسيج واحد يجمعها فكر واحد.. فكيف كنا ننتظر أن تتفق كل القوي الوطنية علي مختلف معتقداتها علي مجلس رياسي واختصاص كل فرد فيه!. كيف ننتظر اتفاق فرقاء كل واحد منهم ينظر لنفسه ولا أحد ينظر لوطن!. لم نتفق ولن نتفق فيما هو قادم إن بقيت المصالح متعارضة وهي متعارضة!.
في اعتقادي أن مشروع تسليم السلطة لمجلس رياسي مدني الذي نادي به البعض قبل شهور.. ما كان سينجح لأنه أصلا لن يتم لأننا لم نعرف بعد كيف نضع الوطن فوق مصالحنا والدليل اللجنة التأسيسية للدستور التي جلسنا شهرين لنتفق علي أول بند فيها ولم نتفق.. والدليل انتخابات الرياسة ورفض مرشحي الثورة التنازل لبعضهم بعضا والاتفاق علي مرشح يجمع كل القوي.. فشلوا لأن كل مرشح يري نفسه الأفضل رغم أن الحياة علمتنا أن الأفضل هناك دائما من هو أفضل منه.. وعلمتنا أن المصلحة العامة فوق أي مصالح فردية...
3 ملايين الشعب مازالت تعيش وتعايش خلافات القوي السياسية بكل ما تحمله من تناقضات وكل ما تعكسه علي الملايين من حيرة...
ملايين الشعب وجدت البعض ينادي بمقاطعة هذه الانتخابات لأن الدستور كان يجب أن يكون أولا.. ملايين الشعب اندهشت لأنه بمرور الأيام وما حدث فيها وتجربة التأسيسية تؤكد استحالة اتفاق القوي السياسية علي اتفاق واستحالة تشكيل هذا المجلس الرياسي المقترح لأن القوي السياسية المختلفة وقتها مازالت مختلفة حتي الآن لأن أنا هي الأهم ونحن غير موجودة!. لأننا عشنا آلاف السنين كل منا داخله حاكم فرد.. سواء علي المستوي الفردي أو الكيان الحزبي.. كل منا يري نفسه ولا يري الآخر بل وقد يرفض من الأصل الآخر...
ملايين الشعب.. وجدت علي الجانب الآخر إقبالا علي المشاركة في الانتخابات من كل الاتجاهات السياسية والعدد انتهي إلي13 مرشحا...
ملايين الشعب تعلم وتدرك أن المشاركة في الانتخابات معناه قبول هذه الانتخابات والاعتراف بها وبكل قانون يحكمها لأن ممارسة أي لعبة لا تتم ولا تستقيم إلا بقبول كل الأطراف لقانونها...
ملايين الشعب الأغلبية الساحقة تصورت أو اعتقدت أن مشاركة كل القوي السياسية في الانتخابات ونزول مرشحين لها علي الرياسة.. تصورت أن المشاركة في الانتخابات التزام بالانتخابات.. وهذا لم يحدث وهذا ما أغضب ملايين الشعب...
4 ما إن انتهت الانتخابات حتي ظهر العجب العجاب بعد إعلان النتائج.. وما قبلته الأطراف المتنافسة خرجت عليه بعض القوي التي رفضت النتيجة واعتبرتها ضد الثورة.. رفضت ما قبلته عندما دخلت اللعبة الديمقراطية وكان عليها أن تلتزم بها لنهايتها طالما أنها قبلتها من بدايتها وطالما أن إرادة الشعب لم يتم تزويرها...
ملايين الشعب انصدمت من مناداة البعض بتشكيل مجلس رياسي والأمر ينسف كل ما بدأناه ووافق عليه الجميع وشاركوا فيه...
ملايين الشعب شعرت بأن الأمل في الاستقرار ابتعد وحلم الاتفاق تبدد وواقع الاختلاف عاد...
ملايين الشعب سألت نفسها ومازالت.. ولماذا احتكمنا للانتخابات وشاركنا في الانتخابات وأدلينا بأصواتنا في الانتخابات.. ولماذا أصلا نجري انتخابات إعادة تحت التهديد والوعيد بالصدام إذا ما انتهت إلي نتيجة معينة؟.
5 كثيرون جدا وأنا واحد منهم يتفهم حالة الإحباط التي عليها الشباب الذي فجر الثورة؟.
إحباط من قاموا بالثورة وخرجوا بكتف قانوني من ملعبها دون وجود حقيقي مؤثر في الشارع السياسي...
غضب الشباب مشروع لأن الوقت لم يمهلهم للانخراط في العملية السياسية المختلفة جذريا عن العملية الثورية...
في الثورة نجحوا بامتياز والشعب جمعوه حولهم في قضية عادلة الشعب المصري عاش يحلم بها ولم ير يوما إمكانية تحقيقها في الأحلام...
الشباب نجحوا فيما لم يقدر عليه الشعب عبر تاريخ مصر.. لكن الوقت من بعد25 يناير وحتي الآن لم يسعف الشباب في الوصول إلي الشعب من خلال أحزاب وجمعيات تحمل أفكارهم ومشروعاتهم ورؤيتهم...
وهذا طبيعي لأن الوقت ضيق والشرعية مطلوبة والساحة عليها من لهم خبرة طويلة للتواصل مع الناس في القري والنجوع والكفور والمدن...
والطبيعي أن تتوحد القوي الثورية في كيان له أهدافه وله كوادره وله قياداته وله برنامجه...
هذا الطبيعي لم يحدث منذ الثورة وحتي الآن.. والذي حدث أن الكيان الواحد من25 يناير وحتي11 فبراير تحول لأكثر من130 كيانا أو ائتلافا...
