مصر وروسيا توقعان بروتوكولاً مكملًا لاتفاقية التعاون فى بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية    حنفي جبالي: رئيس الجمهورية اختار طريق العمل في صمت والإخلاص في أداء الواجب    هل تأثرت الشبكة المالية الرقمية للحكومة المصرية بحريق سنترال رمسيس؟    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    النواب يوافق مبدئيًا على اتفاق قرض المرونة الغذائية    ترامب: أود رفع العقوبات الأمريكية الصارمة عن إيران    جيش الاحتلال يعلن مقتل 5 من جنوده خلال اشتباكات بشمال غزة    رئيسة المفوضية الأوروبية: الاتحاد الأوروبي ملتزم بانخراط قائم على النتائج مع الصين    الاحتلال يجبر الفلسطينيين على النزوح قسرا من مناطق في مدينة خانيونس    فران جارسيا: علينا إثبات أن ريال مدريد أفضل من سان جيرمان على أرض الملعب    الأهلي يرفض تخفيض مطالب بيع وسام أبو علي ويتمسك ب12 مليون دولار    خبر في الجول - اختبارات بدنية ومعسكرات لتجهيز الحكام للموسم الجديد    حريق سنترال رمسيس| «المصرية للاتصالات» تنعي شهداء الواجب وتعد بالدعم الكامل    عرض ماكبث المصنع كامل العدد على مسرح قصر ثقافة بورسعيد    جوزيف عطية وملحم زين يجتمعان في ليلة غنائية واحدة بمهرجان جرش بالأردن    حالة الطقس في الإمارات اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    لليوم الثاني.. فرق الإنقاذ تواصل جهودها لانتشال جثتين سقطت بهما سيار نقل من «معديه» بنهر النيل في قنا    ريبيرو يتمسك بالرباعي الخبرة.. ورفض رحيل عبد القادر للسعودية    فرنسا تشدد الخناق على الإخوان.. ماكرون يطلق حزمة إجراءات صارمة لمواجهة التطرف    رامي جمال: عمرو دياب أسطورة حية.. وأنا مش من جيله علشان أتقارن بيه    فيضانات تكساس الكارثية تودي بحياة أكثر من 100 شخصًا    إجراء احترازي بسبب الطقس.. مترو الأنفاق يعلن تقليل سرعة القطارات إلى 60 كم/س حفاظًا على سلامة الركاب    محافظ الجيزة: منظومة ذكية لإحكام السيطرة على نقل مخلفات البناء والهدم    الخميس.. غلق باب تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    الطيران المدني: عودة حركة التشغيل إلى طبيعتها بمطار القاهرة    استمرار عمليات التبريد فى مبنى سنترال رمسيس لليوم الثانى وسط حالة استنفار    افتتاح قبة «سيدي جوهر المدني» في شارع الركبية بحي الخليفة    بتكلفة 2 مليون جنيه.. بدء التشغيل التجريبي لوحدة «عناية القلب» بمستشفى الحسينية المركزي    فيلم ريستارت يقفز بإيراداته إلى رقم ضخم.. كم حقق في دور العرض الإثنين؟    «هتضحك معاهم من قلبك».. 4 أبراج يُعرف أصحابها بخفة الدم    الجبهة الوطنية: نؤكد أهمية خروج الانتخابات بصورة تليق بالدولة المصرية    المصرية للاتصالات تنعي شهداء الواجب في حادث حريق سنترال رمسيس    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    تراجع أسعار النفط مع تقييم المستثمرين تطورات الرسوم الأمريكية    ضبط أدوية مغشوشة داخل منشآت صحية بالمنوفية    بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    تحرك برلماني عاجل بعد توقف خدمات الاتصالات والانترنت وماكينات الصرافة بسبب حريق سنترال رمسيس    وزير الإسكان يتفقد المنطقة الاستثمارية ومشروع الأرينا بحدائق "تلال الفسطاط"    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    رسميًا.. صفقة الأهلي "الحملاوي" ينضم إلى كرايوفا الروماني    رئيس الرعاية الصحية: تطوير المنشآت الطبية بأسوان وربط إلكتروني فوري للطوارئ    وكيل