إدارة المواقف بالبحيرة تحظر جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    السكك الحديدية تدفع بفرق الطوارئ لموقع حادث دهس قطار منوف لميكروباص    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    في احتفالية جامعة القاهرة.. التحالف الوطني يُطلق مسابقة «إنسان لأفضل متطوع»    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    منظمة التعاون الإسلامي تدين بشدة اعتراف إسرائيل بإقليم "أرض الصومال"    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    لم يحدث الطوفان واشترى بأموال التبرعات سيارة مرسيدس.. مدعى النبوة الغانى يستغل أتباعه    منتخب مالي يكسر سلسلة انتصارات المغرب التاريخية    أمم إفريقيا - هاني يعتذر بعد تعرضه للطرد ضد جنوب إفريقيا    المغرب يسقط في فخ التعادل أمام مالي بكأس الأمم الإفريقية    طارق سليمان: شخصية محمد الشناوى الحقيقية ظهرت أمام جنوب أفريقيا    دورجو يقود يونايتد لفوز ثمين على نيوكاسل في الدوري الإنجليزي    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    إخماد حريق داخل أكشاك فى منطقة رمسيس دون إصابات.. صور    قطار يدهس "ميكروباص" قرب محطة سرس الليان في المنوفية    خبيرة تكشف أبرز الأبراج المحظوظة عاطفيًا في 2026    زاهي حواس يعلق على مناظرته مع وسيم السيسي: "لم يحترمني".. فيديو    بعد واقعة ريهام عبدالغفور.. عمرو أديب يحذر: هتحصل كارثة لو هنسيب المجتمع كده    زاهي حواس يحسم الجدل حول وجود "وادي الملوك" الثاني.. فيديو    والده أثار قلق محبيه بشأن حالته الصحية، سر تصدر "محمد القلاجي" مواقع التواصل الاجتماعي    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    الإسكان تجدد تحذيراتها لمستفيدي شقق الإسكان الاجتماعي    الإعلامي محمد سعيد محفوظ يغيب عن برنامج "العاشرة" لهذا السبب    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    ترامب: غارات أمريكية في نيجيريا دمرت معسكرات لإرهابيين بالكامل    ترامب لبوليتيكو: مسيرات بنظام تحديد المواقع دمرت معسكرات متطرفين فى نيجيريا    مانشستر يونايتد يخطف فوزا قاتلا أمام نيوكاسل في الدوري الإنجليزي    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    محمد خميس يحتفل بزفافه ب «الجلباب الصعيدي» | صور    لفتة إنسانية.. وزير الأوقاف يستضيف نجوم «دولة التلاوة» ويؤكد: جميعهم أهل للفوز    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    بإجمالي 36 قافلة.. الجيزة تستعد لإطلاق القوافل الطبية العلاجية بالمراكز والمدن    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    الشدة تكشف الرجال    الدفاع الروسية: إسقاط 77 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لميس الحديدى ووزير التعليم    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    أحدث تصوير ل مترو الخط الرابع يكشف آخر مستجدات الموقف التنفيذي للمشروع (صور)    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    الداخلية تنفي ادعاءات مرشحة بالجيزة    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    موعد مباراة المنتخب الوطني ونظيره جنوب افريقيا    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من وراء ظهرها في فراشها؟

لم تكن فاقدة الوعي‏,‏ تري وتسمع وتشم رائحة دم‏,‏ يشبه دمها إلا أنه ليس دمها‏,‏ طعم الموت في حلقها‏,‏ ضلوعها لا تعلو ولا تهبط‏,‏ الشعيرات الرفيعة في فتحتي أنفها ثابته لا تهتز‏,‏ الهواء يتسرب الي صدرها ويخرج في الخفاء‏,‏ هل أصبح الهواء رفيقها ضد المحقق البوليسي؟, أشياء غريبة تحدث من وراء وعيها, قوي خفية في جسدها لم تعرفها, أصبحت قادرة علي القفز الي النافذة الصغيرة قريبة من السقف, قفزة واحدة فوق قدميها لتقبض علي القضيب بيديها الاثنتين, قفزة أخري لتطل من بين القضبان علي السماء, من تحت السحابة السوداء تطل العين المفتوحة, تغمز لها بنظرة غير مفهومة, في حاجة الي مفسرين وأسفار وبحار.
جسمها لم يعد جسمها, أصبح كالأميبا وحيدة الخلية, حملت جسمها ثلاثة وأربعين عاما دون أن تعرفه, يتغير ويتشكل كأنما جسد كائن آخر, تضع شفرة الموس بين اللثة والصدغ دون أن ينزف الدم, تحرك يدها أمام عين المحقق دون أن يراها.
غريزة البقاء هل أقوي من الموت؟ تجعلها علي قيد الحياة رغم عزرائيل, تبدو ميتة لعين الرقيب العسكري, الحية الرقطاء انتصرت علي حواء وزوجها آدم, أتكون الزحالف الميتة أكثر قوة من الأحياء البشر؟
لم تعد تحس الضربات فوق ظهرها, يكتسب لحمها العاري قدرة خارقة للطبيعة, لم يعد جسدها هو جسدها, وإنما جسد آخر, أبعد من النجوم وقريب كحبل الوريد, تصيبها المفارقة بالدهشة تشبه اللذة الطفولية, تبتسم لنفسها في الخفاء دون انفراجة الشفتين, تختلس نظرة الي المحقق, يلهث من التعب صوته يتحشرج من كثرة ترديد السؤال: فين اللابتوب يا حمارة؟
يبدو قصيرا سمينا أبيض شفته العليا مشقوقة حتي الأنف, يرن صوته الأخنف في أذنيها المغلقتين فين اللابتوب ياحمارة, صوته يدوي في رأسها المغلق, كل شيء في جسدها مغلق كالقوقعة, الفكان الأعلي والأسفل واللسان والحلق والرئتان والكبد والقلب والضلوع وفقرات الظهر, صوتها لم يعد يخرج, شفتاها مغلقتان بكماشة أصلب من حديد القضبان, اللابتوب خبأته وراء بلاطة وراء الحوض, لا أحد يعرف المكان إلا زوجها الوحيد, عاش الاثنان في سرير واحد ثلاثة وعشرين عاما, أبوها مات في السجن منذ ثلاثين عاما, ماتت أمها بعد موت أبنها في موقعة الجمل, أختها هاجرت الي العراق لتموت في ليبيا منذ عشرين عاما.
فين اللابتوب يا حمارة؟
لا صوت يخرج منها, راقدة فوق البرش فاقدة للذاكرة, مكان اللابتوب نسيته, لم تعد تذكر مبادئ الثورة أو مشاعر البشر أصبحت في دنيا أخري وبشر غير البشر, لكنها قادرة علي تذكر الكلمات الأربع وراء البلاطة وراء الحوض, هذه الكلمات الأربع لاتزال في ذاكرة أخري خارقة للطبيعة, كل شيء فيها أصبح فوق الطبيعة, نسيت كل شيء حتي اسمها, واسم أبيها وجدها, الاسم الثلاثي في اللوح المحفوظ, التصق بجسمها ثلاثة وأربعين عاما منذ ولدت, انحفر فوق كراريسها في المدرسة والجامعة وعقود الزواج والبيع والشراء, وشهادة التخرج والميلاد والوفاة, ودفاتر السجن وعيادات المستشفي وتحقيقات النيابة.
فين اللابتوب يا بنت ال000000 ؟
الصوت الحاد الأخنف يزداد فجرا, الضربات فوق ظهرها تزداد عنفا, القوقعة من حولها تزداد صلابة, في بؤرة القوقعة شعرة حريرية تربطها بنقطة شفافة غير مرئية, قطرة من حياة سحرية, الكلمات الأربع, تشم الرائحة وراء البلاطة المبللة بماء الحوض, رائحة الكترونية غير بشرية, لا تشمها الكلاب البوليسية ولا أجهزة التجسس تفوق العقل.
تدور الكلمات الأربع في ذاكرتها علي شكل قطرات ماء, تذوب في قطرة واحدة مركزة في البؤرة, في النقطة التي بدأت منها حياتها منذ ولدت, وامتدت علي طول السنين ثلاث وأربعين سنة, حتي هذه الدقيقة أو الثانية, خيط طويل بدأ بنقطة واحدة, ومازال ممتدا الي تلك القطرة الهلامية الشفافة, داخل القوقعة كالجنين في بطن أمها تحوطها.
