وزيرة التنمية المحلية: انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    إدراج 36 جامعة مصرية جديدة بتصنيف التايمز للتخصصات البينية    الكنيسة القبطية تستعيد رفات القديس أثناسيوس الرسولي بعد قرون من الانتقال    أسعار الفراخ اليوم "متتفوتش".. اشتري وخزّن    ننشر سعر اليورو اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    وزيرة التخطيط تدعو القطاع الخاص الياباني للاستثمار في مصر    نائب وزير الزراعة: الدولة قدمت الدعم اللازم لزيادة الثروة الحيوانية بهدف تعزيز الأمن الغذائي    علي شريعتي، المفكر الذي أعاد تشكيل علاقة إيران بالدين والسياسة    وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية كندا على هامش قمة مجموعة العشرين بجوهانسبرج    رسالة أمريكية تؤكد دعم لبنان... واليونيفيل تشدد على بسط سلطة الدولة في الجنوب وتصاعد التوتر الحدودي    الاحتلال يغلق بوابة عطارة وينصب حاجزا عسكريا قرب قرية النبي صالح شمال رام الله    موعد مباراة الأهلى القادمة فى دورى أبطال أفريقيا بعد تخطى شبيبة القبائل    اليوم.. الزمالك يستهل مشواره في مجموعات الكونفدرالية بمواجهة زيسكو    الزمالك وديربي لندن وقمة إيطالية.. تعرف على أهم مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة    نعمل على تعزيز قيم الولاء.. وزير الرياضة يكشف جهود الدولة لمواجهة ظاهرة التجنيس    السيطرة على حريق مصنع غزل ونسيج في العاشر من رمضان    الداخلية تحذر: صورة إيصال سداد تكاليف حج القرعة شرط أساسي لاستكمال إجراءات الحج لموسم 2026    الداخلية تواصل حملاتها المرورية.. وتضبط أكثر من 134 ألف مخالفة في 24 ساعة    اليوم بدء امتحانات شهر نوفمبر لسنوات النقل.. وتأجيلها في محافظات انتخابات المرحلة الثانية لمجلس النواب    تعرف علي التهم الموجهة لقاتل زميله وتقطيع جثته بصاروخ كهربائى فى الإسماعيلية    السيارة "كيوت".. البديل الحضاري للتوك توك في الجيزة ومواصفاتها وسعرها المتوقع    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة اعتزالها الفن    كمال أبو رية يكشف حقيقة خلافه مع حمادة هلال.. ويعلق: "السوشيال ميديا بتكبر الموضوع"    انطلاق احتفالية دار الإفتاء بمناسبة مرور 130 عاما على تأسيسها    وزارة الصحة: إصابات الأنفلونزا تمثل النسبة الأعلى من الإصابات هذا الموسم بواقع 66%    في اليوم العالمي للسكري.. جامعة القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية    الوجه الخفى للملكية    بعد تراجعه بنحو 6 آلاف جنيه| ننشر سعر الحديد والأسمنت اليوم الأحد 23-11-2025    قوى عاملة الشيوخ تناقش اليوم تعديل قانون التأمينات والمعاشات    "عيد الميلاد النووي".. حين قدّم الرئيس هديته إلى الوطن    "الداخلية المصرية" فى المركز الثانى عالميا على فيس بوك.. فيديو    محاكمة 17 متهمًا في «خلية العجوزة الثانية» لانضمامهم لجماعة إرهابية.. بعد قليل    بدء فعاليات التدريب المشترك «ميدوزا- 14» بجمهورية مصر العربية    حسين لبيب: نناشد السيسي بوضع الزمالك تحت رعايته.. وبلاغ أوقف مسيرة النادي    بسبب حكيمي، بايرن ميونخ يطلب مبررات عقوبة دياز للاستئناف    المخرجة المغربية مريم توزانى: «زنقة مالقا» تجربة شخصية بطلتها جدتى    «هنيدي والفخراني» الأبرز.. نجوم خارج منافسة رمضان 2026    كامل كامل: المصريون بالخارج حولوا انتخابات النواب ل"يوم مصري" بامتياز    «سويلم» يتابع منظومة الري والصرف بالفيوم.. ويوجه بإعداد خطة صيانة    غزة فى حماية الأمم المتحدة    وزارة الصحة: معظم حالات البرد والأنفلونزا ناتجة عن عدوى فيروسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    أسعار الخضروات اليوم الاحد 23-11-2025 في قنا    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    استطلاع: تراجع رضا الألمان عن أداء حكومتهم إلى أدنى مستوى    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    جولة نارية في الدوري الإيطالي.. عودة نابولي وتعثر يوفنتوس    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجامعات بين غياب الثقافة وتحريم السياسة
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 12 - 2014

كنت دائما ومازلت اشعر بإنتماء شديد لجامعة القاهرة ومازلت رغم سنوات العمر اذكر ايامى فيها يوما بعد يوم.. ومازالت الذاكرة تحفظ اسماء اساتذتى الذين اناروا عقلى وشكلوا وجدانى وكانوا النموذج الرائع والقدوة الطيبة.. احفظ ملامح جامعة القاهرة مكانا مكانا واعرف اشجارها العتيقة ونخيلها الشامخ وساعتها التى دارت معها سنوات العمر.. ولم تكن رحلتنا معها مقصورة على كلية الآداب ولكنها امتدت لتشمل حديقة كلية الزراعة ومعامل كلية العلوم وطب قصر العينى بتاريخه المجيد.. فى جامعة القاهرة كانت لنا ايام ليست مثل كل الأيام..
