ارتفاع أسعار النفط بعد قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج    4 شهداء بينهم طفلة وعشرات الإصابات جراء قصف الاحتلال مواصي خان يونس    الجيش الروسى يسيطر على بلدة جديدة بسومى    طلاب الشهادة الإعدادية بالفيوم يؤدون اليوم امتحاني الإنجليزي والجبر    إخماد حريق داخل مصنع فى عين شمس دون إصابات    مقتل 12 جراء حريق اندلع بمنشأة لإعادة تأهيل مدمني المخدرات في المكسيك    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 2-6-2025 مع بداية التعاملات    رئيس تشيلي: فرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    لينك نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة.. استعلم عنها بعد اعتمادها    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجية التصنيع والتوسع العمرانى
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 05 - 2016

لا ينكر سوى جاهل أو حاقد مغزى الإنجازات الكبرى فى مشروعات شبكة الطرق الرئيسية الجديدة التى تربط أنحاء المعمور وغير المعمور من أرض مصر، ومشروع قناة السويس، مع تطوير الموانى والمطارات، ومشروعات بناء محطات الطاقة بكل أنواعها خاصة محطة الضبعة النووية، ومشروعات ربط سيناء بالوادى عبر شبكة من الأنفاق، حلُم بها عالمنا الكبير جمال حمدان، ومشروع استصلاح واستزراع مليون ونصف مليون فدان اعتمادا على تنمية مصادر جديدة للمياه. لكن واجب الباحث والصحفى- ما لم يكن بوقا للدعاية أو مروجا للشائعات- أن يبين كيف يمكن لهذه المشروعات الكبرى للبينة الأساسية الإنتاجية والتوسع العمرانى، أن تؤتى كامل ثمارها المرجوة، بتعزيز الأمن القومى والإنسانى فى مصر عبر التصنيع باعتباره رافعة التنمية الشاملة والمستدامة.
وأسجل أولا، أن التنمية الاقتصادية تعنى تغيير هيكل الاقتصاد، أى تغيير التكوين القطاعى للناتج المحلى الإجمالى، بالتحول من الأنشطة منخفضة الإنتاجية، ذات الفرص المحدودة لتسريع التغير التكنولوجى وتعظيم القيمة المضافة، نحو الأنشطة المرتفعة الإنتاجية ذات الفرص الأكبر للابتكار وزيادة القيمة المضافة. وتبين خبرة العالم من حولنا أن الارتقاء بالصناعة التحويلية هو الرافعة الأهم لتحقيق التنمية الاقتصادية بمفهومها السابق، لكن هذا لا يتحقق فى غيبة إستراتيجية للتصنيع وسياسة صناعية وسياسات اقتصادية، تستهدف: أن تكون الأسبقية للاستثمار فى الصناعة التحويلية مقارنة بغيرها من القطاعات والفروع الاقتصادية, وأن يتضاعف معدل نمو الصناعة التحويلية بما يرفع نصيبها فى الدخل القومى وقوة العمل والصادرات، وأن تشمل عملية التصنيع الارتقاء بكل فروع الصناعة؛ سواء منخفضة التكنولوجيا (مثل الغزل والمنسوجات)، أو متوسطة التكنولوجيا (مثل الكيماويات)، أو راقية التكنولوجيا (مثل الآلات)، وهى صناعات تتوافر لمصر قدرات فعلية وخبرات متراكمة واقتصاد متنوع، تسمح بتعميقها وانتشارها، وتحقق العائد المرجو للتوسع فى العمران وقاعدة الطاقة بتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاج وإحلال الواردات ومضاعفة الصادرات.