وزارة الصحة يتابع انتظام العمل بوحدات إدارة إسنا الصحية.. صور    استمرار تلقي طلبات الترشيح في انتخابات مجلس الشيوخ بشمال سيناء    الداخلية تضبط 10 قضايا جلب مواد مخدرة    طريقة عمل الكشري المصري بمذاق لا يقاوم    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    التقديم الإلكتروني للصف الأول الثانوي 2025.. رابط مباشر وخطوات التسجيل والمستندات المطلوبة    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    معلق مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    البرازيل ونيجيريا تبحثان التعاون الاقتصادي وتفعيل آلية الحوار الاستراتيجي    رغم غيابه عن الجنازة، وعد كريستيانو رونالدو لزوجة ديوجو جوتا    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الزراعى زكريا الحداد ل(الشروق): (لفيت) بدراسة تحديث الزراعة على الوزراء ورؤساء الحكومات منذ 2003 وأخيرًا أودعتها مكتب شرف
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 08 - 2011

حاول أن تناقش الخبير الزراعى الدكتور زكريا الحداد فى أى قضية زراعية لا علاقة لها بنطاق عمله، وهو الهندسة الزراعية وتحليل النظم، ستجد فى عقله «دفترا» حقيقيا، يفند ويحلل ويرصد ويتابع القضايا التى تناقشه فيها بحضور وصفاء ذهنى نادرين.. وقتها قد لا تسعفك ذاكرتك لمتابعة التواريخ والأرقام والإحصاءات التى يحفظها عن ظهر قلب فى ذاكرته.
«الشروق» حاورت الحداد، صاحب دراسة «خطة تحديث الزراعة المصرية»، والعديد من الدراسات الأخرى التى أنجزها منذ أن حصل على درجة الدكتوراه فى الهندسة الزراعية وتحليل النظم من جامعة نيو كاسيل بإنجلترا فى الثمانينيات وإلى الآن.
وبحسب الحداد، فإنه «لف ودار» بدراسة «تحديث الزراعة المصرية» على وزراء الزراعة السابقين ورؤساء الحكومات منذ 2003 وإلى الآن، وأخيرا أودعها فى مكتب رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، ولم يتلق أى ردود، وتنبع أهمية الدراسة من أنها تعتمد على نتائج مجموعة كبيرة من المشروعات التى تمت تحت إشراف وزارة الزراعة خلال مدة تعدت عشرين عاما، وصلت ميزانياتها مجتمعة لأكثر من مليار دولار على هيئة منح وقروض من هيئات التمويل الدولية.
وفى الحوار وصف الحداد الزراعة المصرية بأنها «ثابتة منذ عهد محمد على»، وأكد استحالة التوسع فى المشروعات القومية بدون الميكنة الزراعية التى تعمل فى 1% فقط من أراضى مصر، وناقش قضية الاكتفاء الذاتى من القمح باعتبارها تخاطب ود المصريين، بعيدا عن اتخاذ إجراءات على أرض الواقع.. لكنه على امتداد الحوار كان يحلم بإمكانات تحقيق الرفاهية للفلاحين والمواطنين المصريين.
● بداية، كيف ترى تطور الزراعة وأحوال المزارعين، بصفتك أستاذا فى الهندسة الزراعية والميكنة؟
الزراعة المصرية ثابتة، جامدة، لم تتطور منذ عهد محمد على تقريبا، بلا أدنى مبالغة، والفلاح لايزال أسيرا لهذا العهد القديم، ويستخدم الفأس والمنجل والآلات شديدة البدائية فى عملية الزراعة، وليس من المنطقى فى هذا العهد ألا نتيح للمزارعين إمكانات التقنية الحديثة، حتى يتمكنوا من مضاعفة الإنتاج وتقليل التكلفة الزراعية، وينسحب ذلك على كل عمليات الإنتاج الزراعى بما فيها السمكى والحيوانى والنباتى. ومظاهر التخلف الزراعى مسئولية الدولة وليس وزارة بعينها، لأن هناك حاجة ماسة لتصنيع الآلات الزراعية فى مصر، ولتقديم أدوات جديدة للفلاحين تساعدهم على زيادة إنتاجية أراضيهم، ناهيك عن غياب دور الإرشاد الزراعى والتعاونيات وانسحاب الدولة من عملية دعم المزارعين.