من اجل هذا شعرت بالسعادة وانا اتابع الموسم الثقافى والفنى الذى بدأ فى قاعة المحاضرات الكبرى درة الجامعات المصرية تحت رعاية د. جابر نصار رئيس الجامعة وشارك فيه المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء والعالم المصرى الجليل د. فاروق الباز. فى اسبوع واحد تحدث محلب عن طموحات وهموم حكومته واحلامه فى مستقبل افضل يتناسب مع ثورتين عظيمتين شارك شباب مصر فى صنعهما.. وتحدث الدكتور الباز عن طموحات التنمية وافاق المستقبل فى ظل مجتمع جديد يسعى الى استعادة ما فات من مظاهر البناء والتقدم مبادرة طيبة ان تعود الثقافة ويرجع الفن الى رحاب الجامعات وليس فقط جامعة القاهرة.. منذ سنوات ونحن نطالب بإستمرار التواصل بين الجامعة والمجتمع وليس فقط بين الجامعة وطلابها.. بقيت الجامعات سنوات طويلة لا تهتم بالأنشطة الثقافية والفنية.. واذكر ان المواسم الثقافية فى جامعة القاهرة كانت تحفل دائما بأسماء كثيرة زينت الفن المصرى بعد ذلك وتخرجت فيها اجيال من كبار المثقفين والأدباء والشعراء والكتاب والفنانين.. كانت ندوات جامعة القاهرة حتى وقت قريب تملأ ساحاتها بالحوار والجدل وكان الأساتذة فيها ينشرون منابر الوعى والإستنارة..
عشت فى جامعة القاهرة عصرها الذهبى مع كبار الأساتذة الذين تعلمنا على أيديهم محمد مندور وشوقى ضيف وسهير القلماوى وبنت الشاطئ وامين الخولى والخشاب والساعاتى ورشاد رشدى ويوسف خليف ومحمد انيس ومجدى وهبه وغربال وزكريا ابراهيم ومصطفى سويف وفاطمة موسى ولطيفة الزيات وزكى نجيب محمود وعبد اللطيف حمزة وخليل صابات وابراهيم امام ومختار التهامى ويحى الجمل وسامى عزيز ومفيد شهاب هذه الأسماء كانت تضئ سماء جامعة القاهرة فى وقت واحد وكل واحد منهم كان جامعة فى ذاته ولم يكن غريبا ان تكتمل رحلتهم مع اجيال جديدة من المبدعين الكبار سمير سرحان وعنانى وعصفور وتليمه وبدر وحمودة وفوزى فهمى واحمد مرسى.. هذه الكوكبة هى التى زينت وجه جامعة القاهرة الدور والمكانة..
{ منذ زمان وانا اصرخ فى البرية اعيدوا الثقافة والإبداع الى الجامعات لأنها الوحيدة القادرة على مواجهة حشود الإرهاب ومقاومة الفكر المتخلف.. وامام تجاهل النداء تسربت جماعة الإخوان المسلمون الى الجامعات واستولت على عقول الشباب وتحولت الأنشطة الثقافية الى سجال بين من احتكروا الدين ونصبوا انفسهم اولياء لله على بقية البشر وبين من انسحبوا تماما من الساحة خوفا او استسلاما .. احتلت التيارات الدينية المغرضة الجامعات المصرية وكانت قادرة على ان تمنع ما تريد وتبقى ما يحلو لها حتى انها استخدمت فى فترة من الفترات العصى والسنج لمنع تقديم مسرحية او حفل فنى.. ولم يقتصر نشاط الإخوان على الطلاب ولكنهم تسللوا الى مواكب الأساتذة واصبحت الكثير من المحاضرات دعوات دينية فجة ابعد ما تكون عن سماحة الدين..
