مازال مشروع قانون إيجار موحد للايجارات القديمة يثير جدلا ساخنا بين خبراء القانون ، وكذلك بين الملاك والمستأجرين لهذه الاماكن، كل منهم يعرض وجهة نظره ويعتقد أنها الأصوب، وهذه المرة يعاود الدكتور سمير تناغو أستاذ القانون المدنى بحقوق الاسكندرية ، وصاحب المشروع المقترح دعم مشروعه من خلال طرح أسباب جديدة. يقول الدكتور تناغو إنه الحاقاً لمشروع قانون الحد الأدنى لأجره الأماكن القديمة ، بمبلغ ثلاثمائه جنيه لكل شقة مكونة من حجرتين وصالة، بما يساوى بينها وبين أجرة المثل فى الأماكن العشوائية ، كحل انتقالى مؤقت ،لتحقيق قدر يسيرمن العدالة للملاك ، كما يؤدى فى نفس الوقت إلى فتح أكثرمن مليونى شقة مغلقة، لا يستغلها المستأجرون ويغلقونها لانعدام أجرتها تقريباً ، نود ان نوضح للمشرع والرأى العام الحقائق الآتية. القانون الحالى ظالم للملاك أولاً: قانون إيجار الأماكن القديمة ،ينافى تماما العدل والعقل ، ويلحق أبلغ الضرر بالاقتصاد القومى , وأقسى درجات الظلم بالملاك . ثانيا: بعد ان أصدر المشرع القانون رقم 4 لسنة 1996 ، الذى أنشأ ما يسمى الايجار الجديد ، والقانون رقم 6 لسنة 1997 ، الذى قرر زيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى ، زيادة لم تعد كافية فى الوقت الحاضر، رفع المشرع يده تماما عن أى إصلاح تشريعى لاحق . ثالثاً: أصدرت المحكمة الدستورية العليا أحكاماً عديدة أبطلت فيها بعض أحكام قانون إيجار الأماكن ، ومع ذلك مازال أسوأ حكم فى هذا القانون قائماً ، وهو الأجرة الهزيلة أو المنعدمة لهذه الأماكن ، وما زال الامتداد القانونى لعقد الإيجار لمصلحة الزوج والوالدين والابناء ، ومازالت هناك بعض عقود الإيجار تزيد مدتها الفعلية عن ستين عاماً ، وهو الحد الأقصى لمدة عقد الحكر. مع العلم بأن عقد إيجارالحكر هو أطول عقد إيجارينشئ للمستأجر حقاً عينياً ، وليس فقط مجرد حق شخصى أو التزام فى مواجهة المؤجر، وقد نص القانون المدنى على أنه لا يجوز أن تزيد مدة عقد الحكرعن ستين عاماً، فهل يعقل أن تزيد مدة الإيجارالعادى عن مدة عقد إيجار الحكر ؟!. رابعاً : من الواضح أن الحكومات المتعاقبة ، منذ نحو عشرين عاماً ، تقاعست أو ترددت فى القيام بأى إصلاح لهذا القانون السيئى ، وذلك فيما نعتقد لسببين الأول : يوجد اعتقاد خاطئ لدى الحكومات المتعاقبة أن ثمن دعم الإيجارات القديمة ، يدفعه الملاك ولا تدفعه الدولة من ميزانيتها ، وهذا السبب يعبر عن نصف الحقيقة ، اما النصف الآخر والأهم ، فإن الذى يدفع الثمن هو الاقتصاد القومى ، حيث توجد الآن أكثر من مليونى شقة مغلقة معطلة عن التداول فى شرايين الاقتصاد القومى ، والدولة الرشيدة مسئولة عن الاقتصاد القومى فى مجموعه وليس فقط عن ميزانية الحكومة . السبب الثانى : تخشى الحكومات المتعاقبة رد الفعل الاجتماعى ، لوجود اعتقاد خاطئ أن عدد المستأجرين أكثر من عدد الملاك ، والصحيح أن عدد الملاك بعد توارث الملكية ، جيلا بعد جيل ، أصبح لا يقل عن عدد المستأجرين . وعندما تريد الدولة اصدار قانون إصلاحى يحقق قدراً يسيراً من العدل للملاك ، ويحقق المصلحة الواضحة الأكيدة للاقتصاد القومى ، فإن أى خوف أو تردد لا يكون مقبولاً . ومن حسن الحظ أن الحكومة الحالية أشارت ألى ضرورة الاصلاح فى خطاب رئيس الوزراء ، أمام مجلس النواب « وصدق أن أفلح «، مشروع القانون حل انتقالى مؤقت ويرى الدكتور سمير تناغو أن يكون اقتراح الحد الادنى لأجرة الاماكن القديمة بغض النظر عن تاريخ أنشاء المكان او المنطقة التى يوجد بها العقار، هو حل انتقالى مؤقت ، لأنه من المستحيل فى الوقت الحاضر ، تحرير العلاقة الإيجارية تحريراً كاملاً. ومن الأفضل بالطبع أن نساوى فى فترة انتقالية بين أجرة مكان فى وسط البلد ، وأجرة مكان آخر فى منطقة آخرى . وهذا بدون شك أفضل ألف مرة من الوضع الحالى الذى تبلغ فيه أجرة الشقة فى المناطق العشوائية خمسين ضعفاًلأجرة شقة مثلها فى وسط البلد . وهذا ما اوضحه الدكتور سلطان أبو على ، فى مقال له ، يدافع فيه عن اقتراح الحد الأدنى لأجرة الأماكن القديمة . ونحن نرحب بكل رأى رشيد سديد وما لا يدرك كله ، لا يترك كله.