● معنى ذلك أن هناك صعوبة فى التوسع فى استصلاح الأراضى الجديدة بسبب تخلف أدوات المزارعين؟
طبعا، كيف نتحدث عن مشروعات قومية مثل ممر التنمية مع كل التحفظات عليه أو مشروعات شباب الخريجين أو استصلاح الأراضى لصغار المزارعين دون الحديث عن مشكلة توفير الوسائل التقنية الحديثة، وتتضمن استخدام معدات زراعية غير موجودة حاليا فى القطاع الزراعى وتصنيعها فى المصانع المصرية.
● لكن الدولة خلال الستينيات قطعت شوطا فى تصنيع الآلات الزراعية محليا؟
لم يدم هذا الأمر طويلا ولم يكن مستداما. والآن هناك دراستان تؤكدان إمكانية التصنيع المحلى، أولاهما خرجت عن هيئة المعونة الألمانية والثانية عن طريق أكاديمية البحث العلمى، والآن يمكن الاستفادة منهما، ولضمان استمرار عمليات التحديث، ونظرا لخبرتنا المحدودة فى تصنيع الآلات الزراعية، مثل تصنيع آلة «الكومباين» لحصاد القمح والأرز وغيرهما، أقترح التعاون مع الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال.
● فى ظل الظروف الراهنة للبلد، فى رأيك، هل تبدو مسألة تصنيع الآلات الزراعية ممكنة؟
وارد جدا، إذا توافرت الإرادة السياسية لتنمية الزراعة المصرية، بعيدا عن الشعارات الجوفاء كتعمير الصحراء والاستفادة من المشروعات القومية والاكتفاء الذاتى من الحبوب والقمح، التى لا تقترن بأى فعل حقيقى للتنمية. وقد سبق التجريب فى تصنيع المعدات الزراعية المعقدة، على يد إحدى شركات القطاع الخاص مع شركات أوروبية أخرى، وبدأت بنسبة تصنيع محلى 20% وانتهت بعد خمس سنوات إلى إنتاج بنسبة 100%. كما أن مصانع الإنتاج الحربى لها خبرة كبيرة فى تصنيع الآلات الزراعية، وبدأت بالفعل فى تصنيع بعض آلات «الكومباين»، ولو أنها تعثرت نظرا لاعتمادها الكامل على نفسها دون بدء التصنيع مع شركات عالمية.
● وهل تتوافر هذه الإرادة السياسية للتصنيع وتطوير الزراعة؟
لا يبدو ذلك واضحا حتى الآن، فى ظل تخبط الحكومة فى تفاصيل أخرى، أنا أتحدث عن خطة واضحة للتصنيع، ويجب أن يكون هذا التصنيع اقتصاديا ومجديا للحكومة وللمزارعين ليتأصل فى مصر خلال سنوات قليلة، مع تدريب الخريجين والمزارعين على استخدام الآلات الزراعية الحديثة، من خلال المرشدين الزراعيين.
● ألا ترى أن هذا المشروع وغيره تم تنفيذه فى نطاقات ضيقة وعلى أمد قصير وتوقف بسرعة؟
المشروع كان ممتازا، ووصلت إنتاجية فدان القمح فيه من 22 إردبا إلى 26 إردبا، ثم توقف لغياب الاستراتيجية طويلة الأمد فى التنمية فى عهد وزير الزراعة الأسبق يوسف والى.
● اعتمدت فى خطتك لتحديث الزراعة المصرية على مشروعات حكومية سابقة صرفت الدولة عليها الكثير.. أين ذهبت هذه المشروعات والدراسات وما جدواها؟
هذه المشروعات كلفت خزينة الدولة أكثر من مليار دولار، وتم تنفيذها على مدى أكثر من 25 سنة، ثم ذهبت إلى غير رجعة باختفاء التمويل أو تغيير القيادات، ومن بينها مشروع ميكنة الأرز الذى استمر عشرين عاما، وإذا كان قد تم تعميم نتائجه كان سيؤدى لتوفير 50 ألف طن «تقاوى» سنويا، وزيادة إنتاج الأرز بواقع مليون طن سنويا على الأقل.
