في ذروة غروره وشعوره بالزهو واعتقاده الجازم بأنه معشوق شعب زيمبابوي تلقي الرئيس روبرت موجابي لطمة قوية من رابطة المحاربين القدماء وبعض كبار ضباط الجيش الذين اتهموه بسوء إدارة الحكم والأنانية والديكتاتورية وألقوا باللوم في الأزمة الاقتصادية الطاحنة علي ما وصفوها بالقيادة المفلسة،الأمر الذي سيكون له ما بعده إما بأن يغيِّر سياسته ويبذل جهداً حقيقياً للحد من معاناة الناس في حياتهم اليومية أوإزاحته بانقلاب عسكري.ولأنه لن يستطيع فك عقدة الأزمة الإقتصادية لعدم وجود رؤية واضحه لديه ولامتناع الدول المانحة عن مساعدته لعدم رضاها عن سياساته فليس أمامه سوي أن يحفظ ماء وجهه بالإعلان عن أنه لن يرشح نفسه للرئاسة مرة أخري والتنحي عن رئاسة الحزب الحاكم فوراً ولو بحجة أنه تقدم في العمر(92 سنة) وآن الأوان أن يستريح. خطورة بيان رابطة المحاربين القدماء التي حظيت بدعم بعض الضباط الكبار في الجيش تنبع من أنهم هم الذين قاموا بدور كبير في استمراره في السلطة منذ 36 عاماً وكانوا يلجأون أحياناً إلي العنف في ضغوطهم لقمع الاحتجاجات وترهيب خصومه من قادة المعارضة،وما حدث لزعيمها مرشح الرئاسة مورجان تشفانجيراي من ضرب وصل إلي حد شج رأسه وهربه إلي جنوب إفريقيا عندما حصل علي أصوات أكثر من موجابي في الجولة الأولي لانتخابات 2008 ثم انسحابه من جولة الإعادة خير شاهد علي ذلك.كما أن انتقاد موجابي من بعض ضباط الجيش مؤشر قوي آخر علي أن الإناء قد طفح بما فيه لأن الضباط الحاليين والسابقين في مقدمة الذين تربحوا من استمرار حكمه وكان من المفترض أن يواصلوا دعمهم له للحفاظ علي مكاسبهم،فهم أول من حصل علي مزارع المواطنين البيض التي صادرها لتوزيعها علي الفقراء السود فكانت النتيجة انهيار الإنتاج الزراعي في بلد كان يُنظر إليه أنه سلة غذاء الجنوب الإفريقي واضطر الفقراء ذات يوم لأكل الحشائش ولحاء الأشجار بعد عجزهم عن شراء الطعام في ضوء ارتفاع أسعاره بنسب فلكية ووصول نسبة البطالة إلي 90% وعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين وتأخرها لعدة شهور.لذلك لم يبالغ المتظاهرون الذين طالبوا بنهاية لحكمه عندما حمل بعضهم لافتات مكتوبُا عليها:(36 سنة من التدمير). الضغوط المتصاعدة علي موجابي لا تقتصر علي الانتقاد الحاد من رابطة المحاربين القدماء وبعض ضباط الجيش الذين أعربوا أيضاً عن عدم رضائهم عن الدور الذي تلعبه زوجته جريس في السياسة المحلية وتطلعها لخلافته في منصب الرئاسة وإنما سبقها إضراب عام دعا إليه رجل الدين إيفان مواريري قبل أيام شلَّ مظاهر الحياة في البلاد ومظاهرات حاشدة في العاصمة هراري في ابريل ويوم الأربعاء الماضي طالبت برحيله لسوء إدارته للاقتصاد وعجزه عن إيجاد حل للأزمة المتفاقمة بشكل غير مسبوق وحدوث صراع علي السلطة داخل الحزب الحاكم حول مَن يخلفه.ورغم أنه شخصية عنيدة ومتسلطة فقد ينحني للعاصفة حتي تمر بسلام وربما يواصل المكابرة اعتماداً علي ولاء كبار قادة الجيش الذين يُغدق عليهم من قوت عامة الشعب المتضور معظمه جوعاً،وهم القادة الذين من المرجح أن يقنعوه بأنه لا خطر حالياً علي نظامه وأن معارضيه قلًة حتي داخل رابطة المحاربين القدامي وأنه لا صحة لوجود منتقدين له داخل صفوف الجيش حتي يحافظوا علي مكتسباتهم ويأمنوا عدم طردهم من مناصبهم وربما محاكمتهم إذا تغيَّر النظام،ويبدو أن الخيار الثاني هو الأرجح. فقبل بيان قُدامي المحاربين والمتعاطفين معهم من ضباط الجيش العاملين تجاهل موجابي كل الاحتجاجات والانتقادات معلناً أنه يعتزم الترشح لانتخابات 2018 والبقاء في الحكم حتي موته وهدد بتأديب أعضاء الحزب الذين يخشون إصابة نظام الحكم بالشلل ووقوع اضطرابات إذا مات دون حل قضية مَن يخلفه،ورد علي دعوة رجل الدين مواريري للإضراب العام بالقول:إذا لم ترضَ بأحوالنا المعيشية فعليك أن ترحل من زيمبابوي واعتقل قياديين من رابطة المحاربين القدماء بتهمة السب وتقويض سلطاته وقال إنه سيذيق المتعطشين لاختفائه من السلطة عذاباً أليماً خاصةً الذين عارضوه من رابطة المحاربين،كما أن حزبه جدد له رئاسته ما يعني ترشحه تلقائياً لرئاسة الدولة،وإذا تم ذلك لن يبقي أمل في خروج الزيمبابويين من محنتهم المتمثلة في أسعار ترتفع عدة مرات في اليوم الواحد ونقص حاد في السلع الأساسية وتأخر دفع رواتب الموظفين علي ضآلتها وتردي الأحوال الصحية ومستوي التعليم وعجز الكثيرين عن دفع مصروفات الإلتحاق بالمدارس والجامعات وخنق نشاط المعارضة وترهيب المعارضين السياسيين والتنكيل بهم.وبدلاً من أن يتحمل مسئولية هذا التدهور ويبحث عن كيفية إصلاحه ألقي موجابي باللوم في فشله علي بريطانيا وأمريكا وحلفائهما!. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى