يؤديه النواب الجدد غدا، نص اليمين الدستورية لأعضاء مجلس الشيوخ    وزير الاستثمار يبحث تعزيز التعاون مع المؤسسة الأمريكية للتمويل من أجل التنمية    مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق يسلم نفسه للسلطات الأمريكية بعد اتهامه بإفشاء معلومات سرية    قمة ترامب وبوتين .. الكرملين يكشف آخر ترتيبات لقاء بودابست المرتقب    شبكة عالمية: منتخب مصر يمتلك قوة هجومية هائلة وسيكون مفاجأة المونديال    حسام حسن يقود هجوم مودرن سبورت أمام وادي دجلة في الدوري    المؤسسات الرياضية فى مخاطبات رسمية: التجنيس أحد أنواع الهجرة غير الشرعية    ضبط 347 قضية مخدرات وتنفيذ 61 ألف حكم قضائي خلال يوم    السيطرة على حريق مخلفات بفواصل كوبرى الزاوية الحمراء دون إصابات    عاجل- السكة الحديد تُعلن تعديلات جديدة في مواعيد قطارات الوجه القبلي بدءًا من نوفمبر المقبل    «الاتصالات» تتعاون مع «السياحة» لتنفيذ مشروع بوابة تراث مصر الرقمي    أسما شريف منير وإبنتها بإسدال الصلاة وتعلق: يوم الجمعة يخفف صعوبة كل شىء    تسليم السماعات الطبية لكبار السن بالأقصر ضمن حملة "نرعاك تسمع"..ومدير الفرع يتابع التنفيذ ميدانيًا    طريقة عمل الحواوشي الإسكندراني بمذاق مميز لا يقاوم    الهلال الأحمر يدف بأكثر من 4 آلاف طن مساعدات إنسانية وبترولية إلى غزة    وزارة العمل تعلن عن 2914 فرصة عمل جديدة في 13 محافظة ضمن نشرة التوظيف نصف الشهرية    كامل الوزير يوضح حقيقة عرض مصر على السعودية أرض مصنع الحديد والصلب بحلوان    يلا شوووت بث مباشر.. مشاهدة مباراة الاتحاد المنستيري ضد شبيبة القبائل اليوم الساعة 5 دون تشفير | الكونفدرالية الإفريقية    نيدفيد: المنافسة على الدوري ستكون بين الأهلي وبيراميدز    منتخب مصر يتقدم والمغرب تتراجع.. «فيفا» يكشف التصنيف العالمي للمنتخبات    الزمالك في معسكر مغلق اليوم لمواجهة بطل الصومال بالكونفدرالية    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    بعقد 150 ندوة علمية.. أوقاف الفيوم تواصل فعالياتها التثقيفية والدعوية لترسيخ القيم الدينية    محافظ أسيوط: نشر الوعي بمخاطر الإدمان مسؤولية مجتمعية    أمطار ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة    القبض على تشكيل عصابي تخصص في النصب على راغبي شراء الشقق السكنية بالقاهرة    «الداخلية»: ضبط مقاول أطلق النار من بندقية آلية احتفالًا بزفاف شقيقه في شمال سيناء    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    «القومي للطفولة والأمومة» ينعى الأطفال ضحايا حادث "التروسيكل" بأسيوط    «أي محاولة لعبوره ستُواجَه بإطلاق النار».. ما هو «الخط الأصفر» في غزة؟    لتنفيذ مشروع بوابة تراث مصر.. بروتوكول تعاون بين «السياحة والآثار» و «الاتصالات»    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    عيسى زيدان: نقل الآثار ليس سهلا ويتطلب خبرات خاصة وإجراءات دقيقة    «الثقافة»: بهو المتحف المصري الكبير سيشهد تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني    الاتصالات والسياحة توقعان بروتوكولين لرقمنة التراث المصري ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع الأثرية    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    مقتل 7 جنود باكستانيين وإصابة 13 إثر هجوم انتحاري    الضفة.. إصابة 4 فلسطينيين باعتداء مستوطنين على موسم جني الزيتون    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    وزير الصحة يلتقي نظيرته البحرينية لتعزيز التعاون الصحي وتبادل الخبرات بين البلدين    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة مرسى مطروح لانتخابات مجلس النواب 2025    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 17اكتوبر 2025فى المنيا.....اعرفها بدقه    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    نيوزيلندا تعيد فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين يكون الغش دستوريا
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 06 - 2016

لا أدرى لماذا لم يتم التطرق فى إفطار الأسرة المصرية إلى قضية الغش فى امتحانات الثانوية العامة، إذ أظن أن ثمة حاجة إلى كلمة رئاسية حول الأمر نظرا لأنه يمس أحد أعصاب عملية التنمية الشاملة التى نحرص عليها جميعا، وهى بناء الإنسان الشريف الواعى والمخلص لبلده، وهذه عملية تنشئة تتم بالدرجة الأولى فى مراحل التعليم المختلفة، ومهما وضعت المؤسسات من الخطط المتكاملة نظريا وبرامج التنفيذ المُعدة زمنيا على أرقى مستوى، سيظل وجود إنسان غشاش وعابث ويضرب بالقوانين عرض الحائط عقبة كؤودا سوف تطيح بكل الخطط والبرامج، وحينها ستبقى الأمور على حالها إن لم يكن أصحبت أكثر سوءا وتخلفا.
الغش الذى حدث والتسريب الذى تواطأ عليه كثيرون من مستويات مختلفة بداية من بضعة معلمين باعوا ضمائرهم إلى الشيطان، وعمال طباعة لا يعرفون معنى الأمانة، ومراقبون تجاهلوا الموضوع فى العديد من اللجان، وأخرين يرون أنفسهم نشطاء سوء يطوعون تكنولوجيا الاتصالات من أجل نشر فسادهم، وطلاب مهملين وكُسالى ويريدون النجاح بأى ثمن وبأى طريقة، وأولياء أمور لديهم إمكانات مادية يشترون بها أجهزة اتصالات حديثة يصعب اكتشافها من أجل نجاح أبنائهم بالغش والتدليس، بل يتباهى البعض بنشر صور الأبناء وهم يغشون عبر أجهزة الهاتف المحمول فى اللجان، ومن وراء ذلك منظومة تعليم جامدة لم تتغير فى آلياتها وبرامجها لعقود طويلة تبدلت فيها مفاهيم العلم والتعليم والتربية والتنشئة من الجذور، ومع ذلك بقينا كما نحن دون أى خطوة للأمام، كل ذلك يجعلنا نعتقد أننا أمام أزمة مجتمع فقد رُشده، وأزمة ضمير والتزام لم يعودا موجوديْن عند نسبة كبيرة من المصريين.
فبالله عليكم جميعا كيف نطلب من شبابنا أن يجتهد ويرتقى وأن يبتكر وأن يسعى وراء العلم والمعرفة، وهو يجد مثل هذه المنظومة المناهضة لأبسط قواعد المواطنة والمساواة فى الفرص. وكيف ندعوه إلى أن يثق فى المستقبل وأنه يحمل الخير له فى الوقت الذى يرى فيه زملاء له يغشون بكل ببساطة ويحصلون على درجات أعلى وتصبح فرصهم فى الالتحاق بما يسمى صكليات القمة أكبر من غيرهم الذين اعتمدوا على أنفسهم فقط واجتهدوا فى تحصيلهم العلمى ولكنهم حصلوا على درجات أقل، ثم كيف بالله نثق فى هذا الذى نال درجات أعلى بالغش والتدليس فى أن يصبح مسئولا نأتمنه فى موقع قيادى أو فى مؤسسة سيادية أو أمنية. لقد عكس الحوار الذى دار بين وزير التعليم وأعضاء لجنة التعليم بمجلس النواب، رغم حدة بعض التعليقات من أعضاء اللجنة لم تكن مبررة، غياب الفهم المجتمعى لقضية الغش، ورغم أن الوزير قدم عرضا للإجراءات التى قامت بها وزارته واتصالاته مع جهات ووزارات أخرى من أجل السيطرة على ظاهرة الغش الالكترونى، فإنه انتهى إلى القول إنه يستحيل تماما القضاء على هذه الظاهرة، فهى تتطور تقنيا، فى الوقت الذى لا يعرف فيه كثير من المعلمين والمراقبين طبيعة وشكل أجهزة الإرسال والاستقبال الحديثة التى يستخدمها بعض الطلاب الغشاشين. ومع عدم إنكار أن الجريمة بوجه عام تتطور بأسرع مما تتطور به وسائل محاربتها، وأن التطور فى تقنيات الاتصالات متسارع بدرجات مخيفة، وهناك من يستغله فى تعميق الجريمة الالكترونية، وأننا فى مصر نعانى تدنى المعرفة الكاملة بهذه التطورات فى حينها، مما يجعل المواجهة شبه محسومة لمصلحة المفسدين والغشاشين. ومع الاعتراف بأن تكلفة التشويش على لجان الامتحان فى طول البلاد وعرضها وهى 1581 لجنة ليست بمقدور الموازنة العامة للدولة، فهناك بعض إجراءات بسيطة يمكن أن تتخذها وزارة التعليم فورا وتُحد من هذه الظاهرة وصولا إلى تقنية تمنعها تماما فى الأعوام المقبلة، مثل المنع التام وتجريم دخول الطلاب بالهواتف المحمولة إلى لجان الامتحان، وتغليظ العقوبات لمن يحمل أى أجهزة إرسال واستقبال حديثة بمنعه تماما من دخول الثانوية العامة لمدة عشر سنوات وتغريم ولى أمره مبلغا كبيرا من المال يُدفع لصندوق تحسين الابنية التعليمية، أو يتم حبسه ما لا يقل عن خمس سنوات، وأن يتم معاقبة المراقبين الذين يسمحون بالغش أو بوجود هاتف محمول بالوقف عن العمل لمدة ستة اشهر وعدم الترقية لمدة خمس سنوات على الأقل. قد يرى البعض أن منهج تغليظ العقوبات غير مفيد، ولكنه فى هذه الحالة وكإجراء سريع هو عين الصواب، ومن الحكماء من قال من لم يرتدع بالحُسنى فلا مفر من العصا، وفى حالتنا هذه نحن بحاجة إلى عصا غليظة جدا. ثم أننى أرى أن مطلب وزير التعليم وقف الانترنت أو الفيس بوك فى اثناء إجراء الامتحانات هو مطلب عقلانى جدا، فكل ما يفيد المجتمع واستقراره هو مطلب دستورى بالدرجة الأولى، وليس كما قيل إنه مطلب غير دستورى، فالدساتير وضُعت لكى تحمى البلاد والعباد وتوفر لهم أسلوب حياة متماسكا يستند إلى قيم تتسم بالانضباط والرقى. ولذا فمهمة نواب الشعب أن يجتهدوا فى سن قانون يساعد وزارة التربية والتعليم والمجتمع بأسره على مواجهة هذه الظاهرة بكل أبعادها، وتتيح للوزارة بمشاركة وزارات أخرى اتخاذ الاجراءات الفنية التى تساعد على وقف التفكير فى الغش عبر الانترنت.
إن أمن المجتمع هنا له الأولوية على هذه التفسيرات الشكلية كالقول بأن منع الانترنت فى أثناء الامتحانات والتى لا تزيد على أسبوعين وثلاث ساعات فى اليوم الواحد، هو عمل غير دستورى، فمثل هذا التفسير وبقراءته عكسيا يعنى أن الغش بالوسائل الإلكترونية يتمتع بالحصانة الدستورية، وتلك بدورها طامة كبرى. وخلاصة الأمر: بلادنا بحاجة إلى تفكير من نوع جديد خارج نطاق التفكير التقليدى الجامد الذى أوصلنا إلى هذا الحال.
لمزيد من مقالات د. حسن أبو طالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.