● كيف؟
هذا النظام يعتمد على الشتل الآلى، بحيث يستهلك الفدان 20 كيلو تقاوى فقط، بينما يستهلك الشتل العادى 70 كيلو، وفيما يتعلق بزيادة الإنتاج، فالشتل الآلى يضمن الكثافة النباتية المنضبطة. وقد انتشر هذا النظام فى مصر فى جميع مراكز الأرز فى التسعينيات، وانتهى للأسف الشديد جميعه الآن، وتخلف المزارعون وأصبح الشتل يتم يدويا مجددا، رغم أن المشروع اليابانى الذى ساهم فى دعم المشروع أنشأ مركزا متخصصا لأبحاث ميكنة الأرز فى كفرالشيخ وآخر للتدريب والإرشاد فى السنبلاوين بالدقهلية وثالث لإصلاح المعدات بالسنبلاوين وجميع هذه الطاقات مهدرة حاليا، وأصبحت «خرابات».
● هل يمكنك إعطاءنا مؤشرات عن حجم الميكنة الزراعية فعليا فى الأراضى المصرية؟
بموجب بيانات وزارة الزراعة وإحصاءات معدات القطاع العام والخاص، فمعدات تسوية الأراضى بالليزر لا تتعدى طاقتها أكثر من 50 ألف فدان سنويا بالقطاعين العام والخاص، بينما المطلوب سنويا تسوية مليون فدان على أقل تقدير، لأنها تضمن وجود الكثافة النباتية المنضبطة، وهو ما يعنى زيادة الإنتاج من 20% إلى 40% على الأقل. والحال بصفة عامة أن مصر تستخدم الميكنة الزراعية بنسبة لا تتعدى 1% فقط، وتكاد تكون منعدمة.
● لكن تصريحات مسئولى الزراعة غالبا ما تخالف هذا الكلام؟
نأمل فى هذا العهد الثورى أن تكون هناك مكاشفة حقيقية للمجتمع، حتى نعرف ما الذى ينقصنا فى الزراعة حتى ننهض بها، بدلا من إطلاق تصريحات مجانية.. ما أنشده هو استثمار نتائج الأبحاث العلمية التى أجريت على مدى السنوات الماضية.
● عقب الثورة ظهرت تصريحات رسمية ومناقشات حول الاكتفاء الذاتى من القمح.. كيف ترى هذه التصريحات؟
معظم تصريحات «الاكتفاء الذاتى» لتخدير المجتمع، وليست مبنية على أسس حقيقية للاكتفاء الذاتى، ويجب أن نتنبه أيضا إلى أنه ليس بالقمح وحده يحيا الإنسان.. مصر تستورد ما لا يقل عن 5 ملايين طن من الذرة، كما تستورد اللحوم والألبان بكميات كبيرة لسد عجز يصل إلى 50% تقريبا من اللحوم، كما نستورد الأسماك؛ لذا يجب أن يناقش المسئولون قضية الإنتاج الزراعى بشكل عام، للوصول إلى أعلى إنتاجية من هذه المخرجات جميعا.
● فى إستراتيجية تحديث الزراعة المصرية تحدثت عن القمح؟
صحيح، لكنى ذكرته فى إطار إعادة هيكلة التركيب المحصولى بالكامل، ورغم ذلك فهناك آليات تضمن زيادة إنتاج القمح إلى ما لا يقل عن 12 مليون طن سنويا، وهو ما يعنى زيادة إنتاجية الفدان 6 أرادب إضافية، وخفض مساحة البرسيم بمقدار نصف مليون فدان واستبدالها بزراعة القمح، وهو ما يوفر مياها تزيد على مليار متر مكعب؛ لأن البرسيم معروف بشراهته للمياه.