فين اللابتوب يا بنت ال0000 حاتاخدي ايه من السكوت؟
لا تعرف ما تأخذه من السكوت, وما حقيقة هذا الخيط الطويل الممدود بين نقطتين مجهولتين, احداهما فرضتها علي نفسها في حياتها, والأخري مفروضة عليها في حياة أخري, عن يقين تعرف أن اللابتوب في مكان أمين, لا يعرف مكانه أحد من الانس أو الجن, إلا هو الوحيد, زوجها الأوحد في حياتها, أيمكن أن يفتح فمه ليتنفس, أو ليلهث, فتخرج من شفتيه الكلمات الأربع؟ أيمكن أن يحدث هذا؟ إن مجرد التفكير في امكانية حدوثه يزلزل كيانها.
لا تزال موجودة لم يدركها الموت, تتعلق بآخر قطرة دم بآخر نفس, بالخيط المشدود بين النقطتين, الاثنتين معا في خيط واحد, ان زالت نقطة منهما تزول الأخري, وينقطع الحبل السري.
كل شيء يبدو غامضا غير مفهوم, يشبه جوف الرحم قبل الولادة, فما هي القضية التي تعيش وتموت من أجلها؟
الوفاء للآخرين في الثورة؟ لكن الآخرون لم يعد لهم وجود في حياتها الآن, ان جسدها الذي هو أقرب الآخرين اليها لم يعد موجودا, تفصله عنها مسافة ما مجهولة, المسافة بين الأرض والسماء, أو الشعرة الرفيعة المشدودة بين النقطتين المجهولتين, الولادة والموت؟
لماذا ترفض النطق بالكلمات الأربع؟ لا تحاول التفكير في الاجابة, نسيت كيف تفكر, لكنها تحس بشيء غريب جدا, أن كل شيء في حياتها وموتها يتوقف علي عدم النطق استمرار بقاء هذه الشعرة ممدودة بين النقطتين, تحمل الهواء والماء الي القطرة الحبيسة في أعماقها العميقة, الذرة الكامنة في البؤرة داخل البؤرة, المتفجرة الي ذرات متناهية الصغر لا متناهية العدد, استقرت واحدة منها في بؤرة القلب, تلعقها دون وعي, ترشفها دون شفتين, تتقوقع حولها, متشبثة بها منذ الأزل والي الأبد.
لم تعد تسمع صوت المحقق الأخنف, ربما ذهب الي دورة المياه, ربما يتحرر من الألم المتراكم في المثانة والضمير, ربما أراد أن يتوضأ ليصلي الصبح أو المغرب, لم تعد تعرف النهار من الليل, ربما جاء بعده زميله الآخر, لكن الصوت هو الصوت, الضربات فوق الضهر هي الضربات, يرتفع الكرباج يلسع الهواء ثم يهبط ليرتطم بشيء له طراوة اللحم, لكنه ليس لحما أو علي الأقل ليس لحمها هي بالذات, وانما لحم آخر غير بعيد عنها, تفصله مسافة شعرة رفيعة, لكنها مسافة علي أية حال, تبعدها عن اللحم المضروب.
لو كانت بغلة أو جاموسة ربما ماتت من الضرب, لكنها ليست بغلة أو جاموسة, إنها انسانة من بنات وبني حواء وآدم, تتغلب علي الشياطين وتنتصر في النهاية, كيف تنتصر؟ لا تكاد تصدق أنها انتصرت, تحاول كتمان الفرح عن العين الحديدية لا ترمش, والزهو أي زهو, كانت قادرة علي السكوت وعدم النطق, وجهاز اللابتوب لايزال في مكانه الأمين, والثورة تستمر في الفضاء عبر الخيط المدود بين النقطتين.
ثم جاء الصوت الأخنف يقول وراء البلاطة وراء الحوض يا مغفلة انه الصوت الأخنف لكنه أكثر قوة, يدوي في رأسها كالزلازل والبراكين, إنه المحقق ذاته بفمه المفتوح علي أنفه, ينطق كلمة السر, لم يعرفها إلا هو وهي, عاش الاثنان في سرير واحد ثلاثة وعشرين عاما, لم تعرف تماما ماذا حدث, هل انفجر شريان في رأس الكون؟ وانقطعت الشعرة الممدودة بين السماء والأرض؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.