رغم أجواء شهر رمضان الكريم المليئة بالطاعات والأعمال الصالحة إلا أن ما تفرضه بعض الإعلانات على المشاهدين من إسفاف وكلمات خادشة ضد الحياء والذوق العام يحتاج إلى وقفه صارمة لمنع تكرارها سواء فى الشهر الكريم أو فى باقى الشهور. تحقيقات (الأهرام) دقت من قبل ناقوس الخطر من تفشى ظاهرة الإعلانات الفاضحة التى تبث سمومها فى وجه جميع أفراد الأسرة وتخرج لسانها للمسئولين وللرقابة وتتحدى الجميع بأنها أقوى منهم ولا تليق مع الشهر الكريم .. والآن تتكرر فوضى الإعلانات المسيئة للمواطنين وسط موجة غضب وانتقادات واسعة من الرأى العام على ما تقدمه الإعلانات من أسلوب رخيص يستفز مشاعر الجميع وكأن الحياء أصبح وجوده نادرا على الأرض. أحد أكثر الإعلانات التى أثارت انتقادات هذا العام هو إعلان يروج لمنتج ألبان حيث يستخدم ألفاظ غير لائقة وتعبر عن فساد الذوق العام فى اختيار المادة الإعلانية. فى البداية .. يقول هشام محمود موجه بالتعليم الأزهرى الإعلانات الفاضحة التى ظهرت مؤخرا على الفضائيات تسببت فى موجة من الغضب والانتقادات لما تحتويه من ألفاظ خادشة للحياء مما تؤثر على قوة وتماسك المجتمع وتدعو إلى الانحلال والفوضى وانتشار الألفاظ السيئة بين القوة الناعمة فى مصر وهم الشباب ، لذلك لابد من محاسبة القائمين على هذا الإعلان وتقديمهم للمحاكمة العاجلة لجريمتهم فى حق المجتمع . واتفقت معه رانيا الشربينى مدير عام بالتعليم الثانوى التى وصفت تلك الإعلانات بالإسفاف والابتذال لأنها لا تراعى الأعراف ولا التقاليد أو حرمة شهر رمضان الكريم وطالبت الرقابة بالتدخل لوقف تلك النوعية المستفزة للذوق العام من الإعلانات.وأن زيادة حالات التحرش ترجع إلى هذه الإعلانات الجريئة لأنها مسئولة بشكل كبير عن حالات التحرش التى تتعرض لها الفتيات كما أنها أصبحت مصدرا للتعليقات السخيفة بين الشباب ولا يوجد هناك أى هدف إيجابى لها ، وإنما دعوة للفجور. أما د. مختار مرزوق عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فوصف الإعلانات التى تقدم على الفضائيات بالمشينة وأنها تسعى لتحقيق الأرباح على حساب الأخلاق لذلك يجب على هذه القنوات أن ترتقى بمستوى مشاهديها بعيدا عن الدخول فى هذه المناطق الشائكة، لأن هذه الأعمال الرخيصة تسيء إلى المجتمع المسلم، وهذا لا يقره الدين ولا الأعراف، لأن المصريين نشأوا على الاحتشام والالتزام وهذه هى النشأة الدينية موجودة عند المصريين، كما أن هذه الألفاظ الجارحة لا تمت للدين بأى صلة. وناشد القائمين على بث هذه الإعلانات بأن يتقوا الله فيما يقدموه حيث إنها تقدم أخطر رسالة للأطفال. "المعايير الأخلاقية " فى هذا السياق يقول د. محمد عطية أستاذ الطب النفسى بجامعة المنصورة إن الشركات الإعلانية المتنافسة تنتظر شهر رمضان الكريم بشغف كبير لإطلاق حملاتها الإعلانية بشعارات خادشة للحياء بهدف تحقيق ربح مادى كبير دون اعتبار للمعايير الدينية والأخلاقية كما تناست أن رمضان شهر الصوم والعبادة والتحرر من السلوكيات والعادات السيئة واجتناب الألفاظ الجارحة والمبتذلة، كما تناسوا أيضا أن المشاهدين من فئة الأطفال والمراهقين وليس للكبار فقط. وأن الشركات الإعلانية تبحث دائما عن تحقيق الأرباح من خلال استخدام إيحاءات جنسية فى المادة