منذ مايو 2014 ولبنان يعيش بدون رأس ،بعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ،وعلي مدي أكثر من 33جلسة لمجلس النواب فشل البرلمان في إختيار رئيس من بين المرشحين للمقعد الشاغرفي قصر بعبدا فلا الدكتور سمير جعجع مرشح فريق 14آذار المدعوم من السعودية وقطر يستطيع الوصول للرئاسة لعدم إكتمال النصاب في مجلس النواب نظرا لتغيب نواب 8آذار(حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المردة)،ولا العماد ميشال عون يستطيع حسم الموقف لصالحه ،وبين المرشحين الأقوي مارونيا لتولي المنصب ضاعت الشهور والجلسات النيابية دون جدوي مع تعطيل الحياة التشريعية ومن بعدها عمل الحكومة. ومع إصرار كل فريق على مرشحه إستمر الشغور الرئاسي،حتى أعلن رئيس لبنان الأسبق زعيم حزب الكتائب أمين الجميل رغبته فى الترشح وهو حليف قوى وفاعل فى فريق 14 آذار الذى يدعم ويرشح جعجع،بينما أصر فريق 8 آذار على مرشحه العماد عون،وذلك حتى إلتقى رئيس وزراء لبنان الأسبق زعيم تيار المستقبل الحليف القوى فى 14 آذار سعد الحريرى فى باريس زعيم تيار المردة صديق بشار الأسد وحليف عون وحزب الله النائب سليمان فرنجية ،وعرض عليه الترشح للرئاسة ،طالما أن عون وجعجع غير قادرين على حسم الموقف أو تنازل أى منهما للآخر،وتلقف فرنجية العرض بإرتياح ،بل ولاقى ترشيحه قبولا جماهيريا عريضا بين فريقى 8و14آذار على مستوى الفريقين وجماهيرهما العريضة. وقبل ترشح فرنجية كان عون وجعجع قد توصلا لإتفاق مبادئ فيما بين الكتلتين الأكبر مسيحيا للحفاظ على حقوق المسيحيين ،المتمثلة بالمناصفة حسب إتفاق الطائف الذى أنهى الحرب الأهلية اللبنانية مطلع تسعينيات القرن الماضي،وكذلك للرغبة فى إجراء الإنتخابات النيابية المؤجلة منذ 1013،بقانون إنتخاب جديد حسب النسبية وليس الطوائف،،وكان لهذا الأتفاق دوره الكبير فى عقد جلسات تشريع الضرورة التى دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برى خلال نوفمبر الماضى ،وتم تمرير تشريعات الضرورة بعد التوافق المسيحى المسيحي. وجاء ترشيح فرنجية-8 آذار- بدعم من الحريرى -14 آذار- بمثابة طعنة فى الظهر لجعجع من حليفه القوى زعيم تيار المستقبل سعد الحريري. وعلى الجانب الآخر لم يلق ترشيح فرنجية إرتياحا وسط التيار الوطنى الحر بزعامة عون وكذلك حليفه حزب الله فى فريق 8آذار،مما دفع المرشح سليمان فرنجية لجس النبض تجاه عون وحزب الله،فزار العماد ميشال عون على هامش عزاء قريب للأخير،ولم يسفر اللقاء عن أى تفاهم بين الحليفين فى 8آذار والمتنافسين على كرسى الرئاسة. كما زار فرنجية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ،الذى أخبر فرنجية بإستمرار دعمه لعون مرشحا للرئاسة ولن يغير موقفه من حليفه القوى إلا إذا رغب عون فى التنازل عن الترشح. ولم يدخر فرنجية جهدا فزار صديقه الحميم الرئيس السورى بشار الأسد ليحصل على دعمه ،ولكن الأسد بدهاء قال إن إختيار الرئيس شأن لبنانى ولم يشأ ان يغضب مرشحه العماد عون. وإذا كان البعض قد فسر دعم الحريرى لفرنجية لرغبته فى العودة للسراى الحكومى رئيسا للوزراء بعد انتخاب الرئيس،وتشكيل حكومة جديدة ،فإن الفريق المناهض -8آذار- لايزال ضد عودة الحريرى رئيسا للحكومة وهو الفريق الذى أسقط