تتعرض الزراعة فى مصر فى الفترة الحالية لهزة عنيفة أثرت سلبا على إنتاجنا الزراعي، إذ تفتت المساحات الزراعية بوادى النيل نتيجة للزيادة السكانية والتوريث والبناء على مساحات ليست بقليلة منها، حتى أصبحت معظم الحيازات الزراعية تتراوح بين عدة قراريط وأجزاء من الفدان، ولا تفى هذه المساحات بإنفاقات صاحبها، ولذلك يلجأ لمصدر دخل آخر يعطيه معظم اهتمامه، أما زراعة هذه المساحة الضئيلة التى يملكها فلا يعطيها الوقت والاهتمام الكافى مما ينعكس على اضمحلال إنتاجيتها، ومن ثم يتأثر الإنتاج الزراعى لمصر سلبا. وأقترح أن تكون هناك تعاونيات لكل محصول فى كل مركز إدارى بمحافظات مصر يتركز بها متخصصون وأدوات ومعدات ومواد إنتاج هذا المحصول، وأن يكون لهذه التعاونيات السبل المثلى لتسويق إنتاج المحصول، وتضم كوادرها إداريين وفنيين مدربين من ذوى الخبرة فى زراعته لتحقيق أعلى إنتاجية وربحية لوحدة المساحة، وسوف يشجع ذلك أغلبية ملاك المساحات الصغيرة على الاشتراك فى هذه التعاونيات، وفى نهاية كل موسم زراعى تتم محاسبة كل مساهم فيها حسب المساحة المشترك بها. ومن مميزات هذه التعاونيات أيضا تشغيل أعداد ليست بالقليلة من العمالة، وأن يتفرغ صاحب الأرض لعمله الآخر ويتقنه، وهى مساهمة من أصحاب هذه الأراضي.وقد شاهدت فى زياراتى لدول أوروبية تطبيق هذه النظم من التعاونيات القادرة على تحقيق إنتاجية عالية لمحاصيل، ومع مرور المواسم الزراعية تكتسب مزيدا من الخبرة والمعرفة، وهى ذات فاعلية قصوى فى المحاصيل الغذائية والطبية والعطرية وإنتاج الزهور القابلة للتصدير إلى الخارج. أما بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والقصب والقطن، فإنها تحتاج لمساحات شاسعة، وتناسبها الزراعة بالميكنة الزراعية من الألف إلى الياء كما هو متبع فى الدول عالية الإنتاج لمثل هذه المحاصيل، حيث تكون التكلفة زهيدة والإنتاجية عالية لوحدة المساحة، إذ أنها لا تحتاج لأعداد كبيرة من العمالة الزراعية ذات الأجور المرتفعة والكفاءة المحدودة مقارنة بالخدمة الآلية، ونضرب لذلك زراعة القمح فى الأراضى الصحراوية الجديدة، والتى يتم ريها بالرش، حيث تحتاج هذه المساحات إلى عمليات تسوية بسيطة، وتتم زراعة تقاوى القمح بآلة تسمى «السطارة» يمكنها زراعة مساحات كبيرة فى اليوم الواحد مع ريها بأجهزة الرى والرش التى تتميز باقتصادها فى كميات مياه الري، ويمكن إضافة الأسمدة والمبيدات ومقاومة الحشائش من خلالها، ثم حصاد هذه المساحات بواسطة آلة الحصاد «الكومباين» الذى يتمكن من حصاد ودراس مساحات شاسعة من هذا المحصول، ويتم تخصيص وسائل التخزين من صوامع وخلافه إذا كانت المساحات المنزرعة كبيرة، وذلك إلى حين الاحتياج لهذا الإنتاج.. أما بالنسبة لمحصول القطن، فإن العمالة فى وقتنا الحالى أصبحت من الندرة، لدرجة أن كثيرين من المزارعين يتركون القطن الزهر يتهدل ويسقط على الأرض تلوثه الأتربة وبقايا المحصول، مما يقلل بدرجة كبيرة من رتبته وجودته، ولكن فى الدول المتقدمة فى زراعة القطن، يتم جمعه آليا بعد إضافة مواد كيماوية تعمل على تساقط الأوراق والوريقات ولا يتبقى إلا لوزة القطن التى يتم شفطها بآلة خاصة، وبذلك نتجنب التكلفة الباهظة مع سوء المنتج فى حالة جمعه يدويا، وكذلك الحال بالنسبة لمحصولى الذرة والقصب بأن نلجأ إلى الميكنة فى خطوات إنتاجها بالنسبة للمساحات الكبيرة وخاصة التى يتم استصلاحها. د.أبوبكر العجاجى سوهاج