ان الحديث فى الدين او الدعوة له ليست القضية التى يرفضها انسان عاقل لأننا جميعا نحب ديننا وما يحمله من الفضائل والسماحة ولكن حين يتحول الى دعوات للعنف او كراهية الآخر او التمييز بين شركاء الوطن او إقصاء البعض تحت دعاوى الرفض والتكفير هنا تصبح القضية اكبر ويصبح الفكر المريض كارثة تحل بالجميع..
على جانب آخر كانت الإنتخابات الطلابية فرصة لأن تفرض جماعة الإخوان وصايتها على الوسط الطلابى بل انها تحولت فى احيان كثيرة الى وسائل ضغط على هيئات التدريس فكان طلاب الإخوان يمنعون المحاضرات ويطردون الأساتذة ويعتدون عليهم
حدث هذا فى كل الجامعات تقريبا والعهد البائد مشغول فى توزيع الأراضى وبيع اصول الدولة وتوزيع ثروات الوطن على المحاسيب وتزوير الإنتخابات ومنح الهبات للحواريين من انصاره.. وفى الوقت الذى استولت فيه التيارات الإسلامية على منابر الجامعات واتحادات طلابها وجندت المئات من الأساتذة انشغلت الحكومات المتعاقبة بتوزيع الغنائم.. وهنا انسحبت كل الوان الأنشطة الثقافية والفنية والندوات واللقاءات.. ومع هذا الإنسحاب كان غياب اصحاب الفكر الواعى المستنير من الساحة اما خوفا او إحباطا او سعيا وراء المكاسب الشخصية..
{ كان غياب مؤسسات الدولة التعليمية وغياب النخبة من الأساتذة وانفراد الإخوان بجميع الأنشطة الفكرية فى الجامعات اكبر خطيئة مهدت بعد ذلك لما حدث فى جامعات مصر من انهيار فى المنظومة التعليمية والأخلاقية.. وللأسف ان ذلك كله انتهى بما شهدته الجامعات من اعمال العنف على يد طلاب تم تشكيلهم فى ظل مناخ تربوى وتعليمى واخلاقى فاسد عاشت عليه طوال العهد البائد مؤسسات تعليمية وثقافية فرطت فى مسئوليتها ودورها فى خدمة هذا الوطن.
{ امام غياب الثقافة فى الجامعات المصرية كانت السياسة بدورها من الأنشطة المحظورة حتى ما يتعلق بالحزب الحاكم الذى سيطرت عليه مجموعة من رجال الأعمال وسماسرة التوكيلات وتجار الأراضى وهؤلاء لم تكن الثقافة تعنيهم فى شئ حتى الإجتماع السنوى للحزب كانت تتصدره دائما فى صفوفه الأولى صور رجال الأعمال دون ان يكون بينهم مفكر او مثقف واحد.. لم يكن فى الحزب الوطنى لجنة للثقافة بينما كان الإخوان ينتشرون فى الجامعات المصرية ومن يتخرج فى الجامعة تلتقطه النقابات المهنية ونوادى هيئات التدريس ومع الوقت تحولت الأنشطة الثقافية فى الجامعات الى مدارس للكوادر السياسية التابعة للإخوان المسلمين وتوابعهم ..وللأسف الشديد ان هذا ما تواجهه الأن الدولة المصرية بقوات الأمن امام طلاب يحرقون جامعاتهم ويضربون اساتذتهم ولا يدينون بالولاء لأى شئ غير افكار مريضة..
{ لقد بدأت كارثة الجامعات المصرية من خلال أنشطة ثقافية مشبوهة ثم انتقلت الى جماعات سياسية استخدمت الدين وسيلة لتضليل الشباب ثم كانت مرحلة فشل الإخوان فى الحكم وخروج هؤلاء الشباب بأجندة جديدة هى العنف والفتن ونشر الفوضى.. لو رجعنا الى اسباب الأزمة سوف نكتشف ان الدولة بكل مؤسساتها كانت شريكا فى نمو هذه الظواهر المرضية هى التى تركت الجامعات للإخوان بلا ثقافة ثم تركتها بلا سياسة.. ثم سلمتها بعد ذلك للعنف والفوضى.. هذه الثلاثية: الثقافة والسياسة والفوضى كانت هى الدوائر التى لعبت فيها جماعة «الإخوان المسلمين» وقت تركت فيه الدولة الساحة خالية لهم امام شباب راح ضحية هذه الخطايا.. على جانب آخر كان توزيع العطايا على الفقراء من الطلاب والأدوية والكتب والملازم وبيوت الطالبات والدروس الخصوصية من الأساتذة بلا مقابل وفى ظل هذه التركيبة نفذ الطلاب ما صدر اليهم من اوامر.. احرقوا الجامعات.
