إن الكبر والتكبر من الأفعال التى حرمها الله سبحانه وتعالى بآيات محكمات، وذم «الخالق» التكبر والمتكبرين لما فى هذه الصفات من دمار للعلاقات بين الأفراد فى المجتمع، ولو تفكر المتكبر فى أية من الأيات التى أردنا جمعها وذكرها. لخضع لعظمة الخالق فى كونه ولأسرع مهرواً نحو التوبة والعودة الى طريق الهدي، والرجوع عن أسباب الهلاك، لأن الكبر نوعان: باطن وظاهر، فالباطن خلق فى نفس الانسان، والظاهر أعمال تصدر عن الجوارح، فالكبر الباطن يعنى أن المتكبر يرى نفسه مفوقا على يتكبر عليه، بحيث يصير ذلك كالعقيده عنده، ويصل بتلك العقيدة الى التعالى حتى قال عمر بن الخطاب: لرجل استأذنه فى وعظ الناس بعد صلاة الفجر «أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا»، وليس بعد أيات الله دليل ومنهاج لزم هؤلاء فقال تعالى «ساصرف عن أياتى الذين يتكبرون فى الأرض بغير حق» «الأعراف 146»، وقال تعالي: «الهكم إله واحد فالذين لايؤمنون بالأخرة قلوبهم منكره وهم مستكبرون، لاجرم أن الله يعلم مايسرون وما يعلنون إنه لايحب المستكبرين» «النحل 23،22» وقال تعالي: «ولاتصغر خدك للناس ولاتمشى فى الأرض مرحا إن الله لايحب كل مختال فخور» «لقمان 18» «والمراد بالمرحا هنا الاختيال والتكبر»، وقال تعالي: «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين» «القصص 83»، وقال تعالي: «كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار» غافر 35 وقال تعالي: «وقال ربكم ادعونى استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم وآخرين» «غافر 60»، وقوله تعالي: «ولا تمشى فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها» «37، 38 الاسراء» فقلب المتكبر وبصيرته يعميمها الله تعالى فلا يهتدى الى الحق أبداً، وعن سلمة بن الاكوع رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ولايزال الرجل يذهب بنفسه يفتر ويتكبر حتى يكتب فى الجبارين فيصيبه ما أصابهم، والأغنياء الذين يتكبرون على الفقراء فإذا اتكلم افتخر بمالديه فقد حجب الله عنه الجنة، لقد كان الأجدر بالغنى أن يعتبر بقصص المستكبرين، فقد كان فى قارون العبرة والعظة لدرجة قال الله فيه «واتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لاتفرح ان الله لايحب الفرحين« «القصص 76»، ولكنه لماطغى وتكبر وأعرض عن المؤمنين تطاولا خسف به وبداره الأرض، ونستدل على ذلك المتكبر باكبر متكبر فى التاريخ وهو فرعون فكان عبرة ستظل تذكر الى يوم البعث، أيها المتكبر على ماذا تتكبر وانت مخلوق من تراب يوطأ بالاقدام والمصيبة أنه يعود الى التراب مرة أخري فعلى كل مسلم أن يتواضع لله ولرسوله ولدينه ولكل فرد من عباد الله، ولايرى نفسه كبيرة مادام لم يعرف مصيره، فارجع الى الله واستسلم لاوامره ونواهيه حتى تخرج منها والقادر راض عنك.