كيم جونغ أون يحضر افتتاح معرض للأسلحة في بيونغ يانغ    انتداب المعمل الجنائي لكشف أسباب حريق معرض أدوات منزلية بشبرا الخيمة    متى يبدأ التشعيب في البكالوريا والثانوية العامة؟ التفاصيل كاملة    د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والأخلاق !!    136 يومًا تفصلنا عن رمضان 2026.. أول أيام الشهر الكريم فلكيًا الخميس 19 فبراير    مباراة بيراميدز والجيش الرواندي في دوري أبطال أفريقيا، الموعد والقناة الناقلة    صور نادرة للرئيس أنور السادات أثناء افتتاح السد العالى "أمان مصر"    هل سيرتفع سعر الذهب إلى 4200 دولار للأونصة؟ اعرف التوقعات    السيسي يجتمع مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    المملكة المتحدة: ندعم بقوة جهود ترامب للتوصل لاتفاق سلام في غزة    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    بعد خروجه من قسم الشرطة، سامر المدني يحتفل مع جمهوره في الشارع (فيديو)    صبري عبدالمنعم خلال تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية: «كويس إنكم لحقتونا وإحنا عايشين»    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية اليوم الأحد 5-10-2025    استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا.. حلمي طولان يعلن قائمة منتخب مصر الثاني المشاركة في بطولة كأس العرب    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. بيراميدز وبرشلونة والسيتي    رابط استخراج صحيفة أحوال المعلم 2025 بالرقم القومي عبر موقع وزارة التربية والتعليم    استقرار نسبي..اسعار الذهب اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويفى    إسرائيل توافق على خط الانسحاب الأولى وتواصل قصف القطاع بشن غارات عنيفة (فيديو)    رابط مباشر ل تحميل التقييمات الأسبوعية 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    بن غفير يهدد بالانسحاب من حكومة نتنياهو    لهذا السبب.... فضل شاكر يتصدر تريند جوجل    «اللي جاي نجاح».. عمرو سعد يهنئ زوجته بعيد ميلادها    صبري عبد المنعم يخطف القلوب ويشعل تريند جوجل بعد تكريمه على كرسي متحرك    أسعار الحديد في المنيا اليوم الأحد5 أكتوبر 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الأقصر    شوبير يكشف موعد إعلان الأهلي عن مدربه الجديد    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    زعيمة حزب فرنسي: فوز المعارضة في التشيك «إرادة شعوب»    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    الداخلية السورية: الاستحقاق الانتخابي المقبل الأهم منذ 60 عامًا    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    بعد وصولها ل30 جنيهًا.. موعد انخفاض أسعار الطماطم في مصر (الشعبة تجيب)    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    لسرقة قرطها الذهبي.. «الداخلية» تضبط المتهمة باستدراج طفلة القليوبية    أرسلنا تحذيرات مسبقة، الري ترد على غرق بعض المحافظات بعد ارتفاع منسوب مياه النيل    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    كيف نصل إلى الخشوع في الصلاة؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا نستعين بالمصريين فى الخارج؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 06 - 2016

هل لدينا الشجاعة بأن نعترف أن المصريين نسوا من زمان بعيد معايير الإختيار السليم والفرص المتكافئة على اساس من الكفاءة والتميز..هل يمكن ان نعترف ان قواعد التمييز بين قدرات الناس ومواهبهم الحقيقية قد غابت عنا لسنوات طويلة وان الساحة قد تصدرتها وجوه شاحبة فى الآداء والموهبة والقدرات وان المجتمع المصرى قد سقط فريسة انصاف المواهب فى كل شىء امام مقاييس شاذة واختيارات غريبة..لقد ترسخت هذه الظواهر واصبحت تمثل طريقة عمل واسلوب حياة ولم يعد مفيدا للإنسان ان يكون اكثر ثقافة وعلما او ان يسعى للجديد لكى يضيف لقدراته ومواهبه كل يوم المزيد..