فى ظل اهمال جسيم من مؤسسات الدولة التعليمية وغير التعليمية سيطر الإخوان على جميع الانشطة الثقافية والسياسية فى الجامعات المصرية وفى الوقت الذى حرمت فيه الدولة اى نشاط سياسى للطلاب كانت جماعة الإخوان هى الوحيدة التى مارست العمل السياسى بكل تجاوزاته امام الدولة المصرية ثلاثين عاما حتى انها قامت بتأسيس ميليشيات فى جامعة الأزهر والدولة لا تفعل شيئا.. ان الدولة المصرية تحشد الآن كل امكاناتها الأمنية لمواجهة اخطاء تتحمل الجزء الأكبر من مسئوليتها اولها الإهمال وآخرها التسيب فقد ساومت لفترات طويلة الوجود الإخوانى وهو ينتشر ويجند ويحصل على كل ما يريد من المكاسب والمواقع والأدوار ابتداء بالبرلمان وانتهاء بالجامعات والنقابات المهنية والأن نحن امام مواجهة امنية لمن يخرب الجامعة او يهدم جدرانها ولكن تبقى بعد ذلك وقبل ذلك المواجهة الفكرية وهى التى بدأت على استحياء فى جامعة القاهرة فى موسم ثقافى شامل فكريا وسياسيا وفنيا ان تجمع الطلاب حول حوار هادئ مع رئيس الحكومة او لقاء مع عالم فى حجم فاروق الباز او مناقشة حرة مع فضيلة المفتى هذه اللقاءات هى البداية لمواجهة التطرف فى الفكر والذى وصل ببعض شبابنا الى مناطق العنف والفوضى.. يجب ان تكون هناك مواجهات فكرية أخرى فى جامعة الأزهر بين شباب ضللته افكار مريضة وشيوخ أجلاء يدركون سماحة الإسلام وترفعه عن كل ما نراه الآن من مظاهر الشغب والفتن والإعتداء على مؤسسات الدولة.. نحن امام شباب يحتاج الى اياد تهديه وتسير به فى طريق من الوعى بعد سنوات طويلة تشكل فيها من خلال مفاهيم مغلوطة وافكار متطرفة.
{ ان الأنشطة الثقافية يمكن ان تكون بداية لخروج اعداد كبيرة من الشباب من متاهات الفكر المتطرف وقد اخذت هذه الأفكار من اعمارهم سنوات وسنوات ويجب ان نصبر عليهم حتى يستعيدوا توازنهم الفكرى والوطنى والإنسانى.. هنا ايضا يأتى دور الإعلام لتشجيع هذه المبادرات الواعية بحيث تأخذ هذه الأنشطة مكانتها فى الإعلام المصرى لعل الناس تشاهد وجها ثقافيا مضيئا فى الجامعات بعيدا عن حفلات الرقص ومسلسلات الردح والبذاءات التى تحاصرنا بها كل ليلة الفضائيات وبرامج اللهو غير البرئ والقضايا الجنسية والمنشطات وهذا العبث الإعلامى الرخيص.. إذا كنا جميعا نقف وراء جيش مصر والشرطة فى الدعوة للأمن والإستقرار فإن واجبنا جميعا ان نعالج جوانب القصور الفكرى والثقافى والسياسى فى جامعاتنا.. كانت الجامعات اكثر المناطق التى تعرضت لعمليات تخريب منظمة وجاء الوقت لإنقاذ اجيالنا الجديدة من هذه المحنة حيث لا ثقافة ولا سياسة ولا تعليم.

..ويبقى الشعر

مثْلُ النَّوارس..
حينَ يَأتى اللَّيْلُ يَحْمِلُنِى الأسَي
وأحنُّ للشَّط ّ البَعيدْ
مثْلُ النَّوارس..
أعْشَقُ الشُّطآنَ أحْيانًا
وأعشَقُ دَنْدنَات الرّيح.. والموْجَ العَنِيدْ
مثْلُ النَّوارس..