الإعلانية لجذب عدد كبير من المشاهدين دون مراعاة تأثيرها على المجتمع وصحة الأطفال والمراهقين. وأن هذه النوعية من الإعلانات تكسر الحياء لدى المراهقين والأطفال وتحثهم على ترديد الألفاظ الخادشة للحياء وتؤدى إلى تنمية روح العداء والحقد والكراهية والمنافسة غير الشريفة لدى المراهقين والأطفال المشاهدين. ويرى د. إبراهيم مجدى استشارى الطب النفسى بجامعة عين شمس أن ما تفعله الإعلانات يدل على انحدار الأخلاق ويعرف فى الطب النفسى بالسيكوباتية وهو الشخص الذى لا يسعى إلى إشباع رغباته دون اعتبار للمعايير الدينية والأخلاقية، كما أن الإيحاءات والحركات الجنسية التى اعتمدت عليها بعض الإعلانات خلال الفترة الماضية تدمر المجتمع وتستهدف شرائح عريضة منه مما يؤثر على جيل المستقبل، كما أن الإعلانات ساهمت فى استسهال الإباحية والبذاءة وافتقار الأخلاقيات بين الأطفال والمراهقين. وأكد د. إبراهيم مجدى استشارى الطب النفسى، أن استخدام عبارات وإيحاءات جنسية يتم تركيبها على صوت الأطفال يعد كارثة بكل المقاييس حيث إن لغة الحوار بين الأطفال فى الإعلان التى لا تتناسب مع أعمارهم يمكن أن يقلدها غيرهم من الأطفال المشاهدين للإعلان. ابتذال ومهزلة وسم فى العسل.. هكذا عبرت د. نجوى عبد الحميد استشارى طب أطفال والرضاعة الطبيعية بجامعة الزقازيق عن استيائها من الإعلانات الخادشة للحياء التى تظهر الأطفال فى صورة غير إخلاقية لا تتناسب مع أعمارهم فضلا عن المعلومات المغلوطة التى يحتويها الإعلان وطالبت د. نجوى بضرورة معاقبة كل من تسبب فى بث هذه الجرائم الأخلاقية التى تدعو إلى هدم الأسرة المصرية ويحرض على استخدام ألفاظ خادشة للحياء العام . "رقابة صارمة " وتعلق د. نهاد أبو القمصان رئيسة الجمعية المصرية لحقوق المرأة قائلة: إن بث أى إعلانات فاضحة بأى صورة من صور الإعلان يعد نوعا من أنواع التحرش بالمرأة ، وهذه الإعلانات وصمة عار فى جبين ناشريها أولا وفى جبين كل من سمح بنشرها أو ساعد على ذلك. وطالبت أبو القمصان برقابة صارمة لمحاربة هذه الإعلانات التى تنشر الفساد وما تتسبه من إنهيار أخلاقى والذى سينعكس على المجتمع وقيمه ومبادئه والذى يؤثر بشكل كبير على أهم مرتكزات المجتمع وهم الشباب والأجيال الناشئة ويجب أن يكون هناك وسائل رادعة ومقاطعة تلك المنتجات التى يتم الإعلان عنها بالطريقة المبتذلة للحد من هذه الجرثومة وحماية شبابنا وبناتنا من تأثيراتها. أما اللواء عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك فأكد أنه تم وقف عدد من الإعلانات الخاصة ببعض المنتجات التى تستخدم عبارات مسيئة للمجتمع وفيها إيحاءات جنسية وتستخدم الأطفال وتتجاهل تغذية الطفل طبيعيا . وأكد رئيس جهاز حماية المستهلك أن هناك مواصفات قياسية للإعلان لا بد من مراعاتها وإلا سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يتجاوز قى حق المشاهد أو المادة الإعلانية، كما أن الإعلانات التى تم وقفها خرجت عن الذوق العام والأخلاق ولا يليق أن يتم إذاعتهم . وأكد رئيس جهاز حماية المستهلك أنه سيتم تغليظ العقوبات على الشركات المخالفة حال الإصرار والاستمرار فى إذاعة الإعلانات التى تم وقفها من قبل الجهاز، كما أن عقوبة عدم تنفيذ القرار تتراوح بين 5 آلاف و100 ألف جنيه.