لاشك ان الإدارة المصرية تعيش محنة قاسية ويكفى الآن ان تبحث عن مدير جاد ومتميز او رئيس قطاع صاحب رؤى او استاذ جامعى فى تخصص فريد او فنان صاحب موهبة حقيقية او كاتب يتمتع بالموهبة والمصداقية..أصبحت هذه الأشياء فى غاية الصعوبة امام شواهد كثيرة تؤكد ان معايير التفوق والتفرد فى مصر اصبحت فى أزمة حقيقية ابتداء بالغش فى الامتحانات وانتهاء بغياب الفرص عن اصحابها الحقيقيين..
سوف نبدأ من اعلى نقطة فى الهرم وهى منصب الوزير..ان المفروض لمن يصل الى هذه الدرجة الوظيفية ان يجمع بين العلم..والرؤي..والأمانة وهى ثلاثية لابد ان تتوافر فى كل صاحب قرار..ان يكون عالما فى تخصصه..وان يكون قادرا على صياغة وتشكيل رؤى مستقبلية وعملية لحدود مسئولياته..وان يكون امينا على الموقع الذى وصل اليه..ان الشىء المؤكد ان البحث عن وزير بهذه المواصفات اصبح الآن مهمة صعبة مع كل تشكيل وزارى جديد وقد ترتب على ذلك ان تم اختيار اشخاص لا يصلحون لآداء هذه المهمة لسبب أو آخر حين افتقدوا ابسط الأشياء وهى غياب العلم حتى فى تخصصاتهم او غياب الرؤى وقبل هذا كله افتقاد الأمانة وما اكثر الوزراء الذين ادانتهم العدالة واخذوا اماكنهم فى السجون..
وإذا انتقلنا الى مواقع اقل فى التشكيل الوظيفى فى الدولة المصرية فسوف نجد الآلاف من الأشخاص الذين تولوا مسئوليات ادارية و فنية ومالية ولم يكونوا على مستوى المسئولية آداء وأمانة..ان حالات الفساد التى تكشفت عبر سنوات طويلة فى مؤسسات الدولة ما بين الآداء السيىء والإعتداء على المال العام والقصور الشديد فى تحمل المسئولية, كل هذه الشواهد كانت تؤكد ان هناك خللا ما فى اختيار القيادات فى مواقع كثيرة وقد ادى ذلك الى تكوين مدرسة البيروقراطية المصرية وهى من اقدم مدارس الفساد الإدارى والمالى والسلوكى فى العالم كله..
منذ سنوات انتشرت على ارض المحروسة حكاية اهل الثقة واهل الخبرة وقد أخذت من عمر المصريين زمنا طويلا, وانتقلت بكل اعراضها المرضية السيئة من القيادات العليا فى الدولة الى صغار الموظفين فى الإدارات الحكومية.. اصبح من السهل ان تجد مديرا فاسدا او جاهلا او مسئولا فى منصب مهم وصل اليه بالمحسوبية على اعناق العشرات من اصحاب الخبرة والمواهب, والأسوأ من ذلك كله ان اجهزة الدولة كانت تخفى جرائم هؤلاء الأشخاص وتتستر عليهم بل ان الفساد كان دائما يجمع بينهم رغم اختلاف المسئوليات والمواقع..وكبرت ظاهرة أهل الثقة وامتدت الى ابعد نقطة فى الجهاز الإدارى للدولة ولم يكن غريبا ان يجلس المسئول من اهل الثقة عشرات السنين فى منصبه دون ان يحاسبه احد حيث لا عمل ولا مسئولية ولا أمانة..امام هذا الشبح الذى يسمى اهل الثقة تسلقت وجوه كثيرة واخذت مناصب لا تستحقها ولم تكتف بفساد مواقعها ولكنها نشرت هذه الصيغة بين المستويات الأدنى فأصبح كل فاسد يختار معه فريقا من الفاسدين والمفسدين.
