لا يزال استمرار شغر كرسي الرئاسة اللبناني والميثاقية أحد أبرز التعقيدات السياسية التي شهدها ويشهدها لبنان الشقيق، عاكساً ومؤكداً حجم المؤامرات الغربية على منطقتنا العربية. فبعد مرور ما يقرب من العامين ونصف العام على دولة لبنان بدون رئيس منتخب من قبل أعضاء مجلس النواب اللبناني .. يري الشارع اللبناني بأطيافه المختلفة أن حكومة تسيير الأعمال هناك وإن اختلفت توجهاتها تعمل على ملء الفراغ من الناحية الزمنية فقط، وأن حل الأزمات اللبنانية ليس في يد صانع القرار الحالي أو حتي رموز الطوائف الدينية والأحزاب السياسية، إنما هي سياسات خارجية في المقام الأول يتبعه إجراءات داخلية. حتي وصلت - الأمور - في الآونة الأخيرة الي حد التهديد بالانسحاب الجزئي من الحكومة حتي يكون الفراغ الدستوري مكتمل الأركان، من أجل حل القضايا الخلافية العالقة وهو ما سمي « الميثاقية». والواقع - حول أزمة الفراغ الرئاسي - كما يرويه الكثيرون هناك، هو ليس في أسماء المرشحين لشغل المنصب أو انتماءاتهم أو سياساتهم إنما ذات الأمر سيتكرر فور انتهاء ولاية أى رئيس، مثلما حدث بعد نهاية ولاية الرئيس الأسبق إميل لحود، نظراً للانشقاق الكبير داخل صفوف المجتمع اللبناني - بسبب الضغوطات الخارجية - إقليمية/دولية، الأمر الذى تعكسه سياسات الأحزاب الرئيسية والطوائف الدينية المتعددة. فقد حالت شدة الخلافات في السابق بين المعارضة والموالاة أو الفصيلان الرئيسيان هناك قوى 8 آذار وقوى 14 آذار- دون الاتفاق حول طرح اسم يكون مرشح توافقي للمنصب، حتي جاء ديسمبر من العام 2007 لتعلن في قوى الموالاة آنذاك. - عن تبنيها لإسم قائد الجيش اللبناني كرئيس توافقي للجمهورية ، وقد قبلت المعارضة هذا الترشيح كرئيس توافقي إلا أن عملية انتخابه تعطلت ليس بسبب الخلاف علي شخصه ولكن بسبب الخلاف بين الزعماء والسياسيين البنانيين على الآليات المرتبطة بتوليه المنصب مثل تشكيل حكومة جديدة وقانون الانتخابات، وجري بعد ذلك انتخاب الرئيس السابق العماد ميشال سليمان رئيساًً ثاني عشر للدولة اللبنانية. الأمر الذي طرحه البعض من جديد في لبنان حول إحتمالية طرح اسم قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي كمرشح توافقي عند جميع الفرقاء، خاصة والإنتصارات التي حققها الجيش اللبناني مؤخراً في معاركه مع تنظيم داعش الإرهابي. الدعوة الى الانتخابات «الأهرام» إستطلعت آراء المواطنين هناك حول الحلول للخروج من الأزمات السياسية التي يشهدها لبنان من حينٍ لآخر وجائت النتائج على النحو التالي: ضرورة الاحتكام للشعب ذاته في تقرير مصيره الإنتخابي لاسيما الإنتخابات الرئاسية. حيث لا توجد أى ملامح لتسوية سياسية في ظل الأوضاع الراهنة. ضرورة تركيز الجهود المبذولة للتوصل الي تفاهم علي مجموعة من الخيارات الاستراتيجية، مع طرح مبادرات أو أفكار جديدة تتبناها وتتابع تنفيذها إحدى الدول الصديقة لكافة الفرقاء. تغيير بعض بنود اتفاق الطائف الذى يعتبر المرجعية الأساسية الحالية في التوزيع الطائفي في العمل السياسي العام في لبنان.استبعاد التهدئة السياسية والعسكرية في الجاره سوريا علي المدى الزمني القريب والمتوسط ومن ثم الكف عن انتظار التحولات الاقليمية والدولية. رأى الشعب فى المرشحين وحول أسماء المرشحين للإنتخابات الرئاسية، فجائت تعقيدات الموقف بعد الإتفاق التاريخي الذى أجراه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع رئيس التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون بعد أن تخلي رئيس الوزراء الأسبق والقيادي في قوى 14 آذار سعد الحريري عن دعم جعجع كمرشح لرئاسة الجمهورية، ووقع الإختيار علي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وكانت نتيجة الإستطلاع الذى أجرته « الأهرام» حول توجهات الأسماء المطروحة لصالح عدد من المرشحين منهم: العماد چان قهوچي قائد الجيش الحالي، سليمان فرنجية رئيس تيار المرده ، العماد ميشال عون وهو رجل ذو نفوذ واسع وبارز داخل طائفته، وهو مقتنع بأن ظلما كبيرا لحق بموقعه التمثيلي وبرئاسة الجمهورية، ويرتاح اليه البعض ويرونه شخصية قابلة للتفاوض والاتفاق، حتى لو ان البعض يصفه بالعناد والصلابة، ولكن اذا اتفق مع أي طرف على شيء ما يلتزم بما اتفق عليه؛ حتي أن الرئيس الحريري سبق وأن أيد ترشح العماد عون منذ عامين، لكن التدخلات الإقليمية وقتها حالت دون اكتمال العملية السياسية في شكلها الناضج. وبين تعقيدات عقد جلسات مجلس النواب لانتخابات الرئيس واحتمالية وقوع مصالحات سياسية مفاجئة، تأتي الأزمات الداخلية الأخري لتزيد الأمور تعقيداً حيث تشير الشواهد - في لبنان - الي إمكانية لجوء التيار الوطني الحر التابع للعماد ميشال عون للاحتكام من جديد للشارع اللبناني، معتبرين ذلك خياراً بات محسوماً، كما أوضحت بعض المصادر داخل التيار من أنّ الموعد سيكون في شهر سبتمبر المقبل حيث سيتّخذ مساراً تصاعديّاً؛ لحل كافة القضايا الخلافية سواء الانتخابات الرئاسية او المقاعد الوزارية؛ بعدما بدأ الحديث يتردد حول وزراء الميثاق - لتكون كلمة «الميثاقيّة» هي عنوان الفترة القادمة وهي تعني غياب فصيل ومكون طائفي رئيسي بالكامل من جلسات الحكومة، فالوزراء في أي حكومة لبنانية مكونين من جميع الطوائف الدينية من المسلم السني والشيعي والطائفة الدرزية والمسيحيين، ولذلك عنصر الميثاقية متوفّر؛ ولكن تحرّك التيّار الوطني الحر بعد رفض القوات اللبنانية المشاركة في الحكومة، واستقالة «الكتائب»، سيكون قرار وزيري «التيار» بمقاطعة جلسات الحكومة مؤثّراً على صورتها الميثاقية.