أكد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن شهر رمضان فرصة عظيمة للتصالح مع النفس والمحافظة على الصلوات الخمس وقراءة القران والتمسك بصحيح السنة والقران وتربية النفس على فعل الخيرات. وطالب المفتى كل مسلم ومسلمة بألا يشغل نفسه بالبرامج والمسلسلات عن طاعة الله فى الشهر الفضيل، مشددا على ضرورة اغتنام هذه الأيام القليلة العدد الكثيرة الخير والبركات. وحذر الدكتور شوقى علام المجاهرين بالإفطار فى نهار رمضان من إعلان ذلك أمام الناس حتى لا تتضاعف ذنوبهم بسبب هذا الفعل المشين. كما طالب الجميع بالحرص على إخراج زكاة الفطر فى أى يوم من أيام الشهر الفضيل وفى أى بلد من بلدان المسلمين، مؤكدا انه يجوز إخراجها أينما وجد الفقراء والمحتاجون. كيف نستقبل رمضان؟ شهر رمضان فرصة عظيمة للإنابة إلى الله سبحانه وتعالي، ومجاهدة النفس والارتقاء بها فى مراقى الطاعات وكف الجوارح والقلوب عن كل ما يغضب الله، ليكون معسكرًا إيمانيًا نخرج منه بحال غير الحال .. نخرج من حال التراخى وفتور الهمة والجدال والهدم إلى حال الطائعين العابدين النافعين للبلاد والعباد. ونحن نقف على أبواب رمضان علينا أن نتجهز له، فنبدأ شهر رمضان بتوبة خالصة نصوح، حتى نقبل على الله وقد استبرأنا من كل ذنب مضي، لتستقبل قلوبنا بركات هذا الشهر، عقد النية فى بداية شهر رمضان على إخلاص العبادة لله، لا نرائى فيها، ولا نسعى للشهرة وإعجاب الناس، ونعقد النية كذلك أن نخرج من رمضان وقد دخلنا فى زمرة من صاموا رمضان إيمانًا واحتسابًا فغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر. كما أنه على المسلم أن يحرص على صلة رحمه وإصلاح ذات البين وأن يبتعد عن الشحناء والبغضاء وبذاءة اللسان والمراء والجدال، لأن المراء والجدال وغيرهما من آفات اللسان تبطل الأعمال، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم». وعلينا خلال هذا الشهر الكريم أن نكثر من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن وغيرها من الطاعات والتنافس والتعاون فيها، خاصة الطاعات التى فيها نفع للناس كإفطار الصائمين، والصدقات، وجبر الخواطر. مع كل عام يثار الجدل حول رؤية هلال رمضان وهل يكون وفق الحساب الفلكى أم رؤية الهلال، فكيف نحل هذا الإشكال؟ دار الإفتاء المصرية تسير عند استطلاعها للأهلة وفق خطة أظن أنها أرشد الخطط فى هذا الأمر؛ وهى تستعين بالرؤية البصرية سواء كانت بالعين المجردة أو بالعين المسلحة التى تعتمد على استخدام المراصد والآلات بالإضافة إلى الحساب القطعي؛ فعندما يتقرر وفقًا للحساب أن الهلال قد نزل قبل الشمس بدقيقة أو دقيقتين فهذا أمر متفق عليه بين كل الحاسبين فى هذا المجال. ولدينا هنا سبعة مراصد فى الجمهورية فإذا أتى إليَّ شخص وقال إنه قد رأى الهلال فى حين أن الحساب يقر بأنه لم يره يتم حينئذٍ تصديق الحساب فهو هنا ينفي. على النحو الآخر، إذا قرر الحساب أن هذا القمر ينقص بعد الشمس بثلاث دقائق بينما جاء أحد الأشخاص وأقر برؤيته حينئذٍ فالحساب يؤيد قول الشخص ويكون إذن هذا الشخص قد رأى بالفعل الهلال. ولم يحدث عبر ما يزيد على أربعين عامًا نتبع خلالها هذه الطريقة أن وقع اختلاف؛ فلم يقل أحد إن الهلال موجود فى حين أن الحساب ينفى وجود الهلال ولم يكذب أحد رؤية الهلال فى الوقت الذى أكد الحساب فيه رؤيته. وكيف نواجه فوضى الفتاوى فى رمضان؟ على المسلم أن يتحرى لشأن دينه بأن يقصد أهل الاختصاص والعلم المعتمدين عند الحاجة للاستفسار عن أمر من أمور الدين. ولله الحمد مصر بلد الأزهر الشريف الذى علم العالم كله الوسطية والاعتدال فيها من المؤسسات الرسمية المعتمدة القادرة على الإجابة عن كل ما يدور فى أذهان المسلمين. ونحن فى دار الإفتاء المصرية أصدرنا طبعة جديدة من كتاب الصيام، والذى يضم الكثير من أحكام الصيام، والمعاملات والأحكام الشرعية فى شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، ويقدم الفتوى للمسلمين، بأسلوب عصرى يتماشى مع ما جدَّ من متطلبات عصرنا فى أمور حياتنا المختلفة؛ من عبادات، وأحوال شخصية، ومعاملات عصرية حلَّت بالمسلمين، بالإضافة إلى أنه يبين الإجابة عنها بأسلوب واضح شامل ومختصر، يستطيع القارئ المسلم من خلاله فهم الإجابة فهمًا عميقًا شاملاً. كما نطلق خطًا ساخنًا للإجابة عن تساؤلات الناس حول شهر الصيام حتى نهاية شهر رمضان المبارك فضلًا عن الفتاوى المصورة التى نجيب فيها عن فتاوى الصيام ويتم نشرها على موقع دار الإفتاء والصفحة الرسمية للدار على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك». ولا يفوتنى أن أطالب جميع وسائل الإعلام بضرورة وضع ميثاق شرف لمواجهة مثل هذه الظاهرة من الفوضى فى الفتاوي، يتضمن استضافة أهل الاختصاص وتهميش المتطفلين على الفتوي، كما أدعو الناس جميعًا إلى ضرورة لجوء المواطنين إلى المتخصصين والعلماء عند الحصول على الفتاوي. كيف ترى رمضان الآن فى ظل انتشار المسلسلات الدرامية التى تلهى الناس عن التعبد فى هذا الشهر الكريم؟ للأسف الشديد رغم ما يتميز به رمضان من جو إيمانى وروحى جميل، وأنه فريضة عظيمة للتقرب إلى الله فإننا نجد الكثير من الأمور التى تلهى الناس عن تحصيل الطاعات والأعمال الصالحة فى هذا الشهر الكريم. وعلى المسلم ألا ينشغل بتلك البرامج والمسلسلات عن طاعة الله، فيضيع على نفسه بركات وأنوار شهر رمضان، لأنه كما قال الله تعالى عن شهر رمضان: (أيامًا معدودات) وفى ذلك إشارة وحث على ضرورة اغتنام هذه الأيام القليلة العدد الكثيرة الخير والبركات. فالأصل أن يتسابق الناس فى رمضان فى التقرب إلى الله وصلة الأرحام وكل أبواب الخير آناء الليل وأطراف النهار، لا أن يتسابقوا فى تضييع أوقاتهم بمثل هذه الأمور. ما رأيكم فيمن يجاهرون بالفطر بغير عذر بدعوى إنها حرية شخصية؟ لا يجوز لمسلم يؤمن بالله وبرسوله واليوم الآخر، أن يفطر فى نهار رمضان جهراً لغير عذر أمام أعين الناس ومشهد منهم، ومن يفعل ذلك يكون مستهترًا وعابثًا بشعيرة من شعائر المسلمين. وهذه ليست حرية شخصية، بل هى نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام لأن المجاهرة بالفطر فى نهار رمضان مجاهرة بالمعصية، وهى حرام فضلاً عن أنها خروج على الذوق العام فى بلاد المسلمين، وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه فى احترام مقدساته. وأقول لمن ابتلى بهذا الإثم أن يتوارى حتى لا يكون ذنبه ذنبين وجريمته جريمتين، وإذا كان غير المسلمين يراعون مشاعر المسلمين فى نهار رمضان ولا يؤذون مشاعرهم –بعدم الأكل أو الشرب فى العلن- فأولى بالمسلم المفطر أن يكون على نفس المستوى من مراعاة شعور الأغلبية الساحقة فى الشوارع والمواصلات ومكاتب العمل والأماكن العامة. متى تجب زكاة الفطر على المسلم والمسلمة؟ تجب على كل فرد من المسلمين، لقول ابن عمر: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثي، والصغير والكبير من المسلمين». وهى واجبة على المسلم الحر المالك لمقدار صاعٍ مما ذُكر، يزيد على قوته وقوت عياله يوما وليلة. وتجب عليه عن نفسه وعمن تلزمه نفقته. ووقتها غروب الشمس ليلة العيد، وقيل: وقتها طلوع الفجر يوم العيد. ويجوز تعجيلها من أول رمضان على مذهب الشافعى رضى الله عنه وهو ما نميل إليه. ويجوز نقل زكاة الفطر إلى بلد آخر غير البلد الذى يقيم فيه المزكي، إذا كان فى ذلك البلد من هم أحوج إليها من أهل البلد الذى فيه المزكى أو كان فى ذلك البلد قرابة للمزكى من أهل استحقاق الزكاة، أو إذا كان فى نقلها تحقيق مصلحة عامة للمسلمين أكثر مما لو لم تنقل. ويُسَنُّ ألاَّ تؤخر عن صلاة العيد، ويحرم تأخيرها عن يوم العيد بلا عذر، والراجح أنها تجزئ إلى آخر يوم الفطر.