الصورة الذهنية لرجل الشرطة أنه عنيف يعيش دون قلب، لا تعرف الرحمة إليه سبيلا، قاسٍ كما الحجارة أو أشد، ذو وجه عبوس متجهم، لا يبتسم أبدا، وذلك من فرط تعامله المستمر مع المجرمين، والخارجين عن القانون، وتتصدر عناوين الصحف أخطاؤهم وانحرافاتهم لينسى من يقرؤها أعمال البطولة التى تحدث يوميا من قبل رجال الشرطة، والتضحيات التى يبذلونها، وأن هناك أناسا يبذلون أرواحهم ودماءهم رخيصة من أجل أن ينعم الوطن بالاستقرار، والمواطن بالأمن والأمان. ....................................................................................... وقلّ أن تركز صحيفة من الصحف على الدور الإنسانى لضباط الشرطة، فمن المفترض، كما يتم التركيز على الانحرافات والأخطاء، أن يتم فى المقابل – إنصافا للموضوعية، وتوخيا للحق، وإظهارا للحقيقة- تسليط الضوء على النماذج المشرفة والمشرقة منهم. تضحيات غالية عن التضحيات التى يبذلها يوميا رجال الشرطة، وعلى وقع استشهاد ثمانية من قوة قسم حلوان، الذين سقطوا فى أثناء تأديتهم لواجبهم الوطنى، وعمليات ضبط الإرهابيين والخارجين على القانون، الذين يعكرون صفو المجتمع، يقول المقدم محمد نبيل، نائب مأمور قسم شرطة الوراق، لقد ضرب رجال الشرطة- ولا يزالون- أروع الأمثلة فى الوطنية والتضحية للذود عن الوطن، مما يفرض علينا تطوير وتحديث أساليب التدريب للقوات والأفراد، بما يتناسب مع المرحلة الراهنة، وما تفرضه من تحديات تواجه عمل أجهزة الشرطة ومهامها فى إعادة الأمن والاستقرار. وأضاف أن رجال الشرطة لا يزالون على عهدهم وبطولاتهم، يضربون أروع الأمثلة في أداء الواجب الذى حملوه على أعناقهم فى مواجهة كل ما يهدد أمن الوطن، وأمان المواطنين، ويحملون أرواحهم على أكفهم فداء لرسالتهم السامية فى مواجهة ذلك الإرهاب الخسيس الذى يسعى إلى النيل من أمن المجتمع، وتقويض عوامل تقدمه واستقراره. ويلفت المقدم محمد نبيل النظر إلى الأهوال التى يلاقيها يوميا رجال الشرطة فى ضبط الحالة الأمنية، وتعقب الخارجين على القانون الذين يؤرقون أمن المجتمع، ويهددون أمانه، دون أن يتم تسليط الضوء عليهم، فهم يؤدون عملهم لا يبغون فى ذلك إلا رضا الله تبارك وتعالى، وأداء الواجب. ويشير إلى أن الشرطة يسقط منها يوميا شهداء فى سبيل تأدية الواجب الذى أناطه بهم المجتمع القانونى، والضمير، والدين الذى جعل نعمة الأمن من خوف مباشرة بعد الإطعام من جوع. ويستطرد أنه ما بين مواجهة البلطجة، ومحاولة هدم مؤسسات الدولة، والقتل، والشروع فيه، والسرقة، والسطو المسلح، والإتجار فى المخدرات وتهريبها، والأعمال المنافية للآداب، إلى آخر تلك الأعمال التى تعكر صفو المجتمع، وتضرب استقراره، يضع رجل الشرطة روحه على كفه، لا يلوى على شىء إلا تأدية واجبه الوطنى، وفداء للرسالة السامية التى أنيطت به لحفظ الأمن والأمان للمجتمع. وأوضح أن المرحلة الحالية تتطلب التدريب الجيد، واليقظة التامة لمواجهة كافة أشكال الجريمة، وتصفية البؤر الإجرامية، وضبط العناصر الجنائية الخطرة، مشددًا على احترام حقوق الإنسان، وحسن معاملة المواطنين، ودعم ثقة الشعب لرجال الشرطة، مشيدا بأهمية تعاون المواطنين مع أجهزة وزارة الداخلية فى أدائها لمهامها، وطالب ببذل كل الطاقات والجهود من أجل الحفاظ على ما تحقق من نجاحات أمنية، والحفاظ على الأمن والاستقرار. العقيد عبدالحميد أبوموسى، مفتش مباحث فرقة الوسط، يؤيد هذا الرأى، ويذكّر بالتضحيات التى يقدمها يوميا رجال الشرطة دون أن يعرف أحد عنهم شيئا، ودون أن يتم تسليط الضوء على ما يقومون به من أعمال فداء للوطن، وتأمينا للمواطن. ويتساءل أبوموسى عمن له المصلحة، بعد كل التضحيات الى بذلها ويبذلها رجال الشرطة، فى أن يتم تشويه صورتهم، لا لشىء سوى أنهم يريدون تطبيق القانون، وإن كانت هناك سلبيات من بعض رجال الشرطة، فهذا ليس معناه وصم الجهاز كله، وإهالة التراب عليه. ويضيف أن المجتمع الشرطى، شأنه شأن أى طائفة بشرية، فيه الصالح والطالح، وفيه السيئ والحسن، ولكن النماذج الصالحة هم الأكثرية على ماعداها، ولكن للأسف يتم تطبيق نظرية التعميم، التى هى خطأ كلها. أزمة عارضة وفى واقعة نقابة الصحفيين، أوضح اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن البعض شن هجوما ضاريا على وزارة الداخلية بكل أجهزتها لمجرد أنها تقوم بتنفيذ القانون، ويتساءل: هل يريد البعض أن يظل القانون حبرا على ورق فقط من دون تنفيذ؟ هل أصبح تنفيذ القانون تهمة تهاجم الداخلية من أجلها، أم ماذا؟. وذكر أننا جربنا الانفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير، حيث كان المواطن لا يأمن على نفسه وأولاده فى بيته، هل نريد لهذه الأيام السوداء أن تعود، بعد أن منّ الله علينا بنعمة الأمن؟. وأضاف نورالدين أن الشرطة ليست طرفا فى المعادلة السياسية، أو جهة تشريعية، وإنما منوط بها تنفيذ القانون، وقتما يصدر. ومن يعترض، فعليه أن يلجأ للطرق القانونية، والطعن بعدم دستوريته، أو رفع دعوى عاجلة أمام القضاء الإدارى لإيقاف العمل به. من جهته، قال العميد خالد عكاشة، مدير المركز الوطنى للدراسات الأمنية، إن نقيب الصحفيين هو من أدخل نقابة الصحفيين فى صراع سياسى ليست طرفا فيه، عندما تستر على شخص ليس عضوا فى النقابة، وماطل فى تسليمه بعد محادثات عدة بينه وبين قيادات أمنية، لا سيما أن هناك أمر ضبط وإحضار من النيابة العامة. وأضاف عكاشة أنه كان يتمنى أن تحل المشكلة بالطرق القانونية، خاصة أن هناك عشرين عضوا من مجلس النواب أعضاء فى نقابة الصحفيين، فكان من الممكن أن يُستدعى وزير الداخلية لمجلس النواب لمناقشة الأمر بصورة حضارية، بعيدا عن الاتهامات المتبادلة، والتخوين من الطرفين، وما كان يجب خروج الخلاف بين الطرفين إلى الشارع. وأوضح عكاشة أن كلا من الصحفيين ورجال الشرطة والقائمين على مسئولية الأمن كانا فرسى رهان فى التصدى لمحاولات هدم مؤسسات الدولة، ومواجهة الإرهاب، فليس من مصلحة أحد تأجيج الأزمة الحالية بين عمودين من أعمدة الدولة، ويجب وضع الأزمة فى حجمها الحقيقى بين مجلس نقابة الصحفيين، وليس كل الصحفيين، ووزارة الداخلية. ولفت عكاشة إلى أنه يثق فى نجاح مصر عقلاء وحكماء المهنة من خلال جريدة الاهرام العريقة وأن ندخل دفع بالازمة إلى طريق الحل ، وإعادة اللُّحمة بين نسيج الأمة المصرية. إحصائية ثلاث سنوات وقد أصدر المركز الإعلامى الأمنى بوزارة الداخلية بيانًا رسميًّا بإحصائية عن عدد الشهداء والمصابين من ضباط وأفراد الشرطة، فى الفترة من 25 يناير 2011 حتى 30 ديسمبر 2013 فقط، حيث وصل عدد شهداء الشرطة إلى 420 : 90 ضابطًا، و185 فرد أمن، و132 مجندًا، و11 خفيرا، وموظفان مدنيان. كما بلغ عدد المصابين من ضباط وأفراد ومجندى الشرطة خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى 17 يونيو 2013 إلى إجمالى 8825 مصابًا: 1984 ضابطًا، و2087 فردا، و4750 مجندًا، و4 موظفين مدنيين. نموذج مشرف المقدم محمد نبيل، نائب مأمور قسم شرطة الوراق، وجه مضيء مشرق من تلك الوجوه التى يزخر بها جهاز الشرطة. فقد توجهت ذات يوم إلى قسم شرطة الوراق للشكوى من أمر ما، ودخلت مكتبه، فوجدت عنده امرأة تقص عليه مظلمتها، فلاحظت هذا الضابط الإنسان يصغى إليها باهتمام، ويطيب خاطرها، ويهدئ من روعها، ويطمئنها إلى أن أسباب شكواها ستزول بإذن الله، ورغم أن السيدة كانت فى غاية الغضب والانفعال إلا أنه كان يتحدث بصوت خفيض، على غير عادة بعض رجال الشرطة الذين ترتفع أصواتهم ويردون على الإنفعال بانفعال. لكن ملامحه ظلت هادئة تكاد تبتسم، عينان تشعان لمعانا وذكاء، تنطق بشرته السمراء، بطيب الأصل، ونبل الأخلاق، ترتاح إليه النفس، يرفق بأصحاب الحاجات، ويحنو عليهم، ويرحم ضعفهم، الأمر الذى ينعكس على تعامله مع المواطنين، وكان تعامله مع السيدة الغاضبة من هذا النوع حتى هدأت تماما وخرجت راضية مبتسمة . فياليت كل رجال الشرطة المتعاملين مع الجمهور يميلون لى الحل الودى والسياسى قبل أن يحسم بالحل الأمنى، يستمع وينصت كثيرا للشاكين من ذوى الحاجات، وأصحاب القضايا. فليت جهاز الشرطة كله المقدم محمد نبيل، وأنا أثق بأن به كثيرا من هذا النموذج المشرّف المضىء الوضّاء الذى يجعل وجه الشرطة ناصع البياض، وجبينها مرصعا بالذهب والألماس، ويجب أن يتم تسليط الضوء على تلك النماذج المشرفة التى تبعث الأمل فى غد أفضل يسوده الاحترام المتبادل بين المواطن وأخيه فرد الأمن.