امام هذه الصيغة الغريبة فى إدارة شئون وطن كان الوزير يتولى السلطة ربع قرن من الزمان وتجىء اجيال وتذهب اجيال والوزارة لا تتقدم فى شىء لأن الوزير لا يعمل وهو على ثقة انه سيبقى فى مكانه..فسدت الزراعة المصرية والوزير فى مكانه وغابت الصناعة المصرية والوزير فى مكانه وتشوهت ثقافة مصر والوزير فى مكانه وشاخت الخدمات والمرافق والوزير فى مكانه واختلت موازين العدالة والوزير فى مكانه وفسد التعليم وتراجعت الجامعات والوزير فى مكانه..تشوهت كل الأشياء البشر والأماكن وكل مظاهر الحياة والمسئولون فى مناصبهم وغابت تماما قضية التغيير عن المجتمع المصرى حتى ترهلت مؤسسات الدولة فى أدائها ومستوى المسئولين فيها واصبح من الصعب ان يجد اصحاب المواهب والقدرات اماكن لهم امام حشود اهل الثقة الذين كانوا عادة يساندون بعضهم بعضا حرصا على مصالحهم وبقائهم أطول فترة ممكنة..
لابد ان نعترف أن أهل الخبرة وهم نقيض اهل الثقة لم يكن مرغوبا فيهم ولم يجدوا لهم مكانا وسط هذا الصخب وهذه اليد الحديدية التى سيطرت على كل شىء ابتداء بالمؤسسات التنفيذية مرورا على المؤسسات التشريعية والرقابية وقد كان لها دور كبير فى اختيار المناصب الرفيعة فى الدولة..لم يكن للمؤسسات العلمية او البحثية او الأكاديمية يوما دورا فى اختيار مسئول فى منصبه كانت الإختيارات عادة تتم على مرجعيات أمنية ورقابية وهذه المؤسسات كانت تفتى فى حدود المعلومات التى لديها وهى عادة تخص الأمن وتوابعه.
نحن الآن على ابواب مرحلة جديدة ونعيش واقعا نتمنى ان يخلصنا من كل شوائب الماضى بحيث يستعيد الإنسان المصرى ثقته فى وطنه وانه سوف يحصل على حقه حسب قدراته ومواهبه وبعيدا عن حسابات خاطئة تأصلت فى هذا الوطن واصبحت عبئا عليه وعلى مستقبله.
ان الثقة شىء مطلوب ولكنها ليست كل المطلوب وإذا تعارضت الثقة مع الكفاءة فلتسقط الثقة لأن المنصب يحتاج من يدير شئون الناس وكم من اصحاب الثقة كانوا سببا فى كوارث كثيرة مدمرة لحقت بهذا الوطن..ان الشىء المؤكد ان مصر الآن تعانى قصورا واضحا فى المواهب والقدرات وهناك اسباب كثيرة لذلك تبدأ بفساد التعليم والثقافة والإعلام وتنتهى بغياب العدالة وانتشار المحسوبية والإعتداء الصارخ على بعض فئات المجتمع امام توزيع عشوائى غير عادل للثروة وقبلها للفرص التى تحولت الى حقوق ثابتة للقادرين من اصحاب المناصب والمسئولين الكبار واصحاب الأموال..
ان نقطة البداية ان يعتدل ميزان العدالة المقلوب ان النوايا قد تكون طيبة ولكنها لا تكفى حين تسقط الموازين وتختل منظومة الأشياء..
نحن الآن امام ازمة حقيقية فى اختيار المسئولين فى إدارة شئون الدولة ابتداء بالوزراء وانتهاء بالمسئولين فى مؤسسات الدولة وهناك طابور طويل من الوظائف الإدارية التى تشغلها عقول شاخت وترهلت ولا تصلح إطلاقا لأن تمضى بنا الى الأمام..ان فى مصر ملايين الموظفين ومنهم اعداد كثيرة تعيش خارج الزمن حتى انها تحنطت فى مواقعها وكانت سببا فى تأخر وتخلف منظومة الإدارة فى كل جوانب الحياة..كثيرا ما واجهت الدولة ازمة بحثا عن وزير مناسب او مسئول فى موقع رفيع.
