يزور وزير الخارجية المصرى سامح شكرى بيروت لبحث توجهات محددة أهمها ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسى المستمر فى لبنان للعام الثالث على التوالى، وتأكيد العلاقات الخاصة التى تربط مصر بكلّ مكونات لبنان وطوائفه حيث أعلن السفير المصرى فى بيروت الدكتورمحمد بدر الدين زايد، بعد زيارته وزير الخارجية والمغتربين اللبنانى جبران باسيل مطلع هذا الإسبوع أنّ شكرى سيزور بيروت ، وانّ الزيارة تأتى فى توقيت مهم للغاية إقليمياً ولبنانياً. وتناولت وسائل الإعلام اللبنانية خبر الزيارة بكثير من التحليل حيث قالت جريدة الجمهورية اللبنانية إن مصادر سياسية وحزبية لبنانية قالت إنّ كل ما تبلّغَت به هو أنّ رئيس الدبلوماسية المصرية يرغب فى أن تكون بيروت محطّة فى إطار جولة يقوم بها على عواصم دول الجوار السورى للوقوف على رأى المسئولين اللبنانيين فى مجمل التطورات المحلية والإقليمية والدولية. وكشف قيادى مسيحى بارز أنه استقبل السفير المصرى قبل فترة، فى إطار التحضير لهذه الزيارة، وأبلغه السفير المصرى رغبته فى عقد سلسلة من اللقاءات مع الأقطاب اللبنانيين الى جانب القيادات الرسمية وربما أضاف اليها لقاءات مع مرجعيات روحية، بهدف شرح المواقف المصرية من الوضع فى لبنان والمنطقة. ونقل عن السفير المصرى قوله إنّ مصر تضع كل قدراتها السياسية والدبلوماسية بتصرّف اللبنانيين، وإذا كان هناك من مبادرة يمكن القيام بها للتوفيق بينهم، فهى على استعداد لهذه الخطوة أيّاً كانت الكلفة.ووصفت صحيفة «الديار»اللبنانية مهمة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى بأنها «فى منتهى الجدية»، مشيرة إلى أن شكرى الذى يدرك مدى التعقيدات التى تنطوى عليها الأزمة اللبنانية لا بد أن يكون قد اتصل بالرياض كما بعواصم أخرى لكيلا تكون زيارته للاستطلاع، بل هى زيارة عمل ويأمل بنتائج عملية. وقالت الديار إن إحدى الشخصيات التى ترتبط بعلاقة وثيقة مع شكرى رجحت أن تكون هناك دعوة من مصر للقادة اللبنانيين لعقد مؤتمر فى شرم الشيخ على غرار مؤتمر الدوحة عام 2008، وبرعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى ورأت أنه إذا ما تعذر عقد هذا المؤتمر لسبب أو لآخر، وهو ما ستظهره لقاءات شكرى فى بيروت، ستبادر القاهرة تباعاً إلى دعوة القادة اللبنانيين للقاء السيسى لعل ذلك يساعد على الحل وليس فقط الحلحلة. مراجع لبنانية - حسب الديار- تعوّل على الزيارة، وعلى أساس الدور التاريخى الذى تضطلع به الدبلوماسية المصرية حيال لبنان من غداة عام الاستقلال فى أربعينيات القرن الماضى وحتى الآن. وأوضحت «الديار» أن مرجعاً لبنانياً لا يستبعد أن يكون رئيس تيار المستقبل سعد الحريرى هو مَن طلب قيام القاهرة بدور ما لأن الوضع بات صعباً جداً. وقالت صحيفة الأنوار اللبنانية :وسط الآفاق المقفلة والمعالجات المتعثرة، برز مسعى مصرى لتحريك الجمود انطلاقا من الدور الذى تضطلع به القاهرة اقليميا،وقالت مصادر ان الخطوة المصرية تلقى دعما من الحكومة الفرنسية. وستحمل زيارة وزير الخارجية المصرى إلى بيروت أفكارا جديدة فيما يتعلق بكيفية التفاعل مع الشأن اللبناني،كما أن الزيارة تهدف لتحضيرالأجواء لانتخاب رئيس. وتتزامن زيارة شكرى إلى بيروت مع انتهاء فترة عمل السفير المصرى فى لبنان الدكتور محمد بدر الدين زايد ليحل محله السفير نزيه النجارى الذى تولى أمور السفارة المصرية فى بيروت من قبل،ويحيط بتطورات الساحة اللبنانية. تأتى زيارة شكرى إلى بيروت فى وقت تتشابك فيه الأحداث والتطورات اللبنانية السياسية بعد عودة زعيم تيار المستقبل ورئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريرى إلى لبنان بعد سنوات قضاها فى منفاه الاختيارى بين باريس والرياض ،وفى الوقت الذى أوقفت فيه السعودية هبتها العسكرية لتسليح الجيش والقوى الأمنية اللبنانية بقيمة 4مليارات دولار،تحسبا من وصول السلاح إلى حزب الله،وذلك بعد تصنيفه منظمة إرهابية من قبل مجلس التعاون الخليجى ووزراء الداخلية العرب والجامعة العربية نهاية العام الماضى ومطلع العام الحالى، وهو الأمر الذى أدى إلى منع دول الخليج لمواطنيها من زيارة لبنان خوفا على حياتهم ،كما طالبت الموجودين منهم بمغادرة بيروت. وبالرغم من الموقف الخليجى الواضح ضد لبنان عقابا لحزب الله ،فإن الدبلوماsسية المصرية إتخذت موقفا مغايرا، وانفتحت عبر سفارتها فى بيروت على كل التيارات السياسية وزعماء الطوائف اللبنانية،دون تأييد طرف ضد الآخر،فى مهمة تبدو مستحيلة لإنهاء الفراغ الرئاسى ،وتفعيل عمل الحكومة اللبنانية ،ودعم الحوار بين الفرقاء اللبنانيين،خاصة بين المستقبل وحزب الله. ويأتى دور الدبلوماسية المصرية فى لبنان نتيجة حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على أمن وسلامة لبنان،ومطالبته لأكثر من زعيم لبنانى مثل رئيس مجلس النواب نبيه برى وزعيم تيار المستقبل سعد الحريرى بضرورة التوافق على إنهاء الفراغ الرئاسى لتحصين لبنان من مخاطر نار الجوار ،فى ظل وجود مليونى نازح سورى ،والتهديدات الجدية من تنظيمى داعش والنصرة للشمال اللبنانى ،ومحاولة زعزعة الاستقرار الأمنى والسلم الأهلى بعدة محاولات لإشعال الفتنة السنية الشيعية. وبالرغم من تعدد مرشحى الرئاسة فى لبنان ودعم أطراف عربية ودولية لمرشح ضد الآخر ،فإن مصر تقف على مسافة واحدة من كل المرشحين وتبدى موافقتها المسبقة كعادتها على من يتوافق عليه اللبنانيون ليكون رئيسا للجمهورية وإنهاء الفراغ الرئاسى ،وتفعيل عمل الحكومة،وذلك منهج مصر الدائم من لبنان منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذى يحظى بشعبية واسعة فى لبنان . وبالرغم من ضعف الدور المصرى فى لبنان بعد إتفاقية كامب ديفيد فإن لبنان وقف على الحياد وقتها ولم ينضم لجبهة الصمود والتصدى التى قادها الأسد الأب وصدام حسين ومعمر القذافى ضد مصر، ثم ازداد دور مصر ضعفا خلال فترة رئاسة الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك ،لكن الوجود والدور المصرى أخذا فى التزايد مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم فى مصر ،واستقباله زعماء لبنانيين منهم رئيس مجلس النواب نبيه برى ،والزعيم الدرزى وليد جنبلاط ومفتى لبنان الشيخ عبداللطيف دريان الذى تم انتخابه مفتيا للبنان بعد جهود وفد مصرى من الأزهر الشريف، ولذلك فإن الدور المصرى فى لبنان فى عهد السيسى يشهد نموا متزايدا نظرا للعلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين منذ الفراعنة وحتى اليوم،فهل تكون زيارة وزير الخارجية سامح شكرى للبنان بداية موفقة للتوافق على رئيس لبنانى وإنهاء الشغور الرئاسى كما تقول وتؤكد وسائل الإعلام اللبنانية ،ام ان اللاعبين الإقليميين والدوليين سيحولون دون إتمام المهمة المصرية لحل الأزمة اللبنانية ،ليظل الوضع السياسى اللبنانى محلك سر،ويستمر الشغور الرئاسى وتعطيل الحكومة وسط حصار مالى عربى ودولى لحزب الله يدفع لبنان ثمنه؟