حكومة الحريرى فى 2010. كما أن رأس الكنيسة المارونية فى لبنان البطريرك المارونى الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى قد دعا للقاء المرشحين الكبار للتفاهم معهم للتوافق على اختيار أحدهم لرئاسة الجمهورية ،ولكن كانت النتيجة صفرا،ولم يرغب أى من المرشحين فى التنازل لصالح أى من الأخرين. والجديد فى ترشيح فرنجية أن فرنسا وامريكا تدعمان ترشحه ،وبذلك يكون هو الأكثر حظا بالتوافق الإقليمى والدولى حول ترشحه ،ولكن الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية وحليف الحريرى فى 14آذار ومرشحه للرئاسة له رأى آخر،إذا اعلن أنه فى حال الإختيار بين فرنجية وعون فسوف يختار عون للرئاسة،حيث إجتمع جعجع هذا الأسبوع مع خمسين كادرا قواتيا رفيعى المستوى ينشطون فى المناطق والقطاعات، كشف خلاله رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأسباب التى دفعته إلى السير قدماً فى تبنى ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. إذ قال جعجع خلال اللقاء إن الظروف السياسية التى نمر بها اليوم اوصلت ملف الرئاسة الى مبادرة طرحها الرئيس سعد الحريرى وتم التسويق لها وتقوم على عودة الاخير الى رئاسة الحكومة مقابل انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وهاجم رئيس حزب القوات اللبنانية تسوية الحريري- فرنجية معتبرا انها لو نجحت كانت ستكرس اعادة احياء فاضحة للمحور السوري-الإيرانى فى لبنان، معتبراً ان فرنجية هو رأس حربة لهذا المحور. ورأى جعجع ان تلك المبادرة كرست واقعاً لا يمكن تخطيه وهو ان رئيس الجمهورية المقبل سيكون من فريق 8 آذار بعد تنازل تيار المستقبل عن مرشح فريق 14 آذار من دون استشارة القيادات المسيحية فى 14 آذار. ووصف جعجع مبادرة الحريرى بترشيح فرنجية بالصفعة المدوية من الحريرى للقوات اللبنانية التى لا يمكن السكوت عنها. وأكد جعجع أنه عندما أصبح الخيار الرئاسى حصراً من فريق 8 آذار، فسوف نميل بطبيعة الحال الى الخيار الأقل ضرراً وبين عون وفرنجية سنختار عون،واصفاً فرنجية بأنه ينتمى إلى الخط السورى عقائدياً وتاريخياً ومثله الأعلى عائلة الأسد وصديقه بشار،كما ان فرنجية والقوات اللبنانية على طرفى نقيض بالفكر والتوجه والتاريخ فى حين أن الأمور مختلفة مع عون.. وجعجع بترشيحه لعون يريد الخروج العملى من أحقاد الماضى بين القوات والتيارالوطنى الحر وخاصة بعد توقيع "إعلان النيات" الذى نظم الاختلاف السياسي. وكذلك إختيار رئيس قوى يمثل المسيحيين،وتكريس وجود مسيحى قوى برئاسة الجمهورية يتكامل مع وجود السنى القوى فى رئاسة الحكومة والشيعى القوى فى رئاسة المجلس. ومع إعلان جعجع دعمه لعون فى مواجهة فرنجية ،وتخلى 14 آذار عن دعمها له كمرشح منافس لعون ،ينقسم التوافق المسيحى مجددا مابين عون وفرنجية بدلا من عون وجعجع،والخوف أن يستمر الفراغ مع عدم التوافق المارونى حول مرشح ليصل إلى القصر الجمهوري،لأن ترشيح جعجع لم يحظ بموافقة حزب الله وعون ،كما ان ترشيح عون لم يحظ بموافقة المستقبل- الحريري-،فهل يكون دعم جعجع لعون هو القشة التى قصمت ظهر مبادرة الحريرى لترشيح فرنجية مقابل عودته للسراى الحكومي؟وبالتالى تنقسم 14آذار على نفسها وسط تنامى قوة 8آذار التى سيكون الرئيس منها؟