والمحصلة.. انقسامات ظهرت واضحة فضحت نفسها يوم فشلت كل الجهود لأجل اتفاق قوي الثورة علي مرشح واحد لها في انتخابات الرياسة...
6 السؤال المنطقي هنا: هل استوعب الشباب ما حدث؟. هل عرفوا ما فاتهم.. هل وضعوا أيديهم علي الخطأ؟. هل أدركوا الحقيقة.. حقيقة أن العمل الثوري يعقبه عمل سياسي والسياسة تختلف وتلك هي الحقيقة التي لم يفطنوا إليها وتركهم البعض يبتعدون عنها وينشغلون في التصريحات والفضائيات والاحتجاجات والمليونيات.. في الوقت الذي فيه غيرهم يعمل بكل طاقاته للانتخابات...
الحقيقة أن العمل السياسي يختلف جذريا, وأن الشرعية فيه يملكها الشعب وحده وأن هذه الشرعية تتحقق بالانتخابات ولا شيء سواها وأن غياب هذه الديمقراطية سنين طويلة طويلة ترك آثاره علي الشعب الذي سيأخذ وقته حتي يعطي صوته لمن يستحقه وأن علينا القبول بما جري ويجري طالما أنه في الإطار القانوني والشرعي وأن الوصول إلي ما نحلم به للانتخابات أهم مسئوليات الشباب فيما هو قادم بالتواصل والحوار والتوعية والقدوة...
الدرس الذي يجب أن يخرج به الشباب من الفترة الماضية.. الاعتراف بأنهم تفرقوا فتشتتوا واختلفوا فضعفوا...
الاعتراف بأنهم ليسوا وحدهم والوصول لمن سبقوهم يأتي بالترابط والاتفاق لا التشتت والخلاف.. يعرفون أنه ليس بالضرورة أن تتفق بقية الآراء مع رأيهم وأنه يمكن أن تختلف آراؤهم أنفسهم مع بعضهم مثلما حدث.. وأن يعرفوا أن الحوار هو السبيل الوحيد للوصول إلي اتفاق والدول تتحارب لكنها لن تعيش العمر تتقاتل ولابد من حوار ينتهي باتفاق...
7 البعض يري أن انتخابات الإعادة قنبلة موقوتة يمكن لا قدر الله أن تأخذنا إلي هلاك فيما لو انفجرت.. وعليه!.
لابد من قبول شرعية العملية الانتخابية والقبول بما يحكم به القانون.. سواء استبعد مرشحا أو قبل باستمراره وقبول نتيجة الانتخابات أيا كانت...
الدكتور البرادعي يري أن نزع فتيل القنبلة ممكن فيما لو اتفقت القوي المختلفة ومرشحا الرياسة أنفسهما أو فيما لو أن اللجنة التأسيسية للدستور أعلنت قبل إجراء الانتخابات غدا أن الدستور سوف ينص علي إجراء انتخابات تشريعية وانتخابات رياسية بعد سنة.. أي أن الرئيس القادم مدته سنة والمجلس التشريعي سينتهي عمره بعد سنة...
الدكتور البرادعي يري حتمية قبول ما ستسفر عنه العملية الانتخابية ويري أن شرط السنة سوف يخفف كثيرا من الاحتقان القائم...
الاقتراح ربما يمنع الصدام وربما يخففه لكن هل يمكن تنفيذه أو بمعني أصح يحظي بموافقة القوي الوطنية؟. يقيني لا الساعات القليلة المقبلة فيها الإجابة!.
8 ملايين الشعب الصامتة في دهشة من إغفال البعض للشرعية التي انتهت إليها الجولة الأولي للانتخابات وكأن تصويت خمسة ملايين مصري لمرشح أمر لم يحدث وحقيقة لم تتم وشرعية حددت طرفي الإعادة...
ملايين الشعب الصامتة في دهشة وصدمة ممن لا يعترفون بقانون أو شرعية ويعتبرون آراءهم في الفضائيات هي القانون وهي الشرعية وهي وحدها المعبرة عن الثورة حتي وإن خالفت الدستور والقانون...
9 ملايين الشعب الصامتة تتابع في حزن وخوف وقلق الفتنة التي أطلت برأسها وأوقعت قضاة مصر مع مجلس الشعب في صدام مروع...
ملايين الشعب قلقة خائفة بل مرعوبة.. لأنها تسمع كلاما تري نقيضه في الأفعال...
كلام عن دولة مدنية.. عن عدالة عن حرية عن ديمقراطية... الأفعال تنسف هذا الكلام وكلها تشير إلي حكم مستبد لا حرية ولا عدالة ولا ديمقراطية فيه...
أي ديمقراطية نتكلم عنها ونحن نرفض أحكام القضاء بل نتهم القضاء نفسه بالفساد ونهدم البيت علي رءوسنا جميعا...
أي دولة ديمقراطية ننتظرها ونحن نقبل الانتخابات إذا جاءت علي هوانا ونرفضها إن خالفت ما نريد.. تلك ليست ديمقراطية صناديق إنما ديمقراطية أهواء.. إما أن نحترم إرادة الشعب في الصناديق أو نفضها سيرة ونعود إلي ما كنا عليه...
بعد الإجهاز علي الأمن ومحاولات النيل من الجيش لا يبقي لنا إلا القضاء...
هذا وقت التهدئة بين القضاء والتشريع...
من عنده كلمة طيبة تلم الشمل وتبعد الفتنة يقولها..
إن لم نجد كلمة طيبة.. الصمت أعظم ما نقدمه للوطن وأيضا الدعاء...
عفوك ورضاك ورحمتك يا صاحب الأمر...
المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.