● وهل هناك بدائل للبرسيم كعلف حيوانى فى الشتاء؟
البرسيم مهم جدا للدورة الزراعية والإنتاج الحيوانى، ولكن يلزم ألا تزيد الكمية المخصصة للحيوان المنتج من البرسيم فى اليوم على 25 كجم، على أن تتضمن العليقة «سيلاج» الذرة بما يضمن إعطاء الحيوان كامل احتياجاته الغذائية، ففدان الذرة الذى يزرع بهدف «السيلاج» يمكث فى الأرض 85 يوما فقط، ويحقق طاقة قابلة للهضم للحيوان تعادل الطاقة التى يحصل عليها الحيوان من فدان كامل من البرسيم، والذى يستمر فى الأرض 210 أيام، ويستهلك ضعف إنتاج الذرة من المياه، إلا أن إنتاجه من البروتين نصف إنتاج البرسيم.
● لكن تداول السيلاج واستغلاله فى تسمين الحيوانات لم يتم فى القرى المصرية بعد؟
معظم المزارعين الكبار يعتمدون على السيلاج، لكن الفلاحين الصغار «الغلابة» لم يعلمهم أحد إنتاجه؛ لذا ستجد الخطة تتضمن ضرورة تخصيص مليون فدان لإنتاج سيلاج الذرة مرتين فى نفس السنة ونشر هذه الثقافة على الفلاحين، كما تتضمن الخطة استخدام المخلفات الزراعية مثل قش الأرز وغيره كعلف للحيوانات، بعد معالجته، كما يمكن عمل سيلاج من قش الأرز بعد حصاده مباشرة بخلطه بالبرسيم.
● هناك سمعة سيئة عن أسماك المزارع لكونها ملوثة وتتغذى على علائق فاسدة؟
للأسف معظم هذه الأسماك ملوثة بالميكروبات القاتلة والعناصر الثقيلة، ولذا ينبغى وضع نظام بديل وبالسرعة الممكنة لاستبدال هذه المزارع بما يعرف باسم الزراعات السمكية النصف مكثفة، وهو نظام يتم فيه تكثيف الإنتاج بما يعادل 50 كجم من السمك فى المتر مكعب الواحد، بدلا من 250 جم فقط فى المتر المكعب من مياه المزارع الآن، وبهذا فإن مزرعة مساحتها 400 متر، تنتج ما يعادل 20 فدان أسماك بهذا الأسلوب المتطور. لابد من استبدال المزارع الحالية غير المجدية اقتصاديا بزراعات نصف مكثفة، بعد أن تنشئ الدولة مزارع إرشادية ومراكز تدريب لمثل هذه الزراعات.
● اسمح لى أن نعود لقضية تلوث المزارع.. ما مظاهر تلوث الأسماك بالعناصر الثقيلة؟
قانون الرى ينص على أن تمد المزارع السمكية بمياه المصارف، ومن المعلوم للجميع أن المصارف تتضمن الصرف الزراعى والصحى والصناعى، وبالتالى تتعرض لكل هذه الملوثات، ومن المعلوم أيضا أن الأسماك تتحمل الملوثات إلى حد ما، وتتركز فيها ثم تنتقل للإنسان بعد استهلاكها، فضلا عن أن بعض أصحاب المزارع يستخدمون وسائل غير حضارية كعليقة مثل بواقى الدجاج والطيور النافقة والقطط النافقة، بينما فى المزارع النصف مكثفة يسهل التحكم فى نظام التغذية عن طريق تجهيز أعلاف خاصة بالأسماك، وبالتالى نضمن خلوها من أية ملوثات.
● منذ سنوات عديدة والحكومات السابقة والحالية تحدثت عن تطوير الرى لتقليل الكميات المهدرة من المياه.. فى رأيك لماذا لم يستكمل أى من هذه المشروعات؟
مشروع تطوير الرى بدأ منذ ثمانينيات القرن الماضى، وهناك جهاز كامل فى وزارة الرى لتصميم نظم تطوير الرى فى الأراضى القديمة فى الدلتا والوادى، وتم تنفيذه على مساحة لا تقل عن 300 ألف فدان فى محافظات كفر الشيخ والبحيرة والمنيا، وقامت وزارة الرى بإنشاءات وأجهزة تحكم على الترع الفرعية، وتم «تدبيشها» بهدف تقليل الفاقد من المياه ولكن للأسف الشديد معظم هذه المنشآت أصبحت صدئة، وفقدت قيمتها، ولم تعد تصلح للاستخدام. وهذا يعنى إهدارا للمال العام على نفقة المجتمع الفقير أصلا. وحين سألت وزير الرى السابق العطفى، عندما كان يعمل رئيسا لمصلحة الرى بالوزارة، عن المشروع قال إن خطة تطوير الرى تمتد إلى سنة 2050، ومن المتوقع إتمامها فى هذا التوقيت.