وإذا كان المناخ العام فى مصر الآن لا يساعد كثيرا على وجود الشخص المناسب فلماذا لا تلجأ الدولة امام هذه الضرورة للإستعانة بأبناء مصر فى الخارج خاصة فى التخصصات المتقدمة والنادرة وقد فعلت ذلك دول كثيرة..ان نقطة البداية ان نوسع دائرة الاختيار فى الداخل بحيث نتخلى عن شبح قديم يسمى اهل الثقة ونعود مرة اخرى لكى نختار على اسس من التميز والكفاءة وإذا لم يتوافر امامنا الشخص المناسب فلماذا لا نلجأ الى مئات الآلاف من المصريين فى الخارج ومنهم اشخاص من اصحاب المواهب والقدرات..ان الأرقام تؤكد ان من بين 10 ملايين مصرى فى الخارج يوجد 86 ألف عالم متميز على المستوى العالمى بل ان هناك 909 هم افضل علماء العالم بينهم 10 مصريين وان من بين خبرات المصريين فى الخارج 42 استاذا جامعيا فى منصب رؤساء جامعات اجنبية وان فى امريكا وحدها 3000 عالم مصرى فى جميع التخصصات وان من بين علماء الطاقة النووية فى العالم 1883 عالما مصريا وان 1250 عالما مصريا يعملون فى تخصصات نادرة مثل الهندسة الوراثية والفيزياء والطبيعة والاقتصاد والرياضيات..ان الاستعانة بمثل هذه القدرات ومصر على ابواب مرحلة بناء جديدة يعتبر ضرورة قصوي..نحن اولى بأبناءنا وهم اولى بنا ولابد ان تستعين الدولة بقدراتهم وخبراتهم المتقدمة فى كل مجالات الإبداع..
نحن الآن نقيم عشرات المشروعات الإستراتيجية الضخمة التى تمثل مستقبلا جديدا فى حياة المصريين ابتداء بالمدن الجديدة ومشروعات الطاقة الكهربائية والشمسية والنووية ومشروعات البترول والإسكان والصناعات الصغيرة وتطوير التعليم والصحة ومحو الأمية لماذا لا نستعين بخبرات ابناءنا من العلماء والخبراء..ان الدول الأخرى تجذب ابناءها النابغين وتستعين بهم فى بناء مستقبل جديد..لقد جمعت امريكا مواهب الدول الأخرى واقامت عليهم كل مشروعاتها الضخمة..وجمعت إسرائيل كل العلماء اليهود من دول العالم واستعانت بهم فى بناء دولة جديدة بل ان دول الشرق الأقصى ماليزيا وتايلاند وسنغافورة وكوريا وحتى الصين والهند كانت تسعى لجمع شتات ابنائها من الخارج واستعانت بهم فى نهضتها وتقدمها..نحن الآن فى اشد الحاجة لخبرات المصريين فى الخارج امام حالة من الفراغ فى جوانب كثيرة من حياتنا..ان دعوة هذه الكفاءات لن يكلف الدولة شيئا والكثيرون منهم سوف يسعون لذلك بلا مقابل وسوف يقدمون الإستشارات والخبرات عن طيب خاطر..وهنا يمكن ان توجه لهم دعوة من الدولة المصرية فى مؤتمر كبير يجمع عشرات التخصصات بحيث نعرض عليهم ما يجرى فى مصر من مشروعات بحيث نستعين بخبراتهم فى اختيار الأفضل والأكثر تقدما.
ان مصر تعانى فقرا شديدا فى الخبرات فى السنوات الماضية امام عملية تجريف شهدتها فى كل شىء امام عصابة استباحت لنفسها كل شىء فى المال والمناصب والنفوذ وحرمت ملايين المصريين الأكفاء من حقهم وفرصهم ومواهبهم..كم من المواهب التى سقطت تحت اقدام مسئولين عاجزين حيث لا مواهب ولا قدرات واستباحوا مستقبل هذا الوطن ولم يكونوا امناء على شىء فيه.
ان ابناء مصر فى الخارج يمكن ان يشاركوا فى إعادة بنائها والكثير منهم هربوا يوما امام التجاهل والجحود وحشود الجهالة التى سيطرت على كل شىء والمطلوب ان يعود هؤلاء لأنهم احق بوطنهم وهو ايضا احق بهم.

..ويبقى الشعر
مثْلُ النَّوارس ِ..