وثانيا، إن تحقيق التصنيع بمعناه الضيق (أى تنمية وتعميق الصناعة التحويلية) يشترط توفير عناصره الأساسية، خاصة: توفير رأس المال اللازم للاستثمار والتمويل برفع معدلات الادخار والاستثمار المحلى؛ ودعم المنظمين والمبادرين والمبتكرين من الصناعيين، وتوفير البيئة التشريعية والمؤسسية المحفزة للاستثمار الصناعى؛ وتوفيِر قوة العمل عالية الإنتاجية بتطوير التعليم والتدريب المهنى، وتطوير منظومة ابتكار واستيعاب مواد ومعارف التكنولوجيا, وتوسيع السوق الداخلية والخارجية للمنتجات المصنعة، بجانب تطوير البنية الأساسية الإنتاجية، خاصة فى قطاعات الطاقة والنقل والاتصالات. وينبغى أن تنطلق إستراتيجية التصنيع من حقيقة أنه لا تصنيع بغير تنمية شاملة، لأن مدخلاته ومخرجاته ترتبط بكل قطاعات إنتاج السلع والخدمات. والتصنيع بمعناه الواسع (أى تعميق الراوبط الأمامية والخلفية للصناعة التحويلية بغيرها من القطاعات والفروع الاقتصادية) لا يتحقق بإهمال الزراعة. فقد سبقت الثورة الصناعية تاريخيا الثورة الصناعية وتعمقت بفضل التصنيع؛ وفرت منتجات التصنيع من آلات ومعدات وأسمدة ومبيدات وغيرها رافعة لتعظيم الإنتاجية فى الزراعة، ووفرت منتجاتُ الزراعة مدخلات للصناعات الغذائية والنسجية وغيرها. كما لا يعنى التصنيع نكوصا عن اللحاق بثورة واقتصاد المعرفة، لأنه لا غنى عن منتجات الصناعة من أجهزة ومعدات لإنتاج المعرفة.
وثالثا، إنه بفضل التصنيع بمفهومه الواسع؛ تنتشر ثمار التحديث الصناعى التكنولوجى فى بقية قطاعات الاقتصاد, ولم تعد الدول الصناعية مجرد المُصَدِر الأهم فقط للسلع المصنعة, ومكوناتها ذات المحتوى المعرفى الأرقى والقيمة المضافة الأعلى, بل صارت المُصَدِر الرئيسى للمعرفة والتكنولوجيا والخدمات والغذاء والاستثمار! ولا يعنى التصنيع تجاهل معطيات العولمة؛ حيث ارتبط النمو السريع للبلدان الصناعية، المتقدمة والجديدة والصاعدة، بزيادة صادراتها من المصنوعات للسوق العالمية. لكنه مع تراجع النمو والطلب العالمى والبيئة التجارية العالمية غير المواتية، منذ انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية فى أغسطس 2008، بلغت إستراتيجيات النمو الذى تقوده الصادرات حدودها القصوى، وأصبح من المستبعد جدا أن توفر الأسواق العالمية دفعة قوية للنمو الاقتصادى العالمى. ويفرض هذا المتغير الجديد والمهم زيادة الاعتماد على الأسواق المحلية والإقليمية؛ كما بين تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) فى عام 2015.
ورابعا، إن الحجم الأمثل للمشروع تحدده دون ريب الخصائص التكنولوجية وطبيعة النشاط الإنتاجى للمشروع الصناعى. وهكذا، لا يمكن إلا أن تكون كبيرة الحجم الصناعات التحويلية الثقيلة؛ لإنتاج الحديد والصلب والآلات والمعدات ووسائل النقل من سيارات وقاطرات وسفن والألومنيوم والهياكل المعدنية والأسمدة والأسمنت والغزل والنسيج والصباغة والبتروكيماويات وتكرير البترول واللدائن والمراجل والأجهزة الكهربائية وأجهزة الحاسبات والاتصالات وغيرها. لكن التصنيع يتطلب الاهتمام الكبير بتنمية وتوسيع المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، التى حفلت الدراسات الأكاديمية والبحوث التطبيقية بنظريات واستنتاجات قللت من مكانتها, انطلاقا من اعتبار الحجم محددا لمستوى حداثة وإنتاجية وتنافسية وربحية المشروع، وسادت طويلا مقولة أن الصغير ليس جميلا!! لكن انقلابا فى المفاهيم قد حدث منذ سبعينيات القرن الماضى مع ظهور الشعار الأمريكى: المشروع الصغير جميل!! حين صمدت المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكثر من المشروعات الكبيرة فى مواجهة الركود والانكماش الاقتصادى، ووفرت المشروعات الصغيرة والمتوسطة 98% من فرص العمل الجديدة فى الولايات المتحدة الأمريكية بين عامى 1974 و1984. وبينما شهدت إيطاليا تطورا مبهرا للصناعات الصغيرة والمتوسطة وصف بالمعجزة الإيطالية، ساهمت الصناعات الصغيرة فى اليابان بنحو 47.5% من الصادرات بين عامى 1975 و1985, وبلغت المساهمة 33% فى الصناعات الإليكترونية. وغدا العاملون فى المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة الحجم، والعاملون الصناع لحسابهم الخاص، والمشتغلون فى القطاع الصناعى غير الرسمى، يمثلون ما يقرب من نصف عمالة الصناعة التحويلية فى العالم، وهو نصيب يتزايد. وللحديث بقية.

لمزيد من مقالات د. طه عبد العليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.