ضحك الحداد بأسى وتابع هازئا: «ابقى قابلنا بقى».
● قلت: وهل يعنى هذا إفساد المشروع؟
تطوير الرى قضية عاجلة جدا، ويجب أن تنفذها مصر بسرعة، وألا يكون تنفيذها على نفقة المزارعين. وقد اقترحت على العطفى وقتها أن يتم تطوير المشروع خلال خمس سنوات فقط، على أن يتم تنفيذه على خمسة ملايين فدان، كما اقترحت أن يتم تنفيذ المشروع على أساس لا مركزى بمشاركة خبراء من كليات الهندسة والزراعة والمحليات وإدارة الرى فى المحافظة، ويتم إمدادهم بالكفاءات من وزارة الرى الذين يملكون خبرة عالية فى التصميم، ويتم تجريب الأجهزة والتدريب عليها، وتنطلق فى كل محافظة على حدة.
● وماذا عن تمويل المشروع؟
حسب معلوماتى، فوزارة الزراعة بدأت منذ سنوات قليلة مشروعا باسم مشروع تطوير الرى، تتعدى ميزانيته 140 مليار جنيه، وهو عبارة عن قرض ألمانى طويل الأجل، يحمل على الفلاحين من أصل 8 آلاف جنيه على الفدان يدفعها على أقساط بالفوائد.
● وهذا يعنى تحمل الفلاح نفقات إضافية مفترض أن تتحملها الدولة؟
هذا التساؤل يطرح على المسئولين.. لكن عموما الفلاح المصرى منهك بالفعل، وليس بمقدوره تحمل المزيد من الأعباء المالية، والأهم من ذلك أنه لا توجد لديه الوسائل التقنية التى ينجز بها عمله فى الوقت المطلوب، وعلى سبيل المثال فمتوسط إنتاج الفدان من القمح يقال إنه 18 إردبا، وأنا أشك فى هذا.. وعموما يمكن بالتقنيات الحديثة أن يصل الإنتاج ما بين 22 إردبا و24 إردبا. وباستخدام هذه التقنيات يمكن تقليل تكلفة الزراعة والحصاد بما لا يقل عن 900 جنيه للفدان الواحد.
● وزيرا الزراعة السابق والحالى تحدثا عن عودة الدولة إلى الدورة الزراعية الإلزامية.. كيف ترى هذا الأمر؟
هذه قضية ضرورية للغاية، ولابد من إعادة الدورة بطريقة علمية، والفلاحون أنفسهم يعرفون أهمية الدورة الزراعية، لكن مسئولينا قبل ثورة يناير لم يكونوا على دراية بها فى ظل اللهاث وراء اقتصاد السوق الحرة، فتنظيم الزراعة أمر حيوى ومهم وطبيعى فى أى دولة. تظل هناك مشكلة فى تطبيق الدورة الإلزامية وهى حرص الفلاحين على زراعة الأرز، هذه المشكلة أتعاطف فيها مع المزارع لأنه يحقق دخلا أعلى مقارنة بالمحصول البديل وهو محصول الذرة، ولو قامت الحكومة بدورها فى تحديث نظم زراعة الذرة وإمداد المزارع بالتقاوى الممتازة وزراعته بالميكنة، سيضمن ذلك رفع إنتاجية الذرة إلى 24 إردبا على الأقل، بدلا من 18 إردبا، وبالتالى يتشجع المزارع على زراعة الذرة.
● لماذا ترى أن الدورة الإلزامية ضرورية إلى هذا الحد؟
الدورة ستضمن زيادة الإنتاجية بصورة لافتة للمصريين كلهم، كما ستضمن المحافظة على خصوبة التربة، وتجميع المساحات المفتتة بالفعل فى المعالجة الواحدة والخدمة الواحدة والكفاءة فى استخدام المدخلات الزراعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.