أجْمَلُ اللَّحظَاتِ عِنْدِى
أنْ أنَامَ عَلى عُيُون ِ الفَجر
أنْ ألْهُو مَعَ الأطْفَال فِى أيَّام عيِدْ
مثْلُ النَّوارس..
لاأرَى شَيْئًا أمَامِي
غَير هَذا الأفْق..
لا أدْرى مَدَاهُ.. وَلا أريدْ
مثْلُ النَّوارس ِ..
لا أحبُّ زَوَابعَ الشُّطْآن ِ..
لا أرْضَى سُجُونَ القَهْر..
لا أرْتاحُ فى خُبْز العَبيدْ
مثْلُ النَّوارس..
لا أحِبُّ العَيْشَ فِى سَفحْ الجبَال..
وَلا أحِبُّ العشْقَ فى صَدر الظَّلام ِ
وَلا أحِبُّ الموْت فِى صَمتِ الجَليدْ
مثْلُ النَّوارس..
أقْطفُ اللَّحظاتِ مِن فَم الزَّمَان ِ
لَتحتوينِى فَرْحة ٌ عَذراءُ
فِى يَوْم ٍ سَعِيدْ
مثْلُ النَّوارس ِ ..
تعْتَريِنِى رعْشَة ٌ.. وَيَدُقُّ قَلبِى
حِينَ تَأتِى مَوْجَة ٌ
بالشَّوْق ِ تُسْكرُنِى.. وأسْكِرُهَا
وأسْألُهَا المزيدْ
مثْلُ النَّوارس..
تَهْدأ الأشْواقُ فِى قَلبى قليِلا ً
ثُمَّ يُوقظُهَا صُرَاخُ الضَّوءِ
والصُّبحُ الوَليدْ
مثْلُ النَّوارس..
أشْتَهِى قلْبًا يعانِقُنِي
فأنْسَى عندُه سَأمِى..
وَأطْوى مِحنَة َ الزَّمَن ِالبَلِيدْ
مثْلُ النَّوارس..
لا أحَلّق فِى الظّلام..
وَلا أحبُّ قوافِلَ التَّرحَال..
فِى اللَّيْل الطَّريدْ
مثْلُ النَّوارس..
لا أخَافُ الموْجَ
حِينَ يَثُورُ فِى وَجْهِى.. وَيَشْطُرُنِي
وَيبْدُو فِى سَوَادِ اللَّيل كالقَدر العَتيدْ
مثْلُ النَّوارس..
لا أحبُّ حَدَائقَ الأشجَار خَاوَيَة ً
وَيُطْربُنِى بَريقُ الضَّوْءِ
وَالمْوجُ الشَّريدْ
مثْلُ النَّوارس..
لا أمَلُّ مَوَاكِبَ السَّفَر الطَّويل..
وَحِينَ أغْفُو سَاعة ً
أصْحُو.. وَأبحرُ مِنْ جَديِدْ
كَمْ عِشْتُ أسْألُ مَا الَّذى يَبْقي
إذا انْطفَأتْ عُيُونُ الصُّبح ِ
واخْتَنَقَتْ شُموعُ القَلْبِ
وَانكسرَتْ ضُلوعُ الموْج ِ
فِى حُزن ٍ شديدْ؟!
لا شَيْءَ يَبْقَى..
حِينَ ينْكسرُ الجنَاحُ
يَذوبُ ضَوءُ الشَّمْس
تَسْكُنُ رَفرفَاتُ القَلْبِ
يَغمُرنا مَعَ الصَّمتِ الجَليِدْ
لا شَيءَ يَبْقَى غَيُر صَوْتِ الرّيح
يَحمِلُ بَعْضَ ريشى فَوْقَ أجْنِحَةِ المسَاءِ..
يَعُودُ يُلقيها إلى الشَّط ّ البَعيدْ
فأعُودُ ألْقِى للرّيَاح سَفِينتِي
وأغُوصُ فى بَحْر الهُمُوم ِ..
يَشُدُّنى صَمْتٌ وَئيدْ
وَأنَا وَرَاءَ الأفق ِ ذكْرَى نَوْرس ٍ
غَنَّى .. وَأطْرَبَهُ النَّشِيدْ
كُلُّ النَّوارس..
قبْلَ أنْ تَمْضِى تُغَنّى سَاعَة ً
وَالدَّهْرُ يَسْمَعُ مَا يُريدْ
قصيدة مثل النوارس سنة 1996
لمزيد من مقالات فاروق جويدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.