حينَ يَأتى اللَّيْلُ يَحْمِلُنِى الأسَي
وأحنُّ للشَّط ّ البَعيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
أعْشَقُ الشُّطآنَ أحْيانًا
وأعشَقُ دَنْدنَات الرّيح ِ.. والموْجَ العَنِيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
أجْمَلُ اللَّحظَاتِ عِنْدِى
أنْ أنَامَ عَلى عُيُون ِ الفَجر
أنْ ألْهُو مَعَ الأطْفَال فِى أيَّام عيِدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أرَى شَيْئًا أمَامِي
غَير هَذا الأفْق ِ..
لا أدْرى مَدَاهُ..وَلا أريدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أحبُّ زَوَابعَ الشُّطْآن ِ..
لا أرْضَى سُجُونَ القَهْر..
لا أرْتاحُ فى خُبْز العَبيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أحِبُّ العَيْشَ فِى سَفحْ الجبَال..
وَلا أحِبُّ العشْقَ فى صَدر الظَّلام ِ
وَلا أحِبُّ الموْت فِى صَمتِ الجَليدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
أقْطفُ اللَّحظاتِ مِن فَم الزَّمَان ِ
لَتحتوينِى فَرْحة ٌ عَذراءُ
فِى يَوْم ٍ سَعِيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
تعْتَريِنِى رعْشَة ٌ..وَيَدُقُّ قَلبِي
حِينَ تَأتِى مَوْجَة ٌ
بالشَّوْق ِ تُسْكرُنِي..وأسْكِرُهَا
وأسْألُهَا المزيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
تَهْدأ الأشْواقُ فِى قَلبى قليِلا ً
ثُمَّ يُوقظُهَا صُرَاخُ الضَّوءِ
والصُّبحُ الوَليدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
أشْتَهِى قلْبًا يعانِقُنِي
فأنْسَى عندُه سَأمِي..
وَأطْوى مِحنَة َ الزَّمَن ِالبَلِيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أحَلّق فِى الظّلام ِ..
وَلا أحبُّ قوافِلَ التَّرحَال ِ..
فِى اللَّيْل الطَّريدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أخَافُ الموْجَ
حِينَ يَثُورُ فِى وَجْهِي..وَيَشْطُرُنِي
وَيبْدُو فِى سَوَادِ اللَّيل كالقَدر العَتيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أحبُّ حَدَائقَ الأشجَار خَاوَيَة ً
وَيُطْربُنِى بَريقُ الضَّوْءِ
وَالمْوجُ الشَّريدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أمَلُّ مَوَاكِبَ السَّفَر الطَّويل ِ..
وَحِينَ أغْفُو سَاعة ً
أصْحُو..وَأبحرُ مِنْ جَديِدْ
كَمْ عِشْتُ أسْألُ مَا الَّذى يَبْقي
إذا انْطفَأتْ عُيُونُ الصُّبح ِ
واخْتَنَقَتْ شُموعُ القَلْبِ
وَانكسرَتْ ضُلوعُ الموْج ِ
فِى حُزن ٍ شديدْ ؟!
لا شَيْءَ يَبْقَي..
حِينَ ينْكسرُ الجنَاحُ
يَذوبُ ضَوءُ الشَّمْس
تَسْكُنُ رَفرفَاتُ القَلْبِ
يَغمُرنا مَعَ الصَّمتِ الجَليِدْ
لا شَيءَ يَبْقَى غَيُر صَوْتِ الرّيح
يَحمِلُ بَعْضَ ريشى فَوْقَ أجْنِحَةِ المسَاءِ..
يَعُودُ يُلقيها إلى الشَّط ّ البَعيدْ
فأعُودُ ألْقِى للرّيَاح سَفِينتِي
وأغُوصُ فى بَحْر الهُمُوم ِ..
يَشُدُّنى صَمْتٌ وَئيدْ
وَأنَا وَرَاءَ الأفق ِ ذكْرَى نَوْرس ٍ
غَنَّي..وَأطْرَبَهُ النَّشِيدْ
كُلُّ النَّوارس ِ..
قبْلَ أنْ تَمْضِى تُغَنّى سَاعَة ً
وَالدَّهْرُ يَسْمَعُ مَا يُريدْ

قصيدة "مثل النوارس " سنة 1996
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.