يسهم الإعلام بدور بارز فى بناء الدول المعاصرة، وذلك من خلال قيامه بالعديد من الأدوار والوظائف التى تساعد فى بناء الدول وتطورها. فلا يمكن تصور وصول الدول اليوم إلى مستويات العصرية والحداثة دون أن يكون للإعلام دور رائد فى القلب منها.واليوم مصر فى أمس الحاجة إلى دور متطور وأكثر مسئولية فى البناء الثقافى والاجتماعى وتنمية وعى المواطن. وقبل الحديث عن أدوار الإعلام فى بناء مصر المعاصرة، ينبغى أولاً الحديث عن الشروط الواجب توافرها فى بيئة الإعلام المصرى حتى يتمكن من القيام بالأدوار المنتظرة منه فى عملية البناء والتنمية والتحديث.أول شروط هذه البيئة أن تتوافر للإعلام المصرى استراتيجية ورؤية للتعامل مع المستقبل، فدون هذه الاستراتيجية يصبح الإعلام فاقداً لمعالم الطريق.وكما أن الدولة اجتهدت فى كافة قطاعاتها وقدمت رؤية شاملة للتنمية فى مصر حتى 2030، فالإعلام هو الآخر فى أشد الحاجة لأن يتحرك وفق رؤية شاملة على كافة المسارات. وتفرض طبيعة المجتمع المصرى وخصائصه الثقافية والتاريخية عددا من الركائز الأساسية التى تضمن نجاحا حقيقيا للإعلام فى بناء الدولة، وتشمل:الحرية المسئولة للإعلام، ويعتمد تحقيق هذا المبدأ بصدورمنظومة التشريعات الإعلامية الجديدة، والضبط الذاتى للمهنة من خلال التنظيمات الذاتية للإعلاميين أنفسهم، والمتابعة المجتمعية للأداء الإعلامى من خلال جمعيات المجتمع المدنى وبحوث الأكاديميين ومشاركة الجمهور فى تقييم الأداء الإعلامي.وتكمن قوة مصر وتماسكها فى وحدة نسيجها الاجتماعى ، ويتطلب ذلك ضرورة تكثيف الاهتمام بالحفاظ على الوحدة الوطنية للشعب المصري، وتكاتف المجتمع والحرص على تماسكه، وتنمية الحس الوطنى للمصريين. وينبغى أن يظل تحقيق أغراض التنمية بأبعادها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية قاسماً مشتركاً بين كافة وسائل الإعلام خاصة مع تعاظم الدور الذى يمكن أن يقوم به الإعلام فى دعم قيم ترشيد الاستهلاك للطاقة والخبز والمياه والسلع الاستهلاكية، والمبادرة الإيجابية لتنفيذ المشروعات الصغيرة وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى ودعم قيم الإدخار وتشجيع السياحة، وتنمية الوعى الصحى بما يدعم ثقافة الوقاية من الأمراض ، وتنمية الثقافة الغذائية السليمة، ودعم قيم المشاركة الإيجابية للتصدى لكافة مشكلات المجتمع المحلى. وينبغى أن تتضمن سياسة الإعلام فى إحدى ركائزها الأساسية قيادة المجتمع المصرى على مستوى كافة فئات الرأى العام لا سيما النخبة المصرية إلى المستقبل، والمساهمة الإيجابية والفاعلة فى تحفيز كافة مؤسسات المجتمع الأكاديمية والبحثية إلى صياغة استراتيجيات مستقبلية متكاملة تقود المجتمع ونخبته إلى استشراف المستقبل، والتخطيط المستقبلى . ويجب أن يحسم الإعلام التشويش الذى يخلط الدين بالسياسة،حيث شهدت مصر عقب 25 يناير حالة ارتباك فى البرامج التليفزيونية فى إعلام الدولة والإعلام الخاص على حد سواء ارتبطت بالخلط بين المضامين الدينية والسياسية، وأحدث ذلك تشويشاً ملحوظاً لدى الرأى العام. كما أصبح تفاعل الجمهور ومشاركته فى الرسائل الاتصالية أحد المبادئ الرئيسية للسياسات الإعلامية المعاصرة، ويتم ذلك تنفيذياً من خلال عدة أشكال ومحاور تتمثل فى التفاعل مع كاميرا التليفزيون ، استطلاعات رأى الشارع، عينة تمثل الجمهور العام فى البرامج، مواقع التواصل الاجتماعى، رسائل المستمعين والمشاهدين عبر التليفونات المحمولة، الاتصالات الهاتفية ، مشاركة الجمهور فى تقييم البرامج، وينبغى الحرص على تطوير هذه المشاركة بشكل مستمر، خاصة مع انتهاء عصر الإعلام ذى التوجه الأحادى الرأسى من الإعلامى إلى الجمهور، وشيوع نمط المشاركة والتفاعل فى أداء وسائل الإعلام المعاصرة. لمزيد من مقالات د